شيطنة القذافي .. وسقوط النخب العربية
يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
بالرغم من ان الاحداث الجارية في المنطقة العربية، ستسقط حكومات وزعامات فاسدة جثمت على انفساس المواطن العربي لعقود طويلة، الا اننى اعتقد ان هذه التغييرات لن تغيير من واقعنا شئ، الا اذا تم وفي نفس الوقت اسقاط ما يسمون انفسهم بالنخب العربية بكافة اشكالها والوانها من المحيط الى الخليج.
فالاحداث الجارية اذا كانت قد كشفت عن هشاشة الانظمة وفسادها، فانها ايضا كشفت عن نفاق وانتهازية وخواء النخب العربية. اقول هذا الكلام ليس ترحما على هذا النظام او ذاك او مخافة من المستقبل الاسود الذى ينتظر هذه الامه الميته، او التى تحتضر في احسن احوالها، بل اقول ذلك لما لاحظت من انعدام التقييم الموضوعي لما يجرى، والانجراف وراء اهواء واشاعات وترديد اقوال وتنفيس احقاد، ، وتفنن في اختراع العبارات والنعوث لمن سقط ولمن ينتظر.
لا اختلف مع احد في فساد الانظمه والزعماء والحاجه الى التغيير، ولكن ان يتحول الجميع لعازفين ومطبلين لما تقوله محطات السي. ان.ان والجزيره والعربية وابطال الفيس بوك وغيرهم، ونرضى بقيادة اوباما وكاميرون وحمد بن جاسم، والجنائية الدولية ومجلس الامن، في الوقت الذى كنا قبل ايام نشتمهم ونكيل السباب لهم ونتهمهم بالمؤامره على امتنا والازدواجية في المعايير، فهذا ما لا يمكن لاى عاقل ان يفهمه او يستوعبه.
يتم الان وبصوره ممنهجه شيطنة القذافي واتهامه بابشع الصفات والنعاث، ليس فقط ممن كانوا على خلاف قديم معه، بل من نخب كانت تضع نفسها على طول الخط في صف اليساريين او انصار الوحدة والقومية وحركات التحرر. وجدنا هؤلاء جميعا يتفننون في ذم القذافي ووصفه باشنع الصفات والالقاب، وكأنه الشيطان الوحيد في المنطقة، الذى يحاول اغواء ملائكة الرحمن من المحيط الى الخليج.
ان هذا الشيطان القذافي كان له الشرف ومنذ توليه الحكم المناداه بالوحدة العربية وحتى هذه اللحظة، وكان له الشرف انه رفض اجماع العرب على ضرب العراق، وكان له الشرف في تعرضه وتعرض بلده ليبيا لعدوان امريكي فاضح بسبب مواقفه من امريكا والغرب، وحوصر هو وشعبه لسنين والعرب يتفرجون عليه ولم يفعلوا شيئا لانقاذ الشعب الليبي الذى يتباكي عليه الجميع الان.
لقد كان للقذاقي الشرف ايضا في القضاء على النهب المنظم للبترول الليبي من قبل الغرب واممه لينتفع به الشعب الليبي وغيره من الشعوب العربية والافريقية وحركات التحرر في العالم، وليس كبقية الدول العربية التى تحرس النفط (بل تجلس عليه كما قال كيسنجر) ولا تمتلكه، وحتى الفتات الذى تحصل عليه تضعه في البنوك الغربية ليتم سرقته بصوره منتظمه من خلال انهيارات مفتعله ومنظمه في البورصات العالمية.
ان القذافي وان كان ديكتانورا وسفاحا .. الخ فانه لم يكن عميلا للغرب وامريكا، بل ان الذين يتصدرون الان قيادة الحمله على القذافي هم الذين اقاموا علاقات مع اسرائيل وسمحوا لامريكا بتدمير العراق وشعبه، وهم الذين اجهضوا كل المحاولات الوحدوية للامه، وهم اللذين بددوا ثروات الامه، وافسدوا دينها ودنياها.
ان شيطنه القذافي بهذه الطريقه ليست صدفه او عملية اعتباطية، بل مقدمه لتحويل ليبيا الى عراق جديد، فكما تمث شيطنه صدام حسين، للاتيان بعملاء امريكا وتدمير العراق ارضا وشعبا، يتم الان شيطنة القذافي لتحقيق نفس الهدف.
المحزن حقا هو ان ينجر الجميع وراء هذا اللطم وشق التوب في حفلة الزار التى نصبها اعداء الامه لمن يسمون بالنخب العربية (الدراويش)، الذين سيسقطون ويتهاوون كما سقطت الانظمه، فالمراقب لما تبثه الفضائيات وما يكتب في وسائل الاعلام يعتقد ان الامه تقف على ابواب الاقصى لتحريره، وان شارون ونتنياهو ارتديا عباءة القذافي العربية، للهروب بجلدهم من الزحف الهادر، الذى لاقى دعم مجلس الامن والجنائية الدولية، التى لن تعاقبهم فقط على سرقه وطن .. بل على جرائم لا تسقط بالتقادم.
انه عار كبير على الامه الا يوجد فيها في هذه اللحظة الفارقه من يوزن الامور ويقيمها بصوره عقلانية، ويقول كلمة حق لانقاذ بلد عربي من الضياع والدمار.. وعار على الشعوب والنخب التى كانت بالامس تهلل وتطبل لهذا الزعيم او ذاك وتتغنى بامجاده، ان تتحول وفي لمح البصر الى وحوش كاسره وتغير جلدها في لحظات، وكأنهم جميعا ينتظرون الطوفان القادم، فيسعى كلا منهم الى حجز مقعد له في الجنة الامريكية الموعوده، واظهار الطاعه والولاء قبل فوات الاوان.
بالرغم من تمنياتي الصادقه للشعب الليبى الشقيق في الوصول الى ما يريد جقا بتغيير النظام، وحكم نفسه على اسس ديمقراطية حره، الا اننى ادعوه الى التعقل وعدم الانسياق لهذا الضجيج الاعلامي المغرض، والعمل بهدوء لاحداث التغيير الذى اصبح مؤكدا، بما يكفل له وحدته ووحدة اراضية ويبعده عن خطر التدخل والحرب الاهلية التى يتمناها هؤلاء المطبلون.
عاش الشعب الليبي العظيم .. عاشت ليبيا ابيه حره
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق