الاثنين، 11 فبراير 2008

العلاقات المغربية الاسرائيلية
وعلاقتها بالوجود اليهودي بالمغرب
مقدمه
مثلت العلاقات المغربية الاسرائيلية السرية والعلنية منها حالة خاصة وفريدة من نوعها في المنطقة العربية حيث أقام المغرب علاقات تعاون وثيقة مع الدولة العبرية منذ مطلع الستينات، وكرس التطبيع الديبلوماسي اثر توقيع اتفاقات أوسلو. إذ وقع وزيرا الخارجية عام 1994 على اتفاق لإقامة علاقات ديبلوماسية وافتتاح مكتبين تمثيليين في الرباط وتل أبيب. وفتح الإتفاق الطريق للقاءات علنية ودورية بين المسؤولين وإقامة تبادل سياحي وتجاري ما انفك يتكثف في السنوات الأخيرة. إلا أن المغرب سبق كل البلدان المغاربية إلى العلاقات العلنية مع الدولة العبرية، اذ استقبل الملك الحسن الثاني بيريز في قصر إيفران أمام عدسات المصورين عام 1985 غير مبال بموجة الإنتقادات الواسعة داخل المغرب وخارجه. وكشف أنه لعب دورا أساسيا في إقناع الرئيس المصري الراحل أنور السادات بزيارة القدس المحتلة والتوقيع على اتفاقات كامب ديفيد عام 1979.كما ان المغرب امد اسرائيل باكبر عدد من المهاجرين الشرقيون والذين ظلوا يرتبطون بعلاقات حميمه بالعرش المغربي حتى في اصعب الاوقات ولم تنقطع علاقاتهم وزياراتهم للمغرب في ايه لحظه، ووصل كثير منهم الى مناصب عاليه سواء في اسرائيل او في المغرب حيث استخدموا سلطاتهم لتعزيز العلاقات المغربية الاسرائلية.
ولمعرفة الاسباب الحقيقية لهذه العلاقات الخاصه بين اسرائيل والمغرب ووضعها في اطارها الصحيح لا بد من القاء الضوء على الوجود اليهودي في المغرب وجذوره والمراحل التى مر بها سواء في حالات التعايش او الصدام، ثم سنلقي الضوء على نفوذ اليهود ودورهم في السلطه وعلاقتهم بالمستعمر والتى جعلتهم مقربين في اغلب المراحل من الملوك والسلاطين المغاربه مما مكنهم من المساهمه في الهجرة اليهودية واقامه علاقات قديمه مع الحركة الصهيونية ثم اسرائيل، ثم المساهمه بقوه في العملية السلمية بين العرب واسرائيل، يضاف الى ذلك هذه العلاقة الخاصة التى لازالت قائمه بين اليهود المغاربه والعرش المغربي. وعلى الطرف الآخر سنلقى الضوء على مواقف سلاطين وملوك المغرب من اليهود واسباب تعاطفهم معهم سواء كان ذلك بسبب ما عرف في التاريخ المغربي بعهد الولاء والحماية بين اليهود والعرش المغربي، او بسبب التعايش السلمي في اغلب الاوقات بين المسلمين واليهود في المغرب، ثم اثر الحركه الصهيونية على اليهود المغاربه ومدى مشاركتهم في الهجره ودور الاستعمار والعرش المغربي فيها، ثم بداية الاتصالات السرية بين المغرب واسرائيل والتي ادت الى اقامة علاقات دبلوماسية كامله تجمدت سنة 2000 ولكن الزيارات والعلاقات غير الرسمية ظلت مستمره، ولم تنقطع على الاطلاق مشاعر الود المتبادلة بين العرش المغربي واليهود المغاربه سواء في اسرائيل او المغرب.
القدم التاريخي والخصوصية الدينية
يتسم الوجود اليهودي بالمغرب بالقدم، ويرجح عدد من الدراسات أن قدومهم جاء في أعقاب خراب الهيكل الأول في عام 586 ق.م. وتوالت بعد ذلك الهجرات، واستقرت وضعية اليهود بالمغرب منذ الفتح الإسلامي وبالذات بعد قيام حكم الأدارسة بالمغرب حيث سمح إدريس الثاني لهم بالإقامة واكتسبوا وضعية أهل الذمة، وتزامن ذلك مع الاضطهاد الشديد الذي تعرض له اليهود بإسبانيا بعد اعتناق ملك القوط للكاثوليكية وصدور مرسوم في سنة 700م يقضي باستعبادهم، حتى أنهم التحقوا بجيوش الفتح الإسلامي المتوجهة للأندلس من أجل العودة إلى الأندلس[1]. وخلال الحكم الاسلامي في الاندلس عاش اليهود بسلام وهدوء، ولكن بعد انهيار هذا الحكم ظهرت علامات النفي والترحيل والطرد لليهود والمسلمين . ففي عام 1492 اجبر القهر الاسباني كل المقيمين في اسبانيا والذين يعارضون التحول الى المسيحية على النزوح وكان ذلك نهاية للازدهار والابداع اليهودي في ظل الحكم الاسلامي الذى استمر قرونا، حيث كانت شبه الجزيرة الايبيرية مركزا للثقافة والتقاليد اليهودية. وقد اجبر ما يزيد عن 250000 يهودي على الخروج من اسبانيا توجه بعضهم الى اوروبا الغربية والبعض الاخر الى شمال افريقيا[2] ومن ضمنها المغرب حيث استقرت وضعيته هناك وعوملوا كباقي اخوانهم السابقين كأهل ذمه وهي وضعية أطرت سلوك المسلمين إزاءهم، فكان موقفهم قوامه عدم الاعتداء والتعامل في المعروف وعدم التدخل في الشؤون الداخلية لليهود دينية أو قانونية أو وقفية أو قضائية.
والاختلالات التي كانت تطرأ على هذه الوضعية، كانت ترتبط إما بحصول اختلال عام في سير الدولة الإسلامية وحالات الفتن والاضطراب في انتقال السلطة وتغير الدول، أو في حالة تحول اليهود إلى أهل شوكة وغلبة في حالات استفادة بعضهم من الحماية السلطانية أو الحماية القنصلية الأجنبية حيث تختل العلاقة ويبرز عداء بعض اليهود للمسلمين بالمغرب. ولهذا أقر بعض الباحثين اليهود بإيجابية وضع أهل الذمة، حيث يقول "حاييم زعفراني" أن المجموعات اليهودية تمتعت داخل هذا الإطار باستقلال ذاتي كامل إداري وثقافي ووضعت لها نظامها الخاص، وكانت لها محاكمها وماليتها، وكانت تضمن لتابعيها حقهم في التدين والرعاية والتعليم وتطبيق قانون الأحوال الشخصية، بل وحقوقهم المشروعة فيما بينهم، وكان للطائفة سلطة تنظيمية تلزم أفرادها بكل ما يتعلق بالجوانب الضرائبية والمصالح العامة، كما اعتبره وضعا قانونيا متسامحا (استقلال قانوني وإداري كامل) إذا ما قورن بالذي عرفه يهود البلدان المسيحية الأشكناز[3].
الهوية اليهودية المغربية
يقر اليهود قاطبة بأن المغرب استقبلهم وآواهم بمنطق متسامح،. ولم يكن الاستقرار اليهودي مسألة عابرة بل إن ملاحقة القوى الأجنبية لهم جعلهم يعددون مواطن استقرارهم واختلطوا مع القبائل الأمازيغية بالمغرب في الجبال حتى تهود أفراد من بعض القبائل. ولهذا فقد كان لقدم الاستقرار بالمغرب انعكاسات بالغة على طبيعة اليهودية المغربية، حيث أثرت خصوصية البيئة وتميز الوجود الإسلامي بالمغرب وما أفرزه من تبلور لسياق حضاري مغاير للسياق الحضاري الغربي الذي تبلورت من داخله الظاهرة اليهودية الصهيونية المعاصرة.
فقد اتسمت الهوية اليهودية المغربية بتدينها بل وتشددها في الالتزام الحرفي بالدين اليهودي ومعتقدات التوراة والتلمود، ويمكن هنا الإحالة على دراسات حاييم زعفراني (جاوزت السبعين دراسة عن مختلف أبعاد الهوية اليهودية المغربية وإبراز الطابع الديني لها)، أو دراسات بن "عامي إسشار" والتي ركزت على ظاهرة أولياء وقديسي اليهود المغاربة حيث أحصت وجود 652 وليا ضمنهم 126 مشتركا بين المسلمين واليهود و15 وليا مسلما يقدسه اليهود و90 وليا يهوديا عند المسلمين، ويتنازعون في 36 وليا كل ينسبه إليه. وقد أصدر صامويل «يوسف بنعيم» في 1980 دراسة مفصلة عن مراسيم ما يزيد عن خمسين هيلولة (احتفال ديني يهودي مغربي) مرتبطة بمواسم الأولياء اليهود بالمغرب التي تبرز حالة السعي اليهودي بالمغرب للتماهي مع القديسين وتجديد هذا السعي سنويا. وإلى جانب ذلك فقد حافظت اليهودية المغربية على ارتباطها الشديد بفلسطين ولم تنقطع الهجرة أبدا إلى أرض فلسطين طيلة كل القرون، وكان مصدرها عموما جماعات الطلبة الذين كانوا يرسلون إلى "يشفوت" حواضر الثقافة اليهودية الكبرى في القدس (القدس، طبرية، صفد) أو أولئك الذين غالبا ما كانوا يرحلون أملا في أن يقضوا بقية حياتهم في "الأراضي المقدسة"، بحيث أن اليهود المسافرين القادمين من الغرب إلى حيفا في القرن التاسع عشر، اصطدموا باليهود المغاربة، وقبل بدء الهجرة اليهودية الأوروبية فإن اليهود المغاربيين شكلوا أحد أهم الجماعات بالأرض المقدسة.
علاقة المسلمين باليهود: تسامح أم نزاع
تطرح دراسة التجربة التاريخية لوضعية اليهود المغاربة أطروحتين هما:
1- أطروحة رفض التعايش: توجد العديد من الدراسات الصهيونية والتي تطفح بسيل من التحاليل المرتكزة على أطروحة معاناة اليهود بالمغرب وحالة الذل والهوان التي كانوا يرزحون في ظلها والحاجة المستعجلة للمخلص والذي قدم في مرحلة أولى في شخص الاستعمار ثم في مرحلة ثانية في شخص الكيان الصهيوني وكانت النتيجة في الأولى ولاؤهم وخدمتهم للاستعمار وفي الثانية هجرتهم الشديدة والمكثفة إلى الكيان الصهيوني.
2- أطروحة التعايش: في مقابل هذه الكتابات السابقة كانت هناك كتابات محتشمة تتحدث عن التعايش بغرض الحد من الهجرة إلى فلسطين، إلا أنها بقيت دون صدى. إلا أنه منذ السبعينات نجد حركة البحث دائبة لتقزيم وتهميش المعطيات المضادة لأطروحة التعايش والتسامح، وفي المقابل النفخ في الأحداث والمحطات ذات الخلفية التسامحية..
ما بين الأطروحتين : إن الأطروحة الأولى خضعت للتوظيف السياسي لصالح دمج اليهودية المغربية في المشروع الاستعماري للمغرب وبعده في المشروع الصهيوني. أما الأطروحة الثانية فهي توظف سياسيا لصالح مشروع التسوية ليكون النموذج التاريخي المغربي خلفية لعملية التسوية، هذا من جهة، ومن جهة أخرى توظف هذه الأطروحة لمصلحة تطبيع العلاقات المغربية الإسرائيلية، حيث يقدم مفهوم التعايش كقاعدة فكرية للتأصيل التاريخي والاجتماعي لبرامج التطبيع[4].
نفوذ يهود المغرب
حاولت بعض الدراسات الحديثة تحليل ظاهرة يهود البلاط وإبراز تجذرها التاريخي ولجوء عموم السلاطين إليهم منذ القرن الثالث عشر، حيث نجد أطروحة "نيكول سرفاتي"، والتي قدمت حالات محددة ليهود البلاط ودورهم في مجال تدبير علاقات المغرب مع الدول الأوروبية، وإلى جانب ذلك دورهم في حماية الطائفة وجلب بعض الامتيازات لها. ومن هذه الحالات جوزيف ميمران والذي كان مستشارا للسلطان المولى إسماعيل طيلة الفترة الممتدة من 1683-1672، وفي نفس الوقت كان رئيس الطائفة اليهودية بالمغرب (شيخ اليهود)، ونفس الشيء بالنسبة لابنه إبراهام ميمران الذي كان هو الآخر دبلوماسيا ومستشارا ومديرا للأعمال التجارية (1722-1683)، ولعب أدوارا في علاقات المغرب مع فرنسا والبرتغال وهولندا [5].
ويضاف الى هؤلاء بعض اليهود الذين كانت تستعين بهم الدول الاوربية لتسيير علاقاتها في المغرب ومن امثلتهم االيهودي إبراهيم قرقوش الذي عين عام 1862 قنصلاً للولايات المتحدة في إحدى مدن المغرب حيث نجح بفضل علاقته بالسلطان في تسهيل مهمة موسى مونتفيوري أثناء زيارته للمغرب[6]. والمعروف ان مونتفيوري الذي كان مهتما بأوضاع الجماعات اليهودية في شرق أوربا والعالم العربي، فزار روسيا عامي 1846 و1872 لبحث حالتهم مع الحكومة القيصرية، كما زار المـغرب عـام 1863 ورومانيا عام 1867 للغرض نفسه. ويضاف الى هؤلاء كثير من اليهود الذين تولوا مناسب حساسة في المغرب حتى هذه اللحظه وقدموا خدمات كبيره لليهود المغاربه وفي مرحلة لاحقة وسهلوا وجود علاقات مع اسرائيل وساهموا في عمليات الهجره الى اسرائيل.
الاستعمار والجماعه الوظيفية والحماية القنصلية
حاول الاستعمار الغربي في العالم العربي استقطاب أعضاء الأقليات الدينية والإثنية، وتحويلهم إلى جماعات وظيفية عميلة تدين له بالولاء عن طريق التوسع باستخدام نظام الحماية القنصلية، حيث كانت هذه العملية مُكمِّلة للاستعمار الاستيطاني الغربي، حيث نجح الاستعمار نجاحاً كبيراً حتى أن معظم يهود العالم العربي، عند إنشاء الدولة الصهيونية، كانوا قد أصبحوا (ثقافياً واقتصادياً) جزءاً من التشكيل الاستعماري الغربي، وحصلت أعداد كبيرة منهم على الجنسيات الأوربية أي أنهم تحولوا إلى جماعة وظيفية عميلة، ومن ثم كان من السهل عليهم الهجرة والانضمام إلى الدولة الوظيفية الاستيطانية والقتالية في إسرائيل[7].
وفي المغرب شكل نظام الحماية القنصلية الخطوة الأولى للتغلغل الاستعماري، ولهذا اعتبره البعض نوعا من الحماية بالتقسيط مهدت لنظام الحماية الاستعماري في 1912. حيث تعود جذوره إلى سنة 1763 وكان يظم أربع طبقات بدءا من المحمي وانتهاءا بالمتجنس، مرورا بالمخالط والسمسار. وقد تكالبت الدول الأجنبية على استغلال نظام الحماية القنصلية لبسط نفوذها متوسلة في ذلك بالعنصر اليهودي في المجتمع المغربي، وعلى سبيل المثال في سنة 1872 كان كل الرعايا الأميركيين بالمغرب يهودا باستثناء أميركيين اثنين. وقد أفرز توسع لجوء المغاربة إليه إلى "ارتفاع عدد المتمردين على السلطة الشرعية حيث مثل اليهود الفئة الرئيسية المنخرطة بكثافة في نظام الحماية وقدمت القوى الأجنبية نفسها بمثابة مخلص لليهود من الاضطهاد والمعاناة والعبودية ومن نظام أهل الذمة[8].
محمد الخامس
تربع الملك محمد الخامس على العرش في 18 نوفمبر عام 1927، وهو في الثامنة عشرة من عمره، حيث كان المغرب يخضع لنوع من الحماية, جعل اراضيه تحت سيطرة فرنسا واسبانيا حيث اجبر الملك على قبول معاهدة الحماية في 1912، ولكن ما بين 1920 الى 1927 قامت ثورة الريف بقيادة الأمير محمد عبد الكريم الخطابي، ثم ظهر أول تنظيم سياسي مغربي، بزعامة كل من علال الفاسي والاوزاني، وهم الذين سيؤسسون لاحقا حزب الاستقلال، وفي الحرب العالمية الثانية، كانت الحركة المعارضة للحماية قد تقوت، حيث دفعت كل هذه الاحداث الى لجوء الاستعمار الفرنسي الى اليهود لخدمه اغراضه مقابل خدمة اغراض الصهيونية العالمية واهدافها ولهذا وخلال فترة الاستعمار الفرنسي سعى المستعمرين إلى ربط أعضاء الجماعات اليهودية في المغرب العربي بالثقافة الفرنسية بغرض عزلهم عن محيطهم العربي وتحويلهم إلى جماعات وظيفية وسيطة تخدم مصالحه في المنطقة[9].
يهود المغرب والصهيونية
وجد الصهاينة ظروفاً ملائمة في تسامح العرب تجاه الاديان السماوية لنشر دعايتهم داخل البلاد العربية التى كانت خاضعه للاستعمار[10]، وعندما انعقد المؤتمر الصهيوني الأول في مدينة بازل السوسرية سنة 1897 برئاسة تيودور هرتزل, شارك في هذا المؤتمر مجموعة من يهود المغرب العربي الذين قدموا دراسة عن وضعية اخوانهم في المغرب العربي وأفادت هذه الدراسة أن عدد يهود المغرب العربي يبلغ 150,000يهوديا _مائة وخمسون ألف يهودي — وحسب الدراسة فان دورهم سيكون بالغ الأهمية في قيام الدولة العبرية وكانت المهام الموكلة بهم تتمثل في جمع المال للمشروع الصهيوني ونقله الى المنظمة الصهيونية العالمية واقامة تجمعات ومنظمات سياسية, نشطت في جمع المال وتوعية اليهود بأهمية أن تكون لهم دولة, كما كانت هذه المنظمات تضطلع بتوزيع المنشورات والكتب التي تدعو للفكر الصهيوني, كما كانت هذه المنظمات تشارك في أعمال المؤتمرات اليهودية العالمية[11].
وهكذا بدا اللوبي الصهيوني يرسي دعائمه بالمغرب مع بداية الترويج للصهيونية، حيث ثم بتمويل سخي من طرف ادموند دو رولتشيلد تأسست أولى المؤسسات التعليمية العصرية الخاصة باليهود في المغرب, وذلك لتوفير الشروط "لإنتاج" نخبة يهودية مثقفة تخدم القضية الصهيونية، حيث تهافت عليها عدد من اليهود المغاربه كان على رأسهم آنذاك "اندري شوراقي" الكاتب العام للرابطة الإسرائيلية العالمية الذي اهتم أكثر من غيره بدراسة يهود شمال إفريقيا ومن ضمنهم اليهود المغاربة. وبفضله لعبت الجريدة الصهيونية "نوار" الصادرة آنذاك دور تسميم عقول الشباب اليهودي المغاربة في الفترة الممتدة من منتصف أربعينات إلى فجر خمسينات القرن الماضي في وقت سادت فيه روح التعايش والتسامح والتناغم والتفاهم "العضوي" بين اليهود المغاربة والمسلمين[12]، حيث كان أعضاء الجماعات اليهودية مندمجين حضارياً في المحيط الثقافي العربي الإسلامي، فكان يهود المغرب مغاربةً أو بربراً لهم نفس فلكلور المغاربة أو البربر ونفس المستوى الثقافي والحضاري، فكانوا يزورون أولياء اليهود، بل هناك حالات كثيرة كان فيها المسلمون واليهود يتبركون بوليّ واحد ويقومون بزيارته.
وليس ادل على تسامح الحكومة المغربية مع اليهود ومعاملتهم بنفس معاملة مواطنيها المسلمين هو ما حدث عندما طلبت حكومة فيشي الموالية للنازي من الحكومة المغربية تسليم أعضاء الجماعات اليهودية للنازي لإبادتهم كما حدث مع أعداد كبيرة من يهود فرنسا. ولكن العاهل المغربي محمد الخامس تصدَّى لهم، وهو ما أدَّى إلى نجاة الجماعة اليهودية من خطر الإبادة[13]. فخلال الاضطهاد النازي لليهود في الحرب العالمية الثانية، رد الملك الراحل محمد الخامس على مطالب حكومة فيشي الفرنسية بخصوص تطبيق قوانين مناهضة لليهود بالقول "انهم أبناؤنا أيضا"[14]، فصدر ماعرف بقانون فيشي بعد تخفيفه إثر مفاوضات عسيرة بين السلطان محمد الخامس والجنرال نوغيس المقيم العام الفرنسي في أكتوبر/ تشرين الأول 1940، واستطاع السلطان أن يحفظ لليهود أسس الحياة الدينية والمدنية ويقصر استعمال القانون على المجالات السياسية والاقتصادية. وفي الواقع فإن التقاليد الإسلامية تميزت دوما بحماية اليهود، كما أن ملوك المغرب لم يتخلوا عن هذا أبدا[15].
هجرة اليهود الى اسرائيل في فترة محمد الخامس
يؤكد الخبراء الواقفون على مجرى الامور ان تهجير اليهود من البلاد العربية تم تحت وطأة حملة اضطهاد مصطنعه ومتعمدة بالتواطؤ بين بعض الحكام العرب وزعماء الصهيونية، لان الفترة التي سبقت قيام اسرائيل لم تشهد هجرة يهودية تذكر من البلاد العربية بالرغم من قرب فلسطين من هؤلاء[16]. وتذكر الموسوعة اليهودية (جوديكا) أن تعداد يهود العالم عام 1939 بلغ 16.724.000، منهم .9.480.000 في أوربا. وقد بلغ عدد اليهود في أفريقيا 627.500حيث كانت أكبر جماعة منهم في المغرب إذ بلغت 162 ألفاً. وهنا يشير الاستاذ المسيرى الى ان يهود الدول العربية ومنهم يهود المغرب، لعبوا دور صغير في الهجرة الى فلسطين في تلك الفتره، حيث أنَّنا لا نجد بين العدد 460 ألفاً الذين دخلوا فلسطين بين عامي 1919 و1948 سوى 42 ألفاً قدموا من البلاد العربية والإسلامية، أي 9% من الهجرة العامة والتي شكَّل الإشكناز النسبة الكبرى منها[17]. ولذلك حينما أُعلن قيام الدولة الصهيونية عام 1948 لم تكن دولة يهودية وإنما إشكنازية بالتحديد، ولهذا يرى البعض في ذلك أكبر دليل على انتماء يهود البلاد العربية لبلادهم بسبب الدور الصغير الذي لعبوه في الهجرة الاستيطانية إلى فلسطين في تلك الفترة.
ولكن وبعد تأسيس دولة اسرائيل عام 1948 وطرد سكانها الاصليين وتهجيرهم وهزيمة الجيوش العربية ودور الاستعمار في دعم الصهيونية ازداد العداء لليهود في كافة البلاد العربية ومنها المغرب حيث اعتبر أي يهودي خامة لصهيوني ومن هذه الفرضية فهو عدو للقضية العربية، فيما حاولت الحكومة و(المعارضة) باستمرار وضع فرق بين الصهاينة واليهود الذين هم رعايا للملك، ولكن وفي أزمنة العاطفة القومية، يحيط الضباب بذلك الفرق[18]، بما يتبعه من عداء واحداث هنا وهناك استغلته الحركة الصهيونية افضل استغلال لخدمه اهدافها في ظل وجود المستعمر الفرنسي، حيث بدأت عمليات الهجرة الواسعة بعد سنة 1950 حيث وصل عدد يهود المغرب انذاك حسب مصادر مغربية رسمية الى اكثر من 300 الف يهودي وكانوا مقربين من المستعمر الفرنسي ومتحكمين في الكثير من مفاصل الحياة الاقتصادية والسياسية المغربية, وبعد اعلان قيام اسرائيل سنة 1948 بدأت تصلهم رسائل من بن غوريون ومن قادة اسرائيليين آخرين يطالبونهم بالهجرة الى ارض الميعاد ودعمها هناك, وبالفعل وبدعم من المستعمر الفرنسي بدأت هجرة اليهود المغاربة الى اسرائيل على دفعات ( حوالي 20 ألف سنتي 1948 و 1949 و 40 الف ما بين 1952 و 1955) [19].
وفي تلك الفترة كانت الازمه حاده بين المستعمر الفرنسي والاسباني من جهة والملك والشعب المغربي من جهة اخرى بسبب المطالبه بالاستقلال حيث اعلن السلطان محمد الخامس موقفه المناوئ للحماية اثناء الاحتفال بعيد العرش سنة 1952. وتجاوب معه الشعب على نطاق واسع، فنظمت مظاهرات مساندة لمساعيه، ولهذا قامت فرنسا في 1953 بنفي محمد الخامس والأسرة الملكية إلى مدغشقر. وفي 16 نوفنبر 1955 عاد محمد الخامس والأسرة الملكية من المنفى. وفي 2 مارس 1956 اعترفت الحكومة الفرنسية باستقلال المملكة المغربية في التصريح المشترك الموقع بين محمد الخامس والحكومة الفرنسية. وعند عودة الملك محمد الخامس من المنفى تعهد له قادة الجالية اليهودية بالولاء وقد جدد لهم لدى عودته تأكيداته بحمايته لهم، وإلى ذلك سجل الملك محمد نقطة، أو أضاف مفهوما حينما أدخل يهوديا في أول حكومة مغربية في ديسمبر 1955 قبيل الاستقلال فجاء تعيين د. ليون بنزاكوين[20] وزيرا للبريد والتلغراف، وفي العام التالي، أرسل الملك ولي العهد وقتها الأمير حسن ليمثله في احتفالات يوم كيبور بمعبد في كازابلانكا. وحين تولى الملك الحسن الملك توالى تمثيله في هذه المناسبة نفسها بشقيقه مولاي عبد الله أو وزير الداخلية وفي السنوات الأخيرة بحاكم كازابلانكا[21].
ولا يخفى على أحد الآن الدور الذي لعبه اللوبي الصهيوني بالمغرب في مفاوضات "ايكس ليبان" المتعلقة بالاستقلال السياسي للمغرب, وهذا إن كان يدل على شيء فإنما يدل على قوة هدا اللوبي الذي لم يتوقف عن تمتين دعائمه مند أربعينات القرن الماضي, ولازال تأثيره وفعله بارزين للعيان لحد الآن[22]. فقد عمل اللوبي الصهيوني العالمي على خلق صلات بين المغرب وإسرائيل حتى قبل الاستقلال حيث كان الاسرئيليون يتمتعون بتغطية فرنسية لعملية التهجير الواسعة ليهود المغرب وحسب الوثائق الاسرائيلية فقد قام الموساد بتنظيم هجرة حوالي 90 ألف يهودي الى إسرائيل عبر فرنسا بين سنتي 1949 و 1956. وقد انعكست العلاقة القوية بين الاستعمار الفرنسي في المغرب والاسرائيليين من خلال تصريحات ممثل اسرائيل في الولايات المتحدة والتي كانت تدعو لعدم تدخل الامم المتحدة في الشأن المغربي لأنه "شأن فرنسي داخلي" وذلك في ظرفية حاولت فيها الحركة الوطنية المغربية اختراق المسرح الدولي للضغط على الفرنسيين[23].
علاوة على ذلك فأن بعض المؤرخين والمحللين السياسيين كشفوا عن دور يهود المغرب في تفعيل وتغيير موقف السلطات الفرنسية حول ما وقع بالمغرب في بداية الخمسينات, لاسيما فيما يخص رهان فرنسا- الذي كان خاسرا مسبقا- على تنصيب "بن عرفة" سلطانا على المغرب حيث كان الأولى هو عودة محمد الخامس إلى عرشه بعد ترتيب الأمور معه فيما يخص المستقبل. فقد ساند عدد معقول من المثقفين اليهود حركة الاستقلال وحزب الاستقلال وكان منهم من شارك في هذه المفاوضات مثل فليكس نطاف احد مؤسسي جمعية الصداقات المغربية التي كانت تدعو الى التفاهم بين المسيحيين واليهود والمسلمين[24] وكان، بعضهم ناشطا في الحزب الشيوعي الذي تمّ حظره رسميا عام 1960، فيما كانوا أصلا أعضاء سابقين في الحزب الشيوعي الفرنسي.[25]
ويذهب بعض المؤرخين الى ان قضية اليهود تمت إثارتها في المفاوضات المتعلقة بالاستقلال السياسي, حيث حصل الاتفاق على اعتماد ترتيبات وفق جدول زمني لتسهيل سفر أعداد كبيرة من يهود المغرب إلى إسرائيل في هدوء ودون دعاية و"شوشرة"... هكذا وعلى امتداد أقل من عشر سنوات وصل عدد اليهود المغاربة المهاجرين إلى إسرائيل ما يناهز ثلاثمائة ألف مهاجر في صمت تام ودون "هرج", كما سمح لليهود الباقين بالبلاد بربط صلات غير مقيدة مع أهاليهم ودويهم الدين فضلوا الهجرة[26]. وبنزوح المهاجرين من شمال افريقيا تغيرت صورة المجتمع الاسرائيلي بالكامل. فقد تزايد اليهود الشرقيون من 15% عام 1948 الى 50% مع الستينات[27].
وخلال الفترة من 1955 – 1957 تصاعدت ارقام المهاجين بسبب تحسن الحالة الاقتصادية بفضل اتفاقية التعويضات الالمانية وبلغ عدد المهاجرين 160 الف معظمهم من البلاد العربية منهم 70 الف من المغرب. فقد كان مستوى المعيشة في اسرائيل في الخمسينات اعلى بكثير من ذلك الخاص بمعظم الدول العربية في الشرق الاوسط. وعلى ذلك كان في استطاعة الحكومة الاسرائيلية ان تقنع بسهولة يهود كثير من البلاد العربية بالهجرة الى اسرائيل. كما شجعت الحكومة الاسرائيلية الهجرة اليهودية من العراق من خلال رشوة الحكومة العراقية لتجريد اليهود العراقيين من جنسيتهم ومصادرة ممتلكاتهم[28].
وخلال الفترة بين 1958- 1960 حدث هبوط نسبي في عدد المهاجرين اذ بلغ حوالى 75 الف ومن بين الامور التي ساعدت على هذا الهبوط اجراءات الحكومة المغربية بعد الاستقلال بمنع الهجرة[29]. فبعد حصول المغرب على استقلاله سنة 1956 و بسبب الوضع في الشرق الاوسط وايضا تشكيل حكومة بزعامة حزب الاستقلال المغربي ذو النزعة القومية اعلن الملك محمد الخامس منع هجرة اليهود الى اسرائيل ولكنه منحهم كافة حقوقهم السياسية والمدنية والاقتصادية ومع هذا استمرت هذه الهجرة سرا لكن تضايق اليهود من محمد الخامس لانه فعلا رفض الكثير من دعوات الصهاينة للسماح لكل اليهود بالهجرة، وفي المقابل، أبعد عدد كبير من اليهود من مواقعهم في الخدمة المدنية. وحينما زار الرئيس جمال عبد الناصر كازابلانكا في يناير 1961، تمّ اعتقال عدد كبير من يهود كازابلانكا خاصة الطلاب منهم، ولهذا قابل وفد برئاسة د. ليون بنزكيون ولي العهد الأمير الحسن الذي القى باللوم على عناصر حزب الاستقلال داخل الشرطة والبوليس في محاولة منهم لإثارة الحكومة ووعد بتدارك الموقف وإصلاحه، وبالفعل، وبعد ذلك بقليل، حدث تغيير كلي في سياسة الهجرة حين توفي الملك ونصب مكانه الحسن الثاني لتبدأ بعد هذا مرحلة جديدة من هجرة اليهود المغاربة الى اسرائيل[30].في غضون ذلك، استخدمت صحافة المعارضة (الاستقلال واتحاد القوى الشعبية) اتهام تأييد الصهيونية كعصاة مقبولة لضرب الحكومة[31].
الحسن الثاني
تعود قنوات الإتصال المباشرة بين الملك الحسن والدولة العبرية إلى ما قبل اعتلائه العرش، إذ يذهب البعض الى ان الإسرائيليون اقنعوه بكشف مؤامرة ضده عندما كان وليا للعهد في كانون الأول (ديسمبر) 1959، وهذا ما يفسر إقباله على تطوير التعاون معهم بعد توليه مقاليد الحكم عام 1961 وبخاصة في المجال الأمني أسوة بالعلاقات التي كانت تقيمها اسرائيل آنذاك مع شاه إيران. واعتبر محللون أن المكتب الذي فتحه جهاز «موساد» الاسرائيلي في المغرب منذ تلك الفترة شكل تمهيدا لمكتب التمثيل الديبلوماسي الذي فُتح منتصف التسعينات.
وبالرغم من قدم هذه العلاقه وما احاط بها من اسرار تكشف بعضها ولازل البعض الآخر طي الكتمان بسبب عدم رغبه حكام المغرب وحرصهم الكبير على عدم التورط العلني في أي علاقة بإسرائيل الا انهم ابدوا استعدادهم لعقد لقاءات على أعلى مستوى بالمسؤولين الاسرائيليين. وهكذا حتى في مراحل التقارب والحوار المباشر حرص، المسؤولين المغاربة على إبقاء أي محادثات مع الاسرائيليين طي الكتمان. وعلي سبيل المثال أكد الوزير الأول المغربي البكاي في لقائه مع ايسترمن سنة 1956 (والذي خصص لترتيب لقاء بين الملك محمد الخامس والسفير الاسرائيلي في فرنسا) على السرية المطلقة لأية محادثات تجري بين الطرفين. وهو ما حدث كذلك في أول لقاء للحسن الثاني عندما كان وليا للعهد في سنة 1960 (حيث التقى في الرباط بوفد إسرائيلي لمناقشة مسألة تهجير اليهود المغاربة الى إسرائيل)[32].
وعلى اية حال فإن كل التصريحات وكل ما نشر بخصوص العلاقات المغربية الاسرائيلية أجمعت على أنه منذ فجر الستينات القرن الماضي على الأقل تقوت العلاقة بين المغرب واسرائيل، حيث تكرست مع التعاطي لإشكالية هجرة اليهود المغاربة إلى فلسطين. كما تطورت العلاقة بين الحكومة المغربية والاسرائيليين خلال الستينات خاصة من خلال رجال أعمال مؤثرين في الساحة الدولية بالاضافة الى الأثرياء من اليهود المغاربة وهو ما كان منسجما مع طموحات العاهل المغربي لإقامة علاقات قوية مع الأوساط المالية الدولية.
علاقات مع الموساد
يحتضن أرشيف الموساد الكثير من الوثائق والتقارير والصور التي رصدت بدقة وبالتفاصيل المملة مسار علاقات المغرب بالموساد على امتداد تاريخها بداية من فجر خمسينات القرن الماضي وحتى الآن وقد جاء في مقال بعنوان "الحسن مكن الموساد من إنشاء مكتب بالمغرب" بقلم يوسي ميلمان مراسل جريدة "هاريتس" الاسرائيلية، أن الملك الحسن الثاني يعتبر ثاني رئيس عربي، بعد الملك حسين الأردني، الذي قبل بإحداث قنوات لحل مشكل هجرة اليهود المغاربة إلى إسرائيل. فبعد حادثة غرق الباخرة "ايكوز" التي ذهب ضحيتها 42 يهودي مهجر سري من ضمنهم 16 طفلا في سنة 1961 قبل مبدئيا الملك محمد الخامس فكرة تهجير اليهود المغاربة إلى فلسطين عبر فرنسا. وبعد وفاته وافق الملك الحسن الثاني على توسيع فحوى الاتفاق المبرم مع والده وعيّن وزيره في الداخلية آنذاك ورئيس المخابرات المغربية الجنرال محمد أوفقير كرجل اتصاله مع اسرائيل. وحسب مصادر أجنبية غير إسرائيلية، فإن أوفقير نفسه هو الذي اقترح على الملك الحسن الثاني وأقنعه أن يقبل بفتح مكتب للموساد بالمغرب ومقابل ذلك ستوفر المخابرات الاسرائيلية دعما تقنيا ولوجستيكيا وإشراف على تكوين وتدريب مختلف عناصر المخابرات المغربية وإعادة هيكلة مصالحها ومختلف مصالح الأمن الوطني المغربي. كما أن الموساد منحت آنذاك للمغرب معلومات هامة ومهمة عن المعارضين للنظام الملكي المغربي ومختلف الجهات العربية الراغبة في تغيير النظام القائم بالمغرب[33].
وهكذا اتخذت العلاقة بين المغرب واسرائيل بعدا أكبر بكثير بعد الاستقلال تجاوز التنسيق الدولي ليصبح فيه الدور الاسرائيلي في المعادلة السياسية الداخلية للمغرب أكبر من أي قطر مغربي اخر. وتجسم قضية الدور الاسرائيلي في اغتيال المهدي بن بركة هذه العلاقة الخاصة والتي جعلت من الاسرائيليين منخرطين مباشرة في مسألة الصراع على السلطة في المغرب من خلال محاولة دعم المعارضة المغربية في مرحلة أولى ثم العمل على التخلص منها في مرحلة لاحقة. حيث لعب الموساد الاسرائيلي دوراً ليس في اغتيال بن بركة فحسب بل أيضا في إقامة شبكة مشتركة مع الاجهزة الامنية المغربية لمراقبة أنشطة المعارضة المغربية على امتداد القارة الأوروبية.
ثم تطورت العلاقات الأمنية بشكل متسارع مع رجال النظام المغربي، ويبدو أن علاقة الموساد بالجنرال أوفقير قد توثقت منذ تلك اللحظة حيث تشير الوثائق الاسرائيلية الى مساعدته شبكة الموساد في المغرب على استمرار عملية تهجير اليهود المغاربة. ولكن نقطة التحول الدراماتيكية في هذا التحالف الأمني/المخابراتي غير المسبوق عربيا حدثت حسب الوثائق الاسرائيلية مع أواسط سنة 1963 عندما قام الجنرال أوفقير بالاتفاق مع الموساد في تمرين أعوان وضباط مغاربة من قبل ضباط إسرائيليين. وفي فترة قريبة من ذلك ولكن غير محددة حسب هذه الوثائق ذهب الملك الحسن الثاني الى حد القبول بوجود مكتب دائم للموساد على الأراضي المغربية وقد أشرف هذا المكتب على الحفاظ على علاقة مستمرة بين الاسرائيليين والمغرب وقام مثلا بترتيب زيارة اسحاق رابين للمغرب سنة 1976. كما قام المكتب بتنسيق الدعم العسكري الذي قدمه الاسرائيليون للمغرب خلال المواجهات مع الجيش الجزائري سنة 1963[34].
وقد تطرق محمد حسنين هيكل في كتابه "كلام في السياسة" الى علاقة الموساد بالملك الحسن الثاني واتهم ملك المغرب صراحة بانه كان يسمح للموساد بزرع اجهزة تنصت في المقرات التي كانت تعقد فيها مؤتمرات القمة العربية حيث يقول هيكل بالنص : " الان فقط يمكن لاي متابع ومهتم بالشأن العربي ان يسمح لنفسه بالتساؤل على الاقل عن اسباب الحرص للملك الحسن الثاني على استضافة اكبر عدد من مؤتمرات القمة العربية والاسلامية التي تتعرض مناقشاتها بالضرورة للصراع العربي الاسرائيلي في ذلك الوقت - ثم يلحق بذلك ما يقال الان صراحة وعلى لسان اكبر المسئولين الاسرائيليين واكثر المعلقين في اسرائيل ان جهاز المخابرات الموساد كانت لديه في قاعات اجتماع القمم العربية والاسلامية وسائل تنصت وتسمع. اي ان جهاز الموساد كان طرفا حاضرا في هذه الاجتماعات وان لم يكن مرئيا مشاركا فيها وان لم يفتح فمه بكلمة وهذه مصيبة بأي معيار. وعلى سبيل المثال فان الملك الحسن استضاف سبعة مؤتمرات قمة عربية وهذا عدد قياسي من المؤتمرات لم تستطع دولة عربية ان تتحمل تاكليفه او مسئولياته كما استضاف الملك ثلاث قمم اسلامية [35]". كما أن الحسن الثاني كان يرأس لجنة القدس الشريف منذ انعقاد المؤتمر العاشر لوزراء خارجية دول منظمة المؤتمر الإسلامي بفاس في مارس 1979م إلى حين وفاته في عام 1999م، وتم اختيار الملك محمد السادس رئيساً للجنة.
الحسن الثاني و الهجرة السرية ليهود المغرب الى اسرائيل
نشرت إحدى الصحف الإسرائيلية أن الملك الحسن الثاني زاره مناديا في منامه ونصحه بتخليص الدجاج من القفص الذي يحبسهم. وحدث هذا بعد أسابيع فقط على إعتلائه عرش البلاد خلفا لولده الراحل الملك محمد الخامس. وأضافت الصحيفة... وعملا بالتقاليد أرسل الملك الحسن الثاني لإحضار أحد كبار الحاخامات قصد تفسير الرؤية، وكان التفسير كالتالي: إن الرؤية تعني أن والدكم كان يرغب في تخليص اليهود وتمكينهم من المغادرة إن رغبوا في ذلك... وتستمر الصحيفة في مقالها موضحة أن الملك محمد الخامس وافق فعلا على هجرة اليهود المغاربة بعد وقوع حادثة الباخرة "إيكوز" سنة 1961 التي ذهب ضحيتها أكثر من 40 مهجرا سريا من ضمنهم 16 طفلا... كما أكدت الصحيفة أن الملك الحسن الثاني وافق هو كذلك على الأمر وزاد في حيتيات الإتفاق حيث سمح لليهود بتفويت أملاكهم قبل مغادرتهم المغرب[36].
وتلقي الكاتبة الفرنسية اينيس بنسيمون في كتابها " الحسن الثاني واليهود : قصة هجرة سرية " الضوء على هجرة اليهود المغاربة الى اسرائيل والمراحل التي مرت بها حيث تقول: ان الرئيس الامريكي ايزنهاور وقبل انتهاء ولايته سنة 1961 وايضا الرئيس كينيدي والفرنسي مانديس وممثلين عن الموساد وعن جمعيات يهودية عالمية عرضوا على الملك مساعدته ماديا ومعنويا إن هو سهل هجرة اليهود المغاربة الى اسرائيل. ولان هجرة كهذه وعلنا كانت ستسيء للملك امام شعبه المتعاطف مع فلسطين فقد تم التغطية عليها بان قيل ان هؤلاء هاجروا فقط الى فرنسا وامريكا الشمالية وليس الى اسرائيل, لكن الكتاب تحدث عن هجرة سرية من المغرب الى اسبانيا وفرنسا ثم الى اسرائيل وعبر بواخر امريكية، ويقال ان الصفقة تمت في احد فنادق سويسرا بين ممثل عن الملك وهو أحمد العلوي ( شخصية مغربية معروفة) وممثل عن الجمعيات اليهودية التي كانت تمول هجرة اليهود من كافة انحاء العالم الى فلسطين[37]. واشار الكتاب ان عدد اليهود الذين هاجروا في هذه الصفقة بلغ 100 ألف لكن مصادر اخرى اشارت الى انه ما بين سنوات1961، 1967 ثم ترحيل 500 الف يهودي مغربي الى اسرائيل و 225 الف ما بين 1956، 1961، عن طريق وكالة حيسا الصهيونية وكاديما والموساد مقابل 500 دولارللعائلة كما يؤكد ذلك الباحث الاسرائيلي روبير أساراف وبينسامون آنيس في كتاب "تاريخ هجرة سرية"[38] .
ووفقا لإحصاءات رسمية، فان عدد اليهود المغاربة عام 1947 كان في حدود 226 ألفا انخفض في 1951 إلى نحو 207 آلاف، أما الآن فإنهم لا يتجاوزون عشرة آلاف شخص. وهناك مئات الآلاف من اليهود من اصل مغربي يعيشون في فرنسا وأسبانيا وبلجيكا وبريطانيا وكندا والولايات المتحدة وأميركا اللاتينية، فيما يقدر عددهم في إسرائيل بين 700 و900 ألف نسمة. والأسلوب الذي تمت فيه عملية تهجير اليهود المغاربة لم يخل من التضليل، إذ استخدمت المنظمات اليهودية الأميركية وإسرائيل وسائل مختلفة من التهديدات والوعود والإغراءات بما في ذلك نشر إشاعات كاذبة عن اضطهاد اليهود المغاربة لدفعهم إلى الرحيل إلى إسرائيل[39].
وبالرغم من الحقوق المدنية الكاملة التي حصل عليها اليهود بعد استقلال المغرب في العام 1956 ومساواتهم أمام القانون إلا أن أعداد المهاجرين منهم تزايدت، إذ كانت الدعاية الصهيونية تركز على "المخاطر" التي تهدد اليهود بعد رحيل الفرنسيين، وحدثت اكبر موجات الهجرة اليهودية اثر اندلاع الحروب العربية الإسرائيلية (1948 و1956، و1973 و1982). فالحرب العربية ـ الاسرائيلية في يونيو 1967 قدمت أكثر حملات العداء لليهود عنفا، وقد بدأ ذلك بصحافة حزب الاستقلال مع حملات متزايدة وصريحة لمقاطعة كل الصهاينة، ودوافعها بلا شك هنا مكمنها الضعف المحبط من الهزيمة العربية، والتي وجدت تعبيرا لها كذلك عبر مقاطعة استمرت لأربعة أيام لشحن وتفريغ السفن البريطانية والأميركية[40]. وفي 1973 لم يتوان العاهل المغربي أمام ارسال قوات مغربية الى سوريا للمشاركة في حرب أكتوبر وهو ما أدى الى أزمة حقيقية مع الاسرائيليين. كما أنه لم يخاطر بإبرام أي اتفاق للسلام بعيدا عن الاجماع العربي بعد كامب ديفيد والتي ساهم في التوصل اليها من خلال استضافته لأولى الاتصالات المصرية الاسرائيلية. وهكذا كانت حسابات الحسن الثاني متعلقة بشكل كبير باستراتيجيه عامة خاصة بما يراه "مصالح المغرب[41].
الملك الحسن ودوره في العملية السلمية
منذ زمن بعيد يدعم المغرب البحث عن السلام العادل في الشرق الاوسط، ويُشجع المفاوضات الاسرائيلية - الفلسطينية، داعيا الاعتدال من الجانبين. ففي عام 1986، اتخذ الملك الحسن الثاني خطوة جريئة لدعوة رئيس الوزراء الاسرائيلي آنذاك شمعون بيريز لوحده، لإجراء محادثات، ليصبح ثاني زعيم عربي استضاف زعيم اسرائيلي تفاوضيا. وعقب التوقيع على اعلان المبادئ الاسرائيلي - الفلسطيني في سبتمبر 1993 سارع المغرب بروابط مع إسرائيل على مستوى مكاتب الإتصال الثنائية (سبتمبر 1994)، حتى يتسنى للجالية المغربية اليهودية بإسرائيل التواصل مع وطنهم الأم، وقد اغلقت هذه المكاتب في عام 2000 في أعقاب استمرار أعمال العنف الإسرائيلية على الفلسطينيين.
وتؤكد العديد من الدراسات والأبحاث، أن المغرب برئاسة الملك الراحل الحسن الثاني كان له الدور البارز في التحضير لعدد من محطات التطبيع مع الإسرائيليين، أبرزها كامب ديفيد، من خلال استضافة الاجتماع الأول بين موشي ديان وحسن التهامي مبعوث الرئيس المصري أنور السادات تمهيداً للاتفاقية. كما احتضن المغرب قمة فاس 1982 التي كانت إحدى أسوأ القمم العربية في الصراع مع العدو الصهيوني[42]. وفي مقابلع مع قناة العربية كشف اندري اوزلاى مستشار الملك الحسن الثاني جذور الرؤية المغربية للسلام بين العرب واسرائيل حيث قال : في نهاية الخمسينات عندما كان الملك الراحل الحسن الثاني ولياً للعهد, وعندما كلفه الملك محمد الخامس رحمه الله بتمثيل المغرب في اجتماع للجامعة العربية, وفي اجتماع عمل مغلق لقد قرأت ذلك في الكتب اقترح جلالة الملك الحسن الثاني على الجامعة أن تدعو إسرائيل للانضمام إليها وكدولة عربية عضو في هذه المنظمة, كان ذلك قبل نحو خمسين عاماً[43].
كما أن الملك الحسن الثاني، في قمة الخرطوم، بعد هزيمة 1967 صرح للرؤساء العرب أن الإسرائيليين يتصلون به ويريدون أن يحددوا ويوضحوا موقفهم وما يمكن أي يسفر عليه من سلام مستقبلا. كما أنه بصدد إجراء بعض الاتصالات، وفعلا ثمن قادة العرب هذه المبادرة بدون أدنى حرج، بل شجعوها كثيرا وصرح أغلبهم أنهم يستحسنون أن يكونوا على علم ومن مصدر موثوق به بتطور الفكر الاسرائيلي وما يفكر فيه القائمون على الأمور في اسرائيل واستعداداتهم المستقبلية. وبعد ذلك وعدهم الملك الحسن الثاني أنه سيخبرهم بكل التطورات في هذا الصدد. وقد أكد مستشار الملك الحسن الثاني عبد الهادي بوطالب ، أن العرب أجمعوا على أن يمضي ملك مغرب على هذا الدرب[44].
ولكن مع حلول حرب 1973 وبعث وحدة عسكرية مغربية للجولان تجمدت العلاقات بين المغرب والموساد ولم تستع حرارتها إلا بعد الحرب، لاسيما في 1976 بعد قيام إسحاق رابين بزيارة سرية خاطفة إلى المغرب لمقابلة الملك، وهي الزيارة التي اشرف على تهييئها الموساد الذي نظمها ودبر كل أمورها، وآنذاك زار إسحاق رابين متنكرا على متن طائرة ملكية خاصة. وفي لقائه مع الملك الحسن الثاني بالقصر الملكي ركز إسحاق رابين على تطوير علاقات تبادل المعلومات والتعاون الأمني والمخابراتي والتمس من الملك القيام بدور فعال لإنجاح إقرار السلام مع الأردن ومصر[45]. وبعد هذه الزيارة حسب ما ورد في كتاب "المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل" حمل الجنرال المغربي الدليمي سنة 1976 أول رسالة من رئيس الوزراء الإسرائيلي "إسحاق رابين" إلى الرئيس المصري أنور السادات. كما أن اللوبي الصهيوني بالمغرب عمل جاهدا من أجل ترتيب أول اجتماع سري بين مبعوث رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن(الجنرال موشي ديان) ومبعوث الرئيس السادات (حسن التهامي) في سبتمبر 1977[46]، بعد ان فاز رئيس حزب الليكود "بيغن" بالانتخابات و خلف رابين في رئاسة الحكومة الاسرائيلي. وآنذاك وصلت العلاقات المغربية الاسرائيلية أوجها. حيث زار إسحاق حوفي، رئيس الموساد، برفقة دافيد عمار المغرب وقابلا الملك الحسن الثاني بحضور مستشاريه لتنظيم لقاء مع الوزير المصري التهامي. وبعد هذه الزيارة سافر وزير الخارجية الاسرائيلي آنذاك، موشي دايان، إلى المغرب لمقابلة الملك الحسن الثاني بمعية الوزير المصري التهامي. وخلال هذا اللقاء تم التمهيد والإعداد لزيارة أنو السادات للقدس وثم توقيغ اتفاقية كامب ديفيد. ويصف هيكل هذا اللقاء بقوله : في 16 ايلول جرى في الرباط في احد قصور الملك لقاء سجل منعطفا في تاريخ الشرق الادنى، حيث تواجه ديان وحسن التهامي نائب رئيس الوزراء المصري[47].
وكان قد جرى قبل ذلك لقاء اسرائيلي مصري في آخر حزيران 1977 في الدار البيضاء وبرعاية الحسن الثاني ملك المغرب حيث سلم الجنرال "حوفي" رئيس الموساد الى مبعوث مصري انباء عن مؤامره تعدها ليبيا ضد السادات . وفي 21 تموز سلم "حوفي" الى مناحيم بيغن رسالة من انور السادات وصلت الى تل ابيب بواسطة قناة الموساد المغربية . وبعدها سافر "حوفي" الى المغرب وكان في انتظاره حسن التهامي واللواء كمال حسن على وجرى اللقاء في قصر الحسن الثاني"[48]. وبعدها التقى تهامي، رسول السادات السري الاول الى اسرائيل، بموسى ديان مرتين في المغرب خريف عام 1977 وفتن به[49]. واثناء النقاش بين ديان والتهامي المح التهامي الى ان السادات يرفض مصافحة بيغن مادام على الاراضي المصرية جندي اسرائيلي واحد. وهنا صحح له الحسن الثاني " السادات يقبل بالتأكيد لقاء بيغن اذا اعلن انه يوافق على اعادة الاراضي[50].
وبعد سنوات استقبل الملك الحسن الثاني بقصره شيمون بيريز سنة 1986، كما شهد العام 1989 حضورا اسرائيليا مستمرا على الأراضي المغربية، حيث بدأ الملك الحسن الثاني في تحويل جهوده نحو محاولة اقناع اسرائيل بقبول منظمة التحرير الفلسطينية وزعيمها ياسر عرفات كشريك تفاوضي مقبول, وانخرط الملك الحسن في حوار مكثف مع رئيس الوزراء الاسرائيلي (آنذاك) اسحق شامير بشأن هذا الموضوع، ولكن من دون اي جدوى، الا ان شامير كان متلهفا للغاية للقاء العاهل المغربي، فلقد كان يؤمن بأن مثل هذا اللقاء كان في مصلحة الدولتين، الا ان ذلك اللقاء لم يكتب له ان يتحقق مطلقا، وعوضا عن ذلك، فإن ما حصل هو ان تبادل الآراء المستمر جرى آنذاك بين احد مبعوثي رئيس الوزراء الاسرائيلي وبين العاهل المغربي[51].
وفي سبتمبر1993 استقبل الملك إسحاق رابين بعد التوقيع على اتفاقية أوسلو. كما أن المغرب كان الداعي لأول مؤتمر اقتصادي بين العرب وإسرائيل سنة 1992 في الدار البيضاء، وكان هدا المؤتمر محاولة جريئة في تطبيع العلاقات العربية الإسرائيلية. وفي محاوله منه لتوضيح سر العدد الكبير من المؤتمرات اليهودية التي استضافها المغرب قال عبد الهادي بوطالب : الملك بعد حادثة 67 بالأخص والنكبة التي وقعت، أو النكسة التي دخل فيها النظام العربي في مواجهة إسرائيل، كان يفكر في أي الطرق تؤدي إلى إنهاء المشكل العربي الإسرائيلي، طبعاً لم يكن يريد أن يتفاوض هو بالنيابة عن العرب، لم يفعل هذا قط، كان يريد أن يستمع إلى وجهات النظر، وأن يقارب بين الطرفين، علماً بأنه منحاز كل الانحياز إلى الجانب العربي، لكن هذا لا يمنعه أن يكون رجل الحوار الذي يقرب بنا المساحات[52].
الدعوة الى عودة اليهود الى المغرب
تعتبر قضية عودة المهاجرين اليهود الى الدول العربية التي هاجروا منها من اهم القضايا التى يمكن ان تسهم في حل المشكلة الفلسطينية، حيث سمحت المغرب، كما سمح العراق، لليهود الذين هاجروا إلى إسرائيل بالعودة، فعادت أعداد لا يُعتَد بها إحصائياً رغم دلالتها. وتكمن أهمية القرّار في أنه ضربة في الصميم لأسطورة الشرعية الصهيونية التي تطرح فكرة اليهودي الخالص الذي لا ينتمي إلا لوطنه اليهودي، إذ أنَّ القرّار العربي يؤكد عروبة هؤلاء اليهود وانتماءهم وانتماء كل أعضاء الأقليات العربية إلى وطنهم العربي[53].
ففي عام 1976 دعا ملك المغرب اليهود المغاربة إلى العودة إلى بلدانهم، واعتبرت دعوة ملك المغرب، آنداك أهم أوراق الملف المعقد الدي يكونه النزاع العربي الإسرائيلي، فاليهود المغاربة يشكلون ثقلا كبيرا وسط اليهود الشرقيين- أي الدين دهبوا لإسرائيل من بلدان عربية- لذلك أثارت المبادرة المغربية اهتماما ملحوظا لدى المعنيين بالأمر . فقد صرح مسؤول منظمة التحرير الفلسطيني في الرباط بأن الدعوة وما ترتب عنها تركت أثرا كبيرا وناشد الدول الأخرى أن تحدو حدو المغرب. كما وجهت شخصيات فلسطينية مسؤولية برقيات الى ملك المغرب تعلن فيها ان هذا القرار يشكل مساهمة فعالة في حل القضية الفلسطينية كما نصت برقية الفلسطينيين في السويد على أن هدا القرار يثبت ان العرب قادرون على العيش مع اليهود، وفي برقية من أوسلو وصفت المبادرة بأنها عمل إنساني كريم كما ورد في برقية من مواطن بريطاني من أبوين يهوديين التهنئة بالمبادرة والمطالبة بفتح الباب أمام اليهود ليعودوا الى أوطانهم. المهم أجمعت الببرقيات على ان المبادرة تظهر الموقف العربي الحقيقي حيال اليهود وتنسف الدعاية الصهيونية بل الأهم ان المردودية التي شكلتها هده المبادرة هي عودة 170 أسرة يهودية مغربية خلال سبتمبر 1979 الى المغرب بعد إقامة استمرت لعشرين سنة في إسرائيل[54].
ومن الجدير بالذكر ان عدد يهود البلاد العربية حسب إحصاء عام 1986 يصل إلى 26 الفا، أما عام 1992 فيصل عددهم إلى 13.200 الفا منهم 7000 /7500 في المغرب[55]. ومن هنا تأتي اهمية دعوة الملك الحسن الثاني لليهود بالعودة الى بيوتهم، يضاف الى ذلك قضية في غاية الاهمية وهى قضية ما يسمى باللاجئين اليهود من شمال افريقيا التي تعتبرها اسرائيل من أهم القضايا التي تحتاج الى "إصلاح عاجل"، حيث تدعى بانه تم طردهم أو دفعهم للهجرة من خلال العداء المستمر الموجه ضدهم خاصة بعد قيامها. ومن أهم المنظمات ذات الارتباط الاسرائيلي التي تروج بنشاط لهذه القصة منظمة(جيمينا) منظمة "يهود أصيلي الشرق الاوسط و شمال افريقيا”) والتي تتكون بالاساس من يهود ذوي أصول شمال افريقية (خاصة تونس والجزائر) مقيمين بدول غربية ولكن يحملون أيضا جوازات سفر إسرائيلية يطالبون بتعويضات والاعتراف بهم من قبل الأقطار المغاربية كلاجئين تعرضوا للاضطهاد[56]. وبهذا تكون دعوة الملك الحسن الثانى لليهود بالعودة الى ديارهم افضل رد على مثل هذه الادعاءات وتخدم بصوره كبيره القضية العربية، حيث ان دساتير العراق ومصر والمغرب وغيرها من الدول العربية ضمنت لليهود المساواة في الحقوق الدينية والسياسية والاقتصادية. وكان لكل جماعة يهودية مدارسها وصحفها، العربية والإنجليزية والفرنسية، ومحاكمها[57].
كما ترتبت على دعوة العاهل المغربي لليهود للعوده الى المغرب تنظيم ندوة عالمية ما بين 18 و 21 ديسمبر 1978 في باريس نظمتها جمعية هوية وحوارً تميزت بالتقاء العديد من الباحثين في التاريخ، وهذه الجمعية اسسها اندرى اوزلاي مستشار العاهل المغربي في مدينة الصويره الشاطئية التي ينحدر منها اوزلاى، والتي كان يشكل سكانها مناصفة ما بين اليهود والمسلمين[58]، حيث عمل اوزلاى على احياء هذه المدينه واعادة المجد لها من خلال تنظيم عدة مهرجانات سنوية لتكون رمز للانفتاح واللقاء، حيث يقول عن الرسالة التي يريد ان يوصلها : هي أنه في جزء من المغرب هناك مكان مهما كان دينك وأصلك ومهما كانت خياراتك الثقافية تستطيع أن تشعر فيه أنك في مدينتك. وهذا المكان له علاقة أيضاً بأيدلوجيتك لأننا في الصويرة حساسون تجاه كل ما يتعلق بتاريخنا, وكل ما يتعلق بعاداتنا التي تخص العلاقة بين المسلمين واليهود التي كانت قوية ومعبرة ومليئة بالاحترام. وبالتأكيد كانت هناك لحظات صعبة وهذا ينطبق على كل المغرب, ولكننا في الصويرة تمكنا من تجاوز كل هذه اللحظات الصعبة بسلاسة, المسلمون واليهود أسسوا هناك لعلاقة خاصة جداً علاقة جوار حميمية متنوعة, وجهات نظر متقاربة وعادات متشابه, لم يكن ذلك مصطنعاً بل كان أمراً نشعر به ونعيشه, وقلنا أنه يجب أن نقول للآخرين أن ذلك موجود بالفعل, وأتذكر أنه في أحد المهرجات مهرجان الجاز الذي حضره نحو 500 ألف شخص هذا العام, وحتى مهرجان الغناء والشعر الذي أطلق عليه أسم ربيع الإليزيه, وفي واحد من هذه المهرجات وكان الشرق الأوسط في واحدة من أسوء حالاته، عندما كان الدم يسيل كل يوم قمنا بتنظيم حفل موسيقي في كنيسة الصويرة, وخصصنا أمسية لتلاوة أيات مختارة من القرآن الكريم ومن الأنجيل ومن التوارة, كل ذلك كان يتم مع ترديد بعض الأشعار والمقطوعات الموسيقية من تأليف فلسطينيين ويهود وإسرائيليين[59].
ونتيجه لهذا الجهد شهدت هذه المدينة إحياء ملاحها (حاره) الذي عاد إليه اليهود الذين كانوا يقطنونه ورمموا البيوت التي كانت آيلة للسقوط وحولوها إلى رياضات سياحية، وقد أدى الإقبال الكبير على تلك الرياضات السياحية إلى استقطاب مستثمرين آخرين أغلبهم من اليهود المغاربة سكان المدينة الأصليين الذين عادوا إلى مراتع طفولتهم يحيونها، لدرجة أن إحدى الصحف المحلية شبهت الصويرة بـ(القدس المغربية) بسبب تهافت أبنائها من اليهود الذين عادوا إليها لشراء بيوتها القديمة التي باتت أسعارها لا تضاهى.
اليهود المغاربه نفوذهم ودورهم في العملية السلمية
الجالية اليهودية في المغرب
تمتع الوجود اليهودي في المغرب بحماية خاصة من الملوك المغاربة، وشهدت الحياة السياسية المغربية مشاركة اليهود واحتلالهم مناصب رفيعة. وفي أول حكومة مغربية بعد الاستقلال تولى ليون بنزكين وزارتي البريد والصحة، ويتولى حاليا أندري ازولاي منصب مستشار العاهل المغربي. وأسفرت الانتخابات التشريعية في 1984 عن دخول أول يهودي مغربي إلى البرلمان هو جو حنا، عن حزب "الاتحاد الدستوري". وكان شمعون ليفي عضو المكتب السياسي لحزب "التقدم والاشتراكية" فاز في انتخابات المجالس البلدية والقروية التي جرت في العام 1977 عن مدينة الدار البيضاء[60]، واصبح سنة 1977 رئيسا الرابطة اليهودية بالمغرب ليعين سنة 1976 رئيسا للمؤتمر اليهودي بالمغرب بعد الخدمات الهامة التي قدمها لافي لعملية التقارب ما بين السادات والحسن الثاني وناحوم غولدمان – رئيس المؤتمر الصهيوني انذاك[61]. كما ان إم . مائير عوباديا رئيس الجالية اليهودية في كازابلانكا تم انتخابه بأغلبية كبيرة في انتخابات المجلس الوطني في مايو 1963[62].
اما بير ديغو فقد تقلد منذ سن مبكرة العديد من الوظائف الاقتصادية كمدير للبنك المغربي للتنمية من 1964 حتى 1968 فمديرعام لشركة الاعمال الزراعية والاقتصادية ما بين 1970-1982 ليصبح وزيرا للسياحة في حكومة كل من كريم العمراني وعبد الطيف الفيلالي من نوفمبر 1993 حتى يونيو 1995. وبموازاة مع هذا النشاط الرسمي عمل سيرج بير ديغو على تنشيط عمل الوكالة الصهيونية بالمغرب الذي اصابه الفتور بعد حرب يونيو 1967. كما أنه معروف أن "سيرج بيرديغو تربطه علاقات وطيدة بحزب ميفدال الإسرائيلي وهو حزب يميني متطرف, كما أنه هو الكاتب العام للطائفة اليهودية بالمغرب وآنذاك عمل على إعداد العدة لتنظيم مؤتمر المنظمة الصهيونية العالمية بمراكش. وهذا "روبير أصراف" الذي كان صديقا حميما للجنرال أفقير وكانت تربطه به علاقات وطيدة أثارت أكثر من جهة علاقته بالمخابرات الإسرائيلية(الموساد) ودوره المتميز والفعال في ترحيل وتهريب اليهود المغاربة إلى إسرائيل, وحضوره أكثر من مرة مؤتمر المنظمة الصهيونية العالمية[63].
وفي محاوله منه لتوضيح سر النفوذ الكبير ليهود المغرب في الحكومات المغربية قال عبد الهادي بوطالب: تعيين وزير يهودي ما يمكن أن يكون محل اعتراض أو انتقاد، في الدول العربية التي يوجد فيها أقباط مسيحيين يكون منهم وزراء، فنحن نعتبر بأن وضعية اليهودي المغربي هي وضعية القبطي المصري، أو القبطي السوري. لذا موضوع تعيين يهودي ليس فيه ايه اشكال وليس عليه أي مؤاخذة، لأننا لا نشترط أن تكون الحكومة كلها مسلمة، كما لا نشترط أنه لابد أن يكون فيها يهودي. القضية هي دخولهم وانخراطهم في المجتمع السياسي، يصلون إليه عن طريق الاقتراع العام في دولة ديمقراطية تنتخب وتكون لها مجالس .. انتخاب وحكومات منبثقة عن برلمانها، هذا إذن لا شيء يمنع أن يكون هذا ما تم في المغرب، رئيس حكومة يهودي إذا جاء عن طريق الاقتراع، من الناحية الدستورية والقانونية[64].
وكما وضحنا سابقاً فإن اليهودية المغربية لها خصوصيتها الشديده وظل اتباعها مرتبطين بوطنهم الام حتى بعد قيام اسرائيل وهجرتهم اليها او الى اماكن اخرى حيث ظلوا محتفظين بثقافتهم وهويتهم المغربية ولهذا يشير يهود فرنسا الأصليون إلى المهاجرين المغاربة بوصفهم "كوشر كُسْكُس"، أي أن يهودية يهود المغرب مرتبطة ولصيقة بهويتهم المغربية، فطعامهم لا تقرِّره العقيدة اليهودية وحدها، ولذا فهو ليس "كوشير" وحسب، وإنما يقرره أيضاً انتماؤهم الإثني، ولذا فهو أيضاً "كُسْكُس". والخصوصية اليهودية هنا ليست سمة عامة وإنما هي سمة مرتبطة بانتمائهم المغربي. ولذلك، يرى البعض أن هؤلاء لو فقدوا خصوصيتهم المغربية لفقدوا هويتهم اليهودية أيضاً[65]. وربما هذا هو ما اراده الكاتب اليهودي المغربي ادمون عمران المليح في روايته "ألف عام بيوم واحد" الصادرة باللغة العربية في 1991 أن يسترجع، وهو الشاهد على اقتلاع ذويه ودفعهم إلى التخلي عن وطنهم الحقيقي، ما عاشه ووعاه في فضاءات المدن المغربية والبيئة المغربية التي شهدت التعايش الإسلامي ـ اليهودي قرونا طويلة، وحين عجزت الذاكرة عن فهم ما جرى من سرقة لهويته بخدعة "ارض الميعاد" لجأ إلى الحلم، فتخيل أنه يرحل إلى تل أبيب ليواجه محتلي الدولة التي تحاكمه لأنه يهودي عربي لا يتكلم العبرية. لكن الخيال لم يجمح به إلى حد تصور ممثلي تلك الدولة وأحزابها يحطون رحالهم في المغرب من دون أن يلقوا الرفض أو الاحتجاج[66].
اليهود المغاربه في اسرائيل
من المعلوم ان الفكره الصهيونية نشأت وكبرت في اوروبا بعيداً عن المنطقة العربية ولهذا جاء االيهود الشرقيون الى اسرائيل دون ادنى التزام بالايدلوجية الصهيونية[67]، ولهذا عاشوا في بداية تأسيس اسرائيل وحتى سبعينات القرن الماضي على هامش المجتمع الاسرائيلي بدون اى ثأتير يذكر على السياسة الاسرائيلية حيث كانت معظم المناصب العليا في اسرائيل يشغلها اليهود الاشكناز، ولكن مع مرور الوقت وزيادتهم العددية بدؤوا يشكلون قوه مؤثره في الحياة العامة الاسرائيلية. ففي الفترة من 1948-1966 نزح العديد من المهاجرين من دول اسلامية ومثلوا حوالى 55% من اجمالى المهاجرين، وهذا ادى الى ظهور السفارديون كحركة جماعية منذ السبعينات حيث اخذوا ينشطون في النضال الجماعي لرفض كافة اشكال التميز والتفاوت بابعاده المتعددة[68]. ونتيجه لذلك سعت الاحزاب الى ارضائهم وتلبية مطالبهم واشراكهم في صناعة القرار من خلال ممثليهم، حتى وصلوا الى درجه ان نصف او اقل من اعضاء الكنيست والحكومه منهم، ولكن ذلك لم يكن كافياً حيث تطور الامر الى تشكيل احزاب وتحالفات اثنية ودينية لزيادة مشاركتهم في الحياة السياسية، فاسس (اهارون ابو حاتسيرا) حزب تامي المنفصل عن الحزب الديني الوطني عام 1981، اعتماداً على المكانه الكبيره لعائلته في المغرب، حيث نالت عائلة ابو حاتسيرا، التي يرأسها حاخاماتهم المميزون تبجيل واحترام يهود المغرب. وما زال قبر الحاخام يعقوب ابو حاتسيرا الذي توفي في عام 1880 في مصر موقع زياره مفضل حتى يومنا هذا[69]. كما بدأ اليهود المغاربه يتقلدون اعلى المناصب في اسرائيل امثال اريح ديري وزير سابق وقائد حزب شاس المتطرف او دافيد ليفي وزير الخارجية السابق ورئيس حزب جيشير اليميني وامير بيريز زعيم حزب العمال ووزير الدفاع السابق .[70]وغيرهم كثير يضاف الى ذلك ان يهود المغرب كرد على تهميش حزب العمل لهم حتى منتصف السبعينات وجدوا في حزب الليكود المتطرف مكان للحصول على حقوقهم وزيادة تمثيلهم . ولكن مع هجرة اليهود السوفيث الى اسرائيل احتدم الصراع من جديد بين السيفارديم والاشكنازي ، حيث لاحظت وكالة فرانس برس اواسط 1990 بان المهاجرين الجدد من اليهود السوفيات يظهرون عداء شديدا تجاه المجتمعات السوفياتية واليهود الشرقيون، في آن معاً[71].
دورهم في العملية السلمية
لعب رموز الطائفة اليهودية في المغرب واسرائيل دور الجسر بين الحكومتين بواسطة الصداقات المتينة التي حافظوا عليها مع الجانبين. وفي هذا السياق تبنى الملك الحسن ومن بعده الملك محمد السادس الأمين العام لمجلس الجماعات اليهودية في المغرب سيرج بيرديغو الذي تولى منصب وزير السياحة (1993-1995) وأندري أزولاي المستشار الخاص للملك الحسن ومحمد السادس والذي يحتفظ بعلاقات حميمة مع كبار الزعماء الإسرائيليين. اما في اسرائيل فقد انخرط اليهود المغاربة مبكرا في إقامة اتصالات سرية بين مسؤولين عرب وإسرائيليين، وظلوا يراهنون باستمرار على مصالحة عربية ـ اسرائيلية يلعبون فيها الدور الرئيس، نظرا إلى كثرتهم العددية سواء في إسرائيل أو داخل المغرب. فقد هاجر 900 ألف يهودي مغربي إلى الأراضي المحتلة حتى الآن، وشغل بعضهم مراكز هامة في الحكومات الإسرائيلية، ومازالت تربط أغلبهم روابط ومصالح داخل المغرب مما يؤكد استمرار تأثيرهم في القرار المغربي. وقد جرى في (ديسمبر) 1992، وبموافقة الملك الراحل الحسن الثاني، نقل رفات 22 مهاجرا يهوديا غرقت سفينتهم في المحيط عام 1961 إلى إسرائيل، كان سام بن شتريت احد زعماء اليهود المغاربة عثر عليها خلال زيارة قام بها في العام 1983 للمغرب وقرر أن يبذل ما في وسعه لإحضار رفاتهم، وحينذاك أصدر رئيس الوزراء الإسرائيلي اسحق رابين بيانا شكر فيه العاهل المغربي على هذه "اللفتة" الإنسانية، معتبرا إياها "خطوة إلى الأمام على طريق المصالحة والسلام مع الدول العربية".[72].
ويعمل اليهود المغاربة في مختلف المجالات، سواء في التعليم أو الإدارة أو الجيش، أو في المهن الحرة كالمحاماة والطب، إضافة إلى الشركات التي يديرونها، ولا تزال أماكن عبادتهم باقية، ويفوق عددها 32 كنيسا في العاصمة المغربية، وهو ما لا يتناسب والحجم القليل لليهود الذين آثروا البقاء، قياسا إلى عددهم في الخارج، حيث يشكلون اكبر جالية يهودية عربية في إسرائيل، تحرص على عاداتها وتقاليدها المغربية، وقد أصبحت تحس بوجودها كجالية قائمة بذاتها، بعد نداء الملك الحسن الثاني الشهير في (مارس) 1976 بدعوتها للعودة إلى المغرب، وهو ما جعل ارتباطها بوطنها الأصلي واضحا من خلال الزيارات وحضور الاحتفالات اليهودية التي تقام في بعض المدن المغربية[73].
اقامة علاقات دبلوماسية
بعد أن تمت المبادرة إلى إنشاء علاقات مع المغرب بطرق متنوعة وعلى مستويات مختلفة، اكتسبت هذه العلاقات صبغة رسمية عندما فتحت إسرائيل مكتب ارتباط في العاصمة المغربية الرباط (تشرين الثاني نوفمبر 1994). وفتح المغرب مكتبه في إسرائيل بعد ذلك بأربعة أشهر مما أدى إلى إقامة علاقات دبلوماسية ثنائية. وكنتيجه لسيرورة تقدم مسلسل السلام أعاد الملك الحسن الثاني ربط الأواصر مع الجالية اليهودية المغربية المقيمة بإسرائيل، كما زار العديد من زعمائها المغرب. وسمح الملك لهم بالحصول على جوازات سفر مغربية وإعادة ربط علاقاتهم بالجالية اليهودية المقيمة بالمغرب. وهذا ما ساهم في تسهيل عقد علاقات تجارية واقتصادية وسياحية وفي القطاع الفلاحي بين البلدين[74].
فقد كان دائما هدف الملك الحسن الثاني - كما صرح بيريز -هو تحقيق السلم و السلام بالشرق الأوسط . وقال عنه بنعمي سالومو، وهو من مواليد طنجة، تقلد وزارة الأمن والداخلية، إن الملك الحسن الثاني كانت له نظرة برغماتية ثاقبة ببعدين، السعي وراء الإقتراب من الغرب والثوق لربط علاقات منتجة بين اليهود والمغرب[75]. وتكتسب العلاقات الدبلوماسية الاسرائيلية مع دول المغرب المعتدلة – حسب موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية- أهمية نظرًا للدور الذي تلعبه هذه الدول في العالم العربي وكذلك نظرًا للعدد الكبير من مواطني إسرائيل الذين قدموا إليها من دول المغرب وتربطهم صلة عاطفية بهذه الدول حيث عاشت عائلاتهم منذ قرون عديدة. وتشكل هذه الصلة ذخرًا قد يتمخض عن علاقات أكثر عمقًا يساهم فعلا في عملية السلام[76].
وفاة الملك الحسن الثاني
في 23 يوليو 1999م، توفي الملك الحسن الثاني صاحب الدور المحوري في تشييد مسلسل السلام بالمنطقة، والذي ظلت الروابط بينه وبين اسرائيل تتقوى بواسطة الزيارات السرية على أعلى مستوى، وحتى في أصعب الفترات التاريخية العصيبة قصد موشي دايان وإسحاق رابين وشيمون بيريز الرباط وكانت تنقلهم الطائرات الخاصة للملك ويلتقون به بالقصر بالمغرب. ونتيجه جهوده في العملية السلمية فقد اثنى نتنياهو على الملك الحسن الثاني والمغرب واعتبره نموجاً شجاعاً للزعماء العرب الذين يريدون تحقيق السلام مع اسرائيل بدون خوف من ما يسميهم المتطرفين وكيف انه حل الاتحاد مع ليبيا ودعا وزير الخارجية الاسرائيلي لعقد لقاء علني معه. ومنذ ذلك الوقت يسعى الحسن الى انشاء علاقات سلام رسمية مع اسرائيل[77].
وقد كان ملفتاً للنظرالحضور المكثف للإسرائيليين في جنازة الملك الحسن الثاني (200 شخصية رسمية و1800 مرافق). كما خصصت عدة صحف إسرائيلية فضاءات للعلاقات الاسرائيلية المغربية، وأذيعت عدة برامج إذاعية وبُثت برامج تلفزية بخصوص هذا الموضوع. وبعد الاعلان عن وفاة الملك الحسن الثاني خصصت جريدة معاريف العبرية 13 صفحة للملك الراحل، كما أعلن اليهود المغاربة الحداد لمدة أسبوع[78].
محمد السادس
مع وفاة ملك المغرب، الحسن الثاني، في العام 1999، اختتمت اسرائيل عشرات السنين من التعاون الاستخباري والدبلوماسي بين الدولتين، والذي أتاح - من جملة ما أتاحه – هجرة اليهود المغاربة الى اسرائيل. وعندما ورث العرش عن ابيه، في العام 1999، التقى الملك محمد السادس مع رؤساء الجالية اليهودية وطمأنهم، مبددًا مخاوفهم من حصول أي تغيير في التوجهات او السياسة، فليس لدى اليهود ما يثير قلقهم، وقال لهم الملك الجديد: "انني عاقد العزم على مواصلة السير على طريق جدي الملك محمد الخامس، ووالدي الملك الحسن الثاني. اليهود هم مواطنون مغربيون كاملون وعليهم ان يشعروا بأنهم يعيشون في دولته. وبالرغم من انهم لا يتجاوزن الـ 5000 فرد، فإن نفوذ اليهود المغاربة سياسيا واقتصاديا في البلاد لازال قوياً، حيث تقول أسبوعية "البيضاوي" بأن اليهود المغاربة يتمتعون بنفوذ قوي، ويدل على ذلك احتفاظ الملك الحالي محمد السادس بالمستشار الملكي اليهودي القوي"أندريه أزولاي" بعد رحيل والده الحسن الثاني، وقالت إن يهود المغرب هؤلاء" يتمتعون بوضع امتيازي ونفوذ حكومي يجعلهم يتمتعون بحالة استثناء فريدة من نوعها، والحال أنهم مواطنون مغاربة ينبغي أن يسري عليهم القانون الذي يستظل به جميع المغاربة"[79].
وكدلاله على عدم حدوث تغيير فيى السياسه المغربية تجاه اليهود واسرائيل فقد تم تأسيس "الاتحاد العالمي لليهود المغاربة" بهدف خدمة مشاريع التسوية والتطبيع وقد تأسس في 3 مايو 1999 بمراكش بالمغرب، ويتوفر على 12 مندوبية في 12 بلداً، وقد عقد وفد منه لقاء على أعلى مستوى مع الملك محمد السادس. وهذه المؤسسة، هي إلى جانب ثلاث مؤسسات، تعمل في مجال التطبيع: جمعية "هوية وحوار" 1974، و"التجمع العالمي لليهودية المغربية" 1985، و"المركز العالمي للأبحاث حول اليهود المغاربة 1995[80]. وعلى صعيد العلاقات مع اسرائيل فقد استمر الوضع كما كان عليه ايام الملك الحسن الثاني حيث عقد لقاء سري سنة 1999 بفندق "الميراج"(أي السراب) بمدينة طنجة جمع بين مسؤولين إسرائيليين ومسؤولين مغاربة ولم يعلم أحد ما دار في دلك الفندق الواقع خارج المدينة في منطقة منعزلة[81]. كما حضر عشرات من مدراء مؤسسات وجمعيات مغربية دورة تدريبية في مجالات الزراعة والحاسوب والتعاون والمشاريع الصغيرة في الكيان الصهيوني لمدة شهراً كاملاً في سبتمبر 2000، وفي نفس الشهر زار رجال أعمال إسرائيليين للمغرب يمثلون 24 شركة إسرائيلية متخصصة في التقنيات الزراعية والإحيائية ووسائل التخصيب النباتي، بدعوة من غرفة التجارة والصناعة والخدمات في الدار البيضاء، وعلى الصعيد العسكري زار وفد عسكري صهيوني من 25 خبيراً من خبراء سلاح الجو جنوب المغرب يوم 12 مايو 2000، لتقديم المساعدات وبعض الخدمات الفنية لسلاح الجو المغربي[82].
الانتفاضة الثانية
لم يمر وقت طويل على تولى محمد السادس الحكم حتى اندلعت الانتفاضة الفلسطينية الثانية مما ادى الى حدوث فتور في العلاقات بين المغرب واسرائيل، حيث وفرت الانتفاضة للمغربيين فرصة ثمينة لاظهار وابراز تأييدهم للفلسطينيين وتعاطفهم معهم. وفي احدى المظاهرات تلك، سار اكثر من مليون ونصف المليون مغربي في شوارع الرباط مطالبين بقطع العلاقات مع اسرائيل، وقد ترددت فيها، للمرة الأولى، شعارات مثل "الموت لليهود"، و"ايها اليهود ارحلوا عن المغرب". وقد اثارت تلك المظاهرات لدى اليهود مخاوف كبيرة، وتم قطع العلاقات الرسمية بين الدولتين في اكتوبر 2000 عندما أعلنت المغرب، سوية مع تونس وسلطنة عمان، قطع علاقاتها الدبلوماسية مع اسرائيل، حيث قرر الملك الشاب تركيز اهتمامه على القضايا الداخلية، مثل تحسين حقوق الانسان، وخفض مستوى المشاركة المغربية في العملية السياسية، مما ادى الى فقد لجنة القدس، التي تتولى المغرب رئاستها، جزء كبير من اهميتها خلال السنوات الأخيرة، ولم تجتمع الا مرة واحدة، وعلى مستوى موظفين ثانويين.[83]
وبالرغم من ان العلاقات الاقتصادية والتجارية تضررت، الا ان العلاقات الدبلوماسية غير الرسمية ظلت قائمة بين الدولتين. وخلال السنوات الأخيرة، حصل تطبيع للعلاقات بين الدولتين، والدليل على ذلك هو عودة السياح الاسرائيليين الى المغرب. ففي السابق كان نحو 100 ألف اسرائيلي يتدفقون على المغرب سنويا، غالبيتهم من المهاجرين من المغرب الذين كانوا يستغلون تلك الزيارات لزيارة اضرحة أقربائهم الذين بقوا هناك، وزيارة أضرحة "الصديقين" اليهود المنتشرة في طول البلاد وعرضها. وحسب التقديرات التي نشرت في وسائل الاعلام، فقد زار المغرب في السنوات الأخيرة نحو عشرة آلاف اسرائيلي. ودبلوماسياً شارك وفد إسرائيلي برئاسة رئيس الكنيست إبراهام بورغ في الدورة 107 لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي بمراكش في مارس 2002، وفي مايو شارك وفد إسرائيلي في مؤتمر الأممية الاشتراكية بالدار البيضاء وقد جوبه بمظاهرات شعبية عارمة قابلتها السلطات بالقمع وقوبلت كذلك باحتجاج الإسلاميين[84].
تفجيرات الدار البيضاء واثرها على العلاقات
استمر التوتر السياسي تجاه العلاقات الاسرائيلية المغربية بسبب الغزو الامريكى لافغانستان والعراق والممارسات القمعية الاسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، حيث جرت عمليات عدائية ضد مصالح غربية ويهودية في المغرب كتفجيرات مايو/2003 والتي استهدفت، من بين الأماكن المفجرة، مقبرة يهودية وملهى يرتاده اليهود، كما قتل يهوديين أحدهما في الدار البيضاء بالرصاص والآخر بمدينة مكناس طعناً بالسكين في أسبوع واحد من شهرسبتمبر 2003. وقد احدتث هذه التفجيرات تخوف وقلق لدى اليهود المغاربه على مستقبلهم في المغرب حيث قال رجل الأعمال روبير أسرف، (من رؤساء الجالية اليهودية في المغرب والمستشار السابق للملك الحسن الثاني) لـ "هآرتس" (18/5/2003) : تقديراتي أن هذه العمليات الأخيرة ستؤدي الى زيادة كبيرة في عدد اليهود الذين سيرحلون عن المغرب هذه السنة. "الاسلاميون الأصوليون في الدولة لا يميزون، اطلاقا، بين يهودي واسرائيلي - كلهم، بالنسبة اليهم، صهيونيون. هنالك من بين رؤساء الجالية من يعلنون انهم ليسوا صهيونيين، لكن هذا لا يترك أي اثر لدى الأوساط الاسلامية. اما رئيس الفدرالية العالمية لليهود المغاربة، سام بن شطريت، فلا يثيره النداء الذي وجهته وزيرة الاستيعاب الاسرائيلية، تسيبي ليفني، الى رؤساء الجالية اليهودية في المغرب للعمل الحثيث من اجل تشجيع هجرة اليهود الذين لا يزالون يعيشون هناك. وهو يقول "انهم يجلسون هناك على قدر اللحم. وحتى ان كان هنالك من يريد الهجرة، فانهم يحاولون اقناعه بالعدول عن رأيه ونيته هذه والبقاء هناك[85].
ومن الجدير بالذكر ان غالبية ابناء الجالية اليهودية في المغرب يسكنون في الأحياء الغنية في المدينة ومع ذلك، فقد ارسل اليهود الذين بقوا في المغرب ابناءهم، منذ زمن، اما الى اسرائيل او الى فرنسا ولكن النخبة الثرية والمثقفة من يهود المغرب العربي استقرت في فرنسا ولم تتجه إلى إسرائيل[86]، واليوم، ليس هنالك شباب يهود يعيشون في المغرب، تقريبا، ففور انهائهم مرحلة الدراسة الثانوية، ينفصل الأبناء عن والديهم لمواصلة تحصيلهم الدراسي في خارج وطنهم، وعمليا، يكون السفر باتجاه واحد، من غير رجعه، وتشير التقديرات الى ان الجالية اليهودية في المغرب قد تتلاشى في غضون عقدين ـ ثلاثة عقود، حيث يقول سيمون ليفي، مدير المتحف اليهودي في الدار البيضاء: بوتيرة الهجرة الحالية لدى الشباب، من المشكوك فيه ان يبقى يهود في المغرب، حتى بعد عشر سنوات". واضاف : يؤلمني كثيرا مجرد التفكير بأن الجالية اليهودية ستختفي من خارطة المغرب في غضون بضع سنوات، بعد آلاف السنين من العيش في هذه البلاد[87].
زيارة سيلفان شالوم للمغرب
جاءت زيارة وزير الخارجية الصهيوني سيلفان شالوم إلى المغرب في الاول من سبتمبر 2003، ومقابلته لنظيره المغربي محمد بن عيسى وملك المغرب محمد السادس، لتؤكد مساراً من الحرص الشديد من المسؤولين المغاربة والإسرائيليين على إعادة ترسيم العلاقة بينهما، والتي ظلت إما سرية أو عبر مؤسسات أدنى في الترتيب الدبلوماسي منذ 23 أكتوبر2000 تاريخ إغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي في الرباط ومكتب المغرب في تل أبيب. وقد قوبلت هذه الزيارة كسابقاتها، برفض شعبي واسع، وتوج ذلك بإصدار بيان يعلن رفض الشعب المغربي لكل أشكال العلاقة مع (إسرائيل)، خاصة في ظل تصعيد اسرائيل عمليات القتل والتخريب في الأراضي الفلسطينية المحتلة.
وأمام هذا الرفض الواسع للتطبيع مع (إسرائيل) سعت الحكومة لتبرير الزيارة بالادعاء أن السلطة الفلسطينية، ممثلة برئيس الوزراء محمود عباس خلال زيارته للمغرب، طلب وساطة المغرب، حيث صرح وزير الخارجية المغربي محمد بن عيسى لوكالة الأنباء الفرنسية: إن المغرب يقوم بدور تسهيل عملية السلام في الشرق الأوسط. ولتأكيد هذا التبرير قام القصر الملكي ببعث عدد من الرسائل لشارون تطالبه بوقف أعمال القتل والاجتياح التي تصاعدت في الآونة الأخيرة، في حين لاذت الأحزاب المشاركة في الحكومة بالصمت.أما (إسرائيل) فهي مبتهجة بهذه الخطوات وعاقدة عليها أملاً مهماً باعتبار ملك المغرب يرأس لجنة القدس ويحتضن رئاسة منظمة المؤتمر الإسلامي، مما حدا بالإذاعة الإسرائيلية إلى اعتبار الزيارة "بمثابة اختراق للحصار العربي على الدولة العبرية"، كما أن صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية ذهبت بعيداً في التوقع عندما زعمت أن العاهل المغربي محمد السادس قال لوزير الخارجية الإسرائيلي بأنه "شاهد أنوار إيلات (إسرائيل) فاشتاق لرؤيتها"، وذلك عندما كان في زيارة لمنتجع شرم الشيخ المصري المطلّ على خليج العقبة والقريب من الميناء الإسرائيلي[88].
زيارة عمير بيرس للمغرب
أكد موقع "وله نيوز" الإخباري العبري أن رئيس حزب العمل الصهيوني، عمير بيرتس، عرض مبادرة جديدة للسلام بين العرب و'إسرائيل'، على الملك المغربي، محمد السادس، خلال اللقاء الذي جمعهما يوم الجمعة 17/2/2006 في قصر الملك المغربي بمدينة فاس. وأكّد الموقع الصهيوني أن بيرتس، تم استقباله 'بدفء' من قبل الملك المغربي، في لقاء استمر أكثر من ساعة. وطلب بيرتس من الملك المغربي أن يتقبل مبادرته الجديدة بفتح آفاق جديدة للحوار بين العرب و'إسرائيل، في الفترة القادمة، خاصة في أعقاب التطورات الحاصلة في المنطقة، عقب صعود حركة حماس للسلطة الفلسطينية! وطالب بيرتس المغرب بأحقية قيادتها لهذا الحوار العربي - الصهيوني في منطقة الشرق الأوسط! ولم تخفِ مصادر صهيونية مقربة من بيرتس محاولته المستمرة إبراز أصوله المغربية طيلة الحديث مع العاهل المغربي. وحسب الموقع العبري، فإن رئيس حزب العمل الصهيوني أكد للملك المغربي، أن 'إسرائيل تتواجد في حرب لا مساومة فيها مع حماس ومع المنظمات الإرهابية وليس مع العالم العربي حسب تعبيره. وفي المقابل، قال الملك المغربي : إنه يرى أهمية كبيرة لهذه المقابلة، ويرى في مبادرة بيرتس خطوة مُشجعة. وأنهى الموقع العبري بالتأكيد على أن الملك المغربي طلب من الطرف الصهيوني الحفاظ على سرية زيارة بيرتس![89].
لقاء ليفني وبن عيسى في باريس
التقى وزير خارجية المملكة المغربية محمد بن عيسى في 4 يوليو 2007مع نظيرته الإسرائيلية "تسيبي ليفني" في باريس حيث وصف الطرفان المحادثات بالرفيعة والهامة جدا، إذ صرح بن عيسى بأن هذا اللقاء الذي لم يكشف عن فحواه بالغ الأهمية، رغم أن عديد المصادر المتتبعة أشارت إلى أن أجندة اللقاء استهلت ببحث إمكانية عودة العلاقات الرسمية بين البلدين . ومن جهتها ذكرت وزيرة الخارجية الإسرائيلية حسب ما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية أن هذا اللقاء ذو أهمية قصوى على المستوى الرسمي خاصة وأن المغرب تحديدا يلعب دورا أساسيا في إطار الجامعة العربية في اتجاه تسوية النزاع العربي الإسرائيلي، ووصفت اللقاء بالإيجابي جدا . وردت في لقاء صحفي أعقب هذا الاجتماع عن مجموعة من الاهتمامات التي اعتبرتها ’مشتركة’’.عودة الحرارة إلى العلاقات الإسرائيلية المغربية جاءت مباشرة بعد صعود اليمين الفرنسي الداعم الأكبر للحكومه في المنطقة، هذا اليمين الذي يتبنى من خلاله زعيمه ساركوزي الأطروحات الإسرائيلية . ولا تستبعد مصادر متتبعة أيضا أن يكون اللقاء فرصة للإسرائيلين للضغط على المغرب من أجل تحييد أكثـر لحركة حماس في مقابل الدعم الذي تقدمه حكومة أولمرت للعرش الملكي من خلال فرنسا خاصة في صراع العرش مع جبهة البوليساريو[90].
آفاق العلاقات المغربية الاسرائيلية المستقبلية
على الرغم من إغلاق مكتبي الاتصال في كل من المغرب وإسرائيل؛ فإن العلاقات المغربية الإسرائيلية لم تشهد قطيعة كلية منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية الثانية في سبتمبر 2000؛ فلا تزال هناك علاقات تجارية وسياحية إلى حد ما بالإضافة إلى إتصالات في مجالات أخرى، حيث إن ثقل حجم الجالية اليهودية في كل من إسرائيل والمغرب كان دائما وسيلة تواصل مهمة بين الجانبين. فاليهود المغاربة -الذين تربطهم علاقات قوية بالعائلة المالكة- لعبوا دورا مهما في إقناع السلطات المغربية بضرورة إعادة فتح مكتب الاتصال، وبالتأكيد فإن تسارع الحديث عن العملية السلمية وضعف الموقف الفلسطينى والعربي، والمأزق الذى تتعرض له الحركات الاسلامية بسبب تداعيات انقلاب حماس على السلطة، سيضعف على الاقل من معارضة الحركات الاسلامية المغربية للعلاقات المغربية الاسرائيلية، وقد شاهدنا في الانتخابات البرلمانية الاخيره كيف خسرت هذه الحركات الانتخابات، مما سيسمح بحرية للحركة اكثر للحكومة المغربية في تعزيز علاقاتها مع اسرائيل.
يضاف الى ذلك ان كثرة الحديث عن العملية السلمية والانسحاب الاسرائيلي من غزة والترويج لعملية السلام التى شهدت اوجها خلال مؤتمر انابولس سوف تجني من ورائها اسرائيل مكاسب ضخمة بالتطبيع مع العديد من الدول العربية والإسلامية، وتعزيز العلاقات القائمة اصلا مع المغرب، حيث أن هناك أنظمة عربية وإسلامية تسعى للاحتماء وراء مثل هذه المناسبات العامة لتنفيذ خطط تطبيعية تعتزمها بالفعل. يضاف الى ذلك ان هناك "لعبة" أمريكية لدفع العرب قسرا إلى التطبيع مع اسرائيل تتمثل أولا في اتفاقية "الكويز"، تلك الاتفاقية الثلاثية بين واشنطن ودول عربية تنضم لها إسرائيل، وهي المدخل بالنسبة للدول التي تحيط بالدولة العبرية، يضاف الى ذلك "اتفاقات التجارة الحرة" التي تعقد بين واشنطن والدول العربية وتسمح بتبادل الصادرات والواردات مع دول أخرى (إسرائيل) وهذه هي التي يجري عليها اللعب في العلاقة مع الدول العربية كمدخل يسبق مرحلة التطبيع الاقتصادي الكامل.
وحول آفاق العلاقات المغربية الإسرائيلية قال محمد معتصم مستشار الملك محمد السادس في مقابله مع جريدة الاتحاد الاماراتية: إن الملك محمد السادس لن يزور إسرائيل إلا قبل الوصول إلى اتفاقية سلام بين الفلسطينيين وإسرائيل، وسيصلي الملك في القدس المحررة. وقال : ان المغرب لم ينكر العلاقات مع إسرائيل، فمن المغرب خرجت اتفاقات أوسلو وعقدت في المغرب الاتصالات بين مصر وإسرائيل قبل اتفاقيات السلام· وأكد أن المغرب ليس لديه مشكلة مع اليهود، فهناك جالية يهودية كبيرة في المغرب، وأكثر من مليون مغربي يهودي في إسرائيل يكن قسم منهم بالولاء لملك المغرب، والمغرب يستخدم نفوذه لدى إسرائيل لمصلحة الفلسطينيين[91].
الخلاصة
من خلال دراستنا العلاقات المغربية الاسرائيلية ودور اليهود المغاربه فيها يتضح لنا ان هذه العلاقات عميقة الجذور وانه من الخطأ ارجاعها لعامل واحد. واذا كنا قد ركزنا على دور اليهود المغاربه فيها فإن مرد ذلك الى دورهم الكبير وعلاقاتهم المميزه مع العرش المغربي منذ اقدم العصور واذا جاز لنا ان نلخص هذا البحث ونتائجه فيمكن اجمال الآتي :
1- هناك علاقات تاريخية متميزة، علاقات " الحماية والولاء" المتبادلة بين العرش المغربي واليهود، والتي ظلت قائمة منذ سقوط الأندلس وحتى اليوم، إذ يوجد 700 ألف "إسرائيلي" من أصل مغربي ويحتفظون بجنسيتهم المغربية ويكنون للعرش المغربي المحبة والاحترام، ولهذا فإن العرش المغربي له تأثير كبير داخل الكيان الصهيوني، كما ان اليهود كانت لهم ولازالت قوة وثأتير لدى العرش المغربي بسبب قربهم من السلاطين والملوك على مر التاريخ المغربي الذي شهد في العموم تلاقح حضاري وتمازج وتعايش بين اليهود والمسلمين.
2- استغل كلا من اليهود والعرش المغربي هذا "المخزون التاريخي" المشترك بين العرش المغربي واليهود، لإقامة علاقات وثيقة بين المغرب و"إسرائيل" منذ الستينات ويمكن القول ان الحضور اليهودي المغربي، وان قل بسبب عدة عوامل من اهمها الهجرة نحو اسرائيل، فان احيائهم وبيوتهم، لا تزال شاهدة عن حضور كان، وما زال، اذ تكفي الاشارة ان المغرب يحتوي على اكثر من 400 مزار وولي من اولياء اليهود، والذين يحجون اليهم سنويا. كما ان هذا الحضور اليهودي لم يقتصر على الاوساط الشعبية او التجارية، بل توغل في الاوساط المدنية، وكان قريبا من حكومات المغرب ومن السلطان، كما كان دائما، وكما هو عليه اليوم.
3- عرفت هذه العلاقة سلسلة انهيارات متتالية بعد مجيء الاستعمار وظهور الصهيونية، إلا أنه في المقابل تبرز معطيات ميدانية معاشه حول أشكال متعددة من التعايش، أملتها الحاجة الاقتصادية المتبادلة، أو تبلورت ضمن سياقات اجتماعية معينة، ولكن التحول الكبير الذي طرأ على وضعية الأقلية اليهودية بالمغرب وجعلها عرضة للاندراس، ارتبط باندماجهم الكثيف في المشروع الصهيوني، سواء بايمان منهم او نتيجه عمليات تضليل او عداء رافقت مراحل الصراع العربي الاسرائيلي، حيث انخرطوا في العمل لصالح المشروع الصهيوني بدءا من توفير التغذية البشرية له عبر عمليات الهجرة، وتقديم الدعم المالي، وتشكيل قناة سياسية له تربط بين المغرب والكيان الصهيوني توظف فيها دعوى الولاء المزدوج، ثم الانخراط في خدمة مشروع إسرائيل العظمى اقتصاديا تحت دعوى المنفعة المتبادلة والعمل لأجل السلام.
4- بالنسبة لاسرائيل تكتسب العلاقات الدبلوماسية مع المغرب أهمية كبيره نظرًا للدور الذي تلعبه المغرب في العالم العربي وكذلك نظرًا للعدد الكبير من مواطني إسرائيل الذين قدموا إليها من المغرب والذين تربطهم صلة عاطفية بها، حيث عاشت عائلاتهم منذ قرون عديدة. وتشكل هذه الصلة ذخرًا قد يتمخض عن علاقات أكثر عمقًا يساهم فعلياً في عملية السلام. وليس سرا أن الأوساط الثقافية المغاربية تدرك جيدا أن الدولة العبرية تراهن كثيراً على المغرب لأسباب سياسية واقتصادية وأمنية وخصوصا على دور الجاليات اليهودية هناك في تحقيق التقارب بين الدولة العبرية والمغرب، سيما أن العديد من اليهود ذوي الأصول المغاربية تولوا مناصب سياسية حساسة في الدولة العبرية، كما أن بعض اليهود المغاربة شغلوا مناصب استشارية لدى العاهل المغربي الراحل الحسن الثاني ومنهم ديفيد بن عمار وأندريه أزولاي الذي ما زال مستشاراً للملك الشاب محمد السادس.
5- ظل موقف العرش المغربي من اليهود طوال الوقت موقف متسامح يؤمن بامكانية العيش المشترك. وبالرغم من قيام اسرائيل فإن العرش المغربي لم يستطع الانقلاب على هذا الموقف الذي بدأ منذ ظهور الدولة العلوية الحاكمه منذ القرن السابع عشر، وظل هذا الموقف مؤمن بامكانية استيعابهم في المنطقة العربية من خلال عمليه سلمية تفضي الى العيش المشترك قياساً على التجربة التاريخية المغربية.
6- مما تقدم يتضح ان موقف المغرب والعرش المغربي من اليهود لا يمكن النظر اليه فقط من منظار احادي الاتجاه وتصنيفه من زوايا قيمية وإطلاقية من نوع إما أبيض وإما أسود: إما وطنى ووفي وإما عميل وخائن، حيث تقدم الوثائق الأرشيفية وتاريخ هذه العلاقة صورة أكثر واقعية هي خليط ما بين اثر التجربة التاريخية والمصالح الاقتصادية وضغوط الاستعمار والدول العظمى والعلاقة الخاصه ما بين العرش المغربي والجالية اليهودية في المغرب واسرائيل، وكل ذلك يمكن ان يقرب الهوة ويوضح الطبيعه الميكيافيلية للعرش المغربي الذي سعى الى الموائمه بين هذا الخليط المتنوع من الالتزامات والمصالح.
7- في المقابل، توضح الكثير من المعطيات أن عددا من الشعارات القومية والوطنية كانت بالتأكيد (ولا تزال) صحيحة ولا تعبر عن أوهام أو تحليلات تآمرية، وخاصة تلك المتعلقة بتقييم السياسة الاسرائيلية التي تعتمد التطبيع للـ"تخريب"، كما جاء بشكل صريح في أحد الوثائق الاسرائيلية، "جهود الوحدة العربية"، كما ان الاتهامات التى وجهة للمغرب لم تكن عشوائية او متجنية، حيث اتضح لنا مدى انخراط العرش المغربي في التعاون مع اسرائيل منذ زمن طويل سواء على صعيد الهجرة او على الصعيد الامني والاقتصادي والسياسي حيث لعب المغرب الدور الرئيس للاعداد للعملية السلمية ولعمليات التطبيع مع اسرائيل.
8- كما ان مراجعه هذه العلاقه يكشف ايضا عن مواقف العرش المغربي من العلاقة مع اسرائيل والاتصالات السرية التى لاقت دعم من الزعماء العرب كما وضحنا، حيث ان المغرب كان محطه رئيسية لاتفاقيات السلام العربية مع اسرائيل، كما انه لم يقف موقف محايد في اوقات الصراع فشارك بقواته في حرب اكتوبر 1973 واغلق مكتب الاتصال بعد انتفاضه 2000 ولكنه ظل مقتنع بامكانية تحقيق السلام العادل بين الدول العربية واسرائيل، وهذا يعنى ان المغرب لم يكن مستنكف عن الخوض والمشاركه بفاعلية في موضوع الصراع العربي الاسرائيلي، او مستغرق في محيطه الاقليمي ومشاكله الداخلية غير مبالي بما يحدث في "قلب الصراع"، ولكنه فعل كل ذلك بطريقته الخاصه وحسب ما املته عليه الظروف والمصالح المغربية، حيث لم يكن هو الوحيد الذى اتبع هذا الطريق، بل فعلت نفس الشئ انظمة عربية اخرى.



المراجع
الكتب
1. الخالدي، خالد يونس – اليهود تحت حكم المسلمين في الاندلس 92-897هـ/ 711-1492م- منشورات دائرة الثقافة والاعلام – الشارقة 2002
2. اندرلين، شارل– اسرار المفاوضات الاسرائيلية العربية (1917- 1997) (سلام أو حرب) – الجزء الثاني : من حرب تشرين الاول 1973-1997 - ترجمة صباح الجهيم - دار الفاضل /دمشق – الطبعة الاولى 1998
3. سوسة، أحمد- العرب واليهود في التاريخ : حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الآثارية- (سلسلة الكتب الحرية ؛ ١٤) - بغداد : وزارة الاعلام، مديرية الثقافة العامة،1972
4. هيكل، محمد حسنين- كلام في السياسة – قضايا ورجال: وجهات نظر (مع بداية القرن الواحد والعشرون) –الطبعة الرابعه/2000- دار الشروق / القاهرة
5. ليفي، شمعون - محاولات في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية - تقديم: محمد شفيق الناشر: مركز طارق بن زياد ـ الرباط
6. الاسطل، كمال محمد - مستقبل اسرائيل بين الاستئصال والتذويب "دراسة حول المشابهة التاريخية بين الغزوة الصليبية والغزوة الصهيونية" – دار الموقف العربي
7. لانداو، ديفيد - معركة السلام (يوميات شمعون بيريس)– ترجمة : عمار فاضل و مالك فاضل –الاهلية للنشر والتوزيع – عمان – الطبعة الاولى 1995
8. نتنياهو، بنيامين - مكان تحت الشمس –– ترجمة محمد الدويري مراجعة كلثوم السعدي-- دار الجليل للنشر – ط2 1996
9. المسيري، عبد الوهاب، من هو اليهودي؟ 1997، دار الشروق ـ بيروت القاهرة.
10. الميلي، محمد - المغرب العربي بين حسابات الدول ومطامح الشعوب- - دار الكلمة للنشر – بيروت – الطبعة الثانية 1983
11. هيكل، محمد حسنين - المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل- الكتاب الثاني (عواصف الحرب وعواصف السلام) -– دار الشروق- الطبعة السادسة 1996
12. زعفراني. حاييم - ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب تاريخ ثقافة، دين- ترجمة أحمد شحلان وعبد الغني أبو العزم- الدار البيضاء 1987 دار قرطبة
13. بن منصور، عبد الوهاب ، الوثائق المجلد الرابع -مديرية الوثائق المطبعة الملكية ـ الرباط 1977.
14. المسيري - عبد الوهاب - موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية - 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت.
15. الاصولية اليهودية في اسرائيل- تأليف اسرائيل شاحاك – نورتون متسفينسكي – ترجمة ناصر عفيفي – الناشر الكتاب الذهبي مؤسسة روز اليوسق- 2001
ابحاث ومقالات
1- صامد الاقتصادي السنة السابعةعشر – العدد 100 – حزيران 1995- الهجرة في ظل البيروسترويكا – د. عبد القادر ياسين
2- السياسة الدولية – لعدد 87-يناير 1987- السنة 23 – يهود اسرائيل ومشكلات التغيير الاجتماعي – مجدي على عطية
3- الوثائق السرية البريطانية- اعداد/ حسن ساتي- http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
4- الوجود اليهودي في المغرب والتعايش مع الحضارة العربية-جريدة الشرق الاوسط- 16/2/ 2002 العدد 8481- حكيم عنكر–عرض كتاب محاولات في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية - شمعون ليفي - تقديم: محمد شفيق -مركز طارق بن زياد ـ الرباط .
5- يهود المعرب من إدريس الأول إلى الحسن الثاني (2) عبد الله بوفولة- abdellah-www.boufoula.maktoobblog.com/306578/
6- يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي- مصطفى الخلفي- الجزيرة نت
7- في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي عرض لكتاب ""إسرائيل و بلاد المغرب: من إقامة الدولة الى أوسلو"- مايكل لاسكيار": الطاهر الأسود- باحث تونسي - الحوار المتمدن - العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21
8- تبادل الخدمات ما بين العرش الملكي بالمغرب والحركة الصهيونية العالمية – بقلم احمد خليل - http://sahara-panorama.blogspot.com/2006_05_01_archive.html
9- دور يهود المغرب العربي في إنشاء إسرائيل- يحيى أبو زكريا- مجلة العصرالكترونية- 16-11-2002-
10- رضا الاعرجي- http://hespress.com/print.asp?EgyxpID=1987
11- زيارة وزير خارجية العدو سيلفان شالوم إلى الرباط تنشيط مسار التطبيع المغربي الإسرائيلي- المغرب/حسن بناجح-مجلة فلسطين المسلمة – اكتوبر 2003
12- موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية "التواصل"- http://www.altawasul.net/MFAAr
13- موقع مفكرة الاسلام –www.islammemo.cc/
14- جريدة الاتحاد العدد 11571 الأحد - 11 مارس 2007م
15- يديعوت أحرونوت" العبرية- عدد الأربعاء 3 أيلول/سبتمبر 2003
16- قناة الجزيرة – برنامج زياره خاصة- ضيف الحلقة (عبد الهادي بو طالب ) -تقديم / سامي كليب – التاريخ 31-10-2003
17- قناة العربية- برنامج بصراحة: مع أندري أزولاي (مستشار الملك المغربي) -مقدم البرنامج: إيلي ناكوزي- تاريخ الحلقة: الجمعة31-8-200
18- اللوبي الصهيوني بالمغرب و اللوبي المغربي بإسرائيل ؟؟؟؟؟- إدريس ولد القابلة القنيطرة – المغرب- www.palvoice.com/forums/showpost.php?p=101400&postcount=1 - 43
19- اللوبي اليهودي بالمغرب - الإسلام اليوم- الرباط/إدريس الكنبوري - www.islamtoday.net/albasheer/show_articles_content.cfm?id=72&catid=80&artid=1693 - 64k
20- المغاربة غاضبون من تسارع إيقاع التطبيع - علي بوراوي – موقع إسلام أون لاين- www.islamonline.net/Arabic/index.shtml
21- المغرب و اليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة- الحوار المتمدن - العدد: 1392 www.rezgar.com/search/Dsearch.asp?d=1&nr=1392 - 126k
[1] اليهود تحت حكم المسلمين في الاندلس 92-897هـ/ 711-1492م- د. خالد يونس الخالدي – ص 186- منشورات دائرة الثقافة والاعلام – الشارقة 2002
[2] يهود اسرائيل ومشكلات التغيير الاجتماعي – مجدي على عطية- ص 104- السياسة الدولية – العدد 87-يناير 1987
[3] ألف سنة من حياة اليهود بالمغرب تاريخ ثقافة، دين- حاييم زعفراني- ترجمة أحمد شحلان وعبد الغني أبو العزم.- ص 12- الدار البيضاء 1987 دار قرطبة
[4] يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي- مصطفى الخلفي- الجزيرة نت
[5] يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي- مصطفى الخلفي- الجزيرة نت
[6] عبد الوهابالمسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 4-ص 190- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[7] المسيري، عبد الوهاب، من هو اليهودي؟ 1997، دار الشروق ـ بيروت القاهرة.ص15.
[8] بن منصور، عبد الوهاب ، الوثائق المجلد الرابع ص 19 مديرية الوثائق المطبعة الملكية ـ الرباط 1977.
[9] عبد الوهابالمسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 2-ص 272- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[10] العرب واليهود في التاريخ : حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الآثارية / بقلم د. أحمد سوسة- ص748 - (سلسلة الكتب الحرية ؛ ١٤) - بغداد : وزارة الاعلام، مديرية الثقافة العامة،1972
[11] دور يهود المغرب العربي في إنشاء إسرائيل- يحيى أبو زكريا- مجلة العصر - 16-11-2002-
- http://www.alasr.ws/index.cfm?method=home.con&contentID=3331
[12] اللوبي الصهيوني بالمغرب و اللوبي المغربي بإسرائيل ؟؟؟؟؟- إدريسولد القابلة القنيطرة - المغرب
[13] عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 4-ص 189- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[14] رضا الاعرجي- www.hespress.com
[15] يهود المغرب والتعايش اليهودي العربي- مصطفى الخلفي- الجزيرة نت
[16] العرب واليهود في التاريخ : حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الآثارية / بقلم د. أحمد سوسة- ص751 - (سلسلة الكتب الحرية ؛ ١٤) - بغداد : وزارة الاعلام، مديرية الثقافة العامة،1972
[17] عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 4 ص 185- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[18] الوثائق السرية البريطانية - إعداد: حسن ساتي - http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
[19] المغرب و اليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة الحوار المتمدن - العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7
[20] العرب واليهود في التاريخ : حقائق تاريخية تظهرها المكتشفات الآثارية / بقلم د. أحمد سوسة- ص748 .
[21] الوثائق السرية البريطانية -5إعداد: حسن ساتي - http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
[22] اللوبي الصهيوني بالمغرب و اللوبي المغربي بإسرائيل ؟؟؟؟؟- إدريسولد القابلة القنيطرة - المغرب
[23] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي عرض لكتاب ""إسرائيل و بلاد المغرب: من إقامة الدولة الى أوسلو"- مايكل لاسكيار ": الطاهر الأسود- باحث تونسي - - الحوار المتمدن - العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21 .
[24] المغرب العربي بين حسابات الدول ومطامح الشعوب- محمد الميلي- ص 149- دار الكلمة للنشر – بيروت – الطبعة الثانية 1983
[25] الوثائق السرية البريطانية -إعداد: حسن ساتي - http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
[26] اللوبي الصهيوني بالمغرب و اللوبي المغربي بإسرائيل ؟؟؟؟؟- إدريسولد القابلة القنيطرة - المغرب
[27] يهود اسرائيل ومشكلات التغيير الاجتماعي – مجدي على عطية- ص 104- السياسة الدولية – العدد 87-يناير 1987
[28] الاصولية اليهودية في اسرائيل- تأليف اسرائيل شاحاك – نورتون متسفينسكي – ص 101- ترجمة ناصر عفيفي .
[29] مستقبل اسرائيل بين الاستئصال والتذويب "دراسة حول المشابهة التاريخية بين الغزوة الصليبية والغزوة الصهيونية" – كمال محمد الاسطل – ص 241 – دار الموقف العربي
[30] المغرب واليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة الحوار المتمدن - العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7
[31] الوثائق السرية البريطانية -5إعداد: حسن ساتي - http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
[32] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي - الطاهر الأسود- باحث تونسي
[33] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي عرض لكتاب ""إسرائيل و بلاد المغرب: من إقامة الدولة الى أوسلو"- مايكل لاسكيار": الطاهر الأسود- باحث تونسي - الحوار المتمدن - العدد: 1618 - 2006 / 7 / 21
[34] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي - لطاهر الأسود- باحث تونسي .
[35] كلام في السياسة – قضايا ورجال: وجهات نظر (مع بداية القرن الواحد والعشرون) – محمد حسنين هيكل- ص 336- الطبعة الرابعه/2000- دار الشروق / القاهرة
[36] المغرب و اليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة - الحوار المتمدن - العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7
[37] المغرب واليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة- الحوار المتمدن - العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7
[38] تبادل الخدمات ما بين العرش الملكي بالمغرب والحركة الصهيونية العالمية – بقلم احمد خليل - http://sahara-panorama.blogspot.com/2006_05_01_archive.html
[39] رضا الاعرجي- www.hespress.com
[40] الوثائق السرية البريطانية -5إعداد: حسن ساتي - http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
[41] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي ع- الطاهر الأسود- باحث تونسي .
[42] المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل- الكتاب الثاني (عواصف الحرب وعواصف السلام) - محمد حسنين هيكل- ص 345– دار الشروق- الطبعة السادسة 1996
[43]قناة العربية- برنامج بصراحة: مع أندري أزولاي (مستشار الملك المغربي) -مقدم البرنامج: إيلي ناكوزي- تاريخ الحلقة: الجمعة31-8-200
[44] قناة الجزيرة – برنامج زياره خاصة- ضيف الحلقة (عبد الهادي بو طالب ) -تقديم / سامي كليب – التاريخ 31-10-2003
[45] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي - لطاهر الأسود- باحث تونسي.
[46] المفاوضات السرية بين العرب و إسرائيل- الكتاب الثاني (عواصف الحرب وعواصف السلام) - محمد حسنين هيكل- ص 284 .
[47] اسرار المفاوضات الاسرائيلية العربية (1917- 1997) (سلام أو حرب) – الجزء الثاني : من حرب تشرين الاول 1973-1997 - شارل اندرلين – ترجمة صباح الجهيم – ص 80- دار الفاضل /دمشق – الطبعة الاولى 1998
[48] اسرار المفاوضات الاسرائيلية العربية (1917- 1997) (سلام أو حرب) - شارل اندرلين – ترجمة صباح الجهيم – ج2 ص 78.
[49] معركة السلام (يوميات شمعون بيريس)- تحرير ديفيد لانداو – ترجمة : عمار فاضل ومالك فاضل – ص 337- الاهلية للنشر والتوزيع – عمان – الطبعة الاولى 1995
[50] اسرار المفاوضات الاسرائيلية العربية (1917- 1997) (سلام أو حرب) - شارل اندرلين – ترجمة صباح الجهيم –ج2 ص 81.
[51] رجل في الخفاء- افرايم هاليفي/ ضابط سابق في الموساد- صدر عن دار سانت مارتنز / نيويورك 2006- عرض موقع صوت العراق 22-7-2006- www.sotaliraq.com
[52] قناة الجزيرة – برنامج زياره خاصة- ضيف الحلقة (عبد الهادي بو طالب ) -تقديم / سامي كليب – التاريخ 31-10-2003
[53] عبد الوهابالمسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 4-ص 184- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[54] يهود المعرب من إدريس الأول إلى الحسن الثاني (2) عبد الله بوفولة
[55] عبد الوهابالمسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 4-ص 184- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[56] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي - الطاهر الأسود- باحث تونسي .
[57] عبد الوهابالمسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 4-ص 187- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[58] محاولات في التاريخ والحضارة اليهودية المغربية - شمعون ليفي - تقديم: محمد شفيق -الناشر: مركز طارق بن زياد ـ الرباط
[59]قناة العربية- برنامج بصراحة: مع أندري أزولاي (مستشار الملك المغربي) -مقدم البرنامج: إيلي ناكوزي- تاريخ الحلقة: الجمعة31-8-200
[60] رضا الاعرجي- www.hespress.com
[61] تبادل الخدمات ما بين العرش الملكي بالمغرب والحركة الصهيونية العالمية – بقلم احمد خليل - http://sahara-panorama.blogspot.com/2006_05_01_archive.html
[62] الوثائق السرية البريطانية -5إعداد: حسن ساتي - http://www.wladbladi.com/forum/showthread.php?t=28953
[63] اللوبي الصهيوني بالمغرب و اللوبي المغربي بإسرائيل ؟؟؟؟؟- إدريسولد القابلة القنيطرة - المغرب
[64] قناة الجزيرة – برنامج زياره خاصة- ضيف الحلقة (عبد الهادي بو طالب ) -تقديم / سامي كليب – التاريخ 31-10-2003
[65] عبد الوهاب المسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 2-ص 59- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[66] رضا الاعرجي- www.hespress.com
[67] يهود اسرائيل ومشكلات التغيير الاجتماعي – مجدي على عطية- ص 107- السياسة الدولية – لعدد 87-يناير 1987- السنة 23.
[68] يهود اسرائيل ومشكلات التغيير الاجتماعي – مجدي على عطية- ص104- 105.
[69] معركة السلام (يوميات شمعون بيريس)- تحرير ديفيد لانداو – ترجمة : عمار فاضل و مالك فاضل – ص 323- الاهلية للنشر والتوزيع – عمان – الطبعة الاولى 1995
[70] تبادل الخدمات ما بين العرش الملكي بالمغرب والحركة الصهيونية العالمية – بقلم احمد خليل - http://sahara-panorama.blogspot.com/2006_05_01_archive.html
[71] الهجرة في ظل البيروسترويكا – د. عبد القادر ياسين ص 261 – صامد الاقتصادي السنة السابعةعشر – العدد 100 – حزيران 1995
[72] رضا الاعرجي- www.hespress.com
[73] رضا الاعرجي- www.hespress.com
[74] في التطبيع و ميكيافيلية الدولة الوطنية في المغرب العربي عرض لكتاب ""إسرائيل و بلاد المغرب: من إقامة الدولة الى أوسلو"- مايكل لاسكيار ": الطاهر الأسود- باحث تونسي .
[75] المغرب و اليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة الحوار المتمدن - العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7
[76] موقع وزارة الخارجية الاسرائيلية
[77] مكان تحت الشمس – بنيامين نتنياهو – ترجمة محمد الدويري مراجعة كلثوم السعدي- ص 395 - دار الجليل للنشر – ط2 1996
[78] المغرب و اليهود و الموساد3- إدريس ولد القابلة الحوار المتمدن - العدد: 1392 - 2005 / 12 / 7
[79] الوجود اليهودي في المغرب والتعايش مع الحضارة العربية- حكيم عنكر - جريدة الشرق الاوسط- 16 فبراير 2002 العدد 8481
[80] زيارة وزير خارجية العدو سيلفان شالوم إلى الرباط تنشيط مسار التطبيع المغربي الإسرائيلي- المغرب/حسن بناجح- فلسطين المسلمة – اكتوبر 2003
[81] اللوبي الصهيوني بالمغرب و اللوبي المغربي بإسرائيل ؟؟؟؟؟- إدريسولد القابلة القنيطرة - المغرب
[82] المغاربة غاضبون من تسارع إيقاع التطبيع - علي بوراوي - إسلام أون لاين - الجمعة - 22 سبتمبر 2000م
[83] اللوبي اليهودي بالمغرب - الإسلام اليوم- الرباط/إدريس الكنبوري - 08/01/2003
[84] زيارة وزير خارجية العدو سيلفان شالوم إلى الرباط تنشيط مسار التطبيع المغربي الإسرائيلي- المغرب/حسن بناجح- فلسطين المسلمة – اكتوبر 2003
[85] اللوبي اليهودي بالمغرب - الإسلام اليوم- الرباط/إدريس الكنبوري - 08/01/2003
[86] عبد الوهابالمسيري: موسوعة اليهود واليهودية والصهيونية الجزء 2-ص 104- 1999 دار الشروق القاهرة ـ بيروت
[87] اللوبي اليهودي بالمغرب - الإسلام اليوم- الرباط/إدريس الكنبوري - 08/01/2003
[88] يديعوت أحرونوت" العبرية - عدد الأربعاء 3 أيلول/سبتمبر 2003، زيارة وزير خارجية العدو سيلفان شالوم إلى الرباط تنشيط مسار التطبيع المغربي الإسرائيلي- المغرب/حسن بناجح-مجلة فلسطين المسلمة – اكتوبر 2003
[89] نقلا عن موقع مفكرة الاسلام – السبت- –18فبراير 2006م
[90] بن عيسى ولفني يصفان لقاءهما بباريس بـ ’’الهام جدا- عبد العزيز تويقر- مجلة آخر ساعه - الخميس 5 يوليو 2007 م- العدد 2045 - www.akhersaa-dz.com/read.php?id=46926&ed=MjA0NQ== - 30k
[91] جريدة الاتحاد العدد 11571 الأحد - 11 مارس 2007م

ليست هناك تعليقات: