بقلم/ يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
في غمرة انشغالنا بمشاهد الردح والتنكيل المتبادل على طرفي الوطن دعا الرئيس الامريكي بوش لمؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية يعقد في نوفمبر المقبل ولم يعرف حتى الآن المشاركين فيه ولا جدول اعماله، ولكن المؤكد هو ان الفترة المتبقة للمؤتمر اقل من شهرين، وهنا من حقنا السؤال عن هدف ومغزى انعقاد هذا المؤتمر في هذا الوقت بالذات في ظل انقسام فلسطيني مريع وغياب عربي مميت وصمت دولي خجول.
بالتأكيد ان رئيس اكبر دولة في العالم عندما يقدم على خطوه من هذا النوع لابد ان لديه معطيات واهداف يرغب في الوصول اليها لتحقيق انجاز على الارض بعد مأزقه في العراق وافغانستان وقبل رحيله عن البيت الابيض، وربما وجد ان الاراضي المحتلة في ظل الصراع الدائر بين فتح وحماس افضل فرصه له لتحقيق انجاز على الارض وفرض الحل الذي يريده . وهنا فاننى لا اعنى ان بوش يمكن ان يفرض ما يريد بدون وجود عوامل كثيره تساعده على ذلك على كافة المستويات فلسطينياً وعربياً ودولياً.
فلو القينا نظره سريعه على الموقف الدولي فاننا نستطيع القول انه مرهون للادارة الامريكية بالكامل وقد جاء تعيين توني بلير شريك السيد بوش وتلميذه كمسئول للجنة الرباعية بدون مقدمات دليل على مدى تفرد امريكا بالقرار الدولي بشأن القضية الفلسطينية.
اما الموقف العربي فهو غائب ومغيب بارادة امريكية وبالذات من دول الجوار الفلسطيني او من الدول الصديقة او الساعية للصداقه الامريكية بسبب ملفات نعرفها جميعاً ( محاربة الارهاب وتنظيم القاعدة في اليمن ودول المغرب العربي – دارفور- ايران) ، واذا كان هناك ممانعه للمشروع الامريكي فى المنطقة العربية فهي تأتي من سوريا فقط المشغولة بالتهديدات الاسرائيلية والامريكية من ناحية وبالهم العراقي واللبناني من ناحية اخرى وبالتالي فان ممانعتها لن تقدم او تأخر اي شئ وبالذات بعد مأزق حماس وممارساتها الخاطئة في غزة وتداعيات ذلك على اطراف الممانعه في المنطقة العربية من حكومات وحركات وجماهير.
ونأتي الآن للموقف الفلسطيني وهو الاهم في اعتقادي، فنجده اكثر سواداً وظلامية من اي موقف آخر ولم تمر القضية الفلسطينية عبر تاريخها بمأزق اشد من المأزق الحالي بسبب الانقسام الفلسطيني الحالي وكل تبعاته الأخرى، في ظل غياب ايه مرجعية فلسطينية معتبره .. فالمجلس التشريعي معطل والمجلس الوطني ميث ويجتمع عند الطلب مثله مثل اللجنه التنفيذية التي يسيطر عليها الرئيس عباس، اما السلطه فقد اصبحت سلتطين والوطن مقسم ما بين غزه ورام الله والشعب منقسم وممزق ما بين فتح وحماس وكافر بكل شئ .. بسب الجوع والحصار وظلم ذوي القربي، يضاف الى ذلك تلك المحاولات الجارية لاقناع البقية الباقية من القيادات الفلسطينية للعودة الى الاراضي المحتلة، مما يعني فقدان اي تواجد للقيادة الفلسطينية في الخارج وارتهانها للارادة الاسرائيلة فيكون مصيرها ام السجن والاعتقال والاغتيال او السير في موكب الرئيس عباس صاحب الحل والعقد.
ماذا بعد .. وماذا يمكن ان ننتظر من هكذا مشهد في ظل واقع مؤلم على الارض واشارات وتلميحات نسرد بعضها :
بعد احداث غزه عقدت قمه في شرم الشيخ برعاية امريكيه لدول الجوار وحضرها اولمرت، ولكن القمه لم تقل شيئاً مما دفع الكثيرين الى القول بان هناك قرارات سرية لهذه القمه وهذا صحيح ولكننى اضيف ان هذه القمه كانت في جزء منها احتفالية بوقوع حماس في الفخ، وبالتالى التركيز على افشالها او اجبرارها على الاعتراف باسرائيل او التمهيد لاحضار قوات دولية الى غزه وتفعيل الخيار الاردني في الضفه.
وللتمويه على نتائج هذه القمه وهدفها سمعنا دعوه خجوله موجهه لطرفي الصراع حماس وفتح للجلوس والحوار حيث جاء الملك عبد الله ملك السعودية واكد على ذلك، ولكن يبدو ان هذه الدعوات لم تكن الا للاستهلاك المحلي او لتجنب توجيه اللوم على طرف دون الآخر فيكونوا بذلك قد كرروا نفس الخطأ الذي وقعوا فيه بعد غزو لبنان عندما لاموا حزب الله مما اثار عليهم الشارع العربي وانقلب السحر على الساحر .. ولكن المؤمن لا يلذغ من جحر مرتين!!
بعد ذلك جاء دور الجامعه العربية التي تصرفت بنفس الطريقه وكأنهم (قاريين عند شيخ واحد) حيث دعت الجامعه للحوار ايضاً ولكنها اضافت الى ذلك تشكيل لجنة تحقيق في احداث غزه وما قبلها .. ولكن على الارض لم نشاهد ايه نيه حقيقيه من قبل الجامعة او دول الجوار المؤثره لتفعيل الحوار او حتى للنظر في تقارير لجنة التحقيق .. لانه يجب الحفاظ على هذا الصيد الثمين لاطول فتره ممكنه لتحقيق الاهداف المطلوبه .
اما بالنسبه للوساطات والدعوات الاخرى التى تبنتها بعض الدول العربية وبعض المنظمات والحركات الفلسطينية والعربية فقد فشلت، لان السيد عباس (قاري عند نفس الشيخ) ولان حماس ركبت راسها وصدقت نفسها.. وبأن بيدها اوراق ضغط تمكنها من فرض ما تريد (وهذا بالمناسبه جزء من اللعبه).
اشاره اخرى ربما غير مهمه وهي تعيين توني بلير مندوباً للرباعية الدولية، والذي يعرف الكل تاريخه الاسود في العراق وافغانستان وفلسطين، والاهم من ذلك هو ان السيد بلير منذ تعيينه في منصبه لم يدلي بتصريح واحد عن رؤيته لهذه المهمه مكتفياً بزيارات استطلاعية وجمع للملفات والبيانات وكأنه غريب عن هذا الملف، واظن انه (تلميذ الشيخ ).
على العموم وحتى لا ندخل في متاهات ولا يتهمني البعض بانني من انصار نظرية المؤامره سازيد الامر ايضاحا من خلال ما رشح على الارض من دراسات وتقارير وتوقعات وتصريحات قبل وبعد احداث غزه ربما ستساعدنا في وضع ملامح السيناريو المقبل:
1- في عام 2003، ألّف "جيرهام فوللر" -المتخصص الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية- كتابا اسمه "مستقبل الإسلام السياسي"؛ أوجز فيه فرضيته المشهورة القائلة: "لا شيء يمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة غير جذابة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة". وفي عام 2004، صدر كتاب تحت عنوان "الظل المنحسر للنبي: صعود وسقوط الإسلام السياسي"، للمؤلفين "راي تاكيا" و"نيكولاس كاي. جفوسديف". وفي هذا الكتاب، ذهب مؤلفاه ، إلى أن الإسلاميين، على الرغم من القوة التي اكتسبوها في بعض الأحيان، فإنهم لم يثبتوا نجاحهم كحركات سياسية. وهو ما عبّر عنه المؤلفان عبر المقولة التالية: "إن الرؤية تزداد وضوحا على الدوام بأن الإسلام السياسي الراديكالي لا يستطيع التمكن سلطويا من الدول الحديثة أو الدول المتحولة إلى طور الحداثة في قلب العالم الإسلامي، وأنه لا يستطيع إقامة نموذج بديل وفعال للحكم.
2- أوصى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى, الإدارة الأميركية بشن حملة عقائدية ضد التطرف والإرهاب الإسلامي. جاء ذلك في إطار تقرير استراتيجي اعده 53 من كبارالشخصيات والخبراء والمفكرين الأمريكيين وقدمه المعهد للرئاسة الأميركية في فبراير/ شباط 2005 نصح فيه الى إهمال أي حديث عن أي خطة جريئة وواضحة لتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل لأنها تقلل من شأن السياسات الهشة لفك الإرتباط في غزة والإصلاح الفلسطيني. وحذر التقرير من أن حزب الله وحركة "حماس" يعتبران أميركا الشيطان الأكبر, وقال إنهما يلتقيان مع منظمة القاعدة على هذا المفهوم, ويرتبطان معها في إطار شبكة دعم مادي وشعبي عالمية. وبينما تواصل امريكا تنفيذ هذه الخطط, يجب أن لا تكترث للمطالب الداعية لاقتراح قرار عاجل حول مفاوضات الوضع الدائم الإسرائيلية ـ الفلسطينية.، بل يجب ان تركز جهودها على العمل على تغيير سياسي وأمني فلسطيني, و"فك ارتباط" إسرائيلي منظم وهادئ من غزة.
3- في اكتوبر 2006 قام معهد ريئوت الإسرائيلي باعداد تقرير حول فتح وحكومة حماس بعنوان "من الحرب الأهلية إلى إعادة الاحتلال من جديد" خلص فيه الى ان : السياسة التي تهدف إلى تقوية وتعزيز حركة فتح للقضاء على حماس قد تؤدي إلى تغيرات إستراتيجية في العلاقات الاسرائيلية- الفلسطينية وبالتالي إلى حل السلطة الفلسطينية نتيجه حرب اهلية وإعادة السيطرة الاسرائيلية على الأراضي المحتلة لتصبح غزة والضفة الغربية تحت المسؤولية الاسرائيلية.
4- تضمن العدد الأخير (آب 2007) من نشرة "المستجد الإستراتيجي"، الصادرة عن "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، مجموعة من السيناريوهات للفترة المقبلة بشأن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي المقاربه الاولى يرى الدكتور روني بارت، أن سيطرة حركة حماس على غزة أوجدت أمام إسرائيل فرصتين، لا فرصة واحدة، هما بلغته فرصة استعمال العصا مع قطاع غزة وفرصة منح الجزرة للضفة الغربية حيث يدعو الباحث الى شن حمله حربية على غزه تكون أهدافها القضاء او تحيد حماس من خلال :
· الامتناع عن أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع أفراد من حماس.
· إيقاف حركة النقل والعبور من إسرائيل إلى قطاع غزة، ما عدا الأغذية والمياه والأدوية. ويمكن استعمال تزويد الكهرباء والوقود كورقة للضغط والمساومة.
· تعطيل البنية التحتية لشبكة الهواتف الداخلية في قطاع غزة لعرقلة قدرة سلطة حماس وإغلاق الاتصالات الهاتفية الدولية لعزل حماس عن مؤيديها الخارجيين.
· وقف الزيارات لأسرى حماس وعزلهم عن أي اتصال مع العالم الخارجي.
· عزل البنوك في قطاع غزة عن المنظومة البنكية الدولية.
· التوجه إلى عناصر دولية (مصر، الجامعة العربية، منظمة الدول الإسلامية، الاتحاد الأوروبي، حلف شمال الأطلسي- ناتو، الأمم المتحدة) كي تتحمل هذه العناصر مسؤولية أمنية عن قطاع غزة أو عن حدود القطاع مع مصر، على الأقل.
· السيطرة على محيط محور فيلادلفي وتعريتة أو حرث دهليز بعرض كيلومتر واحد على الأقل على طول الحدود، حتى ولو بثمن تشريد عشرات آلاف اللاجئين، وحفر قناة ضد الأنفاق. هذه العملية ستوقف مرة واحدة وأخيرة عمليات تهريب السلاح والذخيرة والأموال والوسائل الأخرى، وكذلك عمليات تهريب الإرهابيين والمرشدين من حزب الله وإيران وتنظيم القاعدة.
· إيقاف حركة التجارة عن طريق الحدود مع مصر أيضًا.
اما المقاربه الثانية فهي بعنوان أفضليات "الحوار" مع حماس او محاولة "تعميق تسييس حماس"! حيث يرى الباحثان يورام شفايتسر وأمير كوليك، من "معهد دراسات الأمن القومي"، أنه في ضوء ميزان الفرص في مقابل المخاطر يجدر بإسرائيل أن تتفحص أيضًا طريق الاتصالات أو "الحوار" مع حركة حماس في إطار فلسطيني شامل. ويضيفان: "بحسب تقديرنا فإن إجراء اتصالات مع حماس، في إطار ائتلاف مع فتح، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عدة أفضليات مركزية.
5- كتب روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" مقال نشر على موقع المعهد بتاريخ 18 يونيو 2007، تحت عنوان: "حماس وحرب الأيام الستة الثانية.. الدلالات والتحديات والفرص" عرض خلاله اقتراح لفك الارتباط الكامل.. بغزة اي تخلي اسرائيل عن مسئولياتها القانونية والاقتصادية والأمنية هناك وذلك يتضمن ما يلي: إنهاء اتحاد الجمارك، إعلان أنه بعد نقطة زمنية معينة ستتوقف إسرائيل عن العمل كنقطة مرور لجميع السلع والأفراد والخدمات إلى داخل غزة، وإنهاء اتفاق أمن "محور فلادلفيا" (محور صلاح الدين) الذي تحول إلى فخ للأمن الإسرائيلي. وفعليا سيجعل ذلك من مصر المنفذ الوحيد لغزة على العالم، مع تدفق الغذاء والمياه والكهرباء والسلع الإنسانية الأخرى عبر الحدود بينها وبين غزة.
6- كشفت مصادر عبرية النقاب عن خطة أعدتها وزارة الخارجية في دولة الاحتلال (الإسرائيلي) قبل عدة أسابيع تقترح أن تتولى دولة أجنبية الحكم في قطاع غزة- أي تعيين حكومة انتداب أجنبية موالية لدولة الاحتلال في القطاع. وذكرت المصادر أن هذه الخطة تشمل عدة خطوات مقترحة لزيادة الضغط الاقتصادي على قطاع غزة، أبرزها تشديد الخناق على المعابر والتقليل من كميات البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر صوفا وكرم أبو سالم إلى أدنى حد ممكن والتضييق على نقل الأموال إلى قطاع غزة إلى جانب خطوات أخرى تمس بقطاع التجارة.
هذا بعض ما رشح من دراسات وتوصيات من دوائر صنع القرار او القريبه منها في امريكا واسرائيل، بالاضافة الى مايجرى على الارض والذي يمكن ان يرسم لنا ملامح السيناريو القادم لما بعد غزة، حيث بدأت اسرائيل فعلياً بتنفيذ اجزاء من هذا التوصيات بعد ان وقعت حماس في فخ الانتخابات ثم في فخ السيطره على غزه وما تبع ذلك من اجراءات وعقبات وضعت امام حماس لتحقيق هدفين اما الفشل او الاعتراف باسرائيل . واعتقد اننا نعيش الآن المرحلة النهائية لتنفيذ باقي السيناريو ولتحقيق احد الهدفين السابقين للوصول الى مؤتمر بوش للسلام. حيث ستساهم عوامل عده داخلية وخارجية في رسم هذا السيناريو في حالتي الفشل او الاعتراف .
فعلى الصعيد الفلسطيني وبعد سيطرة حماس على غزه نجد ان التصرفات الخاطئه لحماس بعد سيطرتها على غزه والتجاذب والانقسام الحاد لطرفي الوطن ما بين انصار فتح وحماس ومشاهد التنكيل والضرب وقطع الرواتب والاضرابات، كلها تؤسس لحرب اهليه او لحالة فوضى عارمه في غزه في ظل قيام اسرائيل بتنفيذ اجراءات تكثيف الحصار، حيث ستستغل اسرائيل هذا الوضع لفرض امر واقع على الارض من خلال القيام بعمليات اجتياح في مناطق محسوبه للتخلى نهائياً عن مسئوليتها عن غزه واقفال المعابر بشكل كلي وممارسة الضغوط على مصر لتحمل المسئولية او احضار قوات دولية لتولى حفظ النظام وتأمين حدودها مع غزه اى الاتيان بحكومة انتداب جديدة، وربما يأتي التلويح المتكرر للقيام بعمليه على محور فلالدليفيا في رفح في هذا الاطار لفرض امر واقع على الارض من خلال القيام بعملية تسليم تدريجى للقطاع لمصر او لقوات دولية وليس كما تزعم اسرائيل من اجل منع تهريب السلاح الى غزه.
اما السيناريو الاخر فهو ان يقوم قادة حماس بالاعتراف باسرائيل وبباقي الشروط نتيجه للضغوط الكبيره السابقة وحالة الفوضى التى ستعم غزه، كمخرج لمأزقهم ومأزق الحركه وقد ابدى بعض قادة حماس تلميحات من هنا وهناك مثل اعترافهم بواقع وجود اسرائيل واستعدادهم لعقد هدنه طويلة الاجل معها واخيرا اعتراف حماس بمرجعية منظمة التحرير واحترامها للاتفاقات الموقعه معها، وغيرها من التصريحات التي رغم غموضها والتباسها الا انها تكشف استعداد بعض قادة الحركة للوصول الى ابعد من ذلك، اذا وجدت التخريجات المناسبه لهم .
واعتقد ان اسرائيل وامريكا تفضلان هذا السيناريو لان ذلك سيعطي مرجعية اسلامية للاعتراف باسرائيل مما سيفتح الباب على مصراعية لعميليات اعتراف من دول عربيه واسلاميه متردده وسنجد هذه الدول تشارك في مؤتمر السلام، وهنا اود ان اوضح ان تركيز اسرائيل وامريكا على حماس ينبع في الدرجة الاولى من كونها ثمتل مرجعيه اسلامية مقاومه يعني تدجينها وجرها الى عملية السلام احداث تغيير جوهري في المعسكر الاسلامي الذي سينقسم على نفسه مما يفتح المجال امام دول اخرى وجماعات لاعادة النظر في علاقاتها تجاه اسرائيل واليهود ايضاً، وهذا سيكون انجاز غير عادي لاسرائيل وامريكا.
وعلى العموم فانني اعتقد ان سيناريو الاعتراف مستبعد بالطريقة التي تريدها اسرائيل وامريكا وان السيناريو الاقرب والاسهل للتنفيذ هو الاستمرار في تكريس الفصل بين غزه ورام الله والامعان في التضييق على حماس واهالى غزه من قبل اسرائيل بالتزامن مع تصعيد في وثيرة التشاحن الداخلي بين فتح وحماس بحيث تصل الامور الى حالة مأساوية وفوضى عارمه (الفوضى الخلاقة) فتتدخل اسرائيل كرد على بعض العمليات ضدها بدءا من محور فيلادلفيا ليتم الوصول الى مؤتمر السلام الذي يقرر ارسال قوات دولية الى غزة مع محاولة منح مصر دور رئيسي في هذه العملية، بالاضافة الى اقرار او مناقشه اعلان المبادئ الذي تم تسريب بعض نقاطه والذي ينص على اعتبار فلسطين (الضفه وغزة) وطنا قوميا للشعب الفلسطيني، وإسرائيل وطناً قومياً للشعب اليهودي، وهذا يعني اسقاط حق العودة وفتح المجال لعملية تبادل سكاني ما بين اسرائيل والدوله الفلسطينية القادمه ..!! والسماح لللاجئين الفلسطينيين في الشتات بالتوطن في البلاد التي يقطنون فيها، اما بالنسبه للقدس فسيتم تحويلها الى عاصمه للدولتين مع ترتيبات خاصه للاماكن المقدسة. ويجب ان ننتبه لنقطه مهمه في اعلان المبادئ المزمع طرحه في المؤتمر وهي انه اعلان مبادئ وليس اتفاق مبادئ وقد ركز على هذه النقطة مرراراً رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت، وهناك فرق بين الاعلان والاتفاق، اي ان المطلوب تنازلات عربية واعتراف باسرائيل والغاء حق العوده مقابل اعلان قد لا تلتزم به اسرائيل وامريكا، وتجاربنا مع الاعلانات والاتفاقات والقرارات لا تخفى على احد.
على العموم هذه بعض السيناريوهات وليست كلها وسواء نجح المؤتمر او فشل فان الوضع الجديد سيفرز حاله فلسطينية ضعيفه قد لا تكون للتنظيمات الفلسطينية الكبرى مثل فتح وحماس اى دور مركزي فيها بعد ان تم استنزافهما في ظل سلطة اوسلوا والمنازعات الجارية حالياً وسيكون الرئيس عباس في حل من كثير من الضغوطات التي يمكن ان تمارس عليه، ويمكن ان نصل الى مرحلة انهيار او حل للسلطه واعادة الاحتلال ليتم بالتدريج فرض الخيار الاردنى او ما يسميه الاسرائيلين اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل حرب 67، اي الضفه للاردن وغزه لمصر، وهذا السيناريو حسب وجهة نظرى كان يراد تنفيذه منذ عام بعد اختطاف شاليط وحصار غزه وتقطيع اوصالها، ولكن مغامرة اسرائيل في لبنان ورغبة امريكا بتأسيس شرق اوسط جديد فشلت بسبب صمود حزب الله والمقاومه اللبنانية، مما افشل المشروع برمته ولم ينوب الزعماء العرب الا سواد وجهوههم وانفضاحهم امام شعوبهم .. فهل نتوقع معجزه او حدث غير عادي في بلاد العرب او العجم يفشل المخطط الجديد او على اقل تقدير يحسن من شروطه ..؟! هذا ما ستكشفه الايام القادمه.
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
في غمرة انشغالنا بمشاهد الردح والتنكيل المتبادل على طرفي الوطن دعا الرئيس الامريكي بوش لمؤتمر دولي للسلام لحل القضية الفلسطينية يعقد في نوفمبر المقبل ولم يعرف حتى الآن المشاركين فيه ولا جدول اعماله، ولكن المؤكد هو ان الفترة المتبقة للمؤتمر اقل من شهرين، وهنا من حقنا السؤال عن هدف ومغزى انعقاد هذا المؤتمر في هذا الوقت بالذات في ظل انقسام فلسطيني مريع وغياب عربي مميت وصمت دولي خجول.
بالتأكيد ان رئيس اكبر دولة في العالم عندما يقدم على خطوه من هذا النوع لابد ان لديه معطيات واهداف يرغب في الوصول اليها لتحقيق انجاز على الارض بعد مأزقه في العراق وافغانستان وقبل رحيله عن البيت الابيض، وربما وجد ان الاراضي المحتلة في ظل الصراع الدائر بين فتح وحماس افضل فرصه له لتحقيق انجاز على الارض وفرض الحل الذي يريده . وهنا فاننى لا اعنى ان بوش يمكن ان يفرض ما يريد بدون وجود عوامل كثيره تساعده على ذلك على كافة المستويات فلسطينياً وعربياً ودولياً.
فلو القينا نظره سريعه على الموقف الدولي فاننا نستطيع القول انه مرهون للادارة الامريكية بالكامل وقد جاء تعيين توني بلير شريك السيد بوش وتلميذه كمسئول للجنة الرباعية بدون مقدمات دليل على مدى تفرد امريكا بالقرار الدولي بشأن القضية الفلسطينية.
اما الموقف العربي فهو غائب ومغيب بارادة امريكية وبالذات من دول الجوار الفلسطيني او من الدول الصديقة او الساعية للصداقه الامريكية بسبب ملفات نعرفها جميعاً ( محاربة الارهاب وتنظيم القاعدة في اليمن ودول المغرب العربي – دارفور- ايران) ، واذا كان هناك ممانعه للمشروع الامريكي فى المنطقة العربية فهي تأتي من سوريا فقط المشغولة بالتهديدات الاسرائيلية والامريكية من ناحية وبالهم العراقي واللبناني من ناحية اخرى وبالتالي فان ممانعتها لن تقدم او تأخر اي شئ وبالذات بعد مأزق حماس وممارساتها الخاطئة في غزة وتداعيات ذلك على اطراف الممانعه في المنطقة العربية من حكومات وحركات وجماهير.
ونأتي الآن للموقف الفلسطيني وهو الاهم في اعتقادي، فنجده اكثر سواداً وظلامية من اي موقف آخر ولم تمر القضية الفلسطينية عبر تاريخها بمأزق اشد من المأزق الحالي بسبب الانقسام الفلسطيني الحالي وكل تبعاته الأخرى، في ظل غياب ايه مرجعية فلسطينية معتبره .. فالمجلس التشريعي معطل والمجلس الوطني ميث ويجتمع عند الطلب مثله مثل اللجنه التنفيذية التي يسيطر عليها الرئيس عباس، اما السلطه فقد اصبحت سلتطين والوطن مقسم ما بين غزه ورام الله والشعب منقسم وممزق ما بين فتح وحماس وكافر بكل شئ .. بسب الجوع والحصار وظلم ذوي القربي، يضاف الى ذلك تلك المحاولات الجارية لاقناع البقية الباقية من القيادات الفلسطينية للعودة الى الاراضي المحتلة، مما يعني فقدان اي تواجد للقيادة الفلسطينية في الخارج وارتهانها للارادة الاسرائيلة فيكون مصيرها ام السجن والاعتقال والاغتيال او السير في موكب الرئيس عباس صاحب الحل والعقد.
ماذا بعد .. وماذا يمكن ان ننتظر من هكذا مشهد في ظل واقع مؤلم على الارض واشارات وتلميحات نسرد بعضها :
بعد احداث غزه عقدت قمه في شرم الشيخ برعاية امريكيه لدول الجوار وحضرها اولمرت، ولكن القمه لم تقل شيئاً مما دفع الكثيرين الى القول بان هناك قرارات سرية لهذه القمه وهذا صحيح ولكننى اضيف ان هذه القمه كانت في جزء منها احتفالية بوقوع حماس في الفخ، وبالتالى التركيز على افشالها او اجبرارها على الاعتراف باسرائيل او التمهيد لاحضار قوات دولية الى غزه وتفعيل الخيار الاردني في الضفه.
وللتمويه على نتائج هذه القمه وهدفها سمعنا دعوه خجوله موجهه لطرفي الصراع حماس وفتح للجلوس والحوار حيث جاء الملك عبد الله ملك السعودية واكد على ذلك، ولكن يبدو ان هذه الدعوات لم تكن الا للاستهلاك المحلي او لتجنب توجيه اللوم على طرف دون الآخر فيكونوا بذلك قد كرروا نفس الخطأ الذي وقعوا فيه بعد غزو لبنان عندما لاموا حزب الله مما اثار عليهم الشارع العربي وانقلب السحر على الساحر .. ولكن المؤمن لا يلذغ من جحر مرتين!!
بعد ذلك جاء دور الجامعه العربية التي تصرفت بنفس الطريقه وكأنهم (قاريين عند شيخ واحد) حيث دعت الجامعه للحوار ايضاً ولكنها اضافت الى ذلك تشكيل لجنة تحقيق في احداث غزه وما قبلها .. ولكن على الارض لم نشاهد ايه نيه حقيقيه من قبل الجامعة او دول الجوار المؤثره لتفعيل الحوار او حتى للنظر في تقارير لجنة التحقيق .. لانه يجب الحفاظ على هذا الصيد الثمين لاطول فتره ممكنه لتحقيق الاهداف المطلوبه .
اما بالنسبه للوساطات والدعوات الاخرى التى تبنتها بعض الدول العربية وبعض المنظمات والحركات الفلسطينية والعربية فقد فشلت، لان السيد عباس (قاري عند نفس الشيخ) ولان حماس ركبت راسها وصدقت نفسها.. وبأن بيدها اوراق ضغط تمكنها من فرض ما تريد (وهذا بالمناسبه جزء من اللعبه).
اشاره اخرى ربما غير مهمه وهي تعيين توني بلير مندوباً للرباعية الدولية، والذي يعرف الكل تاريخه الاسود في العراق وافغانستان وفلسطين، والاهم من ذلك هو ان السيد بلير منذ تعيينه في منصبه لم يدلي بتصريح واحد عن رؤيته لهذه المهمه مكتفياً بزيارات استطلاعية وجمع للملفات والبيانات وكأنه غريب عن هذا الملف، واظن انه (تلميذ الشيخ ).
على العموم وحتى لا ندخل في متاهات ولا يتهمني البعض بانني من انصار نظرية المؤامره سازيد الامر ايضاحا من خلال ما رشح على الارض من دراسات وتقارير وتوقعات وتصريحات قبل وبعد احداث غزه ربما ستساعدنا في وضع ملامح السيناريو المقبل:
1- في عام 2003، ألّف "جيرهام فوللر" -المتخصص الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية- كتابا اسمه "مستقبل الإسلام السياسي"؛ أوجز فيه فرضيته المشهورة القائلة: "لا شيء يمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة غير جذابة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة". وفي عام 2004، صدر كتاب تحت عنوان "الظل المنحسر للنبي: صعود وسقوط الإسلام السياسي"، للمؤلفين "راي تاكيا" و"نيكولاس كاي. جفوسديف". وفي هذا الكتاب، ذهب مؤلفاه ، إلى أن الإسلاميين، على الرغم من القوة التي اكتسبوها في بعض الأحيان، فإنهم لم يثبتوا نجاحهم كحركات سياسية. وهو ما عبّر عنه المؤلفان عبر المقولة التالية: "إن الرؤية تزداد وضوحا على الدوام بأن الإسلام السياسي الراديكالي لا يستطيع التمكن سلطويا من الدول الحديثة أو الدول المتحولة إلى طور الحداثة في قلب العالم الإسلامي، وأنه لا يستطيع إقامة نموذج بديل وفعال للحكم.
2- أوصى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى, الإدارة الأميركية بشن حملة عقائدية ضد التطرف والإرهاب الإسلامي. جاء ذلك في إطار تقرير استراتيجي اعده 53 من كبارالشخصيات والخبراء والمفكرين الأمريكيين وقدمه المعهد للرئاسة الأميركية في فبراير/ شباط 2005 نصح فيه الى إهمال أي حديث عن أي خطة جريئة وواضحة لتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل لأنها تقلل من شأن السياسات الهشة لفك الإرتباط في غزة والإصلاح الفلسطيني. وحذر التقرير من أن حزب الله وحركة "حماس" يعتبران أميركا الشيطان الأكبر, وقال إنهما يلتقيان مع منظمة القاعدة على هذا المفهوم, ويرتبطان معها في إطار شبكة دعم مادي وشعبي عالمية. وبينما تواصل امريكا تنفيذ هذه الخطط, يجب أن لا تكترث للمطالب الداعية لاقتراح قرار عاجل حول مفاوضات الوضع الدائم الإسرائيلية ـ الفلسطينية.، بل يجب ان تركز جهودها على العمل على تغيير سياسي وأمني فلسطيني, و"فك ارتباط" إسرائيلي منظم وهادئ من غزة.
3- في اكتوبر 2006 قام معهد ريئوت الإسرائيلي باعداد تقرير حول فتح وحكومة حماس بعنوان "من الحرب الأهلية إلى إعادة الاحتلال من جديد" خلص فيه الى ان : السياسة التي تهدف إلى تقوية وتعزيز حركة فتح للقضاء على حماس قد تؤدي إلى تغيرات إستراتيجية في العلاقات الاسرائيلية- الفلسطينية وبالتالي إلى حل السلطة الفلسطينية نتيجه حرب اهلية وإعادة السيطرة الاسرائيلية على الأراضي المحتلة لتصبح غزة والضفة الغربية تحت المسؤولية الاسرائيلية.
4- تضمن العدد الأخير (آب 2007) من نشرة "المستجد الإستراتيجي"، الصادرة عن "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، مجموعة من السيناريوهات للفترة المقبلة بشأن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي المقاربه الاولى يرى الدكتور روني بارت، أن سيطرة حركة حماس على غزة أوجدت أمام إسرائيل فرصتين، لا فرصة واحدة، هما بلغته فرصة استعمال العصا مع قطاع غزة وفرصة منح الجزرة للضفة الغربية حيث يدعو الباحث الى شن حمله حربية على غزه تكون أهدافها القضاء او تحيد حماس من خلال :
· الامتناع عن أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع أفراد من حماس.
· إيقاف حركة النقل والعبور من إسرائيل إلى قطاع غزة، ما عدا الأغذية والمياه والأدوية. ويمكن استعمال تزويد الكهرباء والوقود كورقة للضغط والمساومة.
· تعطيل البنية التحتية لشبكة الهواتف الداخلية في قطاع غزة لعرقلة قدرة سلطة حماس وإغلاق الاتصالات الهاتفية الدولية لعزل حماس عن مؤيديها الخارجيين.
· وقف الزيارات لأسرى حماس وعزلهم عن أي اتصال مع العالم الخارجي.
· عزل البنوك في قطاع غزة عن المنظومة البنكية الدولية.
· التوجه إلى عناصر دولية (مصر، الجامعة العربية، منظمة الدول الإسلامية، الاتحاد الأوروبي، حلف شمال الأطلسي- ناتو، الأمم المتحدة) كي تتحمل هذه العناصر مسؤولية أمنية عن قطاع غزة أو عن حدود القطاع مع مصر، على الأقل.
· السيطرة على محيط محور فيلادلفي وتعريتة أو حرث دهليز بعرض كيلومتر واحد على الأقل على طول الحدود، حتى ولو بثمن تشريد عشرات آلاف اللاجئين، وحفر قناة ضد الأنفاق. هذه العملية ستوقف مرة واحدة وأخيرة عمليات تهريب السلاح والذخيرة والأموال والوسائل الأخرى، وكذلك عمليات تهريب الإرهابيين والمرشدين من حزب الله وإيران وتنظيم القاعدة.
· إيقاف حركة التجارة عن طريق الحدود مع مصر أيضًا.
اما المقاربه الثانية فهي بعنوان أفضليات "الحوار" مع حماس او محاولة "تعميق تسييس حماس"! حيث يرى الباحثان يورام شفايتسر وأمير كوليك، من "معهد دراسات الأمن القومي"، أنه في ضوء ميزان الفرص في مقابل المخاطر يجدر بإسرائيل أن تتفحص أيضًا طريق الاتصالات أو "الحوار" مع حركة حماس في إطار فلسطيني شامل. ويضيفان: "بحسب تقديرنا فإن إجراء اتصالات مع حماس، في إطار ائتلاف مع فتح، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عدة أفضليات مركزية.
5- كتب روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" مقال نشر على موقع المعهد بتاريخ 18 يونيو 2007، تحت عنوان: "حماس وحرب الأيام الستة الثانية.. الدلالات والتحديات والفرص" عرض خلاله اقتراح لفك الارتباط الكامل.. بغزة اي تخلي اسرائيل عن مسئولياتها القانونية والاقتصادية والأمنية هناك وذلك يتضمن ما يلي: إنهاء اتحاد الجمارك، إعلان أنه بعد نقطة زمنية معينة ستتوقف إسرائيل عن العمل كنقطة مرور لجميع السلع والأفراد والخدمات إلى داخل غزة، وإنهاء اتفاق أمن "محور فلادلفيا" (محور صلاح الدين) الذي تحول إلى فخ للأمن الإسرائيلي. وفعليا سيجعل ذلك من مصر المنفذ الوحيد لغزة على العالم، مع تدفق الغذاء والمياه والكهرباء والسلع الإنسانية الأخرى عبر الحدود بينها وبين غزة.
6- كشفت مصادر عبرية النقاب عن خطة أعدتها وزارة الخارجية في دولة الاحتلال (الإسرائيلي) قبل عدة أسابيع تقترح أن تتولى دولة أجنبية الحكم في قطاع غزة- أي تعيين حكومة انتداب أجنبية موالية لدولة الاحتلال في القطاع. وذكرت المصادر أن هذه الخطة تشمل عدة خطوات مقترحة لزيادة الضغط الاقتصادي على قطاع غزة، أبرزها تشديد الخناق على المعابر والتقليل من كميات البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر صوفا وكرم أبو سالم إلى أدنى حد ممكن والتضييق على نقل الأموال إلى قطاع غزة إلى جانب خطوات أخرى تمس بقطاع التجارة.
هذا بعض ما رشح من دراسات وتوصيات من دوائر صنع القرار او القريبه منها في امريكا واسرائيل، بالاضافة الى مايجرى على الارض والذي يمكن ان يرسم لنا ملامح السيناريو القادم لما بعد غزة، حيث بدأت اسرائيل فعلياً بتنفيذ اجزاء من هذا التوصيات بعد ان وقعت حماس في فخ الانتخابات ثم في فخ السيطره على غزه وما تبع ذلك من اجراءات وعقبات وضعت امام حماس لتحقيق هدفين اما الفشل او الاعتراف باسرائيل . واعتقد اننا نعيش الآن المرحلة النهائية لتنفيذ باقي السيناريو ولتحقيق احد الهدفين السابقين للوصول الى مؤتمر بوش للسلام. حيث ستساهم عوامل عده داخلية وخارجية في رسم هذا السيناريو في حالتي الفشل او الاعتراف .
فعلى الصعيد الفلسطيني وبعد سيطرة حماس على غزه نجد ان التصرفات الخاطئه لحماس بعد سيطرتها على غزه والتجاذب والانقسام الحاد لطرفي الوطن ما بين انصار فتح وحماس ومشاهد التنكيل والضرب وقطع الرواتب والاضرابات، كلها تؤسس لحرب اهليه او لحالة فوضى عارمه في غزه في ظل قيام اسرائيل بتنفيذ اجراءات تكثيف الحصار، حيث ستستغل اسرائيل هذا الوضع لفرض امر واقع على الارض من خلال القيام بعمليات اجتياح في مناطق محسوبه للتخلى نهائياً عن مسئوليتها عن غزه واقفال المعابر بشكل كلي وممارسة الضغوط على مصر لتحمل المسئولية او احضار قوات دولية لتولى حفظ النظام وتأمين حدودها مع غزه اى الاتيان بحكومة انتداب جديدة، وربما يأتي التلويح المتكرر للقيام بعمليه على محور فلالدليفيا في رفح في هذا الاطار لفرض امر واقع على الارض من خلال القيام بعملية تسليم تدريجى للقطاع لمصر او لقوات دولية وليس كما تزعم اسرائيل من اجل منع تهريب السلاح الى غزه.
اما السيناريو الاخر فهو ان يقوم قادة حماس بالاعتراف باسرائيل وبباقي الشروط نتيجه للضغوط الكبيره السابقة وحالة الفوضى التى ستعم غزه، كمخرج لمأزقهم ومأزق الحركه وقد ابدى بعض قادة حماس تلميحات من هنا وهناك مثل اعترافهم بواقع وجود اسرائيل واستعدادهم لعقد هدنه طويلة الاجل معها واخيرا اعتراف حماس بمرجعية منظمة التحرير واحترامها للاتفاقات الموقعه معها، وغيرها من التصريحات التي رغم غموضها والتباسها الا انها تكشف استعداد بعض قادة الحركة للوصول الى ابعد من ذلك، اذا وجدت التخريجات المناسبه لهم .
واعتقد ان اسرائيل وامريكا تفضلان هذا السيناريو لان ذلك سيعطي مرجعية اسلامية للاعتراف باسرائيل مما سيفتح الباب على مصراعية لعميليات اعتراف من دول عربيه واسلاميه متردده وسنجد هذه الدول تشارك في مؤتمر السلام، وهنا اود ان اوضح ان تركيز اسرائيل وامريكا على حماس ينبع في الدرجة الاولى من كونها ثمتل مرجعيه اسلامية مقاومه يعني تدجينها وجرها الى عملية السلام احداث تغيير جوهري في المعسكر الاسلامي الذي سينقسم على نفسه مما يفتح المجال امام دول اخرى وجماعات لاعادة النظر في علاقاتها تجاه اسرائيل واليهود ايضاً، وهذا سيكون انجاز غير عادي لاسرائيل وامريكا.
وعلى العموم فانني اعتقد ان سيناريو الاعتراف مستبعد بالطريقة التي تريدها اسرائيل وامريكا وان السيناريو الاقرب والاسهل للتنفيذ هو الاستمرار في تكريس الفصل بين غزه ورام الله والامعان في التضييق على حماس واهالى غزه من قبل اسرائيل بالتزامن مع تصعيد في وثيرة التشاحن الداخلي بين فتح وحماس بحيث تصل الامور الى حالة مأساوية وفوضى عارمه (الفوضى الخلاقة) فتتدخل اسرائيل كرد على بعض العمليات ضدها بدءا من محور فيلادلفيا ليتم الوصول الى مؤتمر السلام الذي يقرر ارسال قوات دولية الى غزة مع محاولة منح مصر دور رئيسي في هذه العملية، بالاضافة الى اقرار او مناقشه اعلان المبادئ الذي تم تسريب بعض نقاطه والذي ينص على اعتبار فلسطين (الضفه وغزة) وطنا قوميا للشعب الفلسطيني، وإسرائيل وطناً قومياً للشعب اليهودي، وهذا يعني اسقاط حق العودة وفتح المجال لعملية تبادل سكاني ما بين اسرائيل والدوله الفلسطينية القادمه ..!! والسماح لللاجئين الفلسطينيين في الشتات بالتوطن في البلاد التي يقطنون فيها، اما بالنسبه للقدس فسيتم تحويلها الى عاصمه للدولتين مع ترتيبات خاصه للاماكن المقدسة. ويجب ان ننتبه لنقطه مهمه في اعلان المبادئ المزمع طرحه في المؤتمر وهي انه اعلان مبادئ وليس اتفاق مبادئ وقد ركز على هذه النقطة مرراراً رئيس الوزراء الاسرائيلي اولمرت، وهناك فرق بين الاعلان والاتفاق، اي ان المطلوب تنازلات عربية واعتراف باسرائيل والغاء حق العوده مقابل اعلان قد لا تلتزم به اسرائيل وامريكا، وتجاربنا مع الاعلانات والاتفاقات والقرارات لا تخفى على احد.
على العموم هذه بعض السيناريوهات وليست كلها وسواء نجح المؤتمر او فشل فان الوضع الجديد سيفرز حاله فلسطينية ضعيفه قد لا تكون للتنظيمات الفلسطينية الكبرى مثل فتح وحماس اى دور مركزي فيها بعد ان تم استنزافهما في ظل سلطة اوسلوا والمنازعات الجارية حالياً وسيكون الرئيس عباس في حل من كثير من الضغوطات التي يمكن ان تمارس عليه، ويمكن ان نصل الى مرحلة انهيار او حل للسلطه واعادة الاحتلال ليتم بالتدريج فرض الخيار الاردنى او ما يسميه الاسرائيلين اعادة الاوضاع الى ما كانت عليه قبل حرب 67، اي الضفه للاردن وغزه لمصر، وهذا السيناريو حسب وجهة نظرى كان يراد تنفيذه منذ عام بعد اختطاف شاليط وحصار غزه وتقطيع اوصالها، ولكن مغامرة اسرائيل في لبنان ورغبة امريكا بتأسيس شرق اوسط جديد فشلت بسبب صمود حزب الله والمقاومه اللبنانية، مما افشل المشروع برمته ولم ينوب الزعماء العرب الا سواد وجهوههم وانفضاحهم امام شعوبهم .. فهل نتوقع معجزه او حدث غير عادي في بلاد العرب او العجم يفشل المخطط الجديد او على اقل تقدير يحسن من شروطه ..؟! هذا ما ستكشفه الايام القادمه.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق