المبشرون استخدموا وسائل الإعلام للهجوم على الدين الإسلامي الحنيف
وقد لجأ هؤلاء المبشرون إلى دراسة علوم اللغة العربية والإسلامية لمعرفة اتجاهات المسلمين في مختلف الحياة ونظرا لأن ظهور حركة الاستشراق له صلة وثيقة بما يحدث اليوم من غزو فكري وتبشيري لكل المسلمين في مختلف أرجاء المعمورة ينبغي أن نلقي الضوء على الجذور التاريخية الأولى لحركة الاستشراق وما هي العوامل التي أدت إلى ظهورها ومدى تأثيرها على المسلمين سلبا وايجابا .
اتجه الإستعمار الغربي إلى الغزو غير المباشر للسيطرة على العالم الإسلامي وذلك باستخدام الغزو الفكري وسيلة مؤثرة بعد فشل وسائله التقليدية في الغزو العسكري للسيطرة على الشعوب الإسلامية ونهب ثرواتها .
وقد وجد الاستعمار في المستشرين الغربييين ضالته المنشودة لتحقيق أهدافه في السيطرة والتبعية عن طريق السيطرة على عقول المسلمين وتشكيكهم في دينهم وحضارتهم .
وسائل المبشرين
بالنسبة لأهم وسائل المبشرين ومؤسساتهم لإنجاح عالمهم التبشيري ما يلي:
1) الاكثار من فتح المدارس والمعاهد والجامعات في البلاد الإسلامية التي يجعلون هدفها الأول خدمة الدين المسيحي ودولهم الاستعمارية، فقد اتخذ التبشير من التعليم اهم اداة وأعظمها أثرا في تشكيل أجيال المسلمين الجديدة التي يريدها أن تكون مستسلمة لنفوذه ومتقبلة لمفاهيمه وقيمة فقد اجمع كثير من المبشرين على أن التعليم التبشيري هو أفضل طريق للوصول إلى عقول المسلمين وتحقيق الأهداف البشرية، حيث يرون أن أهداف المدارس والكليات التي تشرف عليها الارساليات في جميع البلاد الإسلامية كانت دائما متشابهة من حيث أنها كانت تعتبر من الدرجة الأولى وسيلة لتحقيق أهداف التبشير حتى أن الموضوعات العلمية البحتة والتي تعلم من كتب غربية وعلى أيدي مدرسين غربيين تحمل معها الآراء التبشيرية .
فسيطرة الاستعمار على التعليم في البلاد الإسلامية أبان خضوعها للاستعمار أتاحت للمبشرين فرصة ذهبية لتحقيق أهدافهم وفي ذلك تقول المبشرة أنا مليجان: ليس ثمة طريق في تدمير الإسلام أقصر من المدرسة فإن المدرسة أقوى قوة لجعل الناشئين تحت تأثير الغرب والمسيحية وهذا التأثير يستمر حتى يشمل أولئك الذين سيصبحون يوما ما قادة لأوطانهم .
ويقول نيروز رئيس الجامعة الأمريكية ببيروت 1948-1951 لقد برهن التعليم عن أنه أثمن الوسائل التي استطاع المبشرون أن يلجأوا إليها في سعيهم لتنصير سوريا ولبنان . وعلق المبشر سيمون في مؤتمر لكندا التبشيري في الهند 1911 بسخرية على فكرته الجامعة الإسلامية التي كانت تهيمن على الشعوب الإسلامية في ذلك الوقت بقوله: وعبثا يبنى هؤلاء آمالهم على الجامعة الإسلامية لأن التربية غير الإسلامية قد ثبتت في دمائهم بفضل مدارس التبشير .
وماذا يمكن أن نتوقع من مدارس وجامعات تعتبر تدريس اللغة العربية والدين الإسلامي والحضارة والتاريخ الإسلامي أمرا ثانويا وأن درستها فإنها تدرسها بصورة مشوهة كلها تشكيك واستخفاف ونقد هدام . أما اللغات الغربية والثقافة والفكر الغربي والدين المسيحي فهي محل الاهتمام والتعظيم فيخرج الطالب من المدارس والجامعات وهو يعرف من ثقافة وفكر الغرب والدين المسيحي أكثر مما يعرف عن الإسلام والحضارة الإسلامية بالطبع لا بد أن يكون المتخرجون من هذه المدارس والجامعات هم أكثر الناس فتنة وتبعية للغرب والفكر الغربي وأقلهم غيره وحرصا على دينهم وحضارتهم الإسلامية .
ويكفي أن نعرض لرأي كل من جبران خليل جبران المسيحي وعبد القادر الحسيني المسلم في مدارس وجامعات الإرساليات التبشيرية .
فقد عبر جبران عن أثر هذه المدارس في نفسه وفي جيله وأثرها في تكريس التبعية الفكرية للغرب وفي تفكيك الروابط بين الطوائف المختلفة بقوله : في سوريا كان التعليم يأتينا من الغرب بشكل الصدقة، وقد كنا ولم نزل نلتهم خبز الصدقة لأننا جياع متضورون. ولقد أحيانا ذلك الخبر ولما أحيانا أماتنا، أحيانا لأنه أيقظ بعض مداركنا ونبه عقولنا قليلا وأماتنا بأن فرق كلمتنا وأضعف وحدتنا وقطع روابطنا وأبعد ما بين طوائفنا حتى أصبحت بلادنا مجموعة مستعمرات صغيرة مختلفة الأذواق متضاربة المشارب كل مستعمرة منها تشد في حبل احدى الأمم الغربية وترفع لواءهاوتترنم بمحاسنها وأمجادها فالشاب الذي يتناول لقمة العلم من مدرسة أمريكية قد تحول بالطبع إلى معتمد أمريكي والشاب الذي تجرع رشفة من مدرسة يسوعية صار سفيرا فرنسيا إلى آخر ما هنالك من المدارس وما تخرجه كل عام من المحدثين والمعتمدين والسفراء .
وإذا كانت هذه الأقوال تصدر من مسيحي عربي مخلص لوطنه أحس بخطر هذه المدارس ليس على عقيدته لأنه مسيحي مثلهم ولكن أحس بخطرها على وطنه ولغته العربية وكيف أن هذه المدارس عملت على زيادة النعرات الطائفية وساهمت إلى حد كبير في تكريس التبعية الفكرية للدول العربية ، فإن رأي أي إنسان مسلم في هذه المدارس والجامعات سيضاف إليه أمر آخر وهو الهجوم والتشكيك لكل ما يتعلق بالدين الإسلامي والحضارة والتاريخ الإسلامي دون أن يستطيع أي إنسان أن يقول أن في كلامه أي مبالغة .
فقد وصف عبد القادر الحسيني الجامعة الأمريكية ببيروت يوم تخرجه منها بقوله أن هذه الجامعة تظهر أمام الناس في مظهر المدرسة العلمية ولكنها في الحقيقة بؤرة فساد للعقائد الدينية وهي تطعن في الإسلام ولذلك لا يصح للمسلمين أن يبقوا أولادهم فيها وقد عرض يومها عبد القادر الحسيني لعدد من الكتب التي تدرس في الجامعة والتي تشوه وتهاهجم الدين والتاريخ الإسلامي.
2) أما الوسيلة الثانية والتي يعتمد عليها المبشرون في تحقيق أهدافهم فهي اعتمادهم على تقديم الخدمات الطبية عن طريق إنشاء المستشفيات والمصحات في البلاد الإسلامية مستغلين في ذلك انتشار الأمراض وقلة المستشفيات في أماكن كثيرة من البلاد الإٍسلامية وحاجة المرضى للعلاج وما يعانيه هؤلاء من الام شديدة قبل حصولهم على العلاج المناسب .
ولذلك فإن المبشرين يقولون حيث تجد بشرا تجد آلاماً، وحيث تكون الآلام تكون الحاجة إلى الطبيب، فهناك فرصة مناسبة للتبشير فتقديم الخدمات الطبية للمرضى هو وسيلة إلى غاية وهي تحقيق أهداف التبشير فالمبشرون يوصون الذين يعملون في هذا المجال إلا ينسوا ولو للحظة واحدة بأنهم مبشرون قبل أن يكونوا أطباء فالهدف التبشيري أولا ثم تقديم الخدمات الطبية ثانيا .
وفي ذلك يقول المبشر موريسون : ونحن مقتنعون بلا ريب أن الناحية الأساسية من أعمال التنصير بين المرضى الخارجين في المستشفيات هو أن ندخلهم أعضاء في الكنيسة المسيحية الحية .
ومن وسائلهم لتلقين أهدافهم هو أنهم يستغلون حالة المرضى الصعبة وسذاجتهم وحاجاتهم للعلاج ويأخذون بالقاء دروسهم عن المسلمين مستغلين تكريم القرآن لسيدنا عيسى وأمه مريم عليهما السلام في ادخال المفاهيم المسيحية لعقول المسلمين .
ففي بلدة الناصرة في السودان كان المبشرون لا يعالجون المريض أبدا إلا بعد أن يحملوه على الاعتراف بأن الذي يشفيه هو المسيح وفي الحبشة كانت المعالجة لا تبدأ إلا قبل أن يركع المرضى ويسألوا المسيح أن يشفيهم .
3) قيامهم بإنشاء الجمعيات والمنظمات التي تقوم بتقديم المساعدات الاجتماعية لمنكوبي الحروب والكوارث الطبيعية وغيرها بالإضافة إلى قيامها بإنشاء الملاجئ ودور الحضانة ودور الأيتام وغيرها من المؤسسات وكل هذه المؤسسات والمنظمات ذات أهداف تبشيرية وأن حاولت أن تخفي هذه الأهداف تحت ستار عمل الخير وتقديم المساعدات، مستغلين بذلك حالات الفقر والحاجة التي تمر بها كثير من المناطق في العالم الإسلامي. فقد عملت هذه الجمعيات والمنظمات في أندونيسيا أثناء قيام الحكومة بتهجير جزء كبير من سكان جزيرة جاوة إلى الجزر الأخرى فاستغلت هذه الجمعيات هذه الفرصة وقامت بتنصير كثير من المسلمين .
وأيضا فإن نشاط هذه الجمعيات أصبح معروفا للجميع في مناطق المهجرين في أفغانستان وما يقومون به من تنصير للأطفال، وآخر ما كشف عن نشاط هذه المنظمات والجمعيات هو ما حدث في السودان عندما أعلنت الحكومة السودانية الشهر الماضي عن طردها لثلاث هيئات دولية تعمل في السودان تحت ستار المساعدة والإغاثة وأعلنت الحكومة أنها بصدد طرد عدد آخر من هذه الهيئات التي تتخذ من مساعدة منكوبي الحرب والجفاف ستارا للتخريب السياسي والاقتصادي والديني .
وقد علق هانزكنج وهو رجل دين مسيحي عن أعمال هذه المنظمات والجمعيات بقوله :
أن التبشير المسيحي في العالم الثالث ليس أخلاقيا فإنه يعتمد على القوة واستغلال الظروف الاجتماعية السيئة التي تعيشها هذه الدول. وأضاف أن التبشير بالأديان يجب أن يجري في مناخ متحرر من الضغوط .
4- القيام بترجمة الإنجيل إلى كافة اللغات وتوزيعه على المسلمين بثمن رمزي وأحيانا بالمجان فقد جاء في كتاب ( جذور الماسونية ) لأحد الكتاب الأتراك قوله أن عدد ما طبع ووزع من نسخ العهدين القديم والجديد بواسطة إرساليات التبشير خلال مائة وخمسين عاما يزيد عن ألف مليون نسخة مترجمة إلى 130 لغة عدا التبشير والمجلات كما قرر أن تكاليف هذه المطبوعات لا تقل عن تسعين ألف مليون ليرة تركية اى ما يقارب من 7000 مليون دولار .
5- الاعتماد على الإذاعات التبشيرية الإقليمية والتي تقوم بنشر الآراء التبشيرية بالإضافة إلى قيامها بالهجوم على الدين الإسلامي . فقد كشفت الدراسات التي ناقشها مؤتمر عدم الانحياز والذي انعقد في كوالالمبور أن حوالي 2500 محطة إذاعية من 64 لغة تشن هجوما صريحا وضاربا على الدين الإسلامي، هذا بالإضافة إلى اعتمادهم على الصحف والسينما والمسرح في إذاعة الآراء والتي تحقق أغراضهم وتجنيدهم للنساء للقيام بالعمل التبشيري وذلك لسهولة دخولهن البيوت ومقدرتهن على إقامة صداقات مع النساء المسلمات وأيضا الاعتماد على عمل صداقات شخصية مع المسلمين والاحتكاك بهم وإثارة قضايا تتعلق بالدين الإسلامي والمسيحي وعقد المؤتمرات التي يشترك فيها مسلمون ومسيحيون بدعوى الحوار بين الأديان وغيرها من الوسائل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق