الثلاثاء، 11 نوفمبر 2008

التبشير في منطقة الخليج العربي – الحلقة الاخيرة

التبشير في منطقة الخليج العربي – الحلقة الاخيرة
الحملات التبشيرية التي تعرضت لها منطقة الخليج من أخطر التحديات الاستعمارية
المبشرون المعاصرون لا زالوا يخططون للنيل من الإسلام
بقلم / يوسف الطويل
من المعروف تاريخيا أن المسيحية دخلت إلى الجزيرة العربية قبل الإسلام من مصدرين الأول هو الحركة النسطورية التي دخلت على الجزيرة العربية عن طريق بلاد فارس وقد اعتنق عرب الحيرة هذا المذهب .
أما المصدر الثاني فهو عن طريق الأحباش الذين احتلوا جنوب الجزيرة العربية وحكومها فترة من الزمن قبل ظهور الإسلام .
ولكن عندما ظهر الإسلام في الجزيرة العربية لم يبق أي أثر للوجود المسيحي فيها وأن ظل هناك وجود لمسيحيين عرب هم أجناد الغساسنة والمناذرة وهؤلاء كانوا منتشرين في شمال الجزيرة العربية وبلاد الشام.
وفي أثناء ازدهار الدولة الإسلامية في العصور الوسطى لم تكن هناك حركات تبشيرية لادخال المسيحيين في الديانة المسيحية ولكن لما بدأ الضعف يدب في الدولة الإسلامية أخذ مسيحيو أوروبا يزداد قدومهم على بلاد الشرق لزيارة الأماكن المقدسة وللتجارة وكلنا يعلم ماتبع ذلك من حروب صليبية للاستيلاء على العالم الإسلامي.
وقد انهكت هذه الحروب الدولة الإسلامية فدب فيها الضعف فبدأ من هنا تسلل الفكر الغربي إلى المجتمعات الاسلامية، وكان من أهم الوسائل وأخطرها المنظمات والارساليات التبشيرية التي أخذ يزداد عددها ونشاطها في البلاد الإسلامية وذلك بدعم من الدول الاستعمارية وتعرضت منطقة الخليج العربي لمحاولات الغزو الفكري عن طريق المؤسسات التبشيرية وغيرها من المؤسسات وذلك كغيرها من الدول الإسلامية.
يقول عبد الملك التميمي في كتابة التبشير في منطقة الخليج قد تسسل الفكر الغربي الامبريالي إلى مجتمعنا العربي بوسائل متعددة ولفترة زمنية طويلة أي منذ أن اتجهت أنظار الدول الاستعمارية للسيطرة على وطننا العربي هذا التغلغل كان سابقا على السيطرة العسكرية والسياسية وممهدا لها ثم معاضدا لوجودها.. ويضيف أن الهدف الامبريالي لهذا النشاط كان ولا يزال هو ايجاد القابلية لدى الشعب العربي لقبول سياسات وترويض الناس وتدجينهم بحيث يحقق أهدافه على أرض سهلة بأقل صعوبة وتضحية وأقصر طريق.. لقد كان التبشير بمعناه الشامل ليس فقط الديني بل التبشير للثقافة الغربية الامبريالية احدى الوسائل التي سلكها الغربيون وأقاموا لها المؤسسات التبشيرية لأغراض دينية سرعان ما استغلت واستخدمت لأغراض سياسية. أن تركيز الارساليات التبشيرية والتي تعمل بدعم ووفق تخطيط الدول الاستعمارية على منطقة الخليج العربي يعوذ إلى الموقع الاستراتيجي التي تتمتع به منطقة الخليج العربي منذ القدم حيث كانت تجارة موانئ الخليج العربي منذ القدم من التجارات الزاهرة في القدم حيث كانت تتقل البضائع والسلع من الصين والهند إلى موانئه ومنها تنقل بواسطة القوافل إلى السواحل الشرقية للبحر المتوسط لذا فإن السيطرة على هذا الممر المائي الهام والتحكم فيه تعني التحكم بأحد الطرق التجارية العالمية انذاك .
وازدادت أهمية هذه المنطقة من العالم بعد ظهور الإسلام في شبه الجزيرة العربية حيث تولى أبناؤها مهمة تبليغ الرسالة الإسلامية . وقد استطاع هؤلاء الرجال الأبطال نشر الإسلام في بقاع كثيرة من العالم فكان ذلك بمثابة تهديد وخطر على الديانات الأخرى وخاصة الديانة المسيحية والتي خسرت بقاعا كثيرة وفقدت كل نفوذ لها في الشرق حيث لم تقم لها قائمة بعد ذلك .
ومن هنا بدأ المبشرون ينظرون إلى شبه الجزيرة العربية نظرة حقد لأنها تمثل مهد الإسلام وفيها أماكن مقدسة يحج إليها المسلمون من كافة بقاع الأرض ولذلك سعى هؤلاء إلى محاربة الإسلام والعرب بشتى الوسائل والطرق ومحاربة الإسلام لا تكون إلا بالقضاء عليه في عقر داره وهزيمة المسلمين في بلادهم فمكة هي الهدف والجزيرة العربية هي الطريق التي يلج منها المبشرون إلى مكة المكرمة كما يقول القس صموئيل زويمر.
أن اهتمام المبشرين بالجزيرة والخليج العربي وجعلها هدفا لارسالياتهم يعود إلى أن النجاح في هذه المنطقة سكون نقطة تحول في العمل التبشيري ككل لأن الدعاة المسلمين كانوا هم العقبة الوحيدة أمام المبشرين في أفريقيا ولذلك فإن أحد المبشرين في أوغندا ويدعي اسكندر ماكس أصدر في عام 1888 نداء لتأسيس ارسالية تبشيرية في مسقط والتي كانت تعتبر مفتاحا لأفريقيا الوسطى.
لقد أدرك المبشرون أيضا أن قوة العرب تعني قوة الإسلام ولذلك لا بد من هزيمة العرب لكي يتسنى لهم القضاء على الإسلام وفي ذلك يقول المبشر مورو بيرجر: فقد ثبت تاريخيا أن قوة العرب تعني قوة الإسلام. إذاً فأننا لكي ندمر الإسلام يجب أن ندمر العرب.
لقد كانت الحملات التبشيرية التي تعرضت لها منطقة الخليج العربي من أخطر التحديات التي واجهتها هذه المنطقة في ظل السلطة الاستعمارية لأنها تمت في ظل أوضاع اجتماعية واقتصادية وثقافية سيئة للغاية . وفي ذلك يقول سعيد عبد الله حارب في كتابه منطقة الخليج العربي قبل الاستقلال فترة من التخلف العلمي والثقافي والاجتماعي لم تشهده إلا مناطق قليلة من العالم فقد حرمت المنطقة من خلال تلك الفترة من نصيبها في التطور الحضاري والتقدم المادي حيث فرض عليها الاستعمار خلال مراحله المتعاقبة عزلة شبه كاملة عن الاتصال بالعالم الخارجي فلم تكن هناك أي صورة من صور التقدم التي تعيشها بقية أجزاء العالم فلا توجد مدارس أو مستشفيات أو جامعات أو صحف أو أية وسيلة من وسائل الإعلام وفي ظل هذه الظروف الصعبة وجد دعاة التنصير الفرصة سانحة لجعل هذه المنطقة ميدان نشاطهم التنصيري ساعدهم على ذلك وجود القوات الاستعمارية وتشجيعها ومساندتها لهم .
ومن المبررات التي يستند إليها المبشرون للتبشير في المنطقة هو قولهم أن الجزيرة العربية كانت في يوم من الأيام وقبل الإسلام متأثرة بالمسيحية ولذلك يجب اعادتها إليها كما أنهم يدعون أن بولس الرسول قد زار الجزيرة العربية ولذلك يجب نشر المسيحية فيها وقد وجد دعاة التبشير في مكانة المسيح عليه السلام في القرآن واجلال المسلمين له ولأمه مريم عليهما السلام مدخلا لاقناع المسلمين بالمسيحية وقد بدأت ارساليات التبشير عملها أولا في المنطقة المحيطة بالخليج العربي كالعراق وفارس ثم امتدت إلى الخليج العربي .
وقد استهلت ارسالية الروم الكاثوليك هذا النشاط في المنطقة حيث غادر روما في 1604 ثلاثة من الأباء الكراملة على شكل مبشرين وسفراء من البابا كلمنت الثاني إلى الشاه عباس الكبير وفي سنة 1608 انشئ دير في مدينة اصفهان ثم أنشئ دير آخر للكراملة في جزيرة هرمز ثم اتخذ المبشرون من مدينة البصرة محطة انطلاق لهم إلى بقية دول الخليج العربي حيث أنشئت مؤسسات تبشيرية فيها عام 1621 تابعة للارسالية الكرملية الايرانية .
ثم بدأ بعد ذلك نشاط الإرسالية البروتستاتية في الخليج العربي حيث يبدأ تاريخ الإرسالية البروستاتية في المنطقة برحلة قام بها هنري مارتن أحد المبشرين الهنود على ظهر سفينة تابعة لشركة بومباي البحرين في 1811 وكان من أهم ما قام به من أعمال هو ترجمته للكتاب المقدس إلى اللغة العربية ومحاولته بيع بعض النسخ منه وبعد هنري مارتن قام كثير من المبشرين بزيارة الجزيرة العربية من خلال رحلات متعددة لدراسة المنطقة والعادات والتقاليد العربية حتى يستطيعوا أن يضعوا الخطط اللازمة لذلك .
وقد دخل العمل التبشيري عهدا جديدا و خطيرا عندما بدأ عمل الارسالية العربية الأمريكية في منطقة الخليج العربي. وهذه الارسالية هي ارسالية أمريكية بروتستاتية أهم أهدافها هو التنصير الكامل للجزيرة العربية ابتداء من الخليج العربي الذي اتخذته هذه الإرسالية قاعدة للانطلاق إلى باقي أنحاء الجزيرة العربية. والمعروف عن العاملين في الارساليات البروتستاتتية نشاطهم الدائم وتعدد أساليبهم التبشيرية وأمكانياتهم المادية الضخمة .
وكانت أول ارسائية أمريكية بروتستاتتية قد وصلت إلى سوريا في سنة 1830 وكان أعضاؤها يتبعون الهيئة الأمريكية للارساليات العربية . وقد اتخذ المبشرين من بيروت أول محطة انتقالية لهم للعمل الميداني في المنطقة كلها فأقام المبشرون هناك عدة شهور لجمع المعلومات ودراسة اللغة العربية والتدرب عليها وبعد بيروت ذهبت الارساليات الأمريكية إلى البصرة وبدأت بإقامة أول محطة لها في سنة 1891 وقد أصبحت هذه المحطة في السنوات التالية مركزا وقاعدة لعملياتهم في منطقة الخليج العربي ومن البصرة بدأ عمل الارسالية لتغطية معظم أراضي الخليج العربي وبعض أجزاء من شبه الجزيرة العربية فتم افتتاح محطة تابعة للارسالية في البحرين وتولى القس صموئيل زويمر رئاسة هذه الارسالية ففي عام 1883 أقام زويمر مكتبة للكتاب المقدس حيث أنه فتح في بداية أمره حانوتا في السوق لبيع الكتب المختلفة ثم تخصص بعد ذلك في بيع الكتب التبشيرية وقد ساعدته القنصلية الانجليزية على بناء مدرسة ومستشفى .
وزويمر هذا يعد من أخطر المبشرين وأشهرهم في القرن العشرين فهو صاحب فكرة مؤتمرات التبشير وقد تولى رئاسة مؤتمرات عديدة بالإضافة إلى أنه يرى أن التعليم التبشيري هو المصدر الرئيسي للعمل بين المسلمين وله عدة مؤلفات في ذلك كما أن زويمر تولى الدعوة إلى عقد مؤتمر عام يجمع ارساليات التبشير البروتستاتتية للتفكير في أفضل الوسائل اللازمة لتنصير المسلمين ومن أبرز أرائه لدفع حركة التبشير هو إيمانه بأن هدف التبشير ليس ادخال في دين معين ولكنه اخراجهم من الإسلام عن طريق زعزعة ثقة المسلمين بدينهم عن طريق حملات التبشير التي يخوضونها ضد الاسلام. وقد عبر زويمر عن رأيه في أعمال المبشرين في أحد المؤتمرات فقال: لقد خلقتم في ديار الإسلام شبابا لا يعرف الصلة بالله ولا يريد أن يعرفها واخرجتم المسلمين من الإسلام ولم تدخلوه في المسيحية وبالتالي جاء النشئ كم يريد الاستعمار لا يهتم للعظائم ويحب الراحة والكسل ولا يصرف همه في دنياه إلا للشهوات .
ويكفي أن تعرف مقدار خطر هذا المبشر أقصد الحاخام حيث أنه يهودي اندس في صفوف المبشرين للكيد للإسلام والمسلمين فقد أوصى زويمر قبل وفاته بأنه يدفن في مقبرة يهودية وعلى أيدي حاخام يهودي . وصموئيل زويمر أثناء عمله في البحرين كان يلقب نفسه بضيف الله والسكان يلقبونه بضيف الشيطان وقد زار زويمر مختلف المناطق في الجزيرة العربية ووضع توصياته للمبشرين .
وعندما استقرت أوضاع الارسالية في البحرين على أيدي زويمر تم افتتاح ارساليتين في كل من عمان والكويت. ومن عمان انطلق المبشرون إلى امارات الساحل حيث قام زويمر بجولة في الساحل الشمالي لعمان ودرس خلالها المناطق التي يمكن اقامة مراكز تبشيرية فيها ثم أقام بعده الدكتور ( بور هاريسون ) بجولة في المنطقة حيث زار امارات الساحل حيث تم انشاء ارساليات تبشيرية فيها كالإرسالية العربية الأمريكية في الشارقة وقد أنشأتها الدكتورة ( سارة هاوسمان ) وكانت جزءا من الارسالية العربية الأمريكية كما أنشئت ارسالية أخرى وهي الارسالية الانجيلية ( بروتستاتية ) والتي يقودها الدكتور كيندي في مدينة العين .
وقد كانت جميع هذه الارساليات التبشيرية تتخذ من الخدمات الطبية وبناء المستشفيات والمصحات مدخلا مهما لعملياتها التبشيرية بالاضافة إلى الخدمات التعليمية التي كانت تقوم بها من خلال بناء المدارس الأجنبية والاشراف عليها. وكانت وسائل نشر المسيحية هي المطبوعات التبشيرية التي تهدف التعريف بالمسيحية وأيضا ترجمة الكتاب المقدس إلى العربية وطباعته وتوزيعه على المسلمين بالإضافة إلى الحوار مع المسلمين .
لقد استغل المبشرون حالة التخالف والفقر التي كانت تعيشها منطقة الخليج العربي وحاجتها للتعليم والخدمات الطبية أسوأ استغلال فلم يكن الهدف من إنشاء المدارس والمستشفيات هو رفع المستوى التعليمي والصحي للسكان بقدر ما كان استغلال هذه الوسائل في عمليات التبشير.
ولو أردنا أن نتحدث عن منجزات الإرسالية العربية الأمريكية في منطقة الخليج فإنه ربما يكون من أبرز نتائج هذه التجربة كما يقول عبد المالك التميمي: هو أن عملها الذي غطى يقارب خمسا وثمانية عاما قد فشل في اجتذاب جماهير الأهالي في المنطقة وبالتالي أخفق في تحقيق أهدافه حيث كان عدد معتنقي المسيحية ضئيلا جداً .

القاديانية حركة باطلة معادية للإسلام (1)
بقلم / يوسف الطويل
جريدة الوحدة الاماراتية 25/2/1988
القاديانية فرقة تقوم معتقداتها على الضلال والانحراف ومنذ وقت مبكر حاولت هذه الفرقة التعبير عن حقد أصحابها على الإسلام بكتابات ما فتنت تظهر بين الحين والآخر مشوهة مفاهيم الإسلام وتاريخه .
أن الشغل الشاغل للقاديانيين كان أثاره الشكوك والتفسير الخاطئ للنصوص الشرعية سواء منها ما ينص على الجهاد أو غيره وكانوا يسعون إلى زرع الفتنة بين المسلمين وبين المسلمين وغير المسلمين في محاولة لتنفيذ السياسة الاستعمارية في زرع الفرقة والشقاق .
وقد يكون من المفيد أن نعلم بأن الكيان الصهيوني كان له نصيب في الاستفادة من نشاطات هذه الفئة الضالة المرتدة عن الإسلام وهناك من يؤكد بوجود مركز قادياني في داخل الكيان الصهيوني لذلك من واجب المسلمين في كل عصر ومصر أن ينتبهوا لأمر كل دعوة وادعاء خوف أن يدخل في باب ما هو شبيه بالقاديانية .
وقد أرسل إلينا الكاتب الإسلامي يوسف هذا المقال عن نشأة الحركة القاديانية وتطورها وعلاقتها بالاستعمار والصهيونية وفيما يلي الجزء الأول من هذا المقال : المحرر
نشأة القاديانية
ظهرت الدعوة القاديانية في النصف الثان من القرن التاسع عشر في بلاد الهند وشغلت هذه الأمة الإسلامية وما زالت بأفكارها ونشاطها الذي تجاوز حدود وطنها إلى أنحاء كثيرة من العالم الإسلامي وبخاصة المناطق النائية والبعيدة منه حيث يكون أبرز نشاطها حينما تنفرد بالدعوة باسم الإسلام في هذه المناطق خاصة في أمريكا وأفريقيا ومناطق أخرى. وصاحب هذه الدعوة هو ميزار غلام أحمد القادياني الذي ادعى أنه مصلحا ومجددا ثم مهديا ومسيحا موعودا وأخيرا ادعى أنه نبيا ورسولا .
ولد غلام أحمد في مدينة قاديان في بلاد البنجاب في الهند في سنة 1835 وكان والده يعمل طبيبا أو عرافا وكان غلام أحمد يفتخر بعمل أبوه ويقول: أنه تعلم من أبوه علوم التنجيم . وقد تلقى غلام أحمد مبادئ العلم وقرأ كتب المنطق والفلسفة والعلوم الدينية في قاديان واشتغل غلام احمد في أول حياته موظفا عموميا في بلدة سيالكوت ثم استقال من خدمة الحكومة واتجه إلى العمل في خدمة البعثات التبشيرية المسيحية وتوسمت هذه البعثات في ميزرا شخصا تجعله مخلب قط بالنسبة لسياستها التبشيرية فجعلت منه شخصية محبوبة في محيط المسلمين وألفت حوله المديدون.
وأول ما ظهر غلام أحمد بدعوته كان كرجل داعية عندما أعلن في عام 1884 أنه مجدد الإسلام واستند في ذلك قول الرسول صلى الله عليه وسلم: أن الله يبعث بهذه الأمة كل مائة سنة رجلا يجدد لها دينها واعتبر نفسه أنه رجل المائة الأخيرة .
ولما بلغ الأربعين ادعى بداية هبوط الوحي عليه حيث قال أنه دخل على الرسول في حجرة فقال له الرسول: ما هذا بيمينك يا أحمد فقال : فنظرت فإذا كتاب بيدي اليمين وخطر بقلبي أنه من مصنفاتي فقلت: يارسول الله اسمه قطب قال: أرني كتابك القطبي. وبينما أنا في هذا الخيال فإذا الميت جاءني حيا وهو يسعى وقام وراء ظهري وفيه ضعف كأنه من الجائعين فالقى الله في قلبي أن الميت هو الإسلام وسيحييه الله على يدي بفيض روحانية .
وفي عام 1888 أعلن أنه المرشد الذي يهدي الأمة الإسلامية ثم أعلن بعد ذلك أن روح المسيح وروح محمد قد حلت في جسده وعلى هذا فقد ادعى أنه نبي ورسول وقد حاول غلام أحمد أن يوهم المسلمين أن له معجزات كسائر الأنبياء ومن أضاليله في هذا الشأن أنه ادعى أنه يستطيع معرفة موعد الخسوف والكسوف وكان الانجليز هم الذين يمدونه بحسابات هذه الظواهر الفلكية التي لم تكن معروفة في الهند انذاك حيث أن معرفة موعد الخسوف والكسوف من الامور العلمية التى يستطيع اى انسان معرفتها عن طريق بعض الحسابات، وقد كانت صحة أحمد غلام أحمد معلولة فكان غير طبيعي وكان يعاني من اضطرابات تؤثر على سلوكه وحركاته وكان مصابا بالهستيريا .
وقد توفي غلام أحمد عام 1908 عندما أصيب بوباء الكوليرا رغم الجهود الجبارة التي بذلتها الحكومة الانجليزية لعلاجه وقد دفن غلام أحمد في قاديان التي سماها اتباعه مقر النبي العظيم وأصبحت قاديان مكانا مقدسا يحج إليها القاديون من كل مكان .
هذه نبذة تاريخية عن حياة غلام أحمد مؤسس الفرقة القاديانية الضالة وسنتكلم الآن عن الظروف التي نشأت فيها الدعوة القاديانية في بلاد الهند .
لقد مر المسلمون في بلاد الهند في محنة كبيرة في بداية القرن التاسع عشر وخاصة في اقليم البنجاب حيث قام السيك في تلك الأثناء وفي ظل السيطرة الاستعمارية باضطهاد المسلمين والتنكيل بهم وتجرأوا على تعطيل الشعائر الدينية واغلاق المساجد الإسلامية وقويت شوكتهم وزاد ظلمهم للمسلمين .
وفي هذه الأثناء بدأ المسلمون يسعون إلى توحيد صفوفهم بزعامة المجاهد أحمد بن عرفان الذي دعا الناس إلى العودة إلى الدين الصحيح وقام بمحاربة البدع والشرك ودعا المسلمين إلى الجهاد في سبيل الله ونشبت المعارك بين المسلمين والسيك وكان النصر حليفا للمسلمين وقد نجح المجاهد أحمد بن عرفان وغيره أيقاظ الوعي الإسلامي من سباته واستطاع أن يلهب شعلة الجهاد والفداء وبث روح النخوة الإسلامية والحماسة الدينية في صدور المسلمين وقد سارت على نهج هذه الحركة سائر الحركات الإسلامية في بلاد الهند . وقد كانت الهند في ذلك الوقت تقع تحت نير الاستعمار البريطاني حيث ارتكب الانجليز فظائع كبيرة ضد الهنود فانفجرت ثورة 1857 والتي كادت أن تقضي على أطماع الانجليز في هذه البلاد وقد كان المسلمون في طليعة المشاركين في هذه الثورة وأذاقوا الانجليز مرارة الهزيمة ولكن الانجليز استطاعوا أن يقضوا عل هذه الثورة عن طريق القمع بكل قوة وعنف .
وأدرك الانجليز بعدها أن الخطر الحقيقي الذي يتهددهم يكمن في الإسلام وبخاصة في مفهوم الجهاد ولذلك ركز المستعمر على تشويه هذا المفهوم ومحاربته بشتى الوسائل والأساليب فأقام الانجليز المدارس الأجنبية والتي لا تتوافق مع طبيعة المسلمين وثقافتهم وقاموا أيضا باستقدام أعداد كبيرة من المبشرين والقساوسة الذين ملأوا البلاد لكي يقوموا بتنصير المسلمين بالإضافة إلى قيامهم بزعزعة ثقة المسلمين بدينهم عن طريق اثارة الشبهات حول الإسلام وملء نفوس المسلمين بالشك والريبة وقد استفحل خطر المبشرين والقساومة في هذه الفترة في بلاد البنجاب في الهند فقام بالتصدي لهم عدد من علماء المسلمين للحد من خطورتهم. فكثرت المناظرات في هذه الفترة بين القساوسة وعلماء الإسلام حيث انتصر فيها العلماء المسلمون وظهرت قوة حجج الإسلام أمام خصومه .
ولكن تلا هذه الفترة من المناظرات كما يقول أبو الحسن النووي: قلقل في النفوس وبلبلة في الأفكار والعقائد واتسع الخلاف بين الفرق الإسلامية وتحمست كل فرقة إسلامية في الرد على غيرها وكثرت المناظرات والمجادلات التي أدت في بعض الأحيان إلى المضاربات والمحاكمات وحمى الوطيس وعنف الصراع وكل ذلك أحدث قلقا فكريا وأضعف حرمة الدين ومهابته وحط من مكانة العلماء وكرامتهم . ونشط في هذه الفترة محترفو التصوف في نشر شطحاتهم والهاماتهم وكثر المتطفلون والأدعياء وكثرت الاتهامات والتنبؤات والمنامات .
وكان كل هذا الذي يحدث في الهند في هذه الفترة يسير على مصلحة الانجليز ولذلك قام الانجليز بتشجيع هذه المناظرات والمجادلات والدعوات لأنها تحدث الاضطراب الفكري والخلقي في البلاد وتبعد الأنظار عن الخطر الحقيقي الذي يتهدد البلاد عن طريق شغل الناس في قضايا فرعية وفارغة .
في ظل هذا الجو من البلبلة والاضراب الفكري هيأ غلام أحمد نفسه للدخول في معركة المجادلات والمناظرات والتي ستكسبه النصر والصيت البعيد حيث أن من كان يقوم للدفاع عن العقيدة الإسلامية والرد على أصحاب الديانات الأخرى في هذه الفترة كان محل اعجاب وتقدير المسلمين ومعقد أمالهم ومن هنا بدأ غلام أحمد يؤلف كتابا في اثبات فضل الإسلام والرد على الديانات الأخرى في الهند كالمسيحية والأردية والبرهمية . وقد سمي هذا الكتاب ( براهين أحمدية ) وقد قام بعمل دعاية كبيرة لهذا الكتاب حيث دعا المسلمين للتبرع لتغطية تكاليف طبع هذا الكتاب .
ويظهر أن هذا الكتاب قد جاء في أوانه وأن المؤلف كان بعيد النظر في اثارة هذا الموضوع الذي يشغل المسلمين وكانوا يجلون كل من ينهض له وينظرون إليه كبطل من أبطال الإسلام وقد أحسن غلام أحمد الدعاية لهذا الكتاب فأحدث دويا في الأوساط الإسلامية وكان التحدي من أكبر أنصار هذا الكتاب كما يقول أبو الحسن النووي .
ثم ألف غلام أحمد كتابا آخر في مناظرة الديانة الأردية والرد عليها، وقد كان لهذين الكتابين صدى عميق في الأوساط الإسلامية وغير الإسلامية وعن طريقهما عرف غلام أحمد قيمته وجعل يشعر بخطره وتأثيره وامكانيات نجاحه ونشأ فيه اعتزاز بنفسه ورأيه واعجاب بشخصيته، وكان كل ذلك نقطة تحول في حياته من الخمول إلى الظهور ومن التواضع إلى الكبرياء ومن مناظرة المسيحيين والأريين إلى دعوة المسملين ومناظرتهم وتحديهم .
وغلام أحمد خلال هذه الفترة لم يفصح عن نواياه الخبيثة بل كان يعتبر نفسه داعية أو مجددا بالرغم من ولائه للانجليز في هذه الفترة والتغني بفضلهم على المسلمين .
ولكن التحول الخطير في مجرى دعوته يتضح من خلال الرسالة التي أرسلها له الحكيم نور الدين الذي يذهب كثير من الباحثين إلى أنه صاحب الفكرة والتصميم في الحركة القاديانية فقد اقترح نور الدين على غلام أحمد أن يدعي أنه المسيح الموعود ويبدو أن الميزرا كان مترددا في البداية ولكنه قبل هذه الفكرة وأعلن في سنة 1891 أنه المسيح الموعود .
ويذهب البعض إلى أن فكرة دعوة غلام للادعاء بأنه المسيح الموعود وهي من صنع الانجليزي ووحيهم وايعازهم فإنهم أرادوا استغلال هذه العقيدة لخدمة مصالحهم في العالم الإسلامي وربما هذا هو ما يفسر دفاع أحمد عن الانجليز وسعيه إلى تحقيق أعظم أهدافهم وهو إنهاء فريضة الجهاد كما سنوضع في الحلقة القادمة.
الحلقة الثانية
القاديانية فرقة تقوم معتقداتها على الضلال والانحراف ومنذ وقت مبكر حاولت هذه الفرقة التعبير عن حقد أصحابها على الإسلام بكتابات ما فتنت تظهر بين الحين والآخر مشوهة مفاهيم الإسلام وتاريخه .
أن الشغل الشاغل للقاديانيين كان أثاره الشكوك والتفسير الخاطئ للنصوص الشرعية سواء منها ما ينص على الجهاد أو غيره وكانوا يسعون إلى زرع الفتنة بين المسلمين وبين المسلمين وغير المسلمين في محاولة لتنفيذ السياسة الاستعمارية في زرع الفرقة والشقاق .
وقد يكون من المفيد أن نعلم بأن الكيان الصهيوني كان له نصيب في الاستفادة من نشاطات هذه الفئة الضالة المرتدة عن الإسلام وهناك من يؤكد بوجود مركز قادياني في داخل الكيان الصهيوني لذلك من واجب المسلمين في كل عصر ومصر أن ينتبهوا لأمر كل دعوة وادعاء خوف أن يدخل في باب ما هو شبيه بالقاديانية .
وقد أرسل إلينا الكاتب الإسلامي يوسف الطويل هذا المقال عن نشأة الحركة القاديانية وتطورها وعلاقتها بالاستعمار والصهيونية .وفيما يلي الجزء الثاني والأخير من هذا المقال المحرر .
وما أن أعلن غلام أحمد أنه المسيح الموعود بدأ في نشر ضلالاته بين المسلمين عن طريق تفسيراته الغربية للقرآن والأحاديث النبوية النبوية لكي يؤيد وجهة نظره فيما يريد الوصول إليه . ومن أقوال غلام أحمد الضالة هو ادعائه أن روح المسيح قد حلت فيه وأن ما يلهمه هو كلام الله كالقرآن والتوراة والانجيل وأن الله قد أوحي إليه بآيات تربو على عشرة آلاف آية وأن قاديان هي البلدة المقدسة المكني عنها في القرآن بالمسجد الأقصى والثالثة بعد مكة والمدينة وأن الحج إليها فريضة .
هذا بالإضافة إلى أن غلام أحمد يزعم بأنه هو المراد من الحديث الوارد في نزول المسيح ابن مريم عليهما السلام حيث يقول: وأن المسلمين والنصارى يعتقدون باختلاف يسير أن المسيح ابن مريم قد رفع إلى السماء بجسده العنصرى وأنه ينزل من السماء. وقد اثبت في كتاب فتح الإسلام أنها عقيدة خاطئة وقد شرحت أنه ليس المراد بالنزول هو نزول المسيح بل هو إعلام على طريق الاستعارة بقدوم مثيل المسيح وأن هذا العاجز يعني نفسه هو مصداق هذا الخبر حسب الأعلام والالهام.
ومن ضلالاته هو تفسيره لمعنى خاتم النبيين التي وردت في الآية الكريمة " ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين " فقد وقف غلام أحمد أمام هذه الآية حائرا لأنها تسد أمامه الطريق في ادعاءه النبوة فحاول تأويل الآية على معنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أفضل النبيين أو سيد النبيين أو الطابع والخاتم الذي يطيع به كافة النبييين من بعده .
فقد جاء غلام أحمد بعد أربعة عشر قرنا من الزمن ليخبر المسلمين أن فهمهم لمعنى هذه الآية خاطئ أنه وحدة هو الذي استطاع فهم معناها الحقيقي ومن الواضح أن معنى الآية واضح في غاية الوضوح حيث اجمع علماء اللغة والتفسير على أن معنى خاتم النبيين هو آخرهم الذي لا نبي بعده مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم " أن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي " رواه الترمذي
ولعل من أخطر ضلالات غلام أحمد هو دعوته إلى الغاء الجهاد وموالاة الاعداء حيث يقول: لقد الغي الجهاد في عصر المسيح الموعود الغاءً باتا أن الجهاد للدين يحرم في عهد المسيح فيحرم الجهاد في هذا اليوم وكل من يرفع السيف للدين ويقتل الكفار باسم الغزو والجهاد يكون عاصيا للسنة ولرسوله.
ففي هذا الوقت العصيب الذي كانت تمر بة الأمة الإسلامية والمسلمين في الهند والتي كانت في أحوج ما تكون إلى داعية يجمع شملها ويوحد صفوفها ضد العدو الغاصب، طالب غلام أحمد بالغاء الجهاد ونسخه وليته اكتفى بذلك بل طالب بمهادنة الانجليز وتيجيلهم لما لهم من فضل على المسلمين فيقول في ذلك: أنه لا يحل الجهاد أصلا ضد الحكومة الانجليزية التي أحسنت إلينا بل بالعكس من ذلك يجب على كل مسلم أن يطيع هذه الحكومة بكل اخلاص وقد اتفقت على طبع هذه الكتب أحد الأديرة وأرسلتها إلى البلاد الإسلامية وأنا عارف أن هذه الكتب قد أثرت تأثيرا عظيما في أهل هذه البلاد .
وقد كان غلام أحمد شديد الولاء للانجليز وهم يومئذ المحتلون الغاصبون لبلاده وكان يسلك كل طريق لاظهار الولاء والطاعة والوفاء لهم حتى قال: لقد ظللت منذ حداثة سنى ______ وقدامي لاصرف قلوب المسلمين إلى الاخلاص للحكومة الانجليزية والنصح لها والعطف عليها واثنى فكرة الجهاد التي يدين بها بعض جهال المسلمين والتي تمنعهم من الاخلاص للانجليز وانا مؤمن بأنه كلما كثر عدد أتباعي قل شأن الجهاد ويلزم من الايمان بي أني مسيح أو مهدي أنكار الجهاد . وقد ألفت الكثير في تحريم الجهاد ضد الانجليز الذين أحسنوا إلينا والذين يجب علينا طاعتهم بكل اخلاص.
وهذا الذي يقوله غلام أحمد ليس بمستغرب أن يصدر منه فأغلب الباحثين يؤكدون أن القاديانية هي وليدة السياسة الانجليزية في الهند ولهذا حمى الانجليز دعوة غلام أحمد ومكنوه من نشر دعوته وأمدوه بالأموال اللازمة لذلك ويكفي أن نعرض لاعتراف غلام أحمد نفسه الذي يعترف فيه بأنه من غرس الانجليز حيث يقول: والمأمول من الحكومة أن تعامل هذه الجماعة التي هي من غرس الانجليز أنفسهم ومن صنائعهم بكل حزم واحتياط وتحقيق ورعاية وتوصي رجال حكومتها أن تعاملني وجماعتي بعطف خاص ورعاية فائقة.
وكان من المعروف عن غلام أحمد هو كثرة مناظرته مع القساوسة والمبشرين . وكان يقول في تعليل حدة وعنف قد يعتريه في الرد عليهم: لقد غلا بعض القساوسة والمبشرين في كتاباتهم وجاوزا حد الاعتدال ووقفوا في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وخفت على المسلمين الذين يعرفون بحماستهم الدينية أن يكون لها رد فعل عنيف وأن تثور ثائرتهم على الحكومة الانجليزية ورأيت من المصلحة أن أقابل هذا الاعتداء بالاعتداء حتى تهدأ ثورة المسلمين وكان كذلك .
وهكذا فإن حدة وعنف غلام أحمد في مناظرته مع القساوسة والمبشرين لم تكن نابعة عن غيره ودفاع عن الإسلام بل أنه خاف أن يثير هجوم القساوة على الإسلام حماسة المسلمين ويزيد من كراهيتهم وحقدهم على أسياده الانجليز، ولذلك هب لمواجهة القساوسة من أجل عيون الانجليز.
نشاط الطائفة القاديانية بعد وفاة غلام أحمد
انفسم أتباع غلام أحمد بعد وفاته إلى شعبتين الأولى هي شعبة قاديان والثانية هي شعبة لاهور. وشعبة قاديان بقيت محافظة على تعاليم غلام أحمد وتصر هذه الطائفة على أن غلام أحمد هو المسيح الموعود وهو نبي ورسول . وقد استقر أتباع هذه الطائفة في منطقة تعرف بالربوة في أقليم ( جانج ) في البنجاب بعد أن أصبحت قاديان بلدة مهجورة بعد أن تركها أهلها إلى باكستان بعد انقسام القارة الهندية .
اما الشعبة الأخرى فهي شعبة لاهور وهي أشد خطرا من شعبة قلديان ومن أبرز زعمائها محمد علي صاحب ترجمة القرآن الكافرة .
وهذه الشعبية تتميز بأن أراء أصحابها غير واضحة فمرة يقولون عن غلام أحمد أنه مجدد وليس نبي ومرة يقولون عنه أنه المسيح الموعود. وأصحاب هذه الجماعة يتصفون بالغموض والمراوغة كما أنهم نهجوا نهج الأقلال من التعاليم القاديانية في نشر مذهبهم وتحروا السهولة في عرضها لتحوز القبول لدى جماهير المسلمين.
وقد اتسم نشاط هذه الجماعة بالتنظيم والفاعلية وخاصة في ميادين الطبع والعمل الدعائي المنظم ومن ضلالاتهم هو قولهم أن المسيح عليه السلام لم يولد من غير أب وزعيمهم محمد علي يصرح بأن سيدنا عيسى عليه السلام هو ابن يوسف النجار وأن مريم كانت متزوجة به .
ويجب ملاحظة أثر اليهود في هذا الرأي حيث أن هذا الرأي هو أساسا من مفتريات اليهود على سيدنا عيسى وأمه مريم عليهما السلام حيث وصف القرآن قول اليهود هذا بقوله تعالى: وبكفرهم وقولهم على مريم بهتانا عظيما". وزعماء الفرغ اللاهوري يلحون على أن غلام أحمد لم يدعي النبوة ويفسرون ذلك بأنه مجازات لغوية ويكابرون في ذلك اللغة والواقع ولهذا فإن القاديانيين يلقبونهم بالمنافقين لأنهم يحاولون الجمع بين الانتساب إلى مؤسس الجماعة غلام أحمد وارضاء الجماهير.
ومحمد علي صاحب ترجمة القرآن الكافرة يلقب غلام أحمد بحجة القرن العشرين والمصلح الأكبر وزيادة على ذلك يعتقد أنه المسيح الموعود ويصف غلام أحمد بأنه مسيح هذه الأمة . وقد غلب على تفسير محمد علي في ترجمته للقرآن الاتجاه العقلي الصرف في التفسير وهروبه من كل شيء يتطلب الايمان بالغيب وبالقدرة الالهية وبالمعجزات متجها بذلك نفس اتجاه الحركات الباطنية والاسماعيلية في التفسير .
وقد روجت القاديانية لترجمة محمد علي للقرآن ترويجا شديدا في العالم الإسلامي ولكن صدرت فتوى من رابطة العالم الإسلامي في مكة بتاريخ 28 نوفمبر 1972 تبطل هذه الترجمة وتحذر المسلمين منها ومن غيرها.
أما عن نشاط القاديانية فيقول أبو الحسن النووي: أنه لا يرى لها نشاط إلا في المناظرات وأثارة الشكوك والشبهات في المسلمين وتأييد السياسة الانجليزية ونشر الدعاية لعقيدتها الخاصة في الهند وخارج الهند .
وقد ألف أبو الأعلى المودودي رسالة في الرد على القاديانية حيث بين موقف الإسلام من هذه الفرقة الضالة وطالب بمعاملة القاديانية كاقلية غير مسلمة في باكستان. ويقول المودوي عن ناشطهم: أنهم يلجون في صفوف المسلمين وكأنهم منهم وينشرون فكرتهم ويدعون إلى طريقهم ومبادئهم ويناظرون الناس ويجادلونهم باسم الإسلام ويسعون سعيا متواصلا في تحطيم أجزاء الأمة المسلمة وضمها إلى مجتمعهم
وقد حارب محمد اقبال نشاط هذه الطائفة الضالة لأن نشاطهم اقتصر على اثارة المناقشات الدينية والمباحثات حول موت المسيح وحياته ونزوله ونبوة غلام أحمد المزعومة مما لا اتصال له بالحياة العامة للمسلمين .
وهكذا بقى القاديانيون ولا زالوا مشتغلين بالمناظرات واثارة الشكوك والشبهات في المسلمين وفتنتهم عن دينهم وخدمة المخططات الاستعمارية .
وإذا كان غلام أحمد وأتباعه قد ارتضوا على أنفسهم أن يكونوا العوبة في يد السياسة الانجليزية في بلاد الهند فإنه ليس من المستغرب أن ينحو أتباعه في هذا الوقت نفس المنحى والاتجاه، فتعاونهم الوثيق مع الصهيونية العالمية لمساعدتها في تحقيق أهدافها التوسعية في المنطقة العربية والإسلامية ازدادت حدته وحذر الكثيرون من خطره .
فالعلاقات بين الكيان الصهيوني في فلسطين المحتلة والحركة القاديانية راسخة وقوية حيث تلقى الحركة القاديانية من العدو الصهيوني كل دعم وتأييد في ترويج أباطيلها ضد المسلمين. وليس أدل على ذلك مما أوردته مجلة أرض الإسراء في العدد 104/ نيسان 1987 من أن رئيس الكيان الصهيوني هيرتزوغ استقبل رسميا رئيس المركز القادياني في حيفا وقد تبرع الكيان الصهيوني بمبلغ 18 مليون دولار أمريكي للمركز القادياني في حيفا وقد حضر اللقاء المدير السابق لجهاز المخابرات الصهيونية ( الموساد ) !!!؟
وإذا تركنا الكيان الصهيوني وذهبنا إلى جنوب أفريقيا فإننا سنجد أن هذه البلاد أصبحت أرضا خصبا لنشاط الطائفة القاديانية الضالة في ظل حماية النظام العنصري هناك . فحكومة جنوب أفريقيا تعامل الطائفة القاديانية كفرقة إسلامية بالرغم من احتجاج المسلمين هناك على هذا الوضع عن طريق المحاكم إلا أن الحكومة هناك اعترفت بهم كمسلمين .

ليست هناك تعليقات: