الخميس، 20 أغسطس 2009
الثلاثاء، 18 أغسطس 2009
دموع حائره.. وحزن مغتصب في رفح
بقلم / يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
منذ اسبوعين وفي السادسه صباحا طرق باب بيتى شاب في مقتبل العمر يسألنى عن ابن اخي الصغير، وعن سبب تغيبه عن دروس حفظ القرآن منذ ثلاثة ايام، ولم يدر بخلدى حينها ان هذا الشاب سيكون احد ضحايا المجزره البشعه التى شهدتها مدينة رفح خلال الصراع على مسجد ابن تيمية الذي كان يخطب فية المرحوم الشيخ / عبد اللطيف موسى، والذى كانت تربطنى به صداقه ومعرفه منذ ايام دراستى في المراحل الاعدادية والثانوية، حيث كان معروفا عنه تفوقه الدراسي وخلقه وتدينه وورعه، ثم زاده اله علما فاصبح طبيبا وداعية وخطيب مسجد يشهد له الجميع بالعلم وتقوى الله.
وقبل ان استرسل في الحديث فاننى اود ان اوضح باننى لا انتمى لاى فيصيل او تنظيم فلسطينى سواء كان ذا توجهات اسلامية او غير اسلامية، بل اننى كنت ومازلت من الرافضين لنهج التفريط والفساد، وايضا لنهج التوريط وتسيس الدين والزج به في صراعات ومواقف غير محسوبه لما لذلك من تداعيات خطيره ليس على اتباع الحركات الاسلامية، بل على الدين الاسلامى ورسالته السمحه، ومن هنا كان انتقادى لحماس ودخولها للسلطه وتجاوزاتها، وايضا فاننى لا اوافق اطلاقا على تصرفات جماعة جند الله الاخيره، وحملها السلاح ضد سلطة حماس .
ولكن كمواطن فلسطينى عادي والحمد لله ملتزم دينيا واسكن في مدينة رفح، فقد صدمت كما صدم غيرى لما آلت اليه الاحدات من مقتل هذا العدد الكبير من الابرياء وبهذه السرعه المستغربه وبدون اعطاء الحوار والجدل بالحسنى ايه فرصه، واستطيع ان ازعم بان هذه المجزره البشعه سجلت رقما قياسيا من حيث عدد الضحايا والمصابيين الذين سقطوا في فتره زمنية قصيره لا تتجاوز 12 ساعه، سمعنا خلالها قصف وتفجير واطلاق نار كثيف على مجموعه صغيره متحصنه في مسجد للعباده، حيث تحولت مدينة رفح الى ساحة حرب خلال لحظات وبدون سابق انذار.
اذكر باننى كنت ذاهب الى المستشفى لعلاج بنت اختى من جرح بسيط واذا باطلاق نار كثيف وانفجارات تترامى الى مسامعى من كل مكان وبدأ انتشار المسلحين في كل مكان مما اثارت الرعب والخوف والهلع لدى السكان الآمنين وبدأ المسلحون يتقاطرون الى مكان الاشتباكات بسياراتهم وكأنها حرب بين عصابتين على غنيمه يحاول كل طرف الظفر بها غير عابئ باصحاب المكان وسكانه، فقررت العودة الى البيت بسرعه للاطمئنان على اسرتى واخذا الاستعدادات اللازمه في البيت لمثل هذه الحالات التى وبصراحه اتوقع ان يحدث خلالها اى شيئ بسبب همجية المقاتلين الذين لا يفرقون بين مدنيين وغيرهم وتجاربى في ذلك كثيره حيث قتل العديد من المواطنين الابرياء خلال الصراعات بين التنظيمات واذكر انه في احدى المرات اصيب منزلى بثلاث رصاصات طائشه استقرت احداها على باب غرفة مكتبي، واخرى اخترقت باب الشقه واستقرت في المطبخ والثالثة استقرت في غرفة الجلوس، ولكن الله قدر ولطف.
وفي الاحداث الاخيره قتل ثلاث اطفال ونساء واناس ليس لهم دخل في طوشه حماس وجند الله، وحتى الجانب المصري لم يسلم من هذا العبث حيث اصيب شخص على الطرف الاخر من الحدود، وهنا ليس المهم البحث عما اطلق هذه الرصاصة او تلك بل المهم هو السؤال على اخلاقيات ومسئولية حمل السلاح واستخدامه في الوقت المناسب والمكان والاتجاه المناسب، ومن الشخص المناسب.
لقد صادف يوم تشييع الجنازات، اضرارى للذهاب انا واسرتى الى غزه، حيث حاولت جاهدا ان يكون موعد مغادرتى رفح في وقت قبل او بعد انتهاء الجنازات خوفا من حدوث امر ما ولكن برغم كل الترتبات وصلت الى دوار مسجد العوده حيث موقف السيارات وايضا مكان انطلاق الجنازات، وكأننى على موعد مع الموكب فسلمت للامر ولكن بحذر وطلبت من ابنائي ان يحاولوا الابتعاد عن الموكب الملئ بالمسلحين المتأهبين لاطلاق النار على اي شئ، وبالذات وان هناك موكب لوزير الداخلية وقادة من الاجهزة الامنية سار مع الجنازه، ولكن والحمد لله مرت الجنازه على خير ولكننى كنت اتأمل في وجوه الجالسين على الطرقات وحيرتهم ودموعهم المحبوسه، وحزنهم المكبوث امام هذا المشهد المفجع في ظل صراخ مذيع الجنازه بالوعد بالثأر لهؤلاء الشهداء، وبنظره متفحصه ادركت ان هناك فرقاً كبيراً من حيث العدد ومن حيث الانفعال تجاه هذه الجنازات مقارنه باعراس شهداء المقاومه ضد الاحتلال، وكان لسان حال الجميع يقول لا حول ولا قوة الا بالله، ليس شماته او حزناً على من رحلوا بل خوفاً على من يعيشون موتهم البطئ بسبب ظلم وجهل ذوى القربى.
واذا كنت قد حاولت الابتعاد عن الجنازات الا ان واجب العزاء امر لا يمكن التقصير فيه، فوجدنا بيوت عزاء مفتوحه لبعض ضحايا المجزره بعد ان شيعوا بجنازات رسمية وسموا شهداء، وبيوت عزاء ممنوعه لضحايا شيعوا في جنح الظلام وسموا تكفيريين، ولكن كمواطن من نفس المدينه ولي اصدقاء من هنا وهناك واقارب او نسب كيف لى ان اقبل هذا التقسيم المشين، واسكت عن مواساه اب او اخ او قريب او صديق بفقدان حبيب وعزيز لديه، كيف لى او لغيرى ان ينسى داعية وعالم وطبيب انسان مثل الدكتور عبد اللطيف، وكيف لى او لغيرى ان ينكر ويجحد تضحيات ابطال القسام والمقاومه الذين زج بهم الى معارك ليست معاركهم .. كيف لى او لغيرى ان ينسى حفظة قرآن ومجاهدين ورواد مساجد ورفقاء سلاح واقبل بتقسيمهم الى شهداء وتكفيريين، تنتظر بعضهم جنان النعيم والحور العين، ويصلى بعضهم الجحيم، وتفتح لبعضهم سرادق العزاء وآخرون لا عزاء لهم.
كيف لى ان اقبل ان يتنكر دعاه وحفظة قرآن ورواد مساجد ومجاهدين ومقاومين وخلال لحظات الفتنه لبعضهم البعض ويصبح بأسهم بينهم شديدا وينسوا الفضل بينهم، بالرغم من يقينى الكامل بانهم جميعاً يعرفون بعضهم البعض الى ابعد الحدود، سواء كدعاه او مجاهدين او رواد مساجد، ولكن وخلال لحظه تغير كل شئ واصبح علماء ومجاهدوا الامس كفره مرتدين، وبدأ الاصطفاف الحزبى والتنظيمى هو الحكم الفصل، اما معنا او ضدنا، وطغى الفجور والكذب على الله والناس لتبرير المواقف وتحميل المسئولية، لهذا الطرف او ذاك، بدل مراجعة الذات واخذ العبر فكانت شماعة رام الله ودحلان واسرائيل حاضره، وتهم العماله والحرص على الكرسى جاهزه كالعاده. اما من اوصلوا الامور الى هذه النهاية المأساوية فهم ابطال ومجرمون حسب الانتماء التنظيمى، وشاعت بين الناس اقوال واشاعات لا اول لها ولا آخر، وكأن المطلوب من الجميع تحديد قبلة دمعته واين تذهب الى الشهداء ام الى التكفيريين، والذي لا يستطيع ذلك، فليهب دمعه الخذ الايسر لاهل الكفر والمارقين ودمعه الخذ الايمن للشهداء الميامين، اما الحزن وتطبيقا لسماحة ديننا الحنيف فمسموح اغتصابه وكبثه الى حين، عملا بحديث رسولنا الكريم "اشققت قلبه".
لقد وجدت نفسي كغيرى من سكان رفح بالذات اعيش مأساه حقيقية لهذا الحال الذى وصلنا اليه، واحترت اين اضع دمعتى التى عادة لا مكان لها في اعراس الشهداء، ولكن في هذا المشهد بالذات انهمرت الدموع ليس بالدرجه الاولى حزناً على قريب او صديق، بل حزنا والماً على وضع عام مزرى ومخزى بكل معنى الكلمه، جعل الاخ لا يتورع عن قتل اخيه والصديق يجحد فضل صديقه وينكره، واصبح بأسنا بيننا شديدا في حين يقبع العدو المغتصب على مرمى حجر.
اذكر عندما حدث الحسم/ الانقلاب اننى كنت عائدا من سفره خارجية استمرت لشهور عديده، وكالعاده يحضر الاهل والاقارب للسلام وصادف اننى قمت بدعوة اخوتى واخواتى وعائلاتهم لطعام الغذاء في منزلى، وقبل ان نقوم بتقديم الغذاء سمعنا ذوى انفجارات واطلاق رصاص كثيف بالقرب منا، وعندما نظرت من الشرفه وجدت ما يقرب من عشرين مسلحاً يهاجمون نقطه على الحدود المصرية للسلطه السابقة، والنقطع عباره عن قطع من الصفيح والتنك التى اجتهد حراسها في بنائها لتقيهم من برد الشتاء وحرارة الشمس، وعلمت ان عدد افرادها جنديين من جيراننا، وقد اثار استغرابي اكثر حجم القوة التى هاجمتها وحجم القنابل والرصاص الذى اطلق عليها. وفي نفس اللحظه التى كنت اتأمل هذا المشهد المؤلم سمعت صراخ وعويل نساء في الجهه المقابله، والتى جن جنونها عندما سمعت صوت الانفجارات واطلاق الرصاص، خوفا على ابنائها الذين كان احدهم يحرس النقطه والآخر ضمن القوة المهاجمه، ولكن والحمد لله كان افراد النقطه قد انسحبوا منها منذ فتره، وفؤجئت بان القوة المهاجمه تعلم ذلك فنزلت من منزلى وتوجهت الى مسئول القوه (وهو جار لنا) وخاطبته بحده وبغضب لماذا كل هذا الرصاص والتفجيرات على نقطه من تنك، ولماذا هذا الترويع للاطفال والآمنين، فلم يستطع تبرير ما حدث فانسحب خجلاً من المكان، ولكن في اماكن اخرى كانت الامور اسوأ حظاً فقتل من قتل واعدم من اعدم، بيد صديق او اخ او قريب ولا احد يدري، وشاهدنا من يصلى حمدلا لله على الانتصار ومن يبكى ويتحصر على فراق الاحبه والرفاق.
وها هو المشهد يتكرر، ويسقط الضحايا ليس في ساحات العزة والشرف بل في صراع على سلطه واماره، تشتيها نفوس امارة بالسوء، فتقتل وتذبح في سبيل الوصول اليها، وتخشاها نفوس، واخرى تكتفى ازاء فتنتها بترديد القول المأثور "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين" وكأن الامر لا يهمهم وكفى الله المؤمنين شر القتال. ونسوا اقوال آخرى مثل من لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم وايضا "انصر أخاك ظالماً او مظلموما" واعتقد ان الجميع يعلم مغزى الحديث ومعناه، وفي هذا الاطار اود ان اشير الى بعض الامور من باب الاهتمام بامر المسلمين ونصرة الاخ ظالماً او مظلوماً، وان كان لومى لحماس اكثر فلانها هى السلطه المسئولة الآن عن مصالح العباد والبلاد في غزه.
وهنا اضع السؤال الكبير لماذا كان هذا الاستعجال باستخدام القوة المفرطه للسيطره على هذه المجموعه بالرغم من انه كان بالامكان محاصرتها داخل المسجد المتحصنه فيه او محاصرة حي البرازيل الذى وقعت فيه الاحداث لمدة اسبوع او اسبوعين لفتح المجال اما لغة الحوار والعقل والاصلاح تطبيقا لشرع الله. ثم لماذا لم تؤخذ بالحسبان حياة المدنيين الذين يقطنون في تلك المنطقة لاخلائهم منها اذا كانت النية مبيته لاستخدام القوة، ام ان الحركات الاسلامية ايضا لا تضع اعتبار لهذا الامر، وهذا يمنح اسرائيل حجه قوية لتبرير جرائمها ضد المدنيين من ابناء شعبنا.
وهنا اتسائل كيف يمكننا ان ندافع امام العالم عن مزاعمنا بان اسرائيل تستهدف وتقصف بيوت الله، وانها بيوت خالصه للعبادة، في حين اننا اثبتنا في الاحداث الاخيره عكس ذلك، فقصفنا بيوت الله وحولناها الى تكنات عسكرية وهدمنا بيوت الآمنين .
لقد بررت حماس ومن ورائها هيئة علماء المسلمين في غزة، فعلتها تلك بان جماعة جند الله خرجت على ولى الامر، وهنا نسأل حماس اليس ما قامت به من انقلاب حسب معجم رام الله او من حسم حسب معجم حماس، يعتبر انقلاب بنفس المعنى. ربما يقول البعض ان ما قامت به حماس لا يعتبر خروج على ولى الامر لان سلطة عباس لا تحكم بشرع الله. ونرد على ذلك بان اولى مطالب جند الله كانت الحكم بالشريعه، واعلن اميرهم بانهم سيكونون عبيدا لحماس اذا حكمت بالشريعه، وهنا تستوى حماس مع فتح، كما ان اولى مطالب جند الله كانت اتباع نهج المقاومه ضد الاحتلال والتى تحاربها حماس الان، بعد ان كانت تعيب ذلك على سلطة عباس.
اما موضوع ترويع الامنين واستهداف الافراح وغيرها من العمليات المرفوضه دينيا ووطنيا والتى اتهمت بالقيام بها جماعة جند الاسلام فان حركة حماس يجب ان لا تنسى بانها كانت اول من ادخل مثل هذه العمليات الى القاموس الفلسسطينى في بداية تأسيسها عندما استهدفت المقاهى والاعراس حتى وصل الامر الى احراق مكتبة جمعية الهلال الاحمر بغزه والجميع يذكر ذلك، ويذكر حرب الجنازير التى كان شعارها "اننى اشتم رائحة الجنه".
لقد قام بعض المحللين بالبحث عن اسباب تسرع حماس بالرد على جند الله بهذه الطريقه العنيفه، معتبرين ان ذلك كان بهدف ارسال رسائل متعدده للداخل والخارج تهدف الى اظهار حماس بمظهر الممثل للاسلام المعتدل او الوسطي الذى يرفض فكر الجماعات الجهادية او التكفيرية كما يسمونها، وربما يكون هذا التحليل يمثل جزء من الحقيقة، ولكن اعتقد ان الجزء الاهم من الحقيقة هو سيطرت فئه دموية على هذه الحركة وحرصها الشديد على الكرسي، حيث انها لا تختلف عن ايه حركه تكفيرية اخرى، واعتقد ان نظره سريعه لتاريخ حماس يظهر دمويتها وعدم تورعها عن قتل اكبر عدد من الناس في سبيل الحفاظ على مكانتها، وهنا لا يجب ان تسألوا عن تقوى الله ودم المسلم الحرام، لان الجميع في نظر حماس كفره ومرتدين ومنافقين، اذا لم يعلنوا السمع والطاعه، وعند مشايخ حماس الجواب اليقين.
لقد كان سبب المشكلة الرئيس وبالتحديد مع الشيخ عبد اللطيف موسى هو موضوع السيطره على مسجد ابن تيمية التى تريد حماس اخضاعه لوزارة الاوقاف، حيث رفض ذلك، وايضا لو رجعنا الى الوراء قليلا فسنجد ان حماس كانت ولازالت ترفض اخضاع المساجد لسلطة عباس او لسلطة اى تنظيم آخر واحداث السيطره على المساجد في غزة معروفه للجميع، واذكر كيف كانت حماس منذ بداية تأسيسها تحارب السلطة الرسمية لمنعها من وضع يدها على المساجد وايضا منع التنظيمات الاخرى وبالذات حركة الجهاد الاسلامى حيث وصل الامر باتباع حماس الى اتهام اتباع حركة الجهاد بانهم شيعه لتنفير الناس منهم، ولكن سبحان الله انقلب السحر على الساحر واصبح حتى الاطفال الصغار يهتفون ضد حماس بشعارات شيعه .. شيعه، وعذرا فاننى لا اعتبر كلمة شيعه شتيمه او انتقاصا من قيمة اى فرد او جماعه، ولكن حماس وغيرها من الحركات المتعصبه وغير الواعية هى التى استحضرت مثل هذه الشعارات التى تسئ لجماعه اسلامية كبيره لا يجب ان يكون اختلافنا معها في بعض الامور مدعاه للتشهير بهم او تكفيرهم.
اما عن افكار من سموا انفسهم بجند الله واعلنوا الامارة الاسلامية فانها مرفوضه بالكلية بالنسبة لى، ولكنى اذا كنت الوم حماس فلانها هى صاحبة السطه والقوه التى تمنكنها من ادارة الصراع مع مثل هذه الجماعات بطريقة افضل وباقل الاضرار والضحايا ومن خلال اشراك اكبر عدد من الفعاليات الاهلية والعلمية في الحوار معهم، وبعدها يتم اتخاذ قرار جماعى ضدهم اذا فشلت كافة الوسائل .. ولكن لعن الله السلطه التى فرقتنا شيعا وقبائل .. لعن الله الكرسي الذى جعل حفظة القرآن يقتلون بعضهم بعضاً .. لعن الله الكرسى الذى جعل من يرفع راية لا الله الا الله يهاجم ويدمر بيوت الله .
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
منذ اسبوعين وفي السادسه صباحا طرق باب بيتى شاب في مقتبل العمر يسألنى عن ابن اخي الصغير، وعن سبب تغيبه عن دروس حفظ القرآن منذ ثلاثة ايام، ولم يدر بخلدى حينها ان هذا الشاب سيكون احد ضحايا المجزره البشعه التى شهدتها مدينة رفح خلال الصراع على مسجد ابن تيمية الذي كان يخطب فية المرحوم الشيخ / عبد اللطيف موسى، والذى كانت تربطنى به صداقه ومعرفه منذ ايام دراستى في المراحل الاعدادية والثانوية، حيث كان معروفا عنه تفوقه الدراسي وخلقه وتدينه وورعه، ثم زاده اله علما فاصبح طبيبا وداعية وخطيب مسجد يشهد له الجميع بالعلم وتقوى الله.
وقبل ان استرسل في الحديث فاننى اود ان اوضح باننى لا انتمى لاى فيصيل او تنظيم فلسطينى سواء كان ذا توجهات اسلامية او غير اسلامية، بل اننى كنت ومازلت من الرافضين لنهج التفريط والفساد، وايضا لنهج التوريط وتسيس الدين والزج به في صراعات ومواقف غير محسوبه لما لذلك من تداعيات خطيره ليس على اتباع الحركات الاسلامية، بل على الدين الاسلامى ورسالته السمحه، ومن هنا كان انتقادى لحماس ودخولها للسلطه وتجاوزاتها، وايضا فاننى لا اوافق اطلاقا على تصرفات جماعة جند الله الاخيره، وحملها السلاح ضد سلطة حماس .
ولكن كمواطن فلسطينى عادي والحمد لله ملتزم دينيا واسكن في مدينة رفح، فقد صدمت كما صدم غيرى لما آلت اليه الاحدات من مقتل هذا العدد الكبير من الابرياء وبهذه السرعه المستغربه وبدون اعطاء الحوار والجدل بالحسنى ايه فرصه، واستطيع ان ازعم بان هذه المجزره البشعه سجلت رقما قياسيا من حيث عدد الضحايا والمصابيين الذين سقطوا في فتره زمنية قصيره لا تتجاوز 12 ساعه، سمعنا خلالها قصف وتفجير واطلاق نار كثيف على مجموعه صغيره متحصنه في مسجد للعباده، حيث تحولت مدينة رفح الى ساحة حرب خلال لحظات وبدون سابق انذار.
اذكر باننى كنت ذاهب الى المستشفى لعلاج بنت اختى من جرح بسيط واذا باطلاق نار كثيف وانفجارات تترامى الى مسامعى من كل مكان وبدأ انتشار المسلحين في كل مكان مما اثارت الرعب والخوف والهلع لدى السكان الآمنين وبدأ المسلحون يتقاطرون الى مكان الاشتباكات بسياراتهم وكأنها حرب بين عصابتين على غنيمه يحاول كل طرف الظفر بها غير عابئ باصحاب المكان وسكانه، فقررت العودة الى البيت بسرعه للاطمئنان على اسرتى واخذا الاستعدادات اللازمه في البيت لمثل هذه الحالات التى وبصراحه اتوقع ان يحدث خلالها اى شيئ بسبب همجية المقاتلين الذين لا يفرقون بين مدنيين وغيرهم وتجاربى في ذلك كثيره حيث قتل العديد من المواطنين الابرياء خلال الصراعات بين التنظيمات واذكر انه في احدى المرات اصيب منزلى بثلاث رصاصات طائشه استقرت احداها على باب غرفة مكتبي، واخرى اخترقت باب الشقه واستقرت في المطبخ والثالثة استقرت في غرفة الجلوس، ولكن الله قدر ولطف.
وفي الاحداث الاخيره قتل ثلاث اطفال ونساء واناس ليس لهم دخل في طوشه حماس وجند الله، وحتى الجانب المصري لم يسلم من هذا العبث حيث اصيب شخص على الطرف الاخر من الحدود، وهنا ليس المهم البحث عما اطلق هذه الرصاصة او تلك بل المهم هو السؤال على اخلاقيات ومسئولية حمل السلاح واستخدامه في الوقت المناسب والمكان والاتجاه المناسب، ومن الشخص المناسب.
لقد صادف يوم تشييع الجنازات، اضرارى للذهاب انا واسرتى الى غزه، حيث حاولت جاهدا ان يكون موعد مغادرتى رفح في وقت قبل او بعد انتهاء الجنازات خوفا من حدوث امر ما ولكن برغم كل الترتبات وصلت الى دوار مسجد العوده حيث موقف السيارات وايضا مكان انطلاق الجنازات، وكأننى على موعد مع الموكب فسلمت للامر ولكن بحذر وطلبت من ابنائي ان يحاولوا الابتعاد عن الموكب الملئ بالمسلحين المتأهبين لاطلاق النار على اي شئ، وبالذات وان هناك موكب لوزير الداخلية وقادة من الاجهزة الامنية سار مع الجنازه، ولكن والحمد لله مرت الجنازه على خير ولكننى كنت اتأمل في وجوه الجالسين على الطرقات وحيرتهم ودموعهم المحبوسه، وحزنهم المكبوث امام هذا المشهد المفجع في ظل صراخ مذيع الجنازه بالوعد بالثأر لهؤلاء الشهداء، وبنظره متفحصه ادركت ان هناك فرقاً كبيراً من حيث العدد ومن حيث الانفعال تجاه هذه الجنازات مقارنه باعراس شهداء المقاومه ضد الاحتلال، وكان لسان حال الجميع يقول لا حول ولا قوة الا بالله، ليس شماته او حزناً على من رحلوا بل خوفاً على من يعيشون موتهم البطئ بسبب ظلم وجهل ذوى القربى.
واذا كنت قد حاولت الابتعاد عن الجنازات الا ان واجب العزاء امر لا يمكن التقصير فيه، فوجدنا بيوت عزاء مفتوحه لبعض ضحايا المجزره بعد ان شيعوا بجنازات رسمية وسموا شهداء، وبيوت عزاء ممنوعه لضحايا شيعوا في جنح الظلام وسموا تكفيريين، ولكن كمواطن من نفس المدينه ولي اصدقاء من هنا وهناك واقارب او نسب كيف لى ان اقبل هذا التقسيم المشين، واسكت عن مواساه اب او اخ او قريب او صديق بفقدان حبيب وعزيز لديه، كيف لى او لغيرى ان ينسى داعية وعالم وطبيب انسان مثل الدكتور عبد اللطيف، وكيف لى او لغيرى ان ينكر ويجحد تضحيات ابطال القسام والمقاومه الذين زج بهم الى معارك ليست معاركهم .. كيف لى او لغيرى ان ينسى حفظة قرآن ومجاهدين ورواد مساجد ورفقاء سلاح واقبل بتقسيمهم الى شهداء وتكفيريين، تنتظر بعضهم جنان النعيم والحور العين، ويصلى بعضهم الجحيم، وتفتح لبعضهم سرادق العزاء وآخرون لا عزاء لهم.
كيف لى ان اقبل ان يتنكر دعاه وحفظة قرآن ورواد مساجد ومجاهدين ومقاومين وخلال لحظات الفتنه لبعضهم البعض ويصبح بأسهم بينهم شديدا وينسوا الفضل بينهم، بالرغم من يقينى الكامل بانهم جميعاً يعرفون بعضهم البعض الى ابعد الحدود، سواء كدعاه او مجاهدين او رواد مساجد، ولكن وخلال لحظه تغير كل شئ واصبح علماء ومجاهدوا الامس كفره مرتدين، وبدأ الاصطفاف الحزبى والتنظيمى هو الحكم الفصل، اما معنا او ضدنا، وطغى الفجور والكذب على الله والناس لتبرير المواقف وتحميل المسئولية، لهذا الطرف او ذاك، بدل مراجعة الذات واخذ العبر فكانت شماعة رام الله ودحلان واسرائيل حاضره، وتهم العماله والحرص على الكرسى جاهزه كالعاده. اما من اوصلوا الامور الى هذه النهاية المأساوية فهم ابطال ومجرمون حسب الانتماء التنظيمى، وشاعت بين الناس اقوال واشاعات لا اول لها ولا آخر، وكأن المطلوب من الجميع تحديد قبلة دمعته واين تذهب الى الشهداء ام الى التكفيريين، والذي لا يستطيع ذلك، فليهب دمعه الخذ الايسر لاهل الكفر والمارقين ودمعه الخذ الايمن للشهداء الميامين، اما الحزن وتطبيقا لسماحة ديننا الحنيف فمسموح اغتصابه وكبثه الى حين، عملا بحديث رسولنا الكريم "اشققت قلبه".
لقد وجدت نفسي كغيرى من سكان رفح بالذات اعيش مأساه حقيقية لهذا الحال الذى وصلنا اليه، واحترت اين اضع دمعتى التى عادة لا مكان لها في اعراس الشهداء، ولكن في هذا المشهد بالذات انهمرت الدموع ليس بالدرجه الاولى حزناً على قريب او صديق، بل حزنا والماً على وضع عام مزرى ومخزى بكل معنى الكلمه، جعل الاخ لا يتورع عن قتل اخيه والصديق يجحد فضل صديقه وينكره، واصبح بأسنا بيننا شديدا في حين يقبع العدو المغتصب على مرمى حجر.
اذكر عندما حدث الحسم/ الانقلاب اننى كنت عائدا من سفره خارجية استمرت لشهور عديده، وكالعاده يحضر الاهل والاقارب للسلام وصادف اننى قمت بدعوة اخوتى واخواتى وعائلاتهم لطعام الغذاء في منزلى، وقبل ان نقوم بتقديم الغذاء سمعنا ذوى انفجارات واطلاق رصاص كثيف بالقرب منا، وعندما نظرت من الشرفه وجدت ما يقرب من عشرين مسلحاً يهاجمون نقطه على الحدود المصرية للسلطه السابقة، والنقطع عباره عن قطع من الصفيح والتنك التى اجتهد حراسها في بنائها لتقيهم من برد الشتاء وحرارة الشمس، وعلمت ان عدد افرادها جنديين من جيراننا، وقد اثار استغرابي اكثر حجم القوة التى هاجمتها وحجم القنابل والرصاص الذى اطلق عليها. وفي نفس اللحظه التى كنت اتأمل هذا المشهد المؤلم سمعت صراخ وعويل نساء في الجهه المقابله، والتى جن جنونها عندما سمعت صوت الانفجارات واطلاق الرصاص، خوفا على ابنائها الذين كان احدهم يحرس النقطه والآخر ضمن القوة المهاجمه، ولكن والحمد لله كان افراد النقطه قد انسحبوا منها منذ فتره، وفؤجئت بان القوة المهاجمه تعلم ذلك فنزلت من منزلى وتوجهت الى مسئول القوه (وهو جار لنا) وخاطبته بحده وبغضب لماذا كل هذا الرصاص والتفجيرات على نقطه من تنك، ولماذا هذا الترويع للاطفال والآمنين، فلم يستطع تبرير ما حدث فانسحب خجلاً من المكان، ولكن في اماكن اخرى كانت الامور اسوأ حظاً فقتل من قتل واعدم من اعدم، بيد صديق او اخ او قريب ولا احد يدري، وشاهدنا من يصلى حمدلا لله على الانتصار ومن يبكى ويتحصر على فراق الاحبه والرفاق.
وها هو المشهد يتكرر، ويسقط الضحايا ليس في ساحات العزة والشرف بل في صراع على سلطه واماره، تشتيها نفوس امارة بالسوء، فتقتل وتذبح في سبيل الوصول اليها، وتخشاها نفوس، واخرى تكتفى ازاء فتنتها بترديد القول المأثور "اللهم اضرب الظالمين بالظالمين واخرجنا من بينهم سالمين" وكأن الامر لا يهمهم وكفى الله المؤمنين شر القتال. ونسوا اقوال آخرى مثل من لم يهتم بامر المسلمين فليس منهم وايضا "انصر أخاك ظالماً او مظلموما" واعتقد ان الجميع يعلم مغزى الحديث ومعناه، وفي هذا الاطار اود ان اشير الى بعض الامور من باب الاهتمام بامر المسلمين ونصرة الاخ ظالماً او مظلوماً، وان كان لومى لحماس اكثر فلانها هى السلطه المسئولة الآن عن مصالح العباد والبلاد في غزه.
وهنا اضع السؤال الكبير لماذا كان هذا الاستعجال باستخدام القوة المفرطه للسيطره على هذه المجموعه بالرغم من انه كان بالامكان محاصرتها داخل المسجد المتحصنه فيه او محاصرة حي البرازيل الذى وقعت فيه الاحداث لمدة اسبوع او اسبوعين لفتح المجال اما لغة الحوار والعقل والاصلاح تطبيقا لشرع الله. ثم لماذا لم تؤخذ بالحسبان حياة المدنيين الذين يقطنون في تلك المنطقة لاخلائهم منها اذا كانت النية مبيته لاستخدام القوة، ام ان الحركات الاسلامية ايضا لا تضع اعتبار لهذا الامر، وهذا يمنح اسرائيل حجه قوية لتبرير جرائمها ضد المدنيين من ابناء شعبنا.
وهنا اتسائل كيف يمكننا ان ندافع امام العالم عن مزاعمنا بان اسرائيل تستهدف وتقصف بيوت الله، وانها بيوت خالصه للعبادة، في حين اننا اثبتنا في الاحداث الاخيره عكس ذلك، فقصفنا بيوت الله وحولناها الى تكنات عسكرية وهدمنا بيوت الآمنين .
لقد بررت حماس ومن ورائها هيئة علماء المسلمين في غزة، فعلتها تلك بان جماعة جند الله خرجت على ولى الامر، وهنا نسأل حماس اليس ما قامت به من انقلاب حسب معجم رام الله او من حسم حسب معجم حماس، يعتبر انقلاب بنفس المعنى. ربما يقول البعض ان ما قامت به حماس لا يعتبر خروج على ولى الامر لان سلطة عباس لا تحكم بشرع الله. ونرد على ذلك بان اولى مطالب جند الله كانت الحكم بالشريعه، واعلن اميرهم بانهم سيكونون عبيدا لحماس اذا حكمت بالشريعه، وهنا تستوى حماس مع فتح، كما ان اولى مطالب جند الله كانت اتباع نهج المقاومه ضد الاحتلال والتى تحاربها حماس الان، بعد ان كانت تعيب ذلك على سلطة عباس.
اما موضوع ترويع الامنين واستهداف الافراح وغيرها من العمليات المرفوضه دينيا ووطنيا والتى اتهمت بالقيام بها جماعة جند الاسلام فان حركة حماس يجب ان لا تنسى بانها كانت اول من ادخل مثل هذه العمليات الى القاموس الفلسسطينى في بداية تأسيسها عندما استهدفت المقاهى والاعراس حتى وصل الامر الى احراق مكتبة جمعية الهلال الاحمر بغزه والجميع يذكر ذلك، ويذكر حرب الجنازير التى كان شعارها "اننى اشتم رائحة الجنه".
لقد قام بعض المحللين بالبحث عن اسباب تسرع حماس بالرد على جند الله بهذه الطريقه العنيفه، معتبرين ان ذلك كان بهدف ارسال رسائل متعدده للداخل والخارج تهدف الى اظهار حماس بمظهر الممثل للاسلام المعتدل او الوسطي الذى يرفض فكر الجماعات الجهادية او التكفيرية كما يسمونها، وربما يكون هذا التحليل يمثل جزء من الحقيقة، ولكن اعتقد ان الجزء الاهم من الحقيقة هو سيطرت فئه دموية على هذه الحركة وحرصها الشديد على الكرسي، حيث انها لا تختلف عن ايه حركه تكفيرية اخرى، واعتقد ان نظره سريعه لتاريخ حماس يظهر دمويتها وعدم تورعها عن قتل اكبر عدد من الناس في سبيل الحفاظ على مكانتها، وهنا لا يجب ان تسألوا عن تقوى الله ودم المسلم الحرام، لان الجميع في نظر حماس كفره ومرتدين ومنافقين، اذا لم يعلنوا السمع والطاعه، وعند مشايخ حماس الجواب اليقين.
لقد كان سبب المشكلة الرئيس وبالتحديد مع الشيخ عبد اللطيف موسى هو موضوع السيطره على مسجد ابن تيمية التى تريد حماس اخضاعه لوزارة الاوقاف، حيث رفض ذلك، وايضا لو رجعنا الى الوراء قليلا فسنجد ان حماس كانت ولازالت ترفض اخضاع المساجد لسلطة عباس او لسلطة اى تنظيم آخر واحداث السيطره على المساجد في غزة معروفه للجميع، واذكر كيف كانت حماس منذ بداية تأسيسها تحارب السلطة الرسمية لمنعها من وضع يدها على المساجد وايضا منع التنظيمات الاخرى وبالذات حركة الجهاد الاسلامى حيث وصل الامر باتباع حماس الى اتهام اتباع حركة الجهاد بانهم شيعه لتنفير الناس منهم، ولكن سبحان الله انقلب السحر على الساحر واصبح حتى الاطفال الصغار يهتفون ضد حماس بشعارات شيعه .. شيعه، وعذرا فاننى لا اعتبر كلمة شيعه شتيمه او انتقاصا من قيمة اى فرد او جماعه، ولكن حماس وغيرها من الحركات المتعصبه وغير الواعية هى التى استحضرت مثل هذه الشعارات التى تسئ لجماعه اسلامية كبيره لا يجب ان يكون اختلافنا معها في بعض الامور مدعاه للتشهير بهم او تكفيرهم.
اما عن افكار من سموا انفسهم بجند الله واعلنوا الامارة الاسلامية فانها مرفوضه بالكلية بالنسبة لى، ولكنى اذا كنت الوم حماس فلانها هى صاحبة السطه والقوه التى تمنكنها من ادارة الصراع مع مثل هذه الجماعات بطريقة افضل وباقل الاضرار والضحايا ومن خلال اشراك اكبر عدد من الفعاليات الاهلية والعلمية في الحوار معهم، وبعدها يتم اتخاذ قرار جماعى ضدهم اذا فشلت كافة الوسائل .. ولكن لعن الله السلطه التى فرقتنا شيعا وقبائل .. لعن الله الكرسي الذى جعل حفظة القرآن يقتلون بعضهم بعضاً .. لعن الله الكرسى الذى جعل من يرفع راية لا الله الا الله يهاجم ويدمر بيوت الله .
الخميس، 30 يوليو 2009
مؤامرة اغتيال عرفات.. وسيناريو الفوضى الخلاقه
بقلم/ يوسف العاصي الطويل
ربما تكون تصريحات السيد فاروق القدومى الاخيره والمفاجئه حول ضلوع الرئيس عباس ومحمد دحلان باغتيال عرفات، بدايه لانقسام وتشرذم فلسطين قاتل ومدمر قد يؤدى الى تصفية القضية الفلسطينية، حيث تطرح هذه التصريحات تساؤلات كثيره حول توقيتها ومكان صدورها والاخطر من ذلك هو تزامنها مع بعض التحركات المريبه المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
فالرغم من ان اغلب المحللين ركزوا في تحليلاتهم على تصريحات القدومى على مدى صحتها من عدمه، مع ربطها بالصراع على السلطه داخل حركة فتح، الا ان كثير منهم لم يحاولوا ربط هذا التصريحات بالمشهد الفلسطينى بالكامل وبالانقسام الحاصل بين طرفي الوطن وما آل اليه موضوع الحوار وموقف بعض الاطراف الاقليمية والدولية من كل ذلك.
وبالرغم من اننى اتفق مع غالبية التحليلات التى علقت على تصريحات القدومى والمشككه في صدقيتها وتوقيتها، ليس دفاعاً عن عباس ودحلان اللذان اعتقد انهم متورطان باكثر من ذلك، ولكن ما يلفت النظر ان هذه التصريحات صدرت في وقت حساس للغاية قبل بدء الجوله الاخيره من الحوار بين حماس وفتح، وقبل انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح وتزامنت مع تصريحات اسرائيلية بشأن اعتبار الاردن وطن بديل للفلسطينيين واخرى تشير الى قرب تنفيذ مخطط ترحيل فلسطينى الداخل الى الضفه والاردن.
واعتقد ان اى معالجه لتصريحات القدومي خارج السياق العام للتطورات على الساحه الفلسطينية والساحات المرتبطه بها ستكون معالجه قاصره ومغلوطه وتحقق اهداف المستفيدين من وراء تسريبها.
اذاً بداية المعالجه الصحيحة يجب ان تبدأ بصوره عكسية حيث سنصل في النهاية الى الهدف من وراء هذه التصريحات وتوقيتها.واعتقد ان اهم نقطه يمكن البدء منها هي ذلك المشروع الذى طرح للمناقشه امام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست باعتبار الأردن دولة للفلسطينيين، هذا بالاضافه الى اقرار الكنيست قانوناً يعاقب من يعارض الدولة اليهودية الديمقراطية، ثم جاء السفير المصري في اسرائيل ليؤكد هذا التوجه عندما قال لاحد القيادات العربية داخل الخط الاخضر: لدينا معلومات مؤكدة من مصادر لا اريد ان افصح عنها، انّ اسرائيل في ظرف من الظروف، قد تُقدم في العام القادم، اي عام 2010، على ترحيل الفلسطينيين الذين يعيشون في اسرائيل بالقوة الى الضفة الغربية المحتلة او الى المملكة الاردنية الهاشمية، وذلك في اطار تهويد الدولة العبرية
وفي هذا الاطار يجب التذكير بما كانت قد صرحت به وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، من انّ الدولة الفلسطينية العتيدة، في اجزاء من الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة، هي ليست للفلسطينيين الذين يسكنون في هاتين المنطقتين فقط، بل ستكون هذه الدولة، لجميع الفلسطينيين، بمن في ذلك فلسطينيو الـ48 واللاجئون الذين شُردوا وهُجروا من وطنهم وارضهم في نكبة العام 1948.
ويعلم الجميع ان الحل الاردنى المصري للقضية الفلسطينية مطروح منذ فتره طويله ولكن الظروف العربية والدولية والفلسطينة لم تكن تسمح بتمريره. اما الآن ففي ظل التفرد الامريكي بالنظام الدولى وفي ظل غياب الدور العربي والانقسام الفلسطينى فان هذا التوقيت هو الافضل لتنفيد هذ المخطط واخراجه من الادراج للوصول الى مرحلة التنفيذ الفعلى باستخدام سيناريو الفوضى الخلاقة، من خلال الاجهاز على البقية الباقية من مظاهر السلطه الفلسطينية المعترف بها دوليا وعربيا واقصد سلطة رام الله وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، لان سلطه غزه ممثله بحماس لا حول لها ولا قوة بعد ان سيقت الى فخ السلطه فاصبحت حركه بلا طعم او لون مثل الذي يرقص على السلم على رأى اخواننا المصريين فلا الى فوق سمعوها ولا الى تحت عرفوها، بمعنى آخر اصبحت سلطه حماس ساقطه من كافة النواحي وتستجى الرضا من اسرائيل والدول العربية المحيطه بها وتخلت عن برنامج المقاومه، وبقائها بالسلطه هو قرار اسرائيلي مائه بالمائه، وستنقذ عليها فى الوقت المناسب.
على العموم ليس تحاملا على حماس فقد سبق لى ان اوضحت وجهة نظري من الهدف من توريط حماس بالسلطه وهو تحقيق احد هدفين اما ادخالها بالعملية السلمية مما يعنى تحقيق اهم الاهداف الاستراتيجية الاسرائيلية من خلال اضفاء شرعية اسلامية على وجوها بالمنطقة مما يعنى ان كافة الدول العربية والاسلامية ستهرول الى التطبيع مع اسرائيل، ولكن اذا اصرت حماس على عدم الاعتراف باسرائيل فان السيناريو الاخر هو العمل على تعزيز الانقسام الفلسطينى وتطويل عمر حماس بالسلطة والبدء بتنفيذ خيار الوطن البديل بضم الضفه الى الاردن وغزه الى مصر.
ومن المفارقات العجيبه التى سمعنا عنها الايام الماضية هو تصريحات لزعماء من حماس بشأن اقتراب الموقف المصري من موقف حماس بالنسبه لقضايا الحوار، وايضا الحديث عن خلافات بين عباس والاردن حيث قيل ان الاردن رفض مرتين طلب عباس لقاء الملك الاردنى، وايضا قبلها سمعنا نتنياهو يتحدث عن ضرورة تسهيل حياة الفلسطينين في غزة من خلال فتح المعابر الرئيسية لادخال البضائع الى غزه.
ان تغيير المواقف المريب من قبل اللاعبون الرئيسيون بالقضية الفلسطينية يوضح ان هناك مخطط مريب يحاك وان هناك عملية لتبادل الادوار لتنفيذ مخططات معينه، وطبعا هنا لا استبعد عباس كلاعب اساسي في هذا الفريق الذي تقوده امريكا.
وحتى لا نبتعد عن موضوع تصريحات القدومي فاننى اعتقد انها تصب في خدمة تنفيذ خطة الوطن البديل الذى لا يمكن تنفيذه في ظل وحده فلسطينية، لان طرحها في هذا الوقت يهدف الى زعزعه مكانة عباس او بالاحرى حركة فتح في الضفة الغربية او على اقل تقدير احداث انقسام داخل الحركه تيار ابو مازن من جهه وتيار القدومى من جهه اخرى، وهذا الانقسام سيسهل تنفيذ مثل هذه المخططات، وسيزيد من حالة التشردم والانقسام ليس على الساحه الفلسطينية المنقسمه اصلا بل في داخل حركة فتح اكبر الفصائل الفلسطينية.
وهنا فاننى اعتقد ان القدومى لن سيستطيع تشكيل تيار قوى داخل حركه فتح لان اغلبية الكوادر التنظيمية الحالية داخل الحركة والتى ستذهب الى المؤتمر السادس تم تصنيعها خلال فترة دحلان من الفاسدين والانتهازيين والوصوليين الذين لا تهمهم الا مصالحهم الذاتية وهذا كان سبب رئيس لهزيمة فتح فى الانتخابات السابقة. كما ان ابو مازن عمل منذ توليه السلطه على تهميش دور الحركة في النضال الفلسطينى وفي السلطة الفلسطينة ووضع كافة الامور بايدي فياض الذى وصلت عمليات التذمر منه الى العلن، ولكن ابو مازن اصر على تسليمه الوزاره بحجه رغبه المانحين بذلك.
وهكذا اصبحت حركة فتح صوره بدون معنى، وتاريخ نضالى بدون مناضلين، وكل ذلك جاء نتيجه عمليه منهجية نفذت ضد الحركة منذ انشاء السلطه (وهنا انا لا اعفي ابو عمار من المسئولية)، حيث في البداية تم استبعاد المناضلين الشرفاء من الساحه وسلمت مقاليد الامور كلها لجهاز الامن الوقائى المدعوم ماليا ومعنويا من امريكا واسرائيل، فعاثت فسادا في الارض، ولعبت دورا رئيسيا في الانقسام الفلسطينى، وفي افراز كوادر لا علاقه لها بالنضال والقضية فكانت الهزيمه المدويه لفتح فى الانتخابات.
ثم جاء اصرار ابو مازن وزمرته على خوض الانتخابات التشريعية بالرغم من النصائح التى وجهت اليه بضرورة تأجيلها حتى يتم ترتيب صفوف الحركه مثال واضح على سعيه لاضعاف حركة فتح وتقزيمها، فكانت الهزيمه متوقعه ومقصوده منذ البداية فدخلت الحركة بقائمتين في الانتخابات مما يشير الى حجم الانقسام داخلها، وكحل لذلك اجبر كثير من المرشحين على التخلى عن نيتهم خوض الانتخابات وعوضوا عن ذلك بمناصب صورية في السلطه، والذين رفضوا ذلك تمت محاربتهم ومحاكمتهم تنظيما وطردوا من السلطه وحملوا مسئولية فشل الحركة.
وحتى بعد الهزيمه النكراء لم يكلف ابو مازن نفسه او قيادات فتح مشقة اعادة تنظيم الحركة بل ازداد الفاسدين فسادا والعابثين استهتارا وفسوقا، ولهذا فمن غير المتوقع ان يشهد المؤتمر السادس اى انجاز حقيقى غير انقسام الحركة على نفسها وتلميع لبعض الشخصيات المرتمية في احضان ابو مازن وبرنامجه، وبالتأكيد سيتم تجميد او فصل القدومي واتباعه من الحركه واعفائهم من مناصبهم حيث سيدفعهم ذلك الى محاوله تشكيل فصيل جديد سينضم الى قائمة الفصائل الاخرى التى تحولت لدكاكين لجمع النقطه على حساب الشعب المغلوب على امره، وبذلك يضرب ابومازن عصفورين بحجر واحد يتخلص من المعارضين له داخل الحركه، وفي نفس الوقت يخلق حاله من الفوضى والارتباك في الساحه الفلسطينية وكعادته سيهدد بالاستقاله او يستقيل او يغتال، فيكون هناك فراغ في السلطه بحاجه لمن يملئه او يتطوع لتسييره لفتره معينه، وهنا سيظهر الكرم العربي باجلى صوره.
وهنا يجب التذكير بتصريحات كثيره لمسئوليين اسرائيليين وعرب ودوليين بعدم امكانية التوصل الى حل ينهى الصراع بحجه عدم وجود شريك فلسطينى حقيقي بسبب الانقسام الحاصل على الساحه الفلسطينية، وهذا يعنى وجود فراغ في السلطه على الساحه الفلسطينية، مما يتطلب تدخل ما من قبل الدول الاقليمية او الدولية لمساعدة الشعب الفلسطينى، سواء من خلال قوات عربية او دولية ستكون بداية لتنفيذ مخطط الوطن البديل، ولا استبعد ان يتم تنفيذ ذلك بالتزامن مع ضرب ايران الذى اصبح هدف اسرائيل الاول في هذه اللحظة.
مما تقدم من حقنا ان نتسائل كما تسائل كثيرون لماذا صمت السيد القدومى طوال هذه الفتره عن الافصاح عن هذه المعلومات الخطيره المتوفره لدية؟ فاذا كانت متوفره لديه منذ اغتيال عرفات فلماذا سكت عن البحوح بها كل هذه المدة؟ او على اقل تقدير المطالبه باجراء تحقيق بشأها بدون تحديد اسماء. واعتقد انه لا توجد جريمه فى القانون اكبر من جريمة المؤامره واغتيال رئيس الدوله وخيانة الامانه. واذا كان الامر كذلك فهذا لا يعفى القدومى من المسائله والمشاركة في هذه الجريمه بالسكوت عليها طوال هذه الفترة، هذا بالرغم من ان القدومي برر صمته هذا بأنه يعود الى خوفه من اقدام الرئيس السابق جورج بوش على الايعاز لأجهزته باغتياله، وهو تبرير اقبح من ذنب .
اما اذا كانت المعلومات وصلته حديثا، فاعتقد ان ابو اللطف الذى يتولى مناصب كثيره ولديه الخبره الكافية كان يجب ان يسأل نفسه عن الجهه التى سربت هذه المعلومات ولماذا في هذا التوقيت؟، والاخطر لماذا اعلنها من عمان التى لم تكن علاقته بها على ما يرام في اى وقت من الاوقات، ولماذا لم يعلنها من تونس منتجعه الدائم الذى لم يقم خلال تواجده فية باى عمل نضالى وطنى يحسب له ويجعل الناس تصدق كلامه، وتأخذه على محمل الجد.
كنت اتمنى ان يسأل السيد القدومي نفسه عن كيفية تسريب محضر اجتماع بهذه الخطوره من اسرائيل، وبهذه السهوله، ام ان اسرائيل او حتى ابو مازن او دحلان سربوها لهدف في نفس يعقوب لتفجير البيت الفلسطينى من الداخل بالكامل، فبعد ان كنا نواجه انقسام بين فتح وحماس بين الضفه وغزه اصبحنا نواجه انقسام داخل فتح نفسها سيتجلى خلال مؤتمرها السادس الذى سيعقد في الضفه مركز القوة لفتح، فتصبح الضفه ضفتين قدومية وعباسية، مما يعنى خلق مجال من الفوضى في الضفه الغربية سيدفع الناس للقبول باى حل يطرح عليهم، آخذين في الاعتبار ان اهالى الضفه الغربية بطبيعتهم ميالون للاردن الذى لا يزال اغلبيتهم يحملون جنسيته ويتمتعون بامتيازات كبيره فيه.
اما في غزة التى نجحت فيها تجربة الفوضى الخلاقه الاولى، وبعيدا عن التضخيم الاعلامي بشأن حماس والمقاومه وانتصاراتها وصمودها، فان حماس حركه ماتت ولا يوجد بيدها اى ورقه للضغط بعد ان تحولت من فاعل رئيس في الصراع الى مفعول بها على طول الخط، واذا كان من ورقه تمسك بها فهى سيطرتها واسرها لسكان غزه بالقوه وبمباركه من اللاعبين الرئيسيون في الساحه، ولهذا فان اهالى غزه يعيشون مآساه حقيقية لا يعلم حجمها الا الله، ولم يعد يربط الناس بحماس او بفتح سوى الراتب والكابونه لا غير ولو فتح المجال امام الناس فان ما لا يقل عن 70% من الاهالى سيفضلون الهجره او العيش بسلام بعيدا عن اى خيار آخر بعد ما شاهدوه من ظلم ذوى القربى سواء في عهد فتح او عهد مشايخ حماس.
لقد جاءت تصريحات القدومى الاخيره لتصب الزيت على النار وتزيد الساحه الفلسطينية المتهاكه والمنقسمه انقساما وتشرذما، و كان المأمول من شخصية بثقل القدومى ان يلعب دور العراب الذى يلم شمل البيت الفلسطينى ويوحد صفوفه، لا ان يلقى بتصريحات في توقيت حساس يعرف هو قبل غيره بانها لا تخدم القضية الفلسطينية باى شكل من الاشكال، وستزيد من حالة الانقسام والتشردم، وستعطى الفرصه لعباس واتباعه الذين يعارضون الكفاح المسلح، و'ينبذون العنف'، ويعتبرون المقاومة 'ارهابا'، ويتبنون المفاوضات كطريق وحيد للوصول الى الحقوق الوطنية المشروعة، لفرض اجندتهم على المؤتمر السادس لحركة فتح.
ومن الناحية الاخرى ستساهم هذه التصريحات التى ادلى بها القدومي في زيادة التباعد بين فتح وحماس لان القدومي اشار ايضا الى ان عباس تآمر ايضا على اغتيال قيادات في حماس، وهذا سيزيد من اصرار حماس فى عدم قبول المصالحه مع عباس او تقديم اى تنازل قد يأتى بالحل، وستعتقد بان بامكانها التعويل على جبهة القدومى لدعمها، او ان هذه التصريحات عززت من مصداقيتها في الشارع الفلسطينى، وهذا يعنى توجيه ضربه قاضية للحوار والمصالحه مما يتيح لحماس تعزيز سلطتها على عزبتها في غزه الى حين، ويتيح لعباس التصرف في اقطاعيته فى الضفه، ليواجه حماس من جهه واتباع القدومي الجدد من جهة اخرى، ويبقى القدومى الى حين في عمان صامدا في انتظار نتائج قنبلته المدويه، التى سينتشر صداها وسط العربان المعروفون بنخوتهم العربية، والذين لن يتوانوا وسيهبوا لانقاذ الاشقاء في غزه والضفه.
المحصلة التى استطيع اجمالها مما سبق ان قضيتنا الفلسطينية تعيش مرحله خطيره ومأساوية بفضل قيادات فلسطينية اما عميله او غبية او عبثية تتاجر بالقضية لتحقيق مصالح ذاتية بدون وعى او رؤيه واضحه لطبيعة الصراع والظروف التى تمر بها قضيتنا، واتمنى من هذه القيادات ان تترك القضية وتتفرغ لتجاراتها الرابحه التى بنتها من دم الشهداء، ليحمل الشعله جيل جديد، عسى الله ان يلهمه الطريق القويم، ولكن اخشى ما اخشاه ان تكون التجاره بالقضيه هى اربح انواع البزنس، مما يعنى ان على القضية السلام وستباع فى اسواق النخاسه بارخص الاثمان.
ربما تكون تصريحات السيد فاروق القدومى الاخيره والمفاجئه حول ضلوع الرئيس عباس ومحمد دحلان باغتيال عرفات، بدايه لانقسام وتشرذم فلسطين قاتل ومدمر قد يؤدى الى تصفية القضية الفلسطينية، حيث تطرح هذه التصريحات تساؤلات كثيره حول توقيتها ومكان صدورها والاخطر من ذلك هو تزامنها مع بعض التحركات المريبه المتعلقة بالقضية الفلسطينية.
فالرغم من ان اغلب المحللين ركزوا في تحليلاتهم على تصريحات القدومى على مدى صحتها من عدمه، مع ربطها بالصراع على السلطه داخل حركة فتح، الا ان كثير منهم لم يحاولوا ربط هذا التصريحات بالمشهد الفلسطينى بالكامل وبالانقسام الحاصل بين طرفي الوطن وما آل اليه موضوع الحوار وموقف بعض الاطراف الاقليمية والدولية من كل ذلك.
وبالرغم من اننى اتفق مع غالبية التحليلات التى علقت على تصريحات القدومى والمشككه في صدقيتها وتوقيتها، ليس دفاعاً عن عباس ودحلان اللذان اعتقد انهم متورطان باكثر من ذلك، ولكن ما يلفت النظر ان هذه التصريحات صدرت في وقت حساس للغاية قبل بدء الجوله الاخيره من الحوار بين حماس وفتح، وقبل انعقاد المؤتمر السادس لحركة فتح وتزامنت مع تصريحات اسرائيلية بشأن اعتبار الاردن وطن بديل للفلسطينيين واخرى تشير الى قرب تنفيذ مخطط ترحيل فلسطينى الداخل الى الضفه والاردن.
واعتقد ان اى معالجه لتصريحات القدومي خارج السياق العام للتطورات على الساحه الفلسطينية والساحات المرتبطه بها ستكون معالجه قاصره ومغلوطه وتحقق اهداف المستفيدين من وراء تسريبها.
اذاً بداية المعالجه الصحيحة يجب ان تبدأ بصوره عكسية حيث سنصل في النهاية الى الهدف من وراء هذه التصريحات وتوقيتها.واعتقد ان اهم نقطه يمكن البدء منها هي ذلك المشروع الذى طرح للمناقشه امام لجنة الخارجية والأمن في الكنيست باعتبار الأردن دولة للفلسطينيين، هذا بالاضافه الى اقرار الكنيست قانوناً يعاقب من يعارض الدولة اليهودية الديمقراطية، ثم جاء السفير المصري في اسرائيل ليؤكد هذا التوجه عندما قال لاحد القيادات العربية داخل الخط الاخضر: لدينا معلومات مؤكدة من مصادر لا اريد ان افصح عنها، انّ اسرائيل في ظرف من الظروف، قد تُقدم في العام القادم، اي عام 2010، على ترحيل الفلسطينيين الذين يعيشون في اسرائيل بالقوة الى الضفة الغربية المحتلة او الى المملكة الاردنية الهاشمية، وذلك في اطار تهويد الدولة العبرية
وفي هذا الاطار يجب التذكير بما كانت قد صرحت به وزيرة الخارجية الاسرائيلية السابقة، تسيبي ليفني، من انّ الدولة الفلسطينية العتيدة، في اجزاء من الضفة الغربية المحتلة وفي قطاع غزة، هي ليست للفلسطينيين الذين يسكنون في هاتين المنطقتين فقط، بل ستكون هذه الدولة، لجميع الفلسطينيين، بمن في ذلك فلسطينيو الـ48 واللاجئون الذين شُردوا وهُجروا من وطنهم وارضهم في نكبة العام 1948.
ويعلم الجميع ان الحل الاردنى المصري للقضية الفلسطينية مطروح منذ فتره طويله ولكن الظروف العربية والدولية والفلسطينة لم تكن تسمح بتمريره. اما الآن ففي ظل التفرد الامريكي بالنظام الدولى وفي ظل غياب الدور العربي والانقسام الفلسطينى فان هذا التوقيت هو الافضل لتنفيد هذ المخطط واخراجه من الادراج للوصول الى مرحلة التنفيذ الفعلى باستخدام سيناريو الفوضى الخلاقة، من خلال الاجهاز على البقية الباقية من مظاهر السلطه الفلسطينية المعترف بها دوليا وعربيا واقصد سلطة رام الله وعلى رأسها الرئيس محمود عباس، لان سلطه غزه ممثله بحماس لا حول لها ولا قوة بعد ان سيقت الى فخ السلطه فاصبحت حركه بلا طعم او لون مثل الذي يرقص على السلم على رأى اخواننا المصريين فلا الى فوق سمعوها ولا الى تحت عرفوها، بمعنى آخر اصبحت سلطه حماس ساقطه من كافة النواحي وتستجى الرضا من اسرائيل والدول العربية المحيطه بها وتخلت عن برنامج المقاومه، وبقائها بالسلطه هو قرار اسرائيلي مائه بالمائه، وستنقذ عليها فى الوقت المناسب.
على العموم ليس تحاملا على حماس فقد سبق لى ان اوضحت وجهة نظري من الهدف من توريط حماس بالسلطه وهو تحقيق احد هدفين اما ادخالها بالعملية السلمية مما يعنى تحقيق اهم الاهداف الاستراتيجية الاسرائيلية من خلال اضفاء شرعية اسلامية على وجوها بالمنطقة مما يعنى ان كافة الدول العربية والاسلامية ستهرول الى التطبيع مع اسرائيل، ولكن اذا اصرت حماس على عدم الاعتراف باسرائيل فان السيناريو الاخر هو العمل على تعزيز الانقسام الفلسطينى وتطويل عمر حماس بالسلطة والبدء بتنفيذ خيار الوطن البديل بضم الضفه الى الاردن وغزه الى مصر.
ومن المفارقات العجيبه التى سمعنا عنها الايام الماضية هو تصريحات لزعماء من حماس بشأن اقتراب الموقف المصري من موقف حماس بالنسبه لقضايا الحوار، وايضا الحديث عن خلافات بين عباس والاردن حيث قيل ان الاردن رفض مرتين طلب عباس لقاء الملك الاردنى، وايضا قبلها سمعنا نتنياهو يتحدث عن ضرورة تسهيل حياة الفلسطينين في غزة من خلال فتح المعابر الرئيسية لادخال البضائع الى غزه.
ان تغيير المواقف المريب من قبل اللاعبون الرئيسيون بالقضية الفلسطينية يوضح ان هناك مخطط مريب يحاك وان هناك عملية لتبادل الادوار لتنفيذ مخططات معينه، وطبعا هنا لا استبعد عباس كلاعب اساسي في هذا الفريق الذي تقوده امريكا.
وحتى لا نبتعد عن موضوع تصريحات القدومي فاننى اعتقد انها تصب في خدمة تنفيذ خطة الوطن البديل الذى لا يمكن تنفيذه في ظل وحده فلسطينية، لان طرحها في هذا الوقت يهدف الى زعزعه مكانة عباس او بالاحرى حركة فتح في الضفة الغربية او على اقل تقدير احداث انقسام داخل الحركه تيار ابو مازن من جهه وتيار القدومى من جهه اخرى، وهذا الانقسام سيسهل تنفيذ مثل هذه المخططات، وسيزيد من حالة التشردم والانقسام ليس على الساحه الفلسطينية المنقسمه اصلا بل في داخل حركة فتح اكبر الفصائل الفلسطينية.
وهنا فاننى اعتقد ان القدومى لن سيستطيع تشكيل تيار قوى داخل حركه فتح لان اغلبية الكوادر التنظيمية الحالية داخل الحركة والتى ستذهب الى المؤتمر السادس تم تصنيعها خلال فترة دحلان من الفاسدين والانتهازيين والوصوليين الذين لا تهمهم الا مصالحهم الذاتية وهذا كان سبب رئيس لهزيمة فتح فى الانتخابات السابقة. كما ان ابو مازن عمل منذ توليه السلطه على تهميش دور الحركة في النضال الفلسطينى وفي السلطة الفلسطينة ووضع كافة الامور بايدي فياض الذى وصلت عمليات التذمر منه الى العلن، ولكن ابو مازن اصر على تسليمه الوزاره بحجه رغبه المانحين بذلك.
وهكذا اصبحت حركة فتح صوره بدون معنى، وتاريخ نضالى بدون مناضلين، وكل ذلك جاء نتيجه عمليه منهجية نفذت ضد الحركة منذ انشاء السلطه (وهنا انا لا اعفي ابو عمار من المسئولية)، حيث في البداية تم استبعاد المناضلين الشرفاء من الساحه وسلمت مقاليد الامور كلها لجهاز الامن الوقائى المدعوم ماليا ومعنويا من امريكا واسرائيل، فعاثت فسادا في الارض، ولعبت دورا رئيسيا في الانقسام الفلسطينى، وفي افراز كوادر لا علاقه لها بالنضال والقضية فكانت الهزيمه المدويه لفتح فى الانتخابات.
ثم جاء اصرار ابو مازن وزمرته على خوض الانتخابات التشريعية بالرغم من النصائح التى وجهت اليه بضرورة تأجيلها حتى يتم ترتيب صفوف الحركه مثال واضح على سعيه لاضعاف حركة فتح وتقزيمها، فكانت الهزيمه متوقعه ومقصوده منذ البداية فدخلت الحركة بقائمتين في الانتخابات مما يشير الى حجم الانقسام داخلها، وكحل لذلك اجبر كثير من المرشحين على التخلى عن نيتهم خوض الانتخابات وعوضوا عن ذلك بمناصب صورية في السلطه، والذين رفضوا ذلك تمت محاربتهم ومحاكمتهم تنظيما وطردوا من السلطه وحملوا مسئولية فشل الحركة.
وحتى بعد الهزيمه النكراء لم يكلف ابو مازن نفسه او قيادات فتح مشقة اعادة تنظيم الحركة بل ازداد الفاسدين فسادا والعابثين استهتارا وفسوقا، ولهذا فمن غير المتوقع ان يشهد المؤتمر السادس اى انجاز حقيقى غير انقسام الحركة على نفسها وتلميع لبعض الشخصيات المرتمية في احضان ابو مازن وبرنامجه، وبالتأكيد سيتم تجميد او فصل القدومي واتباعه من الحركه واعفائهم من مناصبهم حيث سيدفعهم ذلك الى محاوله تشكيل فصيل جديد سينضم الى قائمة الفصائل الاخرى التى تحولت لدكاكين لجمع النقطه على حساب الشعب المغلوب على امره، وبذلك يضرب ابومازن عصفورين بحجر واحد يتخلص من المعارضين له داخل الحركه، وفي نفس الوقت يخلق حاله من الفوضى والارتباك في الساحه الفلسطينية وكعادته سيهدد بالاستقاله او يستقيل او يغتال، فيكون هناك فراغ في السلطه بحاجه لمن يملئه او يتطوع لتسييره لفتره معينه، وهنا سيظهر الكرم العربي باجلى صوره.
وهنا يجب التذكير بتصريحات كثيره لمسئوليين اسرائيليين وعرب ودوليين بعدم امكانية التوصل الى حل ينهى الصراع بحجه عدم وجود شريك فلسطينى حقيقي بسبب الانقسام الحاصل على الساحه الفلسطينية، وهذا يعنى وجود فراغ في السلطه على الساحه الفلسطينية، مما يتطلب تدخل ما من قبل الدول الاقليمية او الدولية لمساعدة الشعب الفلسطينى، سواء من خلال قوات عربية او دولية ستكون بداية لتنفيذ مخطط الوطن البديل، ولا استبعد ان يتم تنفيذ ذلك بالتزامن مع ضرب ايران الذى اصبح هدف اسرائيل الاول في هذه اللحظة.
مما تقدم من حقنا ان نتسائل كما تسائل كثيرون لماذا صمت السيد القدومى طوال هذه الفتره عن الافصاح عن هذه المعلومات الخطيره المتوفره لدية؟ فاذا كانت متوفره لديه منذ اغتيال عرفات فلماذا سكت عن البحوح بها كل هذه المدة؟ او على اقل تقدير المطالبه باجراء تحقيق بشأها بدون تحديد اسماء. واعتقد انه لا توجد جريمه فى القانون اكبر من جريمة المؤامره واغتيال رئيس الدوله وخيانة الامانه. واذا كان الامر كذلك فهذا لا يعفى القدومى من المسائله والمشاركة في هذه الجريمه بالسكوت عليها طوال هذه الفترة، هذا بالرغم من ان القدومي برر صمته هذا بأنه يعود الى خوفه من اقدام الرئيس السابق جورج بوش على الايعاز لأجهزته باغتياله، وهو تبرير اقبح من ذنب .
اما اذا كانت المعلومات وصلته حديثا، فاعتقد ان ابو اللطف الذى يتولى مناصب كثيره ولديه الخبره الكافية كان يجب ان يسأل نفسه عن الجهه التى سربت هذه المعلومات ولماذا في هذا التوقيت؟، والاخطر لماذا اعلنها من عمان التى لم تكن علاقته بها على ما يرام في اى وقت من الاوقات، ولماذا لم يعلنها من تونس منتجعه الدائم الذى لم يقم خلال تواجده فية باى عمل نضالى وطنى يحسب له ويجعل الناس تصدق كلامه، وتأخذه على محمل الجد.
كنت اتمنى ان يسأل السيد القدومي نفسه عن كيفية تسريب محضر اجتماع بهذه الخطوره من اسرائيل، وبهذه السهوله، ام ان اسرائيل او حتى ابو مازن او دحلان سربوها لهدف في نفس يعقوب لتفجير البيت الفلسطينى من الداخل بالكامل، فبعد ان كنا نواجه انقسام بين فتح وحماس بين الضفه وغزه اصبحنا نواجه انقسام داخل فتح نفسها سيتجلى خلال مؤتمرها السادس الذى سيعقد في الضفه مركز القوة لفتح، فتصبح الضفه ضفتين قدومية وعباسية، مما يعنى خلق مجال من الفوضى في الضفه الغربية سيدفع الناس للقبول باى حل يطرح عليهم، آخذين في الاعتبار ان اهالى الضفه الغربية بطبيعتهم ميالون للاردن الذى لا يزال اغلبيتهم يحملون جنسيته ويتمتعون بامتيازات كبيره فيه.
اما في غزة التى نجحت فيها تجربة الفوضى الخلاقه الاولى، وبعيدا عن التضخيم الاعلامي بشأن حماس والمقاومه وانتصاراتها وصمودها، فان حماس حركه ماتت ولا يوجد بيدها اى ورقه للضغط بعد ان تحولت من فاعل رئيس في الصراع الى مفعول بها على طول الخط، واذا كان من ورقه تمسك بها فهى سيطرتها واسرها لسكان غزه بالقوه وبمباركه من اللاعبين الرئيسيون في الساحه، ولهذا فان اهالى غزه يعيشون مآساه حقيقية لا يعلم حجمها الا الله، ولم يعد يربط الناس بحماس او بفتح سوى الراتب والكابونه لا غير ولو فتح المجال امام الناس فان ما لا يقل عن 70% من الاهالى سيفضلون الهجره او العيش بسلام بعيدا عن اى خيار آخر بعد ما شاهدوه من ظلم ذوى القربى سواء في عهد فتح او عهد مشايخ حماس.
لقد جاءت تصريحات القدومى الاخيره لتصب الزيت على النار وتزيد الساحه الفلسطينية المتهاكه والمنقسمه انقساما وتشرذما، و كان المأمول من شخصية بثقل القدومى ان يلعب دور العراب الذى يلم شمل البيت الفلسطينى ويوحد صفوفه، لا ان يلقى بتصريحات في توقيت حساس يعرف هو قبل غيره بانها لا تخدم القضية الفلسطينية باى شكل من الاشكال، وستزيد من حالة الانقسام والتشردم، وستعطى الفرصه لعباس واتباعه الذين يعارضون الكفاح المسلح، و'ينبذون العنف'، ويعتبرون المقاومة 'ارهابا'، ويتبنون المفاوضات كطريق وحيد للوصول الى الحقوق الوطنية المشروعة، لفرض اجندتهم على المؤتمر السادس لحركة فتح.
ومن الناحية الاخرى ستساهم هذه التصريحات التى ادلى بها القدومي في زيادة التباعد بين فتح وحماس لان القدومي اشار ايضا الى ان عباس تآمر ايضا على اغتيال قيادات في حماس، وهذا سيزيد من اصرار حماس فى عدم قبول المصالحه مع عباس او تقديم اى تنازل قد يأتى بالحل، وستعتقد بان بامكانها التعويل على جبهة القدومى لدعمها، او ان هذه التصريحات عززت من مصداقيتها في الشارع الفلسطينى، وهذا يعنى توجيه ضربه قاضية للحوار والمصالحه مما يتيح لحماس تعزيز سلطتها على عزبتها في غزه الى حين، ويتيح لعباس التصرف في اقطاعيته فى الضفه، ليواجه حماس من جهه واتباع القدومي الجدد من جهة اخرى، ويبقى القدومى الى حين في عمان صامدا في انتظار نتائج قنبلته المدويه، التى سينتشر صداها وسط العربان المعروفون بنخوتهم العربية، والذين لن يتوانوا وسيهبوا لانقاذ الاشقاء في غزه والضفه.
المحصلة التى استطيع اجمالها مما سبق ان قضيتنا الفلسطينية تعيش مرحله خطيره ومأساوية بفضل قيادات فلسطينية اما عميله او غبية او عبثية تتاجر بالقضية لتحقيق مصالح ذاتية بدون وعى او رؤيه واضحه لطبيعة الصراع والظروف التى تمر بها قضيتنا، واتمنى من هذه القيادات ان تترك القضية وتتفرغ لتجاراتها الرابحه التى بنتها من دم الشهداء، ليحمل الشعله جيل جديد، عسى الله ان يلهمه الطريق القويم، ولكن اخشى ما اخشاه ان تكون التجاره بالقضيه هى اربح انواع البزنس، مما يعنى ان على القضية السلام وستباع فى اسواق النخاسه بارخص الاثمان.
الاثنين، 1 يونيو 2009
الثلاثاء، 10 مارس 2009
الاثنين، 9 مارس 2009
رسالة للمتحاورين .. تواضعوا واتحدوا .. فمن كان منكم بلا خطيئة فليرمها بحجر
بقلم/ يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
بدأ الحوار الفلسطيني بعد كارثة الحرب على غزه وليس قبلها، وجاء متأخرا كثيرا اذا اخذنا في الاعتبار حجم التحديات الضخمة التى كانت ولازالت تتعرض لها القضية الفلسطينية، وجاء بعد بعد تجربه ديمقراطية لم يكتب لها ان تستمر، وحل محلها انقسام وتجاذب سياسى ومناكفات اعلامية وقتل وسجن وقطع الرواتب على الهوية، تجاوزت كل المحرمات. ولست هنا بصدد جلد الذات لان الحوار تأخر، او لان الدمار وآلاف الشهداء والجرحى كان يمكن تفاديهما، ولكننى اود ان اشير الى ان هذا الحوار اذا لم ينجح فيستمر نزيف الدم الفلسطينى على كافة المستويات في الجريان وستكون التداعيات اخطر مما نتصور .
الحمد لله ان الحوار بدأ وبرعاية مصرية رفضت قبل الحرب على غزة، ولكنها نجحت اخيرا ليس بسبب تغير اجندات الحوار، ولكن بسبب تداعيات الحرب ودم الشهداء، وخشية من تكرار حروب اخرى في ظل انقسام فلسطينى مخزي. بدأ الحوار والجميع يعلن ضرورة نجاحه امام وسائل الاعلام وربما يكون صادقاً، ولكن المهم هو النتيجه التى يتمنى الجميع ان تكون مرضية وتلبى امال وطموحات شعبنا وحجم التضحيات التى بدلها، وهذا يتطلب من الجميع ان يكونوا على قدر المسئولية الملقاه على عاتقهم ويحاولوا جسر الهوه والالتقاء عند الثوابت والخروج من هذا المأزق الذى وضعنا فيه بصوره مشرفه.
لقد ابدى العديد تفائله حينا وتشائمه حينا آخر من نتيجة الحوار، والجميع لديه مبرراته الموضوعية لذلك، ولكننى اعتقد ان الامر لا يتعلق بتشائم وتفائل بل يتعلق بمدى واقعية الاطراف المتحاوره وادراكها لحجم الاخطار التى تواجه القضية الفلسطينية، يضاف الى ذلك امر مهم هو عقلانية هذه الاطراف وتقديرها الصحيح للموقف والاوراق التى تمتلكها، وحساب النتائج المترتبه على مواقفها في حالة نجاح الحوار او فشله. وهنا فاننى اعتقد ان هناك كثير من المغالطات والمبالغات في مواقف المتحاورين ربما ستكون السبب الرئيس في فشل الحوار او في خروجه بنتائج لا تلبى طموحات الشعب الفلسطينى، ويمكن اجمالها بالاتى :
1- الموقف من حرب غزة ونتائجها: ربما تكون الحرب على غزة ونتائجها من اشد النقاط التباسا حيث يحاول كل طرف ان يتخذ هذه الحرب كمؤشر للانطلاق منه ويحدد سقف مطالبه وبالتالي نتائج الحوار، فحركة حماس تقول انها انتصرت انتصارا مبينا في هذه الحرب وان اسرائيل لم تستطع تحقيق اهدافها هذا بالرغم من الدمار الشامل الذى احدتثه هذه الحرب في غزة. ونتيجه لنشوة الانتصار الذى تزعمه حماس وجدنا سقف مطالبها يتزايد حتى وصل الامر بها الى المطالبة بمرجعية جديدة ستعمل على تشكيلها باعتبارها المنتصر الوحيد في هذه الحرب وبالتالى هى التى يجب ان يفرض الشروط ويصيغ المستقبل الفلسطينى المستند على المقاومه ولا شئ غيرها، بل وصل الامر ببعض قادة حماس الى الدعوة لاسقاط الانظمة العربية العميلة والتى لم تجيش جيوشها لمساندة المقاومة في غزة. وعلى الطرف الآخر نجد السلطة تضع اللوم على حماس بسبب الكوارث التى جلبتها للشعب الفلسطينى من انقسام وحصار وحرب دمرت انجازات 15 سنه وشهداء وجرحى بالآلاف، وعزله عربية ودولية، وهذا يتطلب من حماس مراجعة اهدافها والانخراط في العملية السلمية، تمهيدا لاعادة البناء والاعمار ونزع اسلحة المقاومة، التى يصفونها بالعبثية.
ولو تأملنا كلا الموقفين سنجد ان هناك مغالطات كبيره بهما، فحركة حماس ادعت الانتصار وحشدت الحشود للخروج في شوارع غزة وفي المنافي للاحتفال بهذا الانتصار المبين، وبدأنا نسمع عن بطولات وكرامات ومنامات لم نشاهدها نحن الصامدين تحت نيران الاحتلال، بل اننى شخصيا ومن خلال معايشتى لهذه الحرب فعليا وليس عبر الفضائيات استطيع ان اقول ان هناك تقصير ما بعده تقصير من قبل حكومة حماس وجناحها العسكرى في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ليس على المستوى العسكرى فحسب بل على كافة المستويات، حيث ان الحكومة وكافة اجهزتها كانت غائبة عن الساحة ولم يكن لها وجود يذكر وترك للناس تدبر امرهم سواء من توفير الغذاء او الايواء وغيرها، واختفى الجميع عن الانتظار بل يجزم البعض ان الاوامر اعطت للمقاومين بالانسحاب حتى لا يقعوا في فخ القوات الاسرائيلية التى اعدت العده جيدا لهذه الحرب ولم تعطى ايه فرصه للمقاومين للقيام بواجب الدفاع، حيث غير الاحتلال من تكتيكه واصبح يطهر ايه منطقه يشك ان بها مقاومين ولهذا وجدنا العدد الهائل من الشهداء والجرحى بين المدنيين، الذين لم يتررد الاحتلال اطلاق ناره بكافة الوسائل على ايه منطقة يشك او يلاحظ ان بها مقاومين.
وهنا يجب ان لا يفهم من كلامى اننى احاول ان اشكك بصدق نوايا المقاومين او ان اتهمهم بالجبن او الفرار من الساحه، ولكن ما اود قوله هو ان المعركة لم تكن متكافئة بكافة المقاييس، وان تصدى المقاومه المباشر لقوات الاحتلال كان يعنى ابادتها بالكامل، وبالتالى فان قرار التراجع التكتيكي للمقاومه فوت الفرصة على قوات الاحتلال لتحقيق اهدافها، وهنا اعتقد ان ذلك كان قرارا سليما، ولكن الذى لم يكن سليما هو الادعاءات بالانتصار مره وبخطف جنود وقتل العشرات منهم اخرى مما اجبر الاحتلال على الانسحاب، حيث ان ذلك لم يكن يمت للحقيقة بصله، وكان ممكن ان يفهم منه انه محاولة لبث الروح المعنوية لدى الشعب والمقاومين ومنع الانهيار، وهذا امر جيد، ولكن الغير جيد والغير لائق هو محاولة استثمار هذا النصر المزعوم لتحقيق اهداف سياسية حزبية، لتكريس وضع جلب الكوارث على الشعب الفلسطينى.
كما ان موقف سلطه رام الله من الحرب لم يكن على قدر المسئولية، حيث بدت عبارات الشماته والتشفى لدى بعض قادتها، ومنع الشعب الفلسطينى من التضامن بطريقه لائقه مع اهالى غزه، ليس فقط برد عسكرى ولو رمزى، ولكن ايضا من خلال قمع المظاهرات، والاكتفاء باضاءة الشموع وكأن ما يحدث في بيت الجيران.
وبعيدا عن التهويل وبيع الوهم للشعب المنكوب، وايضا بعيدا عن لغه التشفى وتحميل المسئولية لحماس او للمقاومه فيما حدث، فاننى اعتقد ان النتيجه المنطقية والمقبوله لهذه الحرب هو القول بان الشعب الفلسطينى انتصر فيها وليس تنظيم بعينه، وذلك من خلال صموده في وجهه الاله العسكرية الهمجية الصهيونية، وتمكنه من الحفاظ على وحدته وتماسكه في هذه الظروف الصعبه في ظل غياب واضح للحكومتين المقاله والمطاله، وبالتالى فانه ليس من حق اى فصيل او جهة المتجاره بدماء الشهداء والجرحى لتحقيق اهداف حزبية ضيقه، وفرضها على طاولة الحوار، بل يجب على الجميع التواضع ووضع مصلحة القضية والشعب الذى ضحى فى مقدمة الاولويات، باعتبار ان هذا الحوار هو فرصتهم الاخيره للتكفير عن خطاياهم وليس لجنى ارباح او فرض مواقف واجندات لتحقيق اهداف حزبية ضيقة.
2- قضية الاعتقال السياسي : سبق وان كانت هذه القضية سبب لافشال الحوار الذى دعت له مصر في السابق حيث رفضت حركة حماس المشاركة الا بعد ان تطلق سلطة عباس كافة المعتقلين، وبالرغم من ان هذا الشرط لم يكن مقنعا للكثيرين، الا ان الحوار الغى لهذا السبب. والان نجد التصريحات تتكرر من كلا الطرفين بشأن هذه القضية، حيث تستمر السلطتين في رام الله وغزة في تجاوز كل المحرمات في هذه القضية. فسلطة رام الله تعتقل افراد حماس وافراد المقاومه من كل الفصائل، بل ان هذا الاعتقال وصل في بعض المراحل الى استشهاد بعض المقاومين تحت التعذيب بالرغم من النفي الرسمي، وايضا تجاوزت حركة حماس كل الاعراف باعتقال المعارضين لها وفرض الاقامات الجبرية عليهم وتصفية بعضهم بتهمة العماله او خلق عاهات دائمه من خلال اطلاق النار على ارجلهم. وكما يعلم الجميع فقد سارع كلا الطرفين نفي هذه الاقول، ولكننى استطيع ان اؤكد حدوث هذه الحواث وبالذات من طرف حماس لاننى مقيم بغزه واعرف حوادث كثيره تعرضت لما اقول. اما بالنسبة لسلطة عباس فهو امر غير مستبعد عليها اعتقال المقاومين وتعذيبهم، وهنا اشير الى ما كانت تقوم به السلطه اثناء سيطرتها على غزة، وايضا فاننى اعرف عشرات الحالات التى اهينت واعتقلت وعذبت وقتلت بيد سلطة فتح في غزة. ما اريد ان اخلص اليه هو ان ادعاء طرف من اطراف الحوار بالطهاره او بافضليته على طرف آخر او جعل هذه القضية سببا لفشل الحوار يعتبر تهرب من الحوار واستحقاقاته، ومحاوله مقصوده لافشاله لاهداف ليس لها علاقة بفلسطين وشعبها الذى عانى الامرين من السلطتين المتسلطتين في غزه ورام الله، فكلهم فى التعذيب وقتل الشعب شرق.
3- حقيقة تمثيل المتحاورين للشعب الفلسطينى : لقد ذهبت كلا من حماس وفتح وباقى الفصائل الفلسطينية الى القاهرة مدعيا انها تمثل الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، ويؤسفنى القول ان هذا ادعاء باطل ولا اساس له من الصحة بالرغم من قدرة هذه الفصائل على حشد الجموع عند الحاجه لاثباث قوتها على الارض والادعاء بان ذلك المهرجان او الاحتفال حضره مئات الالوف من مؤيديها، بل ان المتابع للشأن الفلسطين يحار في بعض الاوقات حول تحديد تعداد سكان غزه وانتمائاتهم نتيجه لادعائات بحشود مليونية من بعض الفصائل، ولكن ربما يكون هذا الواقع صحيحا في ظل الحصار والتجويع والتهميش والفساد الذى جعل الناس على استعداد لتغيير الوانها لمن يدفع او يوظف، اى ان الفصائل ارغمت الشعب ان يعطى انتمائه ليس لمن يرفع شعار حماية القضية بل لمن يدفع الراتب ويمنح الكابونه.
من هنا لا نستغرب ان القضايا الاساسية التى يدور حولها حوار القاهره هى قضايا تتعلق بتقاسم السلطة والمناصب وليس قضية القدس او اللاجئين او غيرها من القضايا الجوهرية. ان المتحاورون في القاهره وبعد ان استطاعوا تقسيم الشعب الفلسطينى الى جماعات مصالح او لوبيات مرتبطه بمن يدفع الراتب تشعر بالافلاس الوطنى ولا تجد سبيل لحماية نفسها الا من خلال الحصول على اكبر نصيب من الكعكه لارضاء جماعات المصالح تلك واللوبيات التى تنتظر حصتها من الميراث .
للاسف ان الانتماءات الحزبية الآن وبعد اوسلوا اصبحت انتماءات مصلحية لا علاقة لها بالوطن او القضية، وكل تفكير الناس الآن مرتبط بهذا الامر السؤال عن الراتب وموعد نزوله والعلاوات وغيرها من الامور، بل ان الشعب الفلسطينى فقد الاحساس بابسط معانى النضال والوطنية عندما ارتضى لنفسه او فرض عليه ان يعيش عاله على صدقات ومعونات الغير الذين يدفعون لملوك الطوائف لتكريس الانقسام والاجهاز على البقية الباقية من القضية، لان من لا يملك لقمة عيشه لا يستطيع ان يكون حرا في قراراته وسيظل يخضع لاجندات غيره.
ان الواقع الكارثي الذى تمر به القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى لا سابق له وكل ذلك بسبب امراء الحرب والفتنة في حماس وفتح الذين اوصلوا القضية الى نهايه مأساوية بسبب مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، وبالرغم من ذلك يصرون على انهم يمثلون الشعب الفلسطينى، متناسين ان الناس فرض عليها اما ان تكون حماس او فتح من خلال مساومتهم على لقمة العيش.
ان قضية ادعاء فتح وحماس بثميل الشعب الفلسطينى قضية تحتاج الى اعادة نظر وتدقيق، نعم ان الفصائل الفلسطينة كانت لديها الشرعية النضالية للادعاء بثميل الشعب الفلسطينى عندما كانت حركات مقاومه تضع القضية الفلسطينية وهموم الشعب الفلسطينى ضمن اولى اوليلتها وكان عطاء ابنائها للوطن مغموس بلون الدم واسواط السجانين، ولم يكن للراتب والمناصب والرتب اى اعتبار لدى مناضلي وشهداء هذه الفصائل، اما الآن في زمن التجار وعبيد السلطة فلا احد له حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى الا من خلال مؤسسات ديمقراطية تعطى الشرعية لمن له الحق بتمثيل الشعب الفلسطينى. ولو تأملنا واقعنا الحالى فانه لا يوجد فصيل او حركة يمكنها الادعاء بانها تمتلك هذه الشرعية لعدة اسباب :
ان الشعب الفلسطينى ليس فقط في غزه والضفة بل ان غالبيته في الشتات، ولم يتم اجراء انتخابات حقيقية لاختيار ممثلى الشعب الفلسطينى في الشتات، ناهيك عن ان المجلس الوطنى الفلسطينى يتم اختيار اعضاءه بالتعيين وليس بالانتخابات، كما ان بعض الفصائل غير ممثله به، ويعقد فقط عند الطلب ولتمرير قرارات كارثية.
اما المجلس التشريعي الاخير والذى اعطى حماس الاغلبية فانه لا يمنح حماس او فتح حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى حتى في غزة والضفة. فحركة فتح بالرغم من تاريخها النضالى وامكانياتها اللامحدوده فشلت في هذه الانتخابات بسبب فساد قادتها ونهبهم لاموال الشعب وتخليهم عن المشروع الوطنى، وفي ذلك اكبر اشاره لرفض الشعب لهم ولفسادهم وافسادهم الذى يصرون عليه ولا يخجلون منه ولحتى اللحظة لم تتمكن الحركة من تطهير نفسها من الفاسدين واللصوص الذين اختطفوها من ساحات النضال الى ساحات البزنس والخذلان، وها هي الحركة ومنذ اكثر من عقدين لم تستطع عقد مؤتمرها السادس.
اما حركة حماس فليس من حقها بالرغم من حصولها على الاغلبية في الانتخابات الاخيرة الادعاء باحقيتها بتمثيل الشعب الفلسطينى، لان الشعب اختارها بطريقه ديمقراطية وبناء على برنامج التغيير والاصلاح، ولكن عندما لجأت الحركة الى استخدام القوة والسلاح (بغض النظر عن الاسباب) فهذا الامر لا يمت للديمقراطية بصلة والتى لازالت حماس تحتمى بها. ان الديمقراطية تعنى حكم الشعب والالتجاء له، واى خلاف او قضية وطنية يجب الاحتكام بها الى الشعب وليس الى القوة العسكرية. ان حماس بانقلاباها الدموى انقلبت على الديمقراطية ومارست عمل لا تقبله ادنى مراتب الديمقراطية وبالتالى ليس من حقها الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى.
كما اننا اذا كنا نريد ان نحتكم الى النظام الديمقراطى او حتى الاسلامى فان ولى الامر او الحاكم منوط به تحقيق مصالح الشعب واذا عجز عن ذلك لاى سبب من الاسبات وجب عزله، واعتقد ان حماس فشلت في كل شئ ولم تطبق حرف واحد من برنامجها الذى حازت على ثقة الشعب من خلاله بل تخلت عن المقاومه واوصلت الوضع فى غزه الى شبه كارثه، فيجب عليها ان تتقى الله في الشعب والقضية، وتعود الى المقاومه وتتخلى عن الكرسي.
مما تقدم يتضح ان ادعاء فتح وحماس وحتى غالبية الفصائل الفلسطينة تمثيل الشعب الفلسطينى اصبح شئ مشكوك فيه، لان غالبيتها مرتبط باجندات ليست فلسطينية، ولهذا وصل حالنا الى ما هو علية، ويجب ان يدرك المتحاورون في القاهرة ان هناك اغلبية صامته ومغيبه من الشعب يجب ان لا يغيب رأيها.
4- موضوع المقاومه والعملية السلمية: يذهب المتحاورون الى طاولة الحوار ولدى كل واحد مشروع مناقض للمشروع الآخر، حماس ترفع شعار المقاومه، وفتح شعار الحل السلمي. واعتقد ان كل طرف يستطيع تبرير موقفه ونقض الموقف الآخر ولديه من الحجج ما يكفي، وهنا فاننى احترم كلا الموقفين ولا ارى ان يكون البديل هو القطيعه بين الموقفين او الصدام.
فالمقاومه حق مشروع لاى شعب محتل كفلته المواثيق والاعراف الدوليه، وفلسطين لازالت تخضع للاحتلال ومازال العدو الصهيونى مستمر في سياسته الاستيطانية والعدوانية تجاه شعبنا، ولهذا فالمقاومه يجب ان تستمر، وهنا فإن النقاش يجب الا يدور حول مشروعية المقاومه بل حول متى وكيف واين، والهدف بحيث تكون مقاومه منتجه وليست عبئا على الشعب والقضية.
ولو حاولنا تقييم دور المقاومه الفلسطينة في وضعها الحالى فاننا لا نستطيع ان نصفها الا بالقول بانها حق اريد به باطل، فكيف يمكن فهم رفض حركة حماس طلبات سلطة فتح السابقة بوقف العمليات العسكرية، في حين ان حركة حماس تقوم بفعل نفس الشئ مع الفصائل الاخرى واجبرتها على القبول بهدنه مع اسرائيل. كما ان المقاومه بدل ان تركز مقاوتها من الضفة الغربية المحتلة والمليئة بالمستوطنات والقريبه من التجمعات السكانية الاسرائيلة، نجدها تصر على اطلاق الصواريخ من غزة المحررة التى لا يوجد بها مستوطنات او جنود اسرائيليون، هذا بالرغم من ان طبيعة الارض الجبلية والجغرافيا في الضفة تتيح للمقاوين فرصه افضل للمناوره والتخزين والتخفي والحاق الضرر بالعدو الصهيوني منها في غزة. والاهم من ذلك كله هو انه في حين ان صواريخ غزه لا توجد امامها اهداف مهمه بل صحراء شبه خاليه، نجد انه لو اطلقت الصواريخ من الضفه فانه بامكانها ان تصيب مبنى الكنيست ووزارة الدفاع ومفاعل ديمونا ومعظم المدن الاسرائيلة الكبرى، وحتى لو اطلقت صواريخ بدائية وغير دقيقه فانها ستصيب هدف لازدحام المنطقة بالاهداف.
وربما يقول البعض ان الضفه لاتزال محتله وان قوات عباس تمنع المقاومين وتعتقلهم، واعتقد ان هذا القول مردود، لان نفس الشئ كان موجود في غزه وكانت المقاومه تعمل بل انها تمكنت اخيرا من القيام بانقلابها وطرد السلطة من غزة، وكنت اتمنى انه بدلا من القيام بالانقلاب في غزة ان يتم تعزيز قوة المقاومة في الضفه.
ثم ما فائدة ان يطلق صاروخ ولايصيب احدا وترد اسرائيل بالقتل والتدمير والحصار وغيره، اليس من الضرورى وضع عواقب اى عمل في الحسبان بحيث لا يكون ضرره اكثرمن نفعه، ام ان الامر اصبح مجرد اطلاق صواريخ وبعده نبدأ باحصاء الشهداء والجرحى والدمار وغيره، وهنا فاننى لا ادعو الى الغاء المقاومه بل الى خلق طرق ابداعية للتعبير عن رفضنا للاحتلال وسعينا للحصول على حقنا الشرعى ولكن باقل الاضرار، حتى لا تصبح مقاوتنا عبثية، وينفر الناس منها.
اما المسيرة السلمية فهى ايضا اداة مهمه لحصول شعبنا على حقوقه بعد ان خاض مع اشقاءه العرب عشرات المعارك التى لم تأتى بالنتائج المرجوة، لاسباب كثيره لا مجال لذكرها هنا، وبعد ان حققنا مكاسب كثيرة من خلال العمل الدبلماسي من اعتراف بعدالة قضيتنا والتفاف غالبية المجتع الدولى حول قضيتنا العادلة باستثناء امريكا وبريطانيا اللتدين لم يتغير نهجهما منذ بداية الصراع وحتى الان وليس من المؤمول ان يتغير في القريب العاجل، وهنا ربما رأى كثيرون ان الافضل هو الدخول في عملية سلمية كخطوه مرحلية لوقف نزيف هذا الصراع وتثبيت ولو جزء من الحق الفلسطينى على الارض واقامة الدولة الفلسطينة. واعتقد ان هذا النهج له الحق في السير في هذا الطريق، عسى ان يحقق جزء من حقوقنا الشرعية، ولكن المرفوض وفي ظل المماطلة الاسرائيلية ان نضع خيار المقاومه جنبا او نسقطه من بين ايدينا، لان ذلك يعنى الاستسلام للاملاءات الاسرائيلية لعدم وجود قوة رادعه له، وهنا يكون دور المقاومه في العمل والتنسيق مع المفاوض الفلسطينى لدعمه في اللحظات الحرجه، واذا كان من ضروره لهدنه فيجب ان تكون بين المقاومه والطرف الفلسطينى المفاوض لفتره زمنية معينه لتحقيق اهداف معينه، واذا فشل فعلى الجميع الانخراط في المقاومه لتحقيق ما عجزت عنه المفاوضات السلمية، ولهذا يجب ان تحل بين المقاومه والمفاوض الفلسطينى لعبة تبادل الادوار وليس الاقصاء والقمع والتهميش، واذا استطعنا تحقيق ذلك فمن المؤكد سنصل لما نريد، ما دام هدفنا واضح، وادواتنا لتحقيقه تبنى ولا تهدم، ترسخ حقوق ولا تتنازل، تعرف متى تفاوض ومتى تقاوم.
5- قضية المعابر: تعتبر قضية المعابر من القضايا التى اثير حولها –ولا زال - كثير من اللغط، نتيجه للحصار المفروض على قطاع غزة والذى جاء بعد الانقلاب العسكرى لحماس على السلطة. والقضية ببساطه انه وفي ظل السلطه السابقة كان هناك اتفاق بين السلطه واسرائيل بهذا الشأن، ولكن بعد تسلم حماس السلطه وتبنيها لخيار المقاومه كان امرا متوقعا ان تقوم اسرائيل بكل ما تملك من ادوات للتضييق على حركة حماس واغلاق المعابر وقطع الكهرباء والامتناع عن ارسال السيوله النقدية للبنوك وغيرها من الاجراءات التى تعتبرها اسرائيل وسيله للرد على اطلاق الصواريخ وعدم وجود طرف في قطاع غزه تجلس معه لترتيب هذا الامر، حيث كانت السلطة في السابق هى التى تنسق مع الجانب الاسرائيلى حسب الاتفاقيات الموقعه، وقد حاولت مصر مع الاطراف الفلسطينية حل هذه القضية بوضع قوات حرس الرئاسه على المعبر بالاضافة الى شرطه من جانب حماس ولكن هذا الاتفاق فشل بسبب صراع الاخوة الاعداء، ورغبة حماس بتغيير الاتفاق لانه غير ملائم حسب وجهة نظرها.
لقد كان من الغريب ان تأخذ هذه القضية منحى اخر وتشهد تصعيداً خبيثاً باتجاه مصر، وكأنها تغلق المعبر في وجهه الفلسطينيين، حيث طالبت حماس مصر بفتح المعبر وتناسى الاتفاق الموقع مع السلطه، وهنا اعتقد ان هذا الطلب فيه تجنى على مصر، لان مصر اولا رفضت انقلاب حماس على السلطة، ومعنى فتح المعبر من طرفها هو تأييد لحماس ضد السلطة السابقة، والاخطر من ذلك ان هذا الامر يخدم مخطط اسرائيلى قديم بضم قطاع غزة او كما يسميه الاسرائيلون اعادته الى مصر التى كانت تحمه قبل 67، ومن تم اعادة الضفة الى الاردن، وبذلك تكون قد لبت مطالب الشرعية الدولية بالانسحاب من الاراضي التى احتلتها عا 1967، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
يضاف الى ذلك ان مصر ليس من حقها القيام بفتح المعبر لان الانسحاب الاسرائيلى من غزة والذى تم من جانب واحد ابقى السيطرة على الحدود والمعابر من خلال ترتيبات خاصه مع السلطه والاتحاد الاوروبي ومصر. وفتح المعبر من جانب مصر يعنى نقض لهذه الاتفاقيات، مما يعنى نقض اتفاقيات كامب ديفيد التى استطاعت مصر من خلالها تحرير كافة اراضيها. وهنا يجب السؤال ما هى المصلحه القومية للعرب او لمصر في نقض هذه الاتفاقيات، وهل مصر مستعدة لتداعيات هذا الامر وما هو الثمن والاهداف التى ستحققها؟ ولماذا يراد ان يفرض على مصر الدخول في صراع لم تستشر به ويحاول البعض فرضه عليها، في حين ان الدول التى تدعم حماس لديها اراضي محتله وتمنع حتى عمل المقاومه من خلالها بالقول بان توازن القوى ليس في صالحها (وانا احترم هذا الرأى)، ام ان المطلوب من مصر ان تضحى باراضيها المحرره وجيشها لترضي حماس، وتنساق لمعركه تفرض عليها من الخارج لتحقيق هدف حزبي ضيق.
انه ظلم لمصر التى خاضت اكثر الحروب ضد اسرائيل ولم تتخاذل عن نصرة الشعب الفلسطينى لحظة واحد ان يتم اختصارها وزج اسمها في مشكله فلسطينية داخلية حزبية ضيقه، لا تمت لفلسطين بصله ويتم تصويرها وكأنها تحاصر اهل غزة وتجوعهم وتمنع المساعدات عنهم، فيما الذين يتباكون على شعب غزه لا يحركون ساكنا بالرغم من كل شعاراتهم البراقه والعنترية والتى انكشفت خلال حرب غزة، ولم يحركوا جيوشهم واساطيلهم لنصرة اهل غزة بل يريدون من الآخرين ان يقوموا بذلك.
ان قضية المعابر قضية سياسية بالدرجه الاولى تستخدمها اسرائيل للضغط على حماس لارغامها على الانخراط في العملية السلمية، وهنا يجب ان يكون واضحا لدينا ان الجمع بين المقاومة والسلطة في ظل وضعنا وامكانياتنا الحالية امرا مستحيلا، ولذا لا يجب ان نحاول تحقيق المستحيل بالالتفاف على طرف ليس له علاقه بالامر ونحمله المسئولية، فاما السلطه والدخول في العملية السلمية، واما المقاومه والاصطفاف بصف المعارضة، وعندما نحصل على استقلالنا الكامل من حقنا تغيير الاتفاقية ونجعلها بين دولة فلسطين ومصر. اتمنى ان نفهم ذلك وليس كما ينادى بعضهم باحضار شركة لادارة المعبر .
في النهاية اقول للمتحاوين في القاهرة، اتمنى ان تدركوا كل هذه الحقائق وان تضعوا مصالح القضية والشعب فوق مصالحكم الحزبية الضيقة، وان تكون اولى الاوليات لديكم تشكيل حكومة وفاق وطنى تكون مهمتها الاولى رفع الحصار واجراء الانتخابات التشريعية ليقول الشعب كلمته، وبناء عليها يتم انتخاب اعضاء المجلس الوطنى على اسس سليمه، للبدء باصلاح منظمة التحرير. اما اذا كان حواركم يدور حول حصص هذا الفصيل او ذاك في المجلس او الوزارة او في مبالغ اعادة الاعمار، فعلى القضية السلام، واعلموا جميعا انكم جميعا مقصرون بحق شعبكم وقضيتكم وانه لا يوجد بينكم من يستطيع الزعم بانه بلا خطيئه، ليتخلف عن الرجم .. ارجموا والا رجمكم الشعب بما رجم به بوش في حفلة وداعه في العراق.
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
بدأ الحوار الفلسطيني بعد كارثة الحرب على غزه وليس قبلها، وجاء متأخرا كثيرا اذا اخذنا في الاعتبار حجم التحديات الضخمة التى كانت ولازالت تتعرض لها القضية الفلسطينية، وجاء بعد بعد تجربه ديمقراطية لم يكتب لها ان تستمر، وحل محلها انقسام وتجاذب سياسى ومناكفات اعلامية وقتل وسجن وقطع الرواتب على الهوية، تجاوزت كل المحرمات. ولست هنا بصدد جلد الذات لان الحوار تأخر، او لان الدمار وآلاف الشهداء والجرحى كان يمكن تفاديهما، ولكننى اود ان اشير الى ان هذا الحوار اذا لم ينجح فيستمر نزيف الدم الفلسطينى على كافة المستويات في الجريان وستكون التداعيات اخطر مما نتصور .
الحمد لله ان الحوار بدأ وبرعاية مصرية رفضت قبل الحرب على غزة، ولكنها نجحت اخيرا ليس بسبب تغير اجندات الحوار، ولكن بسبب تداعيات الحرب ودم الشهداء، وخشية من تكرار حروب اخرى في ظل انقسام فلسطينى مخزي. بدأ الحوار والجميع يعلن ضرورة نجاحه امام وسائل الاعلام وربما يكون صادقاً، ولكن المهم هو النتيجه التى يتمنى الجميع ان تكون مرضية وتلبى امال وطموحات شعبنا وحجم التضحيات التى بدلها، وهذا يتطلب من الجميع ان يكونوا على قدر المسئولية الملقاه على عاتقهم ويحاولوا جسر الهوه والالتقاء عند الثوابت والخروج من هذا المأزق الذى وضعنا فيه بصوره مشرفه.
لقد ابدى العديد تفائله حينا وتشائمه حينا آخر من نتيجة الحوار، والجميع لديه مبرراته الموضوعية لذلك، ولكننى اعتقد ان الامر لا يتعلق بتشائم وتفائل بل يتعلق بمدى واقعية الاطراف المتحاوره وادراكها لحجم الاخطار التى تواجه القضية الفلسطينية، يضاف الى ذلك امر مهم هو عقلانية هذه الاطراف وتقديرها الصحيح للموقف والاوراق التى تمتلكها، وحساب النتائج المترتبه على مواقفها في حالة نجاح الحوار او فشله. وهنا فاننى اعتقد ان هناك كثير من المغالطات والمبالغات في مواقف المتحاورين ربما ستكون السبب الرئيس في فشل الحوار او في خروجه بنتائج لا تلبى طموحات الشعب الفلسطينى، ويمكن اجمالها بالاتى :
1- الموقف من حرب غزة ونتائجها: ربما تكون الحرب على غزة ونتائجها من اشد النقاط التباسا حيث يحاول كل طرف ان يتخذ هذه الحرب كمؤشر للانطلاق منه ويحدد سقف مطالبه وبالتالي نتائج الحوار، فحركة حماس تقول انها انتصرت انتصارا مبينا في هذه الحرب وان اسرائيل لم تستطع تحقيق اهدافها هذا بالرغم من الدمار الشامل الذى احدتثه هذه الحرب في غزة. ونتيجه لنشوة الانتصار الذى تزعمه حماس وجدنا سقف مطالبها يتزايد حتى وصل الامر بها الى المطالبة بمرجعية جديدة ستعمل على تشكيلها باعتبارها المنتصر الوحيد في هذه الحرب وبالتالى هى التى يجب ان يفرض الشروط ويصيغ المستقبل الفلسطينى المستند على المقاومه ولا شئ غيرها، بل وصل الامر ببعض قادة حماس الى الدعوة لاسقاط الانظمة العربية العميلة والتى لم تجيش جيوشها لمساندة المقاومة في غزة. وعلى الطرف الآخر نجد السلطة تضع اللوم على حماس بسبب الكوارث التى جلبتها للشعب الفلسطينى من انقسام وحصار وحرب دمرت انجازات 15 سنه وشهداء وجرحى بالآلاف، وعزله عربية ودولية، وهذا يتطلب من حماس مراجعة اهدافها والانخراط في العملية السلمية، تمهيدا لاعادة البناء والاعمار ونزع اسلحة المقاومة، التى يصفونها بالعبثية.
ولو تأملنا كلا الموقفين سنجد ان هناك مغالطات كبيره بهما، فحركة حماس ادعت الانتصار وحشدت الحشود للخروج في شوارع غزة وفي المنافي للاحتفال بهذا الانتصار المبين، وبدأنا نسمع عن بطولات وكرامات ومنامات لم نشاهدها نحن الصامدين تحت نيران الاحتلال، بل اننى شخصيا ومن خلال معايشتى لهذه الحرب فعليا وليس عبر الفضائيات استطيع ان اقول ان هناك تقصير ما بعده تقصير من قبل حكومة حماس وجناحها العسكرى في مواجهة الاحتلال الاسرائيلي ليس على المستوى العسكرى فحسب بل على كافة المستويات، حيث ان الحكومة وكافة اجهزتها كانت غائبة عن الساحة ولم يكن لها وجود يذكر وترك للناس تدبر امرهم سواء من توفير الغذاء او الايواء وغيرها، واختفى الجميع عن الانتظار بل يجزم البعض ان الاوامر اعطت للمقاومين بالانسحاب حتى لا يقعوا في فخ القوات الاسرائيلية التى اعدت العده جيدا لهذه الحرب ولم تعطى ايه فرصه للمقاومين للقيام بواجب الدفاع، حيث غير الاحتلال من تكتيكه واصبح يطهر ايه منطقه يشك ان بها مقاومين ولهذا وجدنا العدد الهائل من الشهداء والجرحى بين المدنيين، الذين لم يتررد الاحتلال اطلاق ناره بكافة الوسائل على ايه منطقة يشك او يلاحظ ان بها مقاومين.
وهنا يجب ان لا يفهم من كلامى اننى احاول ان اشكك بصدق نوايا المقاومين او ان اتهمهم بالجبن او الفرار من الساحه، ولكن ما اود قوله هو ان المعركة لم تكن متكافئة بكافة المقاييس، وان تصدى المقاومه المباشر لقوات الاحتلال كان يعنى ابادتها بالكامل، وبالتالى فان قرار التراجع التكتيكي للمقاومه فوت الفرصة على قوات الاحتلال لتحقيق اهدافها، وهنا اعتقد ان ذلك كان قرارا سليما، ولكن الذى لم يكن سليما هو الادعاءات بالانتصار مره وبخطف جنود وقتل العشرات منهم اخرى مما اجبر الاحتلال على الانسحاب، حيث ان ذلك لم يكن يمت للحقيقة بصله، وكان ممكن ان يفهم منه انه محاولة لبث الروح المعنوية لدى الشعب والمقاومين ومنع الانهيار، وهذا امر جيد، ولكن الغير جيد والغير لائق هو محاولة استثمار هذا النصر المزعوم لتحقيق اهداف سياسية حزبية، لتكريس وضع جلب الكوارث على الشعب الفلسطينى.
كما ان موقف سلطه رام الله من الحرب لم يكن على قدر المسئولية، حيث بدت عبارات الشماته والتشفى لدى بعض قادتها، ومنع الشعب الفلسطينى من التضامن بطريقه لائقه مع اهالى غزه، ليس فقط برد عسكرى ولو رمزى، ولكن ايضا من خلال قمع المظاهرات، والاكتفاء باضاءة الشموع وكأن ما يحدث في بيت الجيران.
وبعيدا عن التهويل وبيع الوهم للشعب المنكوب، وايضا بعيدا عن لغه التشفى وتحميل المسئولية لحماس او للمقاومه فيما حدث، فاننى اعتقد ان النتيجه المنطقية والمقبوله لهذه الحرب هو القول بان الشعب الفلسطينى انتصر فيها وليس تنظيم بعينه، وذلك من خلال صموده في وجهه الاله العسكرية الهمجية الصهيونية، وتمكنه من الحفاظ على وحدته وتماسكه في هذه الظروف الصعبه في ظل غياب واضح للحكومتين المقاله والمطاله، وبالتالى فانه ليس من حق اى فصيل او جهة المتجاره بدماء الشهداء والجرحى لتحقيق اهداف حزبية ضيقه، وفرضها على طاولة الحوار، بل يجب على الجميع التواضع ووضع مصلحة القضية والشعب الذى ضحى فى مقدمة الاولويات، باعتبار ان هذا الحوار هو فرصتهم الاخيره للتكفير عن خطاياهم وليس لجنى ارباح او فرض مواقف واجندات لتحقيق اهداف حزبية ضيقة.
2- قضية الاعتقال السياسي : سبق وان كانت هذه القضية سبب لافشال الحوار الذى دعت له مصر في السابق حيث رفضت حركة حماس المشاركة الا بعد ان تطلق سلطة عباس كافة المعتقلين، وبالرغم من ان هذا الشرط لم يكن مقنعا للكثيرين، الا ان الحوار الغى لهذا السبب. والان نجد التصريحات تتكرر من كلا الطرفين بشأن هذه القضية، حيث تستمر السلطتين في رام الله وغزة في تجاوز كل المحرمات في هذه القضية. فسلطة رام الله تعتقل افراد حماس وافراد المقاومه من كل الفصائل، بل ان هذا الاعتقال وصل في بعض المراحل الى استشهاد بعض المقاومين تحت التعذيب بالرغم من النفي الرسمي، وايضا تجاوزت حركة حماس كل الاعراف باعتقال المعارضين لها وفرض الاقامات الجبرية عليهم وتصفية بعضهم بتهمة العماله او خلق عاهات دائمه من خلال اطلاق النار على ارجلهم. وكما يعلم الجميع فقد سارع كلا الطرفين نفي هذه الاقول، ولكننى استطيع ان اؤكد حدوث هذه الحواث وبالذات من طرف حماس لاننى مقيم بغزه واعرف حوادث كثيره تعرضت لما اقول. اما بالنسبة لسلطة عباس فهو امر غير مستبعد عليها اعتقال المقاومين وتعذيبهم، وهنا اشير الى ما كانت تقوم به السلطه اثناء سيطرتها على غزة، وايضا فاننى اعرف عشرات الحالات التى اهينت واعتقلت وعذبت وقتلت بيد سلطة فتح في غزة. ما اريد ان اخلص اليه هو ان ادعاء طرف من اطراف الحوار بالطهاره او بافضليته على طرف آخر او جعل هذه القضية سببا لفشل الحوار يعتبر تهرب من الحوار واستحقاقاته، ومحاوله مقصوده لافشاله لاهداف ليس لها علاقة بفلسطين وشعبها الذى عانى الامرين من السلطتين المتسلطتين في غزه ورام الله، فكلهم فى التعذيب وقتل الشعب شرق.
3- حقيقة تمثيل المتحاورين للشعب الفلسطينى : لقد ذهبت كلا من حماس وفتح وباقى الفصائل الفلسطينية الى القاهرة مدعيا انها تمثل الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، ويؤسفنى القول ان هذا ادعاء باطل ولا اساس له من الصحة بالرغم من قدرة هذه الفصائل على حشد الجموع عند الحاجه لاثباث قوتها على الارض والادعاء بان ذلك المهرجان او الاحتفال حضره مئات الالوف من مؤيديها، بل ان المتابع للشأن الفلسطين يحار في بعض الاوقات حول تحديد تعداد سكان غزه وانتمائاتهم نتيجه لادعائات بحشود مليونية من بعض الفصائل، ولكن ربما يكون هذا الواقع صحيحا في ظل الحصار والتجويع والتهميش والفساد الذى جعل الناس على استعداد لتغيير الوانها لمن يدفع او يوظف، اى ان الفصائل ارغمت الشعب ان يعطى انتمائه ليس لمن يرفع شعار حماية القضية بل لمن يدفع الراتب ويمنح الكابونه.
من هنا لا نستغرب ان القضايا الاساسية التى يدور حولها حوار القاهره هى قضايا تتعلق بتقاسم السلطة والمناصب وليس قضية القدس او اللاجئين او غيرها من القضايا الجوهرية. ان المتحاورون في القاهره وبعد ان استطاعوا تقسيم الشعب الفلسطينى الى جماعات مصالح او لوبيات مرتبطه بمن يدفع الراتب تشعر بالافلاس الوطنى ولا تجد سبيل لحماية نفسها الا من خلال الحصول على اكبر نصيب من الكعكه لارضاء جماعات المصالح تلك واللوبيات التى تنتظر حصتها من الميراث .
للاسف ان الانتماءات الحزبية الآن وبعد اوسلوا اصبحت انتماءات مصلحية لا علاقة لها بالوطن او القضية، وكل تفكير الناس الآن مرتبط بهذا الامر السؤال عن الراتب وموعد نزوله والعلاوات وغيرها من الامور، بل ان الشعب الفلسطينى فقد الاحساس بابسط معانى النضال والوطنية عندما ارتضى لنفسه او فرض عليه ان يعيش عاله على صدقات ومعونات الغير الذين يدفعون لملوك الطوائف لتكريس الانقسام والاجهاز على البقية الباقية من القضية، لان من لا يملك لقمة عيشه لا يستطيع ان يكون حرا في قراراته وسيظل يخضع لاجندات غيره.
ان الواقع الكارثي الذى تمر به القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى لا سابق له وكل ذلك بسبب امراء الحرب والفتنة في حماس وفتح الذين اوصلوا القضية الى نهايه مأساوية بسبب مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، وبالرغم من ذلك يصرون على انهم يمثلون الشعب الفلسطينى، متناسين ان الناس فرض عليها اما ان تكون حماس او فتح من خلال مساومتهم على لقمة العيش.
ان قضية ادعاء فتح وحماس بثميل الشعب الفلسطينى قضية تحتاج الى اعادة نظر وتدقيق، نعم ان الفصائل الفلسطينة كانت لديها الشرعية النضالية للادعاء بثميل الشعب الفلسطينى عندما كانت حركات مقاومه تضع القضية الفلسطينية وهموم الشعب الفلسطينى ضمن اولى اوليلتها وكان عطاء ابنائها للوطن مغموس بلون الدم واسواط السجانين، ولم يكن للراتب والمناصب والرتب اى اعتبار لدى مناضلي وشهداء هذه الفصائل، اما الآن في زمن التجار وعبيد السلطة فلا احد له حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى الا من خلال مؤسسات ديمقراطية تعطى الشرعية لمن له الحق بتمثيل الشعب الفلسطينى. ولو تأملنا واقعنا الحالى فانه لا يوجد فصيل او حركة يمكنها الادعاء بانها تمتلك هذه الشرعية لعدة اسباب :
ان الشعب الفلسطينى ليس فقط في غزه والضفة بل ان غالبيته في الشتات، ولم يتم اجراء انتخابات حقيقية لاختيار ممثلى الشعب الفلسطينى في الشتات، ناهيك عن ان المجلس الوطنى الفلسطينى يتم اختيار اعضاءه بالتعيين وليس بالانتخابات، كما ان بعض الفصائل غير ممثله به، ويعقد فقط عند الطلب ولتمرير قرارات كارثية.
اما المجلس التشريعي الاخير والذى اعطى حماس الاغلبية فانه لا يمنح حماس او فتح حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى حتى في غزة والضفة. فحركة فتح بالرغم من تاريخها النضالى وامكانياتها اللامحدوده فشلت في هذه الانتخابات بسبب فساد قادتها ونهبهم لاموال الشعب وتخليهم عن المشروع الوطنى، وفي ذلك اكبر اشاره لرفض الشعب لهم ولفسادهم وافسادهم الذى يصرون عليه ولا يخجلون منه ولحتى اللحظة لم تتمكن الحركة من تطهير نفسها من الفاسدين واللصوص الذين اختطفوها من ساحات النضال الى ساحات البزنس والخذلان، وها هي الحركة ومنذ اكثر من عقدين لم تستطع عقد مؤتمرها السادس.
اما حركة حماس فليس من حقها بالرغم من حصولها على الاغلبية في الانتخابات الاخيرة الادعاء باحقيتها بتمثيل الشعب الفلسطينى، لان الشعب اختارها بطريقه ديمقراطية وبناء على برنامج التغيير والاصلاح، ولكن عندما لجأت الحركة الى استخدام القوة والسلاح (بغض النظر عن الاسباب) فهذا الامر لا يمت للديمقراطية بصلة والتى لازالت حماس تحتمى بها. ان الديمقراطية تعنى حكم الشعب والالتجاء له، واى خلاف او قضية وطنية يجب الاحتكام بها الى الشعب وليس الى القوة العسكرية. ان حماس بانقلاباها الدموى انقلبت على الديمقراطية ومارست عمل لا تقبله ادنى مراتب الديمقراطية وبالتالى ليس من حقها الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى.
كما اننا اذا كنا نريد ان نحتكم الى النظام الديمقراطى او حتى الاسلامى فان ولى الامر او الحاكم منوط به تحقيق مصالح الشعب واذا عجز عن ذلك لاى سبب من الاسبات وجب عزله، واعتقد ان حماس فشلت في كل شئ ولم تطبق حرف واحد من برنامجها الذى حازت على ثقة الشعب من خلاله بل تخلت عن المقاومه واوصلت الوضع فى غزه الى شبه كارثه، فيجب عليها ان تتقى الله في الشعب والقضية، وتعود الى المقاومه وتتخلى عن الكرسي.
مما تقدم يتضح ان ادعاء فتح وحماس وحتى غالبية الفصائل الفلسطينة تمثيل الشعب الفلسطينى اصبح شئ مشكوك فيه، لان غالبيتها مرتبط باجندات ليست فلسطينية، ولهذا وصل حالنا الى ما هو علية، ويجب ان يدرك المتحاورون في القاهرة ان هناك اغلبية صامته ومغيبه من الشعب يجب ان لا يغيب رأيها.
4- موضوع المقاومه والعملية السلمية: يذهب المتحاورون الى طاولة الحوار ولدى كل واحد مشروع مناقض للمشروع الآخر، حماس ترفع شعار المقاومه، وفتح شعار الحل السلمي. واعتقد ان كل طرف يستطيع تبرير موقفه ونقض الموقف الآخر ولديه من الحجج ما يكفي، وهنا فاننى احترم كلا الموقفين ولا ارى ان يكون البديل هو القطيعه بين الموقفين او الصدام.
فالمقاومه حق مشروع لاى شعب محتل كفلته المواثيق والاعراف الدوليه، وفلسطين لازالت تخضع للاحتلال ومازال العدو الصهيونى مستمر في سياسته الاستيطانية والعدوانية تجاه شعبنا، ولهذا فالمقاومه يجب ان تستمر، وهنا فإن النقاش يجب الا يدور حول مشروعية المقاومه بل حول متى وكيف واين، والهدف بحيث تكون مقاومه منتجه وليست عبئا على الشعب والقضية.
ولو حاولنا تقييم دور المقاومه الفلسطينة في وضعها الحالى فاننا لا نستطيع ان نصفها الا بالقول بانها حق اريد به باطل، فكيف يمكن فهم رفض حركة حماس طلبات سلطة فتح السابقة بوقف العمليات العسكرية، في حين ان حركة حماس تقوم بفعل نفس الشئ مع الفصائل الاخرى واجبرتها على القبول بهدنه مع اسرائيل. كما ان المقاومه بدل ان تركز مقاوتها من الضفة الغربية المحتلة والمليئة بالمستوطنات والقريبه من التجمعات السكانية الاسرائيلة، نجدها تصر على اطلاق الصواريخ من غزة المحررة التى لا يوجد بها مستوطنات او جنود اسرائيليون، هذا بالرغم من ان طبيعة الارض الجبلية والجغرافيا في الضفة تتيح للمقاوين فرصه افضل للمناوره والتخزين والتخفي والحاق الضرر بالعدو الصهيوني منها في غزة. والاهم من ذلك كله هو انه في حين ان صواريخ غزه لا توجد امامها اهداف مهمه بل صحراء شبه خاليه، نجد انه لو اطلقت الصواريخ من الضفه فانه بامكانها ان تصيب مبنى الكنيست ووزارة الدفاع ومفاعل ديمونا ومعظم المدن الاسرائيلة الكبرى، وحتى لو اطلقت صواريخ بدائية وغير دقيقه فانها ستصيب هدف لازدحام المنطقة بالاهداف.
وربما يقول البعض ان الضفه لاتزال محتله وان قوات عباس تمنع المقاومين وتعتقلهم، واعتقد ان هذا القول مردود، لان نفس الشئ كان موجود في غزه وكانت المقاومه تعمل بل انها تمكنت اخيرا من القيام بانقلابها وطرد السلطة من غزة، وكنت اتمنى انه بدلا من القيام بالانقلاب في غزة ان يتم تعزيز قوة المقاومة في الضفه.
ثم ما فائدة ان يطلق صاروخ ولايصيب احدا وترد اسرائيل بالقتل والتدمير والحصار وغيره، اليس من الضرورى وضع عواقب اى عمل في الحسبان بحيث لا يكون ضرره اكثرمن نفعه، ام ان الامر اصبح مجرد اطلاق صواريخ وبعده نبدأ باحصاء الشهداء والجرحى والدمار وغيره، وهنا فاننى لا ادعو الى الغاء المقاومه بل الى خلق طرق ابداعية للتعبير عن رفضنا للاحتلال وسعينا للحصول على حقنا الشرعى ولكن باقل الاضرار، حتى لا تصبح مقاوتنا عبثية، وينفر الناس منها.
اما المسيرة السلمية فهى ايضا اداة مهمه لحصول شعبنا على حقوقه بعد ان خاض مع اشقاءه العرب عشرات المعارك التى لم تأتى بالنتائج المرجوة، لاسباب كثيره لا مجال لذكرها هنا، وبعد ان حققنا مكاسب كثيرة من خلال العمل الدبلماسي من اعتراف بعدالة قضيتنا والتفاف غالبية المجتع الدولى حول قضيتنا العادلة باستثناء امريكا وبريطانيا اللتدين لم يتغير نهجهما منذ بداية الصراع وحتى الان وليس من المؤمول ان يتغير في القريب العاجل، وهنا ربما رأى كثيرون ان الافضل هو الدخول في عملية سلمية كخطوه مرحلية لوقف نزيف هذا الصراع وتثبيت ولو جزء من الحق الفلسطينى على الارض واقامة الدولة الفلسطينة. واعتقد ان هذا النهج له الحق في السير في هذا الطريق، عسى ان يحقق جزء من حقوقنا الشرعية، ولكن المرفوض وفي ظل المماطلة الاسرائيلية ان نضع خيار المقاومه جنبا او نسقطه من بين ايدينا، لان ذلك يعنى الاستسلام للاملاءات الاسرائيلية لعدم وجود قوة رادعه له، وهنا يكون دور المقاومه في العمل والتنسيق مع المفاوض الفلسطينى لدعمه في اللحظات الحرجه، واذا كان من ضروره لهدنه فيجب ان تكون بين المقاومه والطرف الفلسطينى المفاوض لفتره زمنية معينه لتحقيق اهداف معينه، واذا فشل فعلى الجميع الانخراط في المقاومه لتحقيق ما عجزت عنه المفاوضات السلمية، ولهذا يجب ان تحل بين المقاومه والمفاوض الفلسطينى لعبة تبادل الادوار وليس الاقصاء والقمع والتهميش، واذا استطعنا تحقيق ذلك فمن المؤكد سنصل لما نريد، ما دام هدفنا واضح، وادواتنا لتحقيقه تبنى ولا تهدم، ترسخ حقوق ولا تتنازل، تعرف متى تفاوض ومتى تقاوم.
5- قضية المعابر: تعتبر قضية المعابر من القضايا التى اثير حولها –ولا زال - كثير من اللغط، نتيجه للحصار المفروض على قطاع غزة والذى جاء بعد الانقلاب العسكرى لحماس على السلطة. والقضية ببساطه انه وفي ظل السلطه السابقة كان هناك اتفاق بين السلطه واسرائيل بهذا الشأن، ولكن بعد تسلم حماس السلطه وتبنيها لخيار المقاومه كان امرا متوقعا ان تقوم اسرائيل بكل ما تملك من ادوات للتضييق على حركة حماس واغلاق المعابر وقطع الكهرباء والامتناع عن ارسال السيوله النقدية للبنوك وغيرها من الاجراءات التى تعتبرها اسرائيل وسيله للرد على اطلاق الصواريخ وعدم وجود طرف في قطاع غزه تجلس معه لترتيب هذا الامر، حيث كانت السلطة في السابق هى التى تنسق مع الجانب الاسرائيلى حسب الاتفاقيات الموقعه، وقد حاولت مصر مع الاطراف الفلسطينية حل هذه القضية بوضع قوات حرس الرئاسه على المعبر بالاضافة الى شرطه من جانب حماس ولكن هذا الاتفاق فشل بسبب صراع الاخوة الاعداء، ورغبة حماس بتغيير الاتفاق لانه غير ملائم حسب وجهة نظرها.
لقد كان من الغريب ان تأخذ هذه القضية منحى اخر وتشهد تصعيداً خبيثاً باتجاه مصر، وكأنها تغلق المعبر في وجهه الفلسطينيين، حيث طالبت حماس مصر بفتح المعبر وتناسى الاتفاق الموقع مع السلطه، وهنا اعتقد ان هذا الطلب فيه تجنى على مصر، لان مصر اولا رفضت انقلاب حماس على السلطة، ومعنى فتح المعبر من طرفها هو تأييد لحماس ضد السلطة السابقة، والاخطر من ذلك ان هذا الامر يخدم مخطط اسرائيلى قديم بضم قطاع غزة او كما يسميه الاسرائيلون اعادته الى مصر التى كانت تحمه قبل 67، ومن تم اعادة الضفة الى الاردن، وبذلك تكون قد لبت مطالب الشرعية الدولية بالانسحاب من الاراضي التى احتلتها عا 1967، وكفى الله المؤمنين شر القتال.
يضاف الى ذلك ان مصر ليس من حقها القيام بفتح المعبر لان الانسحاب الاسرائيلى من غزة والذى تم من جانب واحد ابقى السيطرة على الحدود والمعابر من خلال ترتيبات خاصه مع السلطه والاتحاد الاوروبي ومصر. وفتح المعبر من جانب مصر يعنى نقض لهذه الاتفاقيات، مما يعنى نقض اتفاقيات كامب ديفيد التى استطاعت مصر من خلالها تحرير كافة اراضيها. وهنا يجب السؤال ما هى المصلحه القومية للعرب او لمصر في نقض هذه الاتفاقيات، وهل مصر مستعدة لتداعيات هذا الامر وما هو الثمن والاهداف التى ستحققها؟ ولماذا يراد ان يفرض على مصر الدخول في صراع لم تستشر به ويحاول البعض فرضه عليها، في حين ان الدول التى تدعم حماس لديها اراضي محتله وتمنع حتى عمل المقاومه من خلالها بالقول بان توازن القوى ليس في صالحها (وانا احترم هذا الرأى)، ام ان المطلوب من مصر ان تضحى باراضيها المحرره وجيشها لترضي حماس، وتنساق لمعركه تفرض عليها من الخارج لتحقيق هدف حزبي ضيق.
انه ظلم لمصر التى خاضت اكثر الحروب ضد اسرائيل ولم تتخاذل عن نصرة الشعب الفلسطينى لحظة واحد ان يتم اختصارها وزج اسمها في مشكله فلسطينية داخلية حزبية ضيقه، لا تمت لفلسطين بصله ويتم تصويرها وكأنها تحاصر اهل غزة وتجوعهم وتمنع المساعدات عنهم، فيما الذين يتباكون على شعب غزه لا يحركون ساكنا بالرغم من كل شعاراتهم البراقه والعنترية والتى انكشفت خلال حرب غزة، ولم يحركوا جيوشهم واساطيلهم لنصرة اهل غزة بل يريدون من الآخرين ان يقوموا بذلك.
ان قضية المعابر قضية سياسية بالدرجه الاولى تستخدمها اسرائيل للضغط على حماس لارغامها على الانخراط في العملية السلمية، وهنا يجب ان يكون واضحا لدينا ان الجمع بين المقاومة والسلطة في ظل وضعنا وامكانياتنا الحالية امرا مستحيلا، ولذا لا يجب ان نحاول تحقيق المستحيل بالالتفاف على طرف ليس له علاقه بالامر ونحمله المسئولية، فاما السلطه والدخول في العملية السلمية، واما المقاومه والاصطفاف بصف المعارضة، وعندما نحصل على استقلالنا الكامل من حقنا تغيير الاتفاقية ونجعلها بين دولة فلسطين ومصر. اتمنى ان نفهم ذلك وليس كما ينادى بعضهم باحضار شركة لادارة المعبر .
في النهاية اقول للمتحاوين في القاهرة، اتمنى ان تدركوا كل هذه الحقائق وان تضعوا مصالح القضية والشعب فوق مصالحكم الحزبية الضيقة، وان تكون اولى الاوليات لديكم تشكيل حكومة وفاق وطنى تكون مهمتها الاولى رفع الحصار واجراء الانتخابات التشريعية ليقول الشعب كلمته، وبناء عليها يتم انتخاب اعضاء المجلس الوطنى على اسس سليمه، للبدء باصلاح منظمة التحرير. اما اذا كان حواركم يدور حول حصص هذا الفصيل او ذاك في المجلس او الوزارة او في مبالغ اعادة الاعمار، فعلى القضية السلام، واعلموا جميعا انكم جميعا مقصرون بحق شعبكم وقضيتكم وانه لا يوجد بينكم من يستطيع الزعم بانه بلا خطيئه، ليتخلف عن الرجم .. ارجموا والا رجمكم الشعب بما رجم به بوش في حفلة وداعه في العراق.
الاثنين، 19 يناير 2009
محور فيلادلفيا ..بداية التدويل .. والتوطين .. وانهاء القضية
محور فيلادلفيا ..بداية التدويل .. والتوطين .. وانهاء القضية
بقلم/ يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
في حربها المسعورة على غزة حددت اسرائيل عدد من الاهداف تسعى لتحقيقها، كان اهمها وقف الصواريخ ومنع تهريب السلاح عبر ما يسمى محور فيلادلفيا ومره قيل اسقاط حماس واخرى اضعافها، وهذا ما جاء على لسان وزير الدفاع ايهود باراك الذى حدد أربعة أهداف وضعها له جهاز الامن استعدادا لـ "العملية الكبرى"، في قطاع غزة وهي: 1- وقف نار القسام على اسرائيل. 2- وقف التهريبات في محور فيلادلفيا. 3- اضعاف حكم حماس بل واسقاطه. 4- استكمال فك الارتباط عن قطاع غزة.
وبالرغم من وجود رغبه اسرائيلية لتحقيق هذه الاهداف لاهميتها لها الا اننى اعتقد ان اسرائيل لم تصرح على الملأ بالهدف الحقيقيى والجوهري لهذه الحرب وهو حسب اعتقادى اجبار حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية الاخرى الى الجلوس معها على طاولة المفاوضات والدخول بالعملية السلمية، وخلق ظروف جديدة لانهاء القضية الفلسطينية.
وقد سبق لى في اكثر من مقال ان وضحت وجهتى نظرى هذه عندما علقت على الحسم العسكرى لحماس بغزة وعلى مسألة دخولها في الانتخابات حيث كانت وجهة نظرى ولا زالت ان ذلك لم يكن سوى فخ نصب لحماس لاجبارها في النهاية على القبول بالعملية السلمية من خلال الحصار والعمليات العسكرية المستمره، مما يعنى انه لو حدث ذلك فسيكون مكسب استراتيجى لا يقدر بثمن لاسرائيل وامريكا من خلال اضفاء الشرعية الاسلامية على السلام مع اسرائيل، مما سيعنى عدم تحرج الدول العربية والاسلامية من اقامة علاقات وصلح مع اسرائيل وبدأ عملية لتفكيك العداء الدينى لليهود من وجهة نظر اسلامية.
على العموم ليس هدفي هنا الدخول في تفاصيل ما يجرى من حرب على غزة واسبابها الحقيقية ونتائجها التدميرية على القضية الفلسطينية في ظل انقسام فلسطينى مجرم وعميل، وضعف وتآمرعربي مخزي وصمت دولى معيب، لان ذلك يحتاج الى عشرات المقالات، ولكن هدفي من هذا المقال توضيح الابعاد الحقيقية للتركيز على محور فيلادلفيا وجعل قضيته محورية في النقاش الدائر حول الترتيبات النهائية التى ستلى الحرب، حيث سنلاحظ ان مخططوا هذه الحرب لم يوضحوا السبب الحقيقي لجعل قضية محور فيلادلفيا قضية محورية في النقلاش الدائر، واكتفوا بالزعم بان ذلك يهدف الى وقف تهريب السلاح لحماس من خلال الانفاق الموجودة على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة. بل ان التضليل وصل مداه عندما وقعت اسرائيل وامريكا اتفاقية امنية لا يعرف احد تفاصيلها ولكن قيل انها تنص على ضمانات امريكية لاسرائيل بمراقبة البحار والمحيطات وتفتيش السفن التى يحتمل ان تحمل اسلحه لحماس من ايران. وامعانا فى الاستخفاف والتضليل تم الاشاره الى ان امريكا ستعمل على وضع اليه للمراقبة على السفن فى البحار والمحيط الاطلسى لمنع وصول الاسلحة من ايران الى غزه، وكأن غزة الاطلسية اصبحت على مرى حجر من مانهاتن الامريكية، او ان ترسانه ايران العسكرية تقع في منطقة الماسورة الحدودية.
ليس هذا التضليل فحسب، بل ان من يسمع عن محور فيلادلفيا والانفاق الموجوده على الشريط الحدودى ربما يعتقد ان حدود غزة مع مصر تقاس بآلاف الكليومترات وان انفاقها اعظم من نفق بحر المانش ويمكن من خلاله تهريب صورايخ شهاب ودبابابات وطائرات، وزيادة في التضليل عمدت اسرائيل الى صب جام غضبها على هذا المحور وبالتحديد على الجزء المكثض بالسكان منه والذى لا يزيد طوله عن 4 كيلومترات والقت عليه من القنابل التدميرية التى ربما يفوق ما القى على خط برليف وقامت بتشريد اكثر من 70 الف نسمه من سكان رفح بدعوى تدمير الانفاق.
ولان حجم التضيل الاعلامى والتقصير والتآمر والعشوائية والجهل في تناول ما يحدث تجعل الكلام الحر البناء غير ممكن في ظل ثقافة السبق الاعلامى واحصاء الضحايا والحرب بالبث المباشر وجنرالات واستراتيجيوا ومحللى الفضائيات، الا اننى بالرغم من ذلك ساحاول توضيح الابعاد الحقيقية لقضية محور فيلادلفيا وكيف يراد منها ان تكون مدخلا لاحضار قوات دولية وبداية لضم قطاع غزة لمصر وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء. لهذا فاننى ساركز هنا على نقطة واحدة وهى محور فيلادلفيا والحديث المتكرر عنه من قبل اسرائيل وبعض الدول العربية والاجنبية، والذى جعلته يبدو وكأنه قضية معقده غير قابله للحل بالنسبة لاسرائيل وامريكا، الا من خلال وجود قوات دولية واتفاقيات امنية، لغرض في نفس يعقوب، وكأن الانفاق الموجوده به لا يمكن السيطرة عليها، الا بوجود الناتو وامريكا وتفتيش السفن عبر البحار لضمان عدم تهريب الاسلحة من خلاله الى حكومة حماس العظمى.
وبصفتى مهتما بما يجرى على الارض ومتابعا للمؤامرات التى تحاك ضد قضيتنا من ناحية ، وبصفتى من سكان مدينة رفح التى يمر بها محور فيلادلفيا بل ان بيتى لا يبعد عن الحدود المصرية سوى خمسون مترا لا غير واعرف تفاصيل المنطقة بالشبر على جانبي الحدود، وربما هذا ما جعل كل هذا الحديث عن محور فيلادلفيا والمبالغة في تضخيمه امر مستفزا لى ولكل من يعرف المنطقة، بل ان الاكثر استفزازا هو هذا الاستعباط من قبل سلطة عباس ومشايخ حماس حول القيمه الحقيقية لهذا المحور، فحكومة النفاق في رام الله تطالب باحضار قوات دولية، اما حكومة الانفاق في غزة فانها تعتقد بانها تقوم بعمل بطولى، كما ان السلطات المصرية التى تستطيع منع دخول ابره عبر الحدود، تشارك في هذا الامر من خلال تصوير ان التهريب عبر الانفاق خارج عن سيطرتها وان قواتها لا تسطيع السيطره على 4 كيلومتر فقط من الحدود وانها بحاجه الى خبراء امريكان واجهزة الكثرونية قيمتها 90 مليون دولار واتفاقية مع الناتو للسيطرة على هؤلاء الشياطين الذين تمكنوا بانفاقهم تلك عن تعجيز اسرائيل وامريكا ومصر وتمكنوا من تهريب هذه الترسانه الضخمة من الاسلحة الى غزة العظمى والتى لا تهدد اسرائيل فقط بل يمكن ان تهدد امريكا، ولذا وجب البحث عن مصدرها الايرانى عبر اعالى البحار وواطيها، ويجب تجنيد دول اوروبا الاستعمارية واساطيلها وجيوشها لمنع التهريب واعطاء ضمانات لاسرائيل ومصر لحل المشكلة.
وحتى لا استرسل في الامر اعتقد انه من الافضل في البداية وقبل الدخول فى تحديد الاهداف الحقيقية من وراء هذا التضخيم والمبالغة في الحديث عن محو فيلادلفيا ان نعطى القارئ العزيز فكره مبسطة عن هذا المحور وموقعه وتاريخه.
فمن المعروف ان مصر وبلاد الشام كانت تخضع للامبراطورية العثمانية ولكن بعد الاحتلال البريطانى لمصر حدث خلاف عظيم بين الحكومة العثمانية وبين مصر(بريطانيا) بشأن الحدود التي تفصل سيناء عن فلسطين . ولولا رضوخ العثمانيين لما طلبته بريطانيا لوقعت الحرب بين الدولتين في تلك السنة. وخلاصة هذه الحادثة، وتعرف باسم (حادثة الحدود) أنه في عام 1906م طلب البريطانيون من السلطان تعيين لجنة من العثمانيين والمصريين (بريطانيا) لتحديد الحدود نهائياً بين سيناء والشام. فرد السلطان هذا الطلب بحجة ان مصر والشام من املاكه وقام قسم من جنوده واحتلوا (طابا) على خليج العقبة وقسم آخر احتل رفح وأزال عمودي الحدود من مكانهما، من تحت السدرة التى يقال ان الخديوي عباس حلمي الثاني زارها في رفح عام 1898م وأقر بأن عمودي الغرانيت القائمين تحت شجرة السدرة القديمة هي الحد بين سوريا ومصر. وقد جرت بعد ذلك مخابرات طويلة بهذا الشأن بين الحكومتين، رأت بريطانيا على أثرها انذار السلطان انذاراً نهائياً تدعوه فيه الى اجابة طلباتها وهي: (1) اخلاء طابا (2) عودة الجند العثماني الى حدهم في رفح (3) اعادة عمودي رفح الى مكانهما. ونظراً لما كانت عليه الحكومة العثمانية من ضعف وتقهقر اضطرت للتسليم بمطالب بريطانيا. فوضع العثمانيون عمودين من خرائب رفح واحداً من الغرانيت الأسود والثاني من الغرانيت الرمادي ونصباً تحت السدرة بقرب مكان العمودين الأولين. وعلى أثر ذلك عينت الحكوماتان لجنتين لتعيين الحدود بين مصر والشام، وفي 9/1/1917 احتل البريطانيون رفح بعد أن اخرجوا العثمانيين منها. وباحتلال رفح بدأ دخول البريطانيين لفلسطين وبعد سقوطها انسحبت القوات العثمانية نحو غزة متخذة مواقع جديدة لها .
وخلال الحرب العربية اليهودية قام اليهود بمهاجمة رفح لمدة اسبوع 1-7 كانون الثاني 1949 وساعدهم في هجومهم هذا سفنهم وطائراتهم التي كانت تغير على خان يونس وغزة وغيرها. وتمكن المهاجمون من احتلال الطريق التي تربط رفح بالعريش. وأخيراً دحر المصريون اليهود الذين أخذوا يفرون إلى الشرق. وبذلك نجت رفح من الوقوع بأيدي المغتصبين. وخلال حرب 1956 احتلت القوات الاسرائيلية رفح وثم وضع قوات دولية بها بناء على اتفاقيات الهدنه، ولكن عندما اندلعت حرب 1967 احتلت رفح مره اخرى من قبل الجيش الاسرائيلى الذى احتل سيناء ايضا ولم يكن هناك حدود فاصله بين القطاع وسيناء من الناحية الفعلية، وان كان التقسيم الادارى الاسرائيلى يفصل بينهما . وعندما وقعت اسرائيل اتفاقيات كامب دافيد مع مصر انسحبت اسرائيل من سيناء الى الحدود الدولية المتدة من طابا حتى رفح وتمركزت على الجانب الفلسطينى من الحدود وفق ترتيبات امنية معروفة.
وعندما تم توقيع اتفاق غزه اريحا ثم اتفاقية اوسلو بدأ الشريط الحدودى الذى يفصل قطاع غزة عن الأراضى المصرية، يدخل دائرة الإهتمام الإعلامى وخاصة بعد الانسحاب الأسرائيلى من قطاع غزة، حيث يعتبر الخط الحدودى بين قطاع غزة ومصر بطوله البالغ 14 كم تقريبا، جزءاً من الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وتعتبر المنطقة التى يمر فيها الخط الحدودى من المناطق الفقيرة نسبياً بمواردها الطبيعية، فالخط الحدودى يسير فى منطقة شبه مستوية، يتدرج فيها الارتفاع من الشمال إلى الجنوب، حيث تبدأ الحدود من نقطة صفر على شاطئ البحر فى الشمال، وتسير بارتفاع تدريجى كلما اتجهنا جنوباً حتى تصل إلى ارتفاع نحو 90 متـراً، عند نقطة التقاء الحدود بين قطاع غزة ومصر وإسرائيل، وتسود فى هذه المنطقة تربة رملية إلى مختلطة، وهى فى مجملها تربة فقيرة فى مواردها العضوية وإنتاجية الأرض فيها محدودة.
وتعتبر مصادر المياه من أهم محددات التنمية فى المنطقة نظراً لشحتها وتدنى جودتها نتيجة للاستنزاف المتزايد للمياه الجوفية فيها، بالإضافة إلى ذلك فإن وجود المستعمرات قبل انسحاب اسرائيل من قطاع غزة قد قيد النمو العمرانى الطبيعى للتجمعات السكانية الفلسطينية المختلفة واتصالها مع الشاطئ كما هو الحال فى مدينتى خان يونس ورفح على وجه الخصوص، وفى بعض الأحيان منع أو حدد تنفيذ بعض المشاريع الكبرى مثل شق الطرق الرئيسة والفرعية ومشاريع المياه والميناء...الخ.
أما عن استخدام الأرض على طول الشريط الحدودى داخل قطاع غزة ومصر، فإنه بعد تجاوز المنطقة العسكرية التى حددها اسرائيل خلال احتلالها لغزة والتى تقع مباشرة على طول الشريط الحدودي، والمعروفة بالمنطقة الوردية باتجاه الشرق يبدأ الشريط الحدودى من شاطئ البحر فى أقصى الشمال بمنطقة المواصي، التى كانت تقع ضمن المنطقة الصفراء التى يقطنها عدد محدود من الفلاحين الفلسطينيين العاملين فى مجال الزراعة، وهى منطقة زراعية تسير على امتداد الشريط الحدودى بطول لا يتجاوز كيلو متراً واحداً من الشمال إلى الجنوب، أى من شاطئ البحر باتجاه الداخل، وكانت هذه المنطقة تخضع لترتيبات أمنية خاصة، حيث السيطرة الأمنية الإسرائيلية، والسيطرة المدنية الفلسطينية، مثلها مثل سائر المناطق الصفراء فى قطاع غزة.
وبعد هذه المنطقة وباتجاه الجنوب الداخلي تأتى منطقة المستوطنات، والتى كانت تقع فيها مستوطنة رفيح يام بحر رفح، وكانت ضمن المنطقة الاستيطانية تجمع غوش قطيف، التى تمتد من شاطئ البحر حتى مسافة 2 كم باتجاه الجنوب، وهى منطقة كانت تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وعلى بُعد 2 كم من شاطئ البحر، يأتى الخط الأزرق لينهى حدود المنطقة الإستيطانية، لتبدأ منطقة صفراء جديدة تمتد لمسافة 2 كم من الشمال إلى الجنوب، وهى منطقة تمتاز بسيطرة الكثبان الرملية وخلوها تقريباً من التواجد السكاني، باستثناء بعض المنازل المتفرقة على أطراف الحى السكنى الفلسطينى تل زعرب.
وإلى الجنوب من هذه المنطقة مباشرة، أى فى وسط الشريط الحدودى تبدأ المنطقة السكنية، والتى تمتد من تل زعرب فى الشمال ملاصقة تماماً للمنطقة الأمنية المنطقة الوردية، بحيث تسير باتجاه الجنوب حتى حى السلام بمسافة تقدر بنحو 4.5 كم، وهى المنطقة ذات الإكتظاظ السكاني، والتى كانت ولازالت تمثل مشكلة أمنية كبيرة لاسرائيل في سعيها للسيطرة الكاملة على الشريط الحدودي. وبعد هذه المنطقة، وباتجاه الجنوب تظهر منطقة صفراء ثالثة تمتد لمسافة تقدر بنحو 4 كم، تتسم معظمها بالطابع الزراعى وذات تواجد سكانى بسيط، ويخترقها شارع صلاح الدين في الجزء الشرقى منه ليربط قطاع غزة بمعبر العودة رفح البرى ويقع بها مطار غزة الدولى الذي دمرته اسرائيل.
أما على الجانب الغربى من الحدود، أى الجانب المصري، فإن المنطقة هناك تتسم بالطابع الزراعي، وبخاصة بعد نقل سكان مخيم كندا الفلسطينيين إلى الجانب الشرقى من الحدود داخل قطاع غزة، فلم يتبق إلا بعض التجمعات السكانية المتناثرة على الجانب المصرى من الخط الحدودى، وفي الغالب فان المنطقه مكشوفه وسهل السيطرة عليها بعدد ضئيل من الجنود.
والترتيبات الأمنية السائدة على طول الشريط الحدودى سواء على الجانب الفلسطينى أو الجانب المصري، جاءت إفرازاً لاتفاقات جرت بين الحكومة المصرية والإسرائيلية واتفاقاً بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، والفلسطيني- المصرى، إضافة إلى الترتيبات والإجراءات التى اتخذها الجيش الإسرائيلي، بغض النظر عن اتفاقية طابا الموقعة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى واشنطن بتاريخ 28/9/1995، وهى الاتفاقية التى نظمت التواجد الإسرائيلى فى الشريط الحدودى فى قطاع غزة قبل انسحابه من غزة، والذى تفضل المصادر الإسرائيلية على تسميته محور فيلادلفيا وهو الاسم الرمزى للمنطقة على خرائط الجيش الإسرائيلى.
مما تقدم يتضح ان الجيش الإسرائيلى كان يقسم الشريط الحدودى إلى ثلاثة أقسام: الأول، وهو الأهم والأخطر بالنسبة لإسرائيل، وهو القسم المقابل لمدينة رفح ومخيمها، والتى كانت تتركز فيه عمليات المقاومة الفلسطينية والتى كانت إسرائيل تذكر أن معظم الأنفاق تصل بين هذا الجزء والجانب المصرى من الحدود، قائلة أن الهدف من الممر هو منع تهريب الأسلحة عبر أنفاق تربط القطاع بسيناء، أما الثاني، فيمتد من شمال مدينة رفح حتى شاطئ البحر، وكان خاضعاً بشكل كامل للسيطرة الإسرائيلية. ويأتى القسم الثالث جهة الجنوب، حيث يمتد من مدينة رفح حتى نقطة التقاء الحدود بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة عند معبر كريم شالوم جنوب إسرائيل، بمحاذاة الحدود المصرية.
وفي اطار الترتيبات الامنية بين مصر واسرائيل فقد بدأت بالفعل عملية نشر قوات مصرية من حرس الحدود على محور صلاح الدين فى 17/8/2005م وجاء ذلك وفق اتفاق مصرى ـ إسرائيلى بنشر 750 جنديا على الحدود فى إطار الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة، للسيطرة على الحدود، التى يقع فيها معبر رفح الذى يُعد بالنسبة إلى 1.6 مليون فلسطينى يقيمون فى غزة بوابتهم الوحيدة إلى العالم الخارجى، كونه الحدود البرية الوحيدة لقطاع غزة مع دولة غير إسرائيل، وقد طالبت إسرائيل مصر بنقل المعبر إلى منطقة كيريم شالوم المواجهة لمنطقة الدهينية جنوبى معبر رفح الحدودى وهى فى نهاية الحدود المصرية مع غزة وتقع فى منطقة حدودية مثلثة بين مصر وإسرائيل والأراضى الفلسطينية بما يسمح بسيطرة إسرائيل على المعبر فى ظل موقف مخالف نسبيا من جانب مصر والفلسطينيين.
وبعد هذا الشرح لطبيعة الشريط الحدودى او ما يطلق عليه الاسرائيليون محور فيلادلفيا من حقنا التسائل عن الابعاد الحقيقية للتركيز عليه وتحويله لقضية دولية معقدة تحتاج على كل هذه المعاهدات والضمانات والمؤتمرات لمنع تهريب الاسلحه الى غزة، وهنا وبصفتى من ابناء رفح اود ان اشير الى بعض الحقائق المتعلقة بالشريط الحدودى:
1- ان الشريط الحدودى البالغ طوله 14 كم تتركز الانفاق فيه في منطقة مكشوفه للجانبين المصرى والفلسطينى ولعابر السبيل يبلغ طولها 4 كم ومخارج هذه الانفاق ومداخلها من الجانبين مكشوفه للجميع ويتحدد طول النفق وعمقه حسب المكان وطبيعة الارض وهى تتراوح ما بين 1 كم الى 200 متر طولا وما بين 15-30 متر عمقا، اما سعه النفق من الداخل في لا تزيد عن 2متر في الارتفاع والعرض ويتم تدعيم بعضها من الداخل بالخشب تفاديا لانهيارها.
2- يقال انه يوجد في رفح اكثر من الف نفق تسخدم لتهريب السلع المختلفه وربما بعض الاسلحه الخفيفة، التى مصدرها الاساسي اسرائيل، التى عمدت وخلال تواجدها في غزة وبعد انسحابها الى ضخ كميات من الاسلحه الخفيفة لتعزيز الاقتتال الداخلى، حيث يتم تهريب هذه الاسلحة الى غزة عن طريق بعض البدو القاطنين على الحدود الاسرائيلية المصرية ومن تم تهرب الى غزة، وجميعنا يعلم حجم المشاكل الامنية التى افتعلتها اسرائيل لمصر في تلك المنطقة.
3- لمن لا يعرف طبيعة المنطقة الموجودة بها الانفاق اقول بانها منطقة مفتوحه من الجانب المصرى وبها اراضى زراعية في الغالب وتوصل اليها ما يقرب من 7 طرق رئيسية لا يزيد طولها عن 300 متر، وهذا يعنى ان سبع نقط تفتيش على هذه الطرق ستمنع التهريب كليا، وبمعنى آخر فان 100 جندي مصرى على اكثر تقدير يمكن ان يمنعوا دخول ابره عبر الانفاق، هذا بالاضافة الى سهولة كشف الانفاق وتدميرها.
مما تقدم يتضح ان الحديث عن تهريب السلاح وتدمير الانفاق ووضعها في قلب الاحداث هو امر عار عن الصحه الا اذا كان يراد استخدامه ذريعه لتنفيذ مخطط اخر خبيث، من خلال احضار قوات دولية لضبط الحدود او من خلال عقد اتفاقيات وهمية مع دول ومنظمات اقليمية، لتكوين بداية لتدويل غزه وتوطين الفلسطينيين في شمال سيناء، واشير هنا الى بعض الامور :
1- جاء في النص الكامل للخطة الصهيونية المعدلة للفصل الاحادي الجانب بشأن محور فيلادلفيا ما يلى : دولة “إسرائيل” تواصل الابقاء على وجود عسكري على طول خط الحدود بين قطاع غزة ومصر محور فيلادلفيا وهذا الوجود هو حاجة أمنية حيوية. في اماكن معينة، يحتمل ان يكون لازماً توسيع مادي للمنطقة التي يجري فيها النشاط العسكري. وفي السياق، ستنظر الحكومة في امكانية اخلاء هذه المنطقة. اخلاء المنطقة سيكون مشروطاً، ضمن امور اخرى، بواقع أمني وبمقدار التعاون المصري. وخلال الحرب الاخيره على غزة نقلت مصادر اسرائيلية ان يهود اولمرت ووزيرة الخارجية لفني قاما باجراء اتصالات لبلورة الصيغة التي ستحقق انهاء الجولة الحالية مع حماس. والصيغة المطلوبة تقترح تسوية في مركزها اقامة آلية دولية تضمن وقف تدفق الوسائل القتالية عبر محور فيلادلفيا الى القطاع، وآلية رقابة على معبر رفح، وقد جاءت مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلة والاستعداد الاوروبي لدعم جهود منع تهريب لسلاح عبر الانفاق تتويج لذلك.
2- يشير ما حدث خلال الساعات الأولى لانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، فيما يتعلق باندفاع المواطنين الفلسطينيين بأعداد هائلة فى اتجاه رفح والعريش، قبل عودة معظمهم إلى القطاع إلى أن تلك المنطقة الحدودية سوف تشهد تفاعلات شديدة الكثافة، وبأنماط غير تقليدية خلال الفترة القادمة، وربما هذا ما تخطط اسرائيل له بمحاولة رمي قطاع غزة الى مصر كبداية لاحياء مشروع توطين الفلسطينيين فى سيناء حيث لم يكن الحديث المتكرر عن هذا المشروع والتحذير منه جزافاً سواء من قبل جهات فلسطينية ومصرية وكتاب ومراكز دراسات، وكلنا يذكر كيف ان اسرائيل قامت باحداث 13 ثغره في الشريط الحدودي لحظة انسحابها من غزة مما ادى الى اندفاع الفلسطينيين الى الاراضي المصرية، ولكن القوات المشتركة المصرية – الفلسطينية قامت بإغلاق '11' ثغرة من أصل'13'تركها الإسرائيليون مفتوحة فى الجدار الحدودى الممدد على طول منطقة الحدود ، حيث انتشر الجنود المصريون بدءاً من النقطة رقم (1) عند الحدود البحرية المصرية مع غزة على البحر المتوسط وحتى العلامة الدولية رقم (7) بمنطقة (الدهينية) على الحدود مع غزة، وأبقت فقط على مدخلين لعودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة، كما أن زوارق بحرية مصرية انتشرت على الحدود البحرية المصرية مع غزة على البحر المتوسط عند العلامة الدولية رقم (1) وحتى 20 كيلومترا عن الشاطئ لتأمين الحدود البحرية.
1- قال موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني (اكتوبر 2007) على لسان مراسله في بروكسل روني سوفير : إن مصر وقعت علي اتفاق تعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) يسمح للأخير بنشر قواته عند محور فيلادلفيا (صلاح الدين) بين مصر وقطاع غزة لمنع تهريب أسلحة للقطاع. وهذا ثاني اتفاق من نوعه يوقعه الناتو مع دولة في المنطقة بعدما كان قد وقع علي اتفـاق تعاون مع إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن مصدر مسؤول في الناتو قوله إنه يتوقع في الفترة القريبة المقبلة أن يوقع الحلف علي اتفاقات مشابهة مع دول أخري في المنطقة.
واعتبرت أن للاتفاق بين الناتو ومصر أهمية كبيرة علي العلاقات في المنطقة وخصوصا علي ضوء المكانة الخاصة لمصر التي لديها علاقات تعاون إستراتيجية مع إسرائيل في قضايا سياسية وأمنية مرتبطة بالموضوع الفلسطيني عموما وبقطاع غزة خصوصا ، حيث تطالب إسرائيل مصر باستمرار بالعمل علي منع تهريب الأسلحة للقطاع واتهم مسؤولون إسرائيليون القيادة المصرية بأنها تدعم حركة حماس وتساعدها علي تهريب أسلحة عبر محور فيلادلفيا. وقالت مصادر في الناتو إنه بموجب الاتفاق الجديد سيحق لمصر التعاون مع الحلف في قضايا تتعلق بحراسة الحدود ومحاربة الإرهاب وتبادل معلومات متعلقة بالإرهاب واستقرار مناطق حساسة.
رغم ذلك فإن المصادر ذاتها أشارت إلي أنه لا يوجد حتي الآن أي اتفاق خاص يتعلق بالحدود بين مصر وقطاع غزة، ولكن ليس مستبعدا أن يتم بحث هذا الموضوع وتتم المطالبة بمساعدة الناتو في إغلاق هذه الحدود بإحكام. ورجحت يديعوت أحرونوت أن يكون وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قد بحث مع نائب رئيس الناتو أثناء لقائهما في مسألة إحكام إغلاق فيلادلفيا أمام تهريب الأسلحة للقطاع. وقد دعا ليبرمان إلي إعادة احتلال محور فيلادلفيا علي أن ينسحب منه بعد فترة وجيزة وأن تدخل مكان القوات الإسرائيلية قوات تابعة لحلف الناتو.
2- هناك طلب إحاطة تقدم به النائب حمدي حسن عضو مجلس الشعب إلى وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، بخصوص ما ورد عن توطين الفلسطينيين في سيناء، كما نصت عليه اتفاقية الشراكة المصرية ـ الأوروبية في بعض فقراتها(الفصل الثانى المادة 69) وقالت: "يتفاوض الأطراف بناء على طلب أي منهم لإبرام اتفاقات ثنائية فيما بينهم تنظم الالتزامات المحددة لإعادة توطين مواطنيهم، وتشكل هذه الاتفاقات أيضا، إذا ما اعتبر أي من الأطراف ذلك ضروريا، إعادة توطين مواطني دولة ثالثة، وتضع هذه الاتفاقات تفاصيل فئات الأشخاص الذين تشملهم، وكذلك أشكال إعادة توطينهم، ويتم توفير مساعدات مالية وفنية كافية لمصر لتنفيذ هذه الاتفاقات". ووقعت حكومة مصر هذه الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي في 2003، وظلت طي الكتمان حتى العام الماضي، وبالرغم من ان وزير الخارجية المصري نفى ايه نيه لمصر لتوطين الفلسطينيين في سيناء الا ان مؤتمر شرم الشيخ الاخير الذى حضره كبار الزعماء الاوربيين، بحجة دعم الموقف المصرى، وحضور الاردن له (وهي دوله مرشحه للعب دور مماثل) يضع تساؤلات كثيره حول ما يدور في الخفاء.
3- نشرت وسائل الاعلام المختلفة اخباراً عن زيارات عديدة قامت بها وفود امنية امريكية لمنطقة الشريط الحدودى بزعم وضع آلية لمنع تهريب السلاح الى غزة عبر الانفاق، وللاسف فان العبقرية الامريكية لم تستطع ان تجد حلا لمشكلة اربعه كم من الحدود الا بالتوصية بضرورة نشر قوات دولية على طول محور فيلادلفيا، حيث تم تتويج ذلك بمذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلة الغامضة قبل اعلان وقف اطلاق النار والتى اثارث غضيا مصريا وجعلت الرئيس المصرى ووزير خارجيته يرفضان هذه المذكرة.
4- معروف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وكجزء من خطة شارون للانفصال من جانب واحد قام بتوسيع محور فيلادلفيا الواقع على الحدود الإسرائيلية المصرية، وهدم مئات المنازل الفلسطينية في منطقة رفح لهذا الغرض. وكان شارون وقيادات جيش الاحتلال، قد صادقوا على مخطط توسيع محور فيلادلفيا كما حاول جيش الاحتلال في نفس الوقت العمل من أجل حفر خندق "فيلادلفيا". وعلى الجانب الآخر ومن دوار الماسورة برفح سيناء، انطلقت التظاهرات التي نظمتها حركة "ودنا نعيش" ، من اجل تحقيق مطالب مواطني سيناء والتي تشمل:1- الغاء قرار هدم البيوت على محور فيلادلفيا والتي بدات بخمسين مترا، تبعه صدور قرار المائة متر، ومن المتوقع ان تصل لمساحة الاربعين كيلو متر في اربعين كيلو متر، خلال المدى الزمني المنظور، كمكان بديل لاسكان الفلسطينيين.
5- معروف ان مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء مشروع قديم سبق وطرحه أيزنهاور في الخمسينات كحل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وقيل بان عبد الناصر قبل المشروع مما دفع قادة الحركة الوطنية في القطاع والشعب الفلسطينى باكمله الى القيام بمظاهرة ضخمة تعد أعظم تظاهرة في تاريخ القطاع الذي كان تحت الحماية المصرية مما ادى الى فشل المشروع.
وعلى العموم وحتى لا ندخل في متاهات ولا يتهمني البعض بانني من انصار نظرية المؤامره سازيد الامر ايضاحا من خلال ما رشح على الارض من دراسات وتقارير وتوقعات وتصريحات قبل وبعد استيلاء حماس على غزة (نشرت ذلك في مقال بعنوان "سيناريو ما بعد غزة" في سبتمبر 2007 ) ربما ستساعدنا في وضع ملامح السيناريو المقبل:
1- في عام 2003، ألّف "جيرهام فوللر" -المتخصص الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية- كتابا اسمه "مستقبل الإسلام السياسي"؛ أوجز فيه فرضيته المشهورة القائلة: "لا شيء يمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة غير جذابة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة". وفي عام 2004، صدر كتاب تحت عنوان "الظل المنحسر للنبي: صعود وسقوط الإسلام السياسي"، للمؤلفين "راي تاكيا" و"نيكولاس كاي. جفوسديف". وفي هذا الكتاب، ذهب مؤلفاه ، إلى أن الإسلاميين، على الرغم من القوة التي اكتسبوها في بعض الأحيان، فإنهم لم يثبتوا نجاحهم كحركات سياسية. وهو ما عبّر عنه المؤلفان عبر المقولة التالية: "إن الرؤية تزداد وضوحا على الدوام بأن الإسلام السياسي الراديكالي لا يستطيع التمكن سلطويا من الدول الحديثة أو الدول المتحولة إلى طور الحداثة في قلب العالم الإسلامي، وأنه لا يستطيع إقامة نموذج بديل وفعال للحكم.
2- أوصى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى, الإدارة الأميركية بشن حملة عقائدية ضد التطرف والإرهاب الإسلامي. جاء ذلك في إطار تقرير استراتيجي اعده 53 من كبارالشخصيات والخبراء والمفكرين الأمريكيين وقدمه المعهد للرئاسة الأميركية في فبراير/ شباط 2005 نصح فيه الى إهمال أي حديث عن أي خطة جريئة وواضحة لتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل لأنها تقلل من شأن السياسات الهشة لفك الإرتباط في غزة والإصلاح الفلسطيني. وحذر التقرير من أن حزب الله وحركة "حماس" يعتبران أميركا الشيطان الأكبر, وقال إنهما يلتقيان مع منظمة القاعدة على هذا المفهوم, ويرتبطان معها في إطار شبكة دعم مادي وشعبي عالمية. وبينما تواصل امريكا تنفيذ هذه الخطط, يجب أن لا تكترث للمطالب الداعية لاقتراح قرار عاجل حول مفاوضات الوضع الدائم الإسرائيلية ـ الفلسطينية.، بل يجب ان تركز جهودها على العمل على تغيير سياسي وأمني فلسطيني, و"فك ارتباط" إسرائيلي منظم وهادئ من غزة.
3- في اكتوبر 2006 قام معهد ريئوت الإسرائيلي باعداد تقرير حول فتح وحكومة حماس بعنوان "من الحرب الأهلية إلى إعادة الاحتلال من جديد" خلص فيه الى ان : السياسة التي تهدف إلى تقوية وتعزيز حركة فتح للقضاء على حماس قد تؤدي إلى تغيرات إستراتيجية في العلاقات الاسرائيلية- الفلسطينية وبالتالي إلى حل السلطة الفلسطينية نتيجه حرب اهلية وإعادة السيطرة الاسرائيلية على الأراضي المحتلة لتصبح غزة والضفة الغربية تحت المسؤولية الاسرائيلية.
4- تضمن عدد (آب 2007) من نشرة "المستجد الإستراتيجي"، الصادرة عن "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، مجموعة من السيناريوهات للفترة المقبلة بشأن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي المقاربه الاولى يرى الدكتور روني بارت، أن سيطرة حركة حماس على غزة أوجدت أمام إسرائيل فرصتين، لا فرصة واحدة، هما بلغته فرصة استعمال العصا مع قطاع غزة وفرصة منح الجزرة للضفة الغربية حيث يدعو الباحث الى شن حمله حربية على غزه تكون أهدافها القضاء او تحيد حماس من خلال :
• الامتناع عن أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع أفراد من حماس.
• إيقاف حركة النقل والعبور من إسرائيل إلى قطاع غزة، ما عدا الأغذية والمياه والأدوية. ويمكن استعمال تزويد الكهرباء والوقود كورقة للضغط والمساومة.
• تعطيل البنية التحتية لشبكة الهواتف الداخلية في قطاع غزة لعرقلة قدرة سلطة حماس وإغلاق الاتصالات الهاتفية الدولية لعزل حماس عن مؤيديها الخارجيين.
• وقف الزيارات لأسرى حماس وعزلهم عن أي اتصال مع العالم الخارجي.
• عزل البنوك في قطاع غزة عن المنظومة البنكية الدولية.
• التوجه إلى عناصر دولية (مصر، الجامعة العربية، منظمة الدول الإسلامية، الاتحاد الأوروبي، حلف شمال الأطلسي- ناتو، الأمم المتحدة) كي تتحمل هذه العناصر مسؤولية أمنية عن قطاع غزة أو عن حدود القطاع مع مصر، على الأقل.
• السيطرة على محيط محور فيلادلفي وتعريتة أو حرث دهليز بعرض كيلومتر واحد على الأقل على طول الحدود، حتى ولو بثمن تشريد عشرات آلاف اللاجئين، وحفر قناة ضد الأنفاق. هذه العملية ستوقف مرة واحدة وأخيرة عمليات تهريب السلاح والذخيرة والأموال والوسائل الأخرى، وكذلك عمليات تهريب الإرهابيين والمرشدين من حزب الله وإيران وتنظيم القاعدة.
• إيقاف حركة التجارة عن طريق الحدود مع مصر أيضًا.
اما المقاربه الثانية فهي بعنوان أفضليات "الحوار" مع حماس او محاولة "تعميق تسييس حماس"! حيث يرى الباحثان يورام شفايتسر وأمير كوليك، من "معهد دراسات الأمن القومي"، أنه في ضوء ميزان الفرص في مقابل المخاطر يجدر بإسرائيل أن تتفحص أيضًا طريق الاتصالات أو "الحوار" مع حركة حماس في إطار فلسطيني شامل. ويضيفان: "بحسب تقديرنا فإن إجراء اتصالات مع حماس، في إطار ائتلاف مع فتح، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عدة أفضليات مركزية.
5- كتب روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" مقال نشر على موقع المعهد بتاريخ 18 يونيو 2007، تحت عنوان: "حماس وحرب الأيام الستة الثانية.. الدلالات والتحديات والفرص" عرض خلاله اقتراح لفك الارتباط الكامل.. بغزة اي تخلي اسرائيل عن مسئولياتها القانونية والاقتصادية والأمنية هناك وذلك يتضمن ما يلي: إنهاء اتحاد الجمارك، إعلان أنه بعد نقطة زمنية معينة ستتوقف إسرائيل عن العمل كنقطة مرور لجميع السلع والأفراد والخدمات إلى داخل غزة، وإنهاء اتفاق أمن "محور فلادلفيا" (محور صلاح الدين) الذي تحول إلى فخ للأمن الإسرائيلي. وفعليا سيجعل ذلك من مصر المنفذ الوحيد لغزة على العالم، مع تدفق الغذاء والمياه والكهرباء والسلع الإنسانية الأخرى عبر الحدود بينها وبين غزة.
6- كشفت مصادر عبرية النقاب عن خطة أعدتها وزارة الخارجية في دولة الاحتلال (الإسرائيلي) قبل سنتين تقترح أن تتولى دولة أجنبية الحكم في قطاع غزة- أي تعيين حكومة انتداب أجنبية موالية لدولة الاحتلال في القطاع. وذكرت المصادر أن هذه الخطة تشمل عدة خطوات مقترحة لزيادة الضغط الاقتصادي على قطاع غزة، أبرزها تشديد الخناق على المعابر والتقليل من كميات البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر صوفا وكرم أبو سالم إلى أدنى حد ممكن والتضييق على نقل الأموال إلى قطاع غزة إلى جانب خطوات أخرى تمس بقطاع التجارة.
7- من جانب آخر كشف الصحفي الإسرائيلي شراغا ايلام في حديث للجزيرة نت عن أن أحد أهداف إسرائيل من العدوان الاخير علي غزة هو تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وتوطينهم في شمال سيناء . وأوضح إيلام في تحليل نشرته "صحيفة يديعوت أحرونوت" أنه في السياق نفسه تريد إسرائيل ارغام الاتحاد الأوروبي علي قبول عدد آخر من الفلسطينيين كلاجئين سياسيين تحت ضغط المعاناة الإنسانية. و يري أن إسرائيل لم تتوقف عن سياسة التطهير العرقي للتخلص من الفلسطينيين منذ عام 1948. إما بالقتل أو التهجير.. وأشار الي أن الرئيس جورج بوش منح إسرائيل هدية ثمينة قبل مغادرته البيت الأبيض بموافقته علي العدوان علي غزة.
هذا بعض ما رشح من دراسات وتوصيات من دوائر صنع القرار او القريبه منها في امريكا واسرائيل، بالاضافة الى مايجرى على الارض والذي يمكن ان يرسم لنا ملامح السيناريو القادم لما بعد غزة، حيث بدأت اسرائيل فعلياً بتنفيذ اجزاء من هذا التوصيات بعد ان وقعت حماس في فخ الانتخابات ثم في فخ السيطره على غزه وما تبع ذلك من اجراءات وعقبات وضعت امام حماس لتحقيق هدفين اما الفشل او الاعتراف باسرائيل . واعتقد اننا نعيش الآن المرحلة النهائية لتنفيذ باقي السيناريو ولتحقيق احد الهدفين السابقين للوصول الى انهاء القضية الفلسطينة بالكامل، نتيجة للتتداعيات الخطيرة للحرب الاسرائيلية الاخير على غزة.
رفح /فلسطين
19/1/2009
بقلم/ يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
في حربها المسعورة على غزة حددت اسرائيل عدد من الاهداف تسعى لتحقيقها، كان اهمها وقف الصواريخ ومنع تهريب السلاح عبر ما يسمى محور فيلادلفيا ومره قيل اسقاط حماس واخرى اضعافها، وهذا ما جاء على لسان وزير الدفاع ايهود باراك الذى حدد أربعة أهداف وضعها له جهاز الامن استعدادا لـ "العملية الكبرى"، في قطاع غزة وهي: 1- وقف نار القسام على اسرائيل. 2- وقف التهريبات في محور فيلادلفيا. 3- اضعاف حكم حماس بل واسقاطه. 4- استكمال فك الارتباط عن قطاع غزة.
وبالرغم من وجود رغبه اسرائيلية لتحقيق هذه الاهداف لاهميتها لها الا اننى اعتقد ان اسرائيل لم تصرح على الملأ بالهدف الحقيقيى والجوهري لهذه الحرب وهو حسب اعتقادى اجبار حركة حماس وحركات المقاومة الفلسطينية الاخرى الى الجلوس معها على طاولة المفاوضات والدخول بالعملية السلمية، وخلق ظروف جديدة لانهاء القضية الفلسطينية.
وقد سبق لى في اكثر من مقال ان وضحت وجهتى نظرى هذه عندما علقت على الحسم العسكرى لحماس بغزة وعلى مسألة دخولها في الانتخابات حيث كانت وجهة نظرى ولا زالت ان ذلك لم يكن سوى فخ نصب لحماس لاجبارها في النهاية على القبول بالعملية السلمية من خلال الحصار والعمليات العسكرية المستمره، مما يعنى انه لو حدث ذلك فسيكون مكسب استراتيجى لا يقدر بثمن لاسرائيل وامريكا من خلال اضفاء الشرعية الاسلامية على السلام مع اسرائيل، مما سيعنى عدم تحرج الدول العربية والاسلامية من اقامة علاقات وصلح مع اسرائيل وبدأ عملية لتفكيك العداء الدينى لليهود من وجهة نظر اسلامية.
على العموم ليس هدفي هنا الدخول في تفاصيل ما يجرى من حرب على غزة واسبابها الحقيقية ونتائجها التدميرية على القضية الفلسطينية في ظل انقسام فلسطينى مجرم وعميل، وضعف وتآمرعربي مخزي وصمت دولى معيب، لان ذلك يحتاج الى عشرات المقالات، ولكن هدفي من هذا المقال توضيح الابعاد الحقيقية للتركيز على محور فيلادلفيا وجعل قضيته محورية في النقاش الدائر حول الترتيبات النهائية التى ستلى الحرب، حيث سنلاحظ ان مخططوا هذه الحرب لم يوضحوا السبب الحقيقي لجعل قضية محور فيلادلفيا قضية محورية في النقلاش الدائر، واكتفوا بالزعم بان ذلك يهدف الى وقف تهريب السلاح لحماس من خلال الانفاق الموجودة على الشريط الحدودي بين مصر وقطاع غزة. بل ان التضليل وصل مداه عندما وقعت اسرائيل وامريكا اتفاقية امنية لا يعرف احد تفاصيلها ولكن قيل انها تنص على ضمانات امريكية لاسرائيل بمراقبة البحار والمحيطات وتفتيش السفن التى يحتمل ان تحمل اسلحه لحماس من ايران. وامعانا فى الاستخفاف والتضليل تم الاشاره الى ان امريكا ستعمل على وضع اليه للمراقبة على السفن فى البحار والمحيط الاطلسى لمنع وصول الاسلحة من ايران الى غزه، وكأن غزة الاطلسية اصبحت على مرى حجر من مانهاتن الامريكية، او ان ترسانه ايران العسكرية تقع في منطقة الماسورة الحدودية.
ليس هذا التضليل فحسب، بل ان من يسمع عن محور فيلادلفيا والانفاق الموجوده على الشريط الحدودى ربما يعتقد ان حدود غزة مع مصر تقاس بآلاف الكليومترات وان انفاقها اعظم من نفق بحر المانش ويمكن من خلاله تهريب صورايخ شهاب ودبابابات وطائرات، وزيادة في التضليل عمدت اسرائيل الى صب جام غضبها على هذا المحور وبالتحديد على الجزء المكثض بالسكان منه والذى لا يزيد طوله عن 4 كيلومترات والقت عليه من القنابل التدميرية التى ربما يفوق ما القى على خط برليف وقامت بتشريد اكثر من 70 الف نسمه من سكان رفح بدعوى تدمير الانفاق.
ولان حجم التضيل الاعلامى والتقصير والتآمر والعشوائية والجهل في تناول ما يحدث تجعل الكلام الحر البناء غير ممكن في ظل ثقافة السبق الاعلامى واحصاء الضحايا والحرب بالبث المباشر وجنرالات واستراتيجيوا ومحللى الفضائيات، الا اننى بالرغم من ذلك ساحاول توضيح الابعاد الحقيقية لقضية محور فيلادلفيا وكيف يراد منها ان تكون مدخلا لاحضار قوات دولية وبداية لضم قطاع غزة لمصر وتوطين اللاجئين الفلسطينيين في سيناء. لهذا فاننى ساركز هنا على نقطة واحدة وهى محور فيلادلفيا والحديث المتكرر عنه من قبل اسرائيل وبعض الدول العربية والاجنبية، والذى جعلته يبدو وكأنه قضية معقده غير قابله للحل بالنسبة لاسرائيل وامريكا، الا من خلال وجود قوات دولية واتفاقيات امنية، لغرض في نفس يعقوب، وكأن الانفاق الموجوده به لا يمكن السيطرة عليها، الا بوجود الناتو وامريكا وتفتيش السفن عبر البحار لضمان عدم تهريب الاسلحة من خلاله الى حكومة حماس العظمى.
وبصفتى مهتما بما يجرى على الارض ومتابعا للمؤامرات التى تحاك ضد قضيتنا من ناحية ، وبصفتى من سكان مدينة رفح التى يمر بها محور فيلادلفيا بل ان بيتى لا يبعد عن الحدود المصرية سوى خمسون مترا لا غير واعرف تفاصيل المنطقة بالشبر على جانبي الحدود، وربما هذا ما جعل كل هذا الحديث عن محور فيلادلفيا والمبالغة في تضخيمه امر مستفزا لى ولكل من يعرف المنطقة، بل ان الاكثر استفزازا هو هذا الاستعباط من قبل سلطة عباس ومشايخ حماس حول القيمه الحقيقية لهذا المحور، فحكومة النفاق في رام الله تطالب باحضار قوات دولية، اما حكومة الانفاق في غزة فانها تعتقد بانها تقوم بعمل بطولى، كما ان السلطات المصرية التى تستطيع منع دخول ابره عبر الحدود، تشارك في هذا الامر من خلال تصوير ان التهريب عبر الانفاق خارج عن سيطرتها وان قواتها لا تسطيع السيطره على 4 كيلومتر فقط من الحدود وانها بحاجه الى خبراء امريكان واجهزة الكثرونية قيمتها 90 مليون دولار واتفاقية مع الناتو للسيطرة على هؤلاء الشياطين الذين تمكنوا بانفاقهم تلك عن تعجيز اسرائيل وامريكا ومصر وتمكنوا من تهريب هذه الترسانه الضخمة من الاسلحة الى غزة العظمى والتى لا تهدد اسرائيل فقط بل يمكن ان تهدد امريكا، ولذا وجب البحث عن مصدرها الايرانى عبر اعالى البحار وواطيها، ويجب تجنيد دول اوروبا الاستعمارية واساطيلها وجيوشها لمنع التهريب واعطاء ضمانات لاسرائيل ومصر لحل المشكلة.
وحتى لا استرسل في الامر اعتقد انه من الافضل في البداية وقبل الدخول فى تحديد الاهداف الحقيقية من وراء هذا التضخيم والمبالغة في الحديث عن محو فيلادلفيا ان نعطى القارئ العزيز فكره مبسطة عن هذا المحور وموقعه وتاريخه.
فمن المعروف ان مصر وبلاد الشام كانت تخضع للامبراطورية العثمانية ولكن بعد الاحتلال البريطانى لمصر حدث خلاف عظيم بين الحكومة العثمانية وبين مصر(بريطانيا) بشأن الحدود التي تفصل سيناء عن فلسطين . ولولا رضوخ العثمانيين لما طلبته بريطانيا لوقعت الحرب بين الدولتين في تلك السنة. وخلاصة هذه الحادثة، وتعرف باسم (حادثة الحدود) أنه في عام 1906م طلب البريطانيون من السلطان تعيين لجنة من العثمانيين والمصريين (بريطانيا) لتحديد الحدود نهائياً بين سيناء والشام. فرد السلطان هذا الطلب بحجة ان مصر والشام من املاكه وقام قسم من جنوده واحتلوا (طابا) على خليج العقبة وقسم آخر احتل رفح وأزال عمودي الحدود من مكانهما، من تحت السدرة التى يقال ان الخديوي عباس حلمي الثاني زارها في رفح عام 1898م وأقر بأن عمودي الغرانيت القائمين تحت شجرة السدرة القديمة هي الحد بين سوريا ومصر. وقد جرت بعد ذلك مخابرات طويلة بهذا الشأن بين الحكومتين، رأت بريطانيا على أثرها انذار السلطان انذاراً نهائياً تدعوه فيه الى اجابة طلباتها وهي: (1) اخلاء طابا (2) عودة الجند العثماني الى حدهم في رفح (3) اعادة عمودي رفح الى مكانهما. ونظراً لما كانت عليه الحكومة العثمانية من ضعف وتقهقر اضطرت للتسليم بمطالب بريطانيا. فوضع العثمانيون عمودين من خرائب رفح واحداً من الغرانيت الأسود والثاني من الغرانيت الرمادي ونصباً تحت السدرة بقرب مكان العمودين الأولين. وعلى أثر ذلك عينت الحكوماتان لجنتين لتعيين الحدود بين مصر والشام، وفي 9/1/1917 احتل البريطانيون رفح بعد أن اخرجوا العثمانيين منها. وباحتلال رفح بدأ دخول البريطانيين لفلسطين وبعد سقوطها انسحبت القوات العثمانية نحو غزة متخذة مواقع جديدة لها .
وخلال الحرب العربية اليهودية قام اليهود بمهاجمة رفح لمدة اسبوع 1-7 كانون الثاني 1949 وساعدهم في هجومهم هذا سفنهم وطائراتهم التي كانت تغير على خان يونس وغزة وغيرها. وتمكن المهاجمون من احتلال الطريق التي تربط رفح بالعريش. وأخيراً دحر المصريون اليهود الذين أخذوا يفرون إلى الشرق. وبذلك نجت رفح من الوقوع بأيدي المغتصبين. وخلال حرب 1956 احتلت القوات الاسرائيلية رفح وثم وضع قوات دولية بها بناء على اتفاقيات الهدنه، ولكن عندما اندلعت حرب 1967 احتلت رفح مره اخرى من قبل الجيش الاسرائيلى الذى احتل سيناء ايضا ولم يكن هناك حدود فاصله بين القطاع وسيناء من الناحية الفعلية، وان كان التقسيم الادارى الاسرائيلى يفصل بينهما . وعندما وقعت اسرائيل اتفاقيات كامب دافيد مع مصر انسحبت اسرائيل من سيناء الى الحدود الدولية المتدة من طابا حتى رفح وتمركزت على الجانب الفلسطينى من الحدود وفق ترتيبات امنية معروفة.
وعندما تم توقيع اتفاق غزه اريحا ثم اتفاقية اوسلو بدأ الشريط الحدودى الذى يفصل قطاع غزة عن الأراضى المصرية، يدخل دائرة الإهتمام الإعلامى وخاصة بعد الانسحاب الأسرائيلى من قطاع غزة، حيث يعتبر الخط الحدودى بين قطاع غزة ومصر بطوله البالغ 14 كم تقريبا، جزءاً من الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الانتداب، وتعتبر المنطقة التى يمر فيها الخط الحدودى من المناطق الفقيرة نسبياً بمواردها الطبيعية، فالخط الحدودى يسير فى منطقة شبه مستوية، يتدرج فيها الارتفاع من الشمال إلى الجنوب، حيث تبدأ الحدود من نقطة صفر على شاطئ البحر فى الشمال، وتسير بارتفاع تدريجى كلما اتجهنا جنوباً حتى تصل إلى ارتفاع نحو 90 متـراً، عند نقطة التقاء الحدود بين قطاع غزة ومصر وإسرائيل، وتسود فى هذه المنطقة تربة رملية إلى مختلطة، وهى فى مجملها تربة فقيرة فى مواردها العضوية وإنتاجية الأرض فيها محدودة.
وتعتبر مصادر المياه من أهم محددات التنمية فى المنطقة نظراً لشحتها وتدنى جودتها نتيجة للاستنزاف المتزايد للمياه الجوفية فيها، بالإضافة إلى ذلك فإن وجود المستعمرات قبل انسحاب اسرائيل من قطاع غزة قد قيد النمو العمرانى الطبيعى للتجمعات السكانية الفلسطينية المختلفة واتصالها مع الشاطئ كما هو الحال فى مدينتى خان يونس ورفح على وجه الخصوص، وفى بعض الأحيان منع أو حدد تنفيذ بعض المشاريع الكبرى مثل شق الطرق الرئيسة والفرعية ومشاريع المياه والميناء...الخ.
أما عن استخدام الأرض على طول الشريط الحدودى داخل قطاع غزة ومصر، فإنه بعد تجاوز المنطقة العسكرية التى حددها اسرائيل خلال احتلالها لغزة والتى تقع مباشرة على طول الشريط الحدودي، والمعروفة بالمنطقة الوردية باتجاه الشرق يبدأ الشريط الحدودى من شاطئ البحر فى أقصى الشمال بمنطقة المواصي، التى كانت تقع ضمن المنطقة الصفراء التى يقطنها عدد محدود من الفلاحين الفلسطينيين العاملين فى مجال الزراعة، وهى منطقة زراعية تسير على امتداد الشريط الحدودى بطول لا يتجاوز كيلو متراً واحداً من الشمال إلى الجنوب، أى من شاطئ البحر باتجاه الداخل، وكانت هذه المنطقة تخضع لترتيبات أمنية خاصة، حيث السيطرة الأمنية الإسرائيلية، والسيطرة المدنية الفلسطينية، مثلها مثل سائر المناطق الصفراء فى قطاع غزة.
وبعد هذه المنطقة وباتجاه الجنوب الداخلي تأتى منطقة المستوطنات، والتى كانت تقع فيها مستوطنة رفيح يام بحر رفح، وكانت ضمن المنطقة الاستيطانية تجمع غوش قطيف، التى تمتد من شاطئ البحر حتى مسافة 2 كم باتجاه الجنوب، وهى منطقة كانت تخضع للسيطرة الإسرائيلية الكاملة، وعلى بُعد 2 كم من شاطئ البحر، يأتى الخط الأزرق لينهى حدود المنطقة الإستيطانية، لتبدأ منطقة صفراء جديدة تمتد لمسافة 2 كم من الشمال إلى الجنوب، وهى منطقة تمتاز بسيطرة الكثبان الرملية وخلوها تقريباً من التواجد السكاني، باستثناء بعض المنازل المتفرقة على أطراف الحى السكنى الفلسطينى تل زعرب.
وإلى الجنوب من هذه المنطقة مباشرة، أى فى وسط الشريط الحدودى تبدأ المنطقة السكنية، والتى تمتد من تل زعرب فى الشمال ملاصقة تماماً للمنطقة الأمنية المنطقة الوردية، بحيث تسير باتجاه الجنوب حتى حى السلام بمسافة تقدر بنحو 4.5 كم، وهى المنطقة ذات الإكتظاظ السكاني، والتى كانت ولازالت تمثل مشكلة أمنية كبيرة لاسرائيل في سعيها للسيطرة الكاملة على الشريط الحدودي. وبعد هذه المنطقة، وباتجاه الجنوب تظهر منطقة صفراء ثالثة تمتد لمسافة تقدر بنحو 4 كم، تتسم معظمها بالطابع الزراعى وذات تواجد سكانى بسيط، ويخترقها شارع صلاح الدين في الجزء الشرقى منه ليربط قطاع غزة بمعبر العودة رفح البرى ويقع بها مطار غزة الدولى الذي دمرته اسرائيل.
أما على الجانب الغربى من الحدود، أى الجانب المصري، فإن المنطقة هناك تتسم بالطابع الزراعي، وبخاصة بعد نقل سكان مخيم كندا الفلسطينيين إلى الجانب الشرقى من الحدود داخل قطاع غزة، فلم يتبق إلا بعض التجمعات السكانية المتناثرة على الجانب المصرى من الخط الحدودى، وفي الغالب فان المنطقه مكشوفه وسهل السيطرة عليها بعدد ضئيل من الجنود.
والترتيبات الأمنية السائدة على طول الشريط الحدودى سواء على الجانب الفلسطينى أو الجانب المصري، جاءت إفرازاً لاتفاقات جرت بين الحكومة المصرية والإسرائيلية واتفاقاً بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، والفلسطيني- المصرى، إضافة إلى الترتيبات والإجراءات التى اتخذها الجيش الإسرائيلي، بغض النظر عن اتفاقية طابا الموقعة بين الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى فى واشنطن بتاريخ 28/9/1995، وهى الاتفاقية التى نظمت التواجد الإسرائيلى فى الشريط الحدودى فى قطاع غزة قبل انسحابه من غزة، والذى تفضل المصادر الإسرائيلية على تسميته محور فيلادلفيا وهو الاسم الرمزى للمنطقة على خرائط الجيش الإسرائيلى.
مما تقدم يتضح ان الجيش الإسرائيلى كان يقسم الشريط الحدودى إلى ثلاثة أقسام: الأول، وهو الأهم والأخطر بالنسبة لإسرائيل، وهو القسم المقابل لمدينة رفح ومخيمها، والتى كانت تتركز فيه عمليات المقاومة الفلسطينية والتى كانت إسرائيل تذكر أن معظم الأنفاق تصل بين هذا الجزء والجانب المصرى من الحدود، قائلة أن الهدف من الممر هو منع تهريب الأسلحة عبر أنفاق تربط القطاع بسيناء، أما الثاني، فيمتد من شمال مدينة رفح حتى شاطئ البحر، وكان خاضعاً بشكل كامل للسيطرة الإسرائيلية. ويأتى القسم الثالث جهة الجنوب، حيث يمتد من مدينة رفح حتى نقطة التقاء الحدود بين مصر وإسرائيل وقطاع غزة عند معبر كريم شالوم جنوب إسرائيل، بمحاذاة الحدود المصرية.
وفي اطار الترتيبات الامنية بين مصر واسرائيل فقد بدأت بالفعل عملية نشر قوات مصرية من حرس الحدود على محور صلاح الدين فى 17/8/2005م وجاء ذلك وفق اتفاق مصرى ـ إسرائيلى بنشر 750 جنديا على الحدود فى إطار الانسحاب الإسرائيلى من قطاع غزة، للسيطرة على الحدود، التى يقع فيها معبر رفح الذى يُعد بالنسبة إلى 1.6 مليون فلسطينى يقيمون فى غزة بوابتهم الوحيدة إلى العالم الخارجى، كونه الحدود البرية الوحيدة لقطاع غزة مع دولة غير إسرائيل، وقد طالبت إسرائيل مصر بنقل المعبر إلى منطقة كيريم شالوم المواجهة لمنطقة الدهينية جنوبى معبر رفح الحدودى وهى فى نهاية الحدود المصرية مع غزة وتقع فى منطقة حدودية مثلثة بين مصر وإسرائيل والأراضى الفلسطينية بما يسمح بسيطرة إسرائيل على المعبر فى ظل موقف مخالف نسبيا من جانب مصر والفلسطينيين.
وبعد هذا الشرح لطبيعة الشريط الحدودى او ما يطلق عليه الاسرائيليون محور فيلادلفيا من حقنا التسائل عن الابعاد الحقيقية للتركيز عليه وتحويله لقضية دولية معقدة تحتاج على كل هذه المعاهدات والضمانات والمؤتمرات لمنع تهريب الاسلحه الى غزة، وهنا وبصفتى من ابناء رفح اود ان اشير الى بعض الحقائق المتعلقة بالشريط الحدودى:
1- ان الشريط الحدودى البالغ طوله 14 كم تتركز الانفاق فيه في منطقة مكشوفه للجانبين المصرى والفلسطينى ولعابر السبيل يبلغ طولها 4 كم ومخارج هذه الانفاق ومداخلها من الجانبين مكشوفه للجميع ويتحدد طول النفق وعمقه حسب المكان وطبيعة الارض وهى تتراوح ما بين 1 كم الى 200 متر طولا وما بين 15-30 متر عمقا، اما سعه النفق من الداخل في لا تزيد عن 2متر في الارتفاع والعرض ويتم تدعيم بعضها من الداخل بالخشب تفاديا لانهيارها.
2- يقال انه يوجد في رفح اكثر من الف نفق تسخدم لتهريب السلع المختلفه وربما بعض الاسلحه الخفيفة، التى مصدرها الاساسي اسرائيل، التى عمدت وخلال تواجدها في غزة وبعد انسحابها الى ضخ كميات من الاسلحه الخفيفة لتعزيز الاقتتال الداخلى، حيث يتم تهريب هذه الاسلحة الى غزة عن طريق بعض البدو القاطنين على الحدود الاسرائيلية المصرية ومن تم تهرب الى غزة، وجميعنا يعلم حجم المشاكل الامنية التى افتعلتها اسرائيل لمصر في تلك المنطقة.
3- لمن لا يعرف طبيعة المنطقة الموجودة بها الانفاق اقول بانها منطقة مفتوحه من الجانب المصرى وبها اراضى زراعية في الغالب وتوصل اليها ما يقرب من 7 طرق رئيسية لا يزيد طولها عن 300 متر، وهذا يعنى ان سبع نقط تفتيش على هذه الطرق ستمنع التهريب كليا، وبمعنى آخر فان 100 جندي مصرى على اكثر تقدير يمكن ان يمنعوا دخول ابره عبر الانفاق، هذا بالاضافة الى سهولة كشف الانفاق وتدميرها.
مما تقدم يتضح ان الحديث عن تهريب السلاح وتدمير الانفاق ووضعها في قلب الاحداث هو امر عار عن الصحه الا اذا كان يراد استخدامه ذريعه لتنفيذ مخطط اخر خبيث، من خلال احضار قوات دولية لضبط الحدود او من خلال عقد اتفاقيات وهمية مع دول ومنظمات اقليمية، لتكوين بداية لتدويل غزه وتوطين الفلسطينيين في شمال سيناء، واشير هنا الى بعض الامور :
1- جاء في النص الكامل للخطة الصهيونية المعدلة للفصل الاحادي الجانب بشأن محور فيلادلفيا ما يلى : دولة “إسرائيل” تواصل الابقاء على وجود عسكري على طول خط الحدود بين قطاع غزة ومصر محور فيلادلفيا وهذا الوجود هو حاجة أمنية حيوية. في اماكن معينة، يحتمل ان يكون لازماً توسيع مادي للمنطقة التي يجري فيها النشاط العسكري. وفي السياق، ستنظر الحكومة في امكانية اخلاء هذه المنطقة. اخلاء المنطقة سيكون مشروطاً، ضمن امور اخرى، بواقع أمني وبمقدار التعاون المصري. وخلال الحرب الاخيره على غزة نقلت مصادر اسرائيلية ان يهود اولمرت ووزيرة الخارجية لفني قاما باجراء اتصالات لبلورة الصيغة التي ستحقق انهاء الجولة الحالية مع حماس. والصيغة المطلوبة تقترح تسوية في مركزها اقامة آلية دولية تضمن وقف تدفق الوسائل القتالية عبر محور فيلادلفيا الى القطاع، وآلية رقابة على معبر رفح، وقد جاءت مذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلة والاستعداد الاوروبي لدعم جهود منع تهريب لسلاح عبر الانفاق تتويج لذلك.
2- يشير ما حدث خلال الساعات الأولى لانسحاب القوات الإسرائيلية من غزة، فيما يتعلق باندفاع المواطنين الفلسطينيين بأعداد هائلة فى اتجاه رفح والعريش، قبل عودة معظمهم إلى القطاع إلى أن تلك المنطقة الحدودية سوف تشهد تفاعلات شديدة الكثافة، وبأنماط غير تقليدية خلال الفترة القادمة، وربما هذا ما تخطط اسرائيل له بمحاولة رمي قطاع غزة الى مصر كبداية لاحياء مشروع توطين الفلسطينيين فى سيناء حيث لم يكن الحديث المتكرر عن هذا المشروع والتحذير منه جزافاً سواء من قبل جهات فلسطينية ومصرية وكتاب ومراكز دراسات، وكلنا يذكر كيف ان اسرائيل قامت باحداث 13 ثغره في الشريط الحدودي لحظة انسحابها من غزة مما ادى الى اندفاع الفلسطينيين الى الاراضي المصرية، ولكن القوات المشتركة المصرية – الفلسطينية قامت بإغلاق '11' ثغرة من أصل'13'تركها الإسرائيليون مفتوحة فى الجدار الحدودى الممدد على طول منطقة الحدود ، حيث انتشر الجنود المصريون بدءاً من النقطة رقم (1) عند الحدود البحرية المصرية مع غزة على البحر المتوسط وحتى العلامة الدولية رقم (7) بمنطقة (الدهينية) على الحدود مع غزة، وأبقت فقط على مدخلين لعودة الفلسطينيين إلى قطاع غزة، كما أن زوارق بحرية مصرية انتشرت على الحدود البحرية المصرية مع غزة على البحر المتوسط عند العلامة الدولية رقم (1) وحتى 20 كيلومترا عن الشاطئ لتأمين الحدود البحرية.
1- قال موقع يديعوت أحرونوت الالكتروني (اكتوبر 2007) على لسان مراسله في بروكسل روني سوفير : إن مصر وقعت علي اتفاق تعاون مع حلف شمال الأطلسي (الناتو) يسمح للأخير بنشر قواته عند محور فيلادلفيا (صلاح الدين) بين مصر وقطاع غزة لمنع تهريب أسلحة للقطاع. وهذا ثاني اتفاق من نوعه يوقعه الناتو مع دولة في المنطقة بعدما كان قد وقع علي اتفـاق تعاون مع إسرائيل. ونقلت الصحيفة عن مصدر مسؤول في الناتو قوله إنه يتوقع في الفترة القريبة المقبلة أن يوقع الحلف علي اتفاقات مشابهة مع دول أخري في المنطقة.
واعتبرت أن للاتفاق بين الناتو ومصر أهمية كبيرة علي العلاقات في المنطقة وخصوصا علي ضوء المكانة الخاصة لمصر التي لديها علاقات تعاون إستراتيجية مع إسرائيل في قضايا سياسية وأمنية مرتبطة بالموضوع الفلسطيني عموما وبقطاع غزة خصوصا ، حيث تطالب إسرائيل مصر باستمرار بالعمل علي منع تهريب الأسلحة للقطاع واتهم مسؤولون إسرائيليون القيادة المصرية بأنها تدعم حركة حماس وتساعدها علي تهريب أسلحة عبر محور فيلادلفيا. وقالت مصادر في الناتو إنه بموجب الاتفاق الجديد سيحق لمصر التعاون مع الحلف في قضايا تتعلق بحراسة الحدود ومحاربة الإرهاب وتبادل معلومات متعلقة بالإرهاب واستقرار مناطق حساسة.
رغم ذلك فإن المصادر ذاتها أشارت إلي أنه لا يوجد حتي الآن أي اتفاق خاص يتعلق بالحدود بين مصر وقطاع غزة، ولكن ليس مستبعدا أن يتم بحث هذا الموضوع وتتم المطالبة بمساعدة الناتو في إغلاق هذه الحدود بإحكام. ورجحت يديعوت أحرونوت أن يكون وزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان قد بحث مع نائب رئيس الناتو أثناء لقائهما في مسألة إحكام إغلاق فيلادلفيا أمام تهريب الأسلحة للقطاع. وقد دعا ليبرمان إلي إعادة احتلال محور فيلادلفيا علي أن ينسحب منه بعد فترة وجيزة وأن تدخل مكان القوات الإسرائيلية قوات تابعة لحلف الناتو.
2- هناك طلب إحاطة تقدم به النائب حمدي حسن عضو مجلس الشعب إلى وزير الخارجية أحمد أبو الغيط، بخصوص ما ورد عن توطين الفلسطينيين في سيناء، كما نصت عليه اتفاقية الشراكة المصرية ـ الأوروبية في بعض فقراتها(الفصل الثانى المادة 69) وقالت: "يتفاوض الأطراف بناء على طلب أي منهم لإبرام اتفاقات ثنائية فيما بينهم تنظم الالتزامات المحددة لإعادة توطين مواطنيهم، وتشكل هذه الاتفاقات أيضا، إذا ما اعتبر أي من الأطراف ذلك ضروريا، إعادة توطين مواطني دولة ثالثة، وتضع هذه الاتفاقات تفاصيل فئات الأشخاص الذين تشملهم، وكذلك أشكال إعادة توطينهم، ويتم توفير مساعدات مالية وفنية كافية لمصر لتنفيذ هذه الاتفاقات". ووقعت حكومة مصر هذه الاتفاقية مع الاتحاد الأوروبي في 2003، وظلت طي الكتمان حتى العام الماضي، وبالرغم من ان وزير الخارجية المصري نفى ايه نيه لمصر لتوطين الفلسطينيين في سيناء الا ان مؤتمر شرم الشيخ الاخير الذى حضره كبار الزعماء الاوربيين، بحجة دعم الموقف المصرى، وحضور الاردن له (وهي دوله مرشحه للعب دور مماثل) يضع تساؤلات كثيره حول ما يدور في الخفاء.
3- نشرت وسائل الاعلام المختلفة اخباراً عن زيارات عديدة قامت بها وفود امنية امريكية لمنطقة الشريط الحدودى بزعم وضع آلية لمنع تهريب السلاح الى غزة عبر الانفاق، وللاسف فان العبقرية الامريكية لم تستطع ان تجد حلا لمشكلة اربعه كم من الحدود الا بالتوصية بضرورة نشر قوات دولية على طول محور فيلادلفيا، حيث تم تتويج ذلك بمذكرة التفاهم الامريكية الاسرائيلة الغامضة قبل اعلان وقف اطلاق النار والتى اثارث غضيا مصريا وجعلت الرئيس المصرى ووزير خارجيته يرفضان هذه المذكرة.
4- معروف أن جيش الاحتلال الإسرائيلي وكجزء من خطة شارون للانفصال من جانب واحد قام بتوسيع محور فيلادلفيا الواقع على الحدود الإسرائيلية المصرية، وهدم مئات المنازل الفلسطينية في منطقة رفح لهذا الغرض. وكان شارون وقيادات جيش الاحتلال، قد صادقوا على مخطط توسيع محور فيلادلفيا كما حاول جيش الاحتلال في نفس الوقت العمل من أجل حفر خندق "فيلادلفيا". وعلى الجانب الآخر ومن دوار الماسورة برفح سيناء، انطلقت التظاهرات التي نظمتها حركة "ودنا نعيش" ، من اجل تحقيق مطالب مواطني سيناء والتي تشمل:1- الغاء قرار هدم البيوت على محور فيلادلفيا والتي بدات بخمسين مترا، تبعه صدور قرار المائة متر، ومن المتوقع ان تصل لمساحة الاربعين كيلو متر في اربعين كيلو متر، خلال المدى الزمني المنظور، كمكان بديل لاسكان الفلسطينيين.
5- معروف ان مشروع توطين الفلسطينيين في سيناء مشروع قديم سبق وطرحه أيزنهاور في الخمسينات كحل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين، وقيل بان عبد الناصر قبل المشروع مما دفع قادة الحركة الوطنية في القطاع والشعب الفلسطينى باكمله الى القيام بمظاهرة ضخمة تعد أعظم تظاهرة في تاريخ القطاع الذي كان تحت الحماية المصرية مما ادى الى فشل المشروع.
وعلى العموم وحتى لا ندخل في متاهات ولا يتهمني البعض بانني من انصار نظرية المؤامره سازيد الامر ايضاحا من خلال ما رشح على الارض من دراسات وتقارير وتوقعات وتصريحات قبل وبعد استيلاء حماس على غزة (نشرت ذلك في مقال بعنوان "سيناريو ما بعد غزة" في سبتمبر 2007 ) ربما ستساعدنا في وضع ملامح السيناريو المقبل:
1- في عام 2003، ألّف "جيرهام فوللر" -المتخصص الأمريكي في المنطقة العربية والإسلامية- كتابا اسمه "مستقبل الإسلام السياسي"؛ أوجز فيه فرضيته المشهورة القائلة: "لا شيء يمكن أن يُظهر الأسلمة في صورة غير جذابة أكثر من تجربة فاشلة في السلطة". وفي عام 2004، صدر كتاب تحت عنوان "الظل المنحسر للنبي: صعود وسقوط الإسلام السياسي"، للمؤلفين "راي تاكيا" و"نيكولاس كاي. جفوسديف". وفي هذا الكتاب، ذهب مؤلفاه ، إلى أن الإسلاميين، على الرغم من القوة التي اكتسبوها في بعض الأحيان، فإنهم لم يثبتوا نجاحهم كحركات سياسية. وهو ما عبّر عنه المؤلفان عبر المقولة التالية: "إن الرؤية تزداد وضوحا على الدوام بأن الإسلام السياسي الراديكالي لا يستطيع التمكن سلطويا من الدول الحديثة أو الدول المتحولة إلى طور الحداثة في قلب العالم الإسلامي، وأنه لا يستطيع إقامة نموذج بديل وفعال للحكم.
2- أوصى معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى, الإدارة الأميركية بشن حملة عقائدية ضد التطرف والإرهاب الإسلامي. جاء ذلك في إطار تقرير استراتيجي اعده 53 من كبارالشخصيات والخبراء والمفكرين الأمريكيين وقدمه المعهد للرئاسة الأميركية في فبراير/ شباط 2005 نصح فيه الى إهمال أي حديث عن أي خطة جريئة وواضحة لتحقيق السلام بين العرب وإسرائيل لأنها تقلل من شأن السياسات الهشة لفك الإرتباط في غزة والإصلاح الفلسطيني. وحذر التقرير من أن حزب الله وحركة "حماس" يعتبران أميركا الشيطان الأكبر, وقال إنهما يلتقيان مع منظمة القاعدة على هذا المفهوم, ويرتبطان معها في إطار شبكة دعم مادي وشعبي عالمية. وبينما تواصل امريكا تنفيذ هذه الخطط, يجب أن لا تكترث للمطالب الداعية لاقتراح قرار عاجل حول مفاوضات الوضع الدائم الإسرائيلية ـ الفلسطينية.، بل يجب ان تركز جهودها على العمل على تغيير سياسي وأمني فلسطيني, و"فك ارتباط" إسرائيلي منظم وهادئ من غزة.
3- في اكتوبر 2006 قام معهد ريئوت الإسرائيلي باعداد تقرير حول فتح وحكومة حماس بعنوان "من الحرب الأهلية إلى إعادة الاحتلال من جديد" خلص فيه الى ان : السياسة التي تهدف إلى تقوية وتعزيز حركة فتح للقضاء على حماس قد تؤدي إلى تغيرات إستراتيجية في العلاقات الاسرائيلية- الفلسطينية وبالتالي إلى حل السلطة الفلسطينية نتيجه حرب اهلية وإعادة السيطرة الاسرائيلية على الأراضي المحتلة لتصبح غزة والضفة الغربية تحت المسؤولية الاسرائيلية.
4- تضمن عدد (آب 2007) من نشرة "المستجد الإستراتيجي"، الصادرة عن "معهد دراسات الأمن القومي" في جامعة تل أبيب، مجموعة من السيناريوهات للفترة المقبلة بشأن النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني وفي المقاربه الاولى يرى الدكتور روني بارت، أن سيطرة حركة حماس على غزة أوجدت أمام إسرائيل فرصتين، لا فرصة واحدة، هما بلغته فرصة استعمال العصا مع قطاع غزة وفرصة منح الجزرة للضفة الغربية حيث يدعو الباحث الى شن حمله حربية على غزه تكون أهدافها القضاء او تحيد حماس من خلال :
• الامتناع عن أي اتصال مباشر أو غير مباشر مع أفراد من حماس.
• إيقاف حركة النقل والعبور من إسرائيل إلى قطاع غزة، ما عدا الأغذية والمياه والأدوية. ويمكن استعمال تزويد الكهرباء والوقود كورقة للضغط والمساومة.
• تعطيل البنية التحتية لشبكة الهواتف الداخلية في قطاع غزة لعرقلة قدرة سلطة حماس وإغلاق الاتصالات الهاتفية الدولية لعزل حماس عن مؤيديها الخارجيين.
• وقف الزيارات لأسرى حماس وعزلهم عن أي اتصال مع العالم الخارجي.
• عزل البنوك في قطاع غزة عن المنظومة البنكية الدولية.
• التوجه إلى عناصر دولية (مصر، الجامعة العربية، منظمة الدول الإسلامية، الاتحاد الأوروبي، حلف شمال الأطلسي- ناتو، الأمم المتحدة) كي تتحمل هذه العناصر مسؤولية أمنية عن قطاع غزة أو عن حدود القطاع مع مصر، على الأقل.
• السيطرة على محيط محور فيلادلفي وتعريتة أو حرث دهليز بعرض كيلومتر واحد على الأقل على طول الحدود، حتى ولو بثمن تشريد عشرات آلاف اللاجئين، وحفر قناة ضد الأنفاق. هذه العملية ستوقف مرة واحدة وأخيرة عمليات تهريب السلاح والذخيرة والأموال والوسائل الأخرى، وكذلك عمليات تهريب الإرهابيين والمرشدين من حزب الله وإيران وتنظيم القاعدة.
• إيقاف حركة التجارة عن طريق الحدود مع مصر أيضًا.
اما المقاربه الثانية فهي بعنوان أفضليات "الحوار" مع حماس او محاولة "تعميق تسييس حماس"! حيث يرى الباحثان يورام شفايتسر وأمير كوليك، من "معهد دراسات الأمن القومي"، أنه في ضوء ميزان الفرص في مقابل المخاطر يجدر بإسرائيل أن تتفحص أيضًا طريق الاتصالات أو "الحوار" مع حركة حماس في إطار فلسطيني شامل. ويضيفان: "بحسب تقديرنا فإن إجراء اتصالات مع حماس، في إطار ائتلاف مع فتح، يمكن أن يؤدي في نهاية المطاف إلى عدة أفضليات مركزية.
5- كتب روبرت ساتلوف المدير التنفيذي لمعهد "واشنطن لدراسات الشرق الأدنى" مقال نشر على موقع المعهد بتاريخ 18 يونيو 2007، تحت عنوان: "حماس وحرب الأيام الستة الثانية.. الدلالات والتحديات والفرص" عرض خلاله اقتراح لفك الارتباط الكامل.. بغزة اي تخلي اسرائيل عن مسئولياتها القانونية والاقتصادية والأمنية هناك وذلك يتضمن ما يلي: إنهاء اتحاد الجمارك، إعلان أنه بعد نقطة زمنية معينة ستتوقف إسرائيل عن العمل كنقطة مرور لجميع السلع والأفراد والخدمات إلى داخل غزة، وإنهاء اتفاق أمن "محور فلادلفيا" (محور صلاح الدين) الذي تحول إلى فخ للأمن الإسرائيلي. وفعليا سيجعل ذلك من مصر المنفذ الوحيد لغزة على العالم، مع تدفق الغذاء والمياه والكهرباء والسلع الإنسانية الأخرى عبر الحدود بينها وبين غزة.
6- كشفت مصادر عبرية النقاب عن خطة أعدتها وزارة الخارجية في دولة الاحتلال (الإسرائيلي) قبل سنتين تقترح أن تتولى دولة أجنبية الحكم في قطاع غزة- أي تعيين حكومة انتداب أجنبية موالية لدولة الاحتلال في القطاع. وذكرت المصادر أن هذه الخطة تشمل عدة خطوات مقترحة لزيادة الضغط الاقتصادي على قطاع غزة، أبرزها تشديد الخناق على المعابر والتقليل من كميات البضائع التي تدخل إلى قطاع غزة عبر معبر صوفا وكرم أبو سالم إلى أدنى حد ممكن والتضييق على نقل الأموال إلى قطاع غزة إلى جانب خطوات أخرى تمس بقطاع التجارة.
7- من جانب آخر كشف الصحفي الإسرائيلي شراغا ايلام في حديث للجزيرة نت عن أن أحد أهداف إسرائيل من العدوان الاخير علي غزة هو تهجير أكبر عدد ممكن من الفلسطينيين وتوطينهم في شمال سيناء . وأوضح إيلام في تحليل نشرته "صحيفة يديعوت أحرونوت" أنه في السياق نفسه تريد إسرائيل ارغام الاتحاد الأوروبي علي قبول عدد آخر من الفلسطينيين كلاجئين سياسيين تحت ضغط المعاناة الإنسانية. و يري أن إسرائيل لم تتوقف عن سياسة التطهير العرقي للتخلص من الفلسطينيين منذ عام 1948. إما بالقتل أو التهجير.. وأشار الي أن الرئيس جورج بوش منح إسرائيل هدية ثمينة قبل مغادرته البيت الأبيض بموافقته علي العدوان علي غزة.
هذا بعض ما رشح من دراسات وتوصيات من دوائر صنع القرار او القريبه منها في امريكا واسرائيل، بالاضافة الى مايجرى على الارض والذي يمكن ان يرسم لنا ملامح السيناريو القادم لما بعد غزة، حيث بدأت اسرائيل فعلياً بتنفيذ اجزاء من هذا التوصيات بعد ان وقعت حماس في فخ الانتخابات ثم في فخ السيطره على غزه وما تبع ذلك من اجراءات وعقبات وضعت امام حماس لتحقيق هدفين اما الفشل او الاعتراف باسرائيل . واعتقد اننا نعيش الآن المرحلة النهائية لتنفيذ باقي السيناريو ولتحقيق احد الهدفين السابقين للوصول الى انهاء القضية الفلسطينة بالكامل، نتيجة للتتداعيات الخطيرة للحرب الاسرائيلية الاخير على غزة.
رفح /فلسطين
19/1/2009
حوار .. وصاحبه غايب
حوار .. وصاحبه غايب
بقلم / يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
يحظى الحوار الفلسطينى الفلسطينى الذى ترعاه مصر بين الفصائل الفلسطينة وبالذات بين حركتى فتح وحماس باهتمام بالغ على كافة المستويات الدولية والعربية والفلسطينة ويعقد عليه الكثيرون الآمال في اعادة القضية الفلسطينية الى مسارها الصحيح بعد الانقسام الذي حدث نتيجة استيلاء حماس على السلطة ونتائجه الكارثية على الشعب الفلسطيني.
وقد دعت مصر كونها راعية الحوار كافة الفصائل الفلسطينة للحوار معها في القاهرة لوضع صيغه مقبولة من الجميع للحل الذي يكفل اعادة اللحمة لجناحي الوطن ويعيد الامور الى وضعها الطبيعى. وبالرغم من ايماني بان الحوار الفلسطينى مطلب مهم وضرورى في كل زمان ومكان لمواجهة التحديات التى تواجه القضية الفلسطينة، الا اننى اعتقد ان الحوار الدائر الان في القاهرة لا يمكن ان تنطبق عليه كلمة حوار او كونه فلسطينى، بالرغم ان مصر دعت اليه كافة الفصائل الفلسطينية. لان الغائب الاكبر عنه هو الشعب الفلسطينى وقضاياه العادله .
اما لماذا لا يمكن تسمية ما يجرى في القاهرة بالحوار فهو لان ما يتم هناك هو فرض ارادات وكسر عظم، لتمرير مخطط ثم رسمه بدقه لتوريط حماس للوصول الى احدى نتيجتين اما الانخراط في العملية السلمية واما الفشل التام، وتحميل حماس مسئولية فشل الحوار.
وقد سبق وان عبرت عن وجهة نظرى فيما حدث على الساحة الفلسطينية منذ دخول حماس الانتخابات واستيلائها على السلطه وهو انها وقعت نتيجه عدم وعيها بفخ نصب لها بدقه وادخلت نفسها في ورطه لا فكاك منها الا بالرضوخ لمطالب الطرف القوى وهو سلطة عباس التى تقف ورائها دول عربية معينه وامريكا واسرائيل، او مقابلة مصيرها المحتوم وهو الفشل التام نتيجه عدم امتلاكها مقومات البقاء.
فحماس تشارك في الحوار بعد اكثر من سنه من انقلابها واستيلائها على السلطله وهى تمر بأسوأ مرحلة في تاريخها في ظل الحصار المفروض عليها وعلى القطاع، حيث كانت هذه الفترة سيئة بكل معنى الكلمه على حماس نتيجة الضغوطات الداخلية والخارجية التى مورست عليها والتى دفعتها الى القيام باعمال كانت تعيبها على حركة فتح واصبح الشارع الفلسطينى يتنذر على ما كانت تحرمه حماس على فتح واحلته لنفسها (اعتقال وفساد ومحسوبية وتنكيل وقتل ..)
وربما تفاخر حماس ببعض الانجازات على الارض وهى انها استطاعت ضبط الامن في القطاع ولكن هذا الادعاء فيه مغالطة كبيره حيث ان ذلك ثم من خلال القيام باعمال لم تجرؤ سلطة فتح التفكير بها، كما ان حماس تتفاخر بانها ورغم الحصار استطاعت ان توفر للشعب في القطاع مستلزماته الحياتية وتمكنت من ادارة المؤسسات بالرغم من استنكاف موظفي السلطة عن العمل.
وربما يكون هذا صيح واعتقد ان الايجابية الوحيدة لهذه الامور هى ان حماس استطاعت توفير فرص عمل لعاطين عن العمل في ظل سلطة فتح، فاصبح اهالى غزه غالبيتهم موظفين اما في سلطة حماس او في سلطة عباس. واذا كان توظيف العاطلين وتعطليل العاملين جلب الاموال لاهالى غزه الا انه في نفس الوقت جلب الدمار حيث آلاف العاملين السابقين اصبحوا يفترشون الشوارع وتحول آلاف العاطلين والمهمشين سابقا الى سادة الميدان، وهذا بدوره ادى الى تكريس حاله من الانقسام الرهيب وحول الشعب الفلسطينى الى جماعات مصالح مرتبطه اما بحماس او بسلطة عباس .
وربما هذا يقودنا الى حقيقة تمثيل الفصائل الفلسطينة للشعب الفلسطينى حيث ان هذا الادعات في الوقت الحالى لا اساس لها من الصحة حيث ان الناس فرض عليها اما ان تكون حماس او فتح من خلال مساومتهم على لقمة العيش والذي لا يجد يستطيع ان يبحث في فصيل آخر يلمه، او ان يعمل في التهريب (ومن شابهه رئيسه فما ظلم) عبر الانفاق التى تغض عنها الطرف مصر واسرائيل لزياده ورطة حماس وزيادة نقمة الشعب عليها نتيجة للغلاء الفاحش الذى يشهده القطاع .
لقد ذهبت كلا من حماس وفتح وباقى الفصائل الفلسطينية الى القاهرة مدعيه انها تمثل الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، ويؤسفنى القول ان هذا ادعاء باطل ولا اساس له من الصحة بالرغم من قدرة هذه الفصائل على حشد الجموع عند الحاجه لاثباث قوتها على الارض والادعاء بان ذلك المهرجان او الاحتفال حضره مئات الالوف من مؤيديها، بل ان المتابع للشأن الفلسطين يحار في بعض الاوقات حول تحديد تعداد سكان غزه وانتمائاتهم نتيجه لادعائات بحشود مليونية من بعض الفصائل، ولكن ربما يكون هذا الواقع صحيحا في ظل الحصار والتجويع والتهميش والفساد الذى جعل الناس على استعداد لتغيير الوانها لمن يدفع او يوظف، اى ان الفصائل ارغمت الشعب ان يعطى انتمائه ليس لمن يرفع شعار حماية القضية بل لمن يدفع الراتب ويمنح الكابونه.
من هنا لا نستغرب ان القضايا الاساسية التى يدور حولها حوار القاهره هى قضايا تتعلق بتقاسم السلطة والمناصب وليس قضية القدس او اللاجئين او غيرها من القضايا الجوهرية . ان المتحاورون في القاهره وبعد ان استطاعوا تقسيم الشعب الفلسطينى الى جماعات مصالح او لوبيات مرتبطه بمن يدفع الراتب تشعر بالافلاس الوطنى ولا تجد سبيل لحماية نفسها الا من خلال الحصول على اكبر نصيب من الكعكه لارضاء جماعات المصالح تلك واللوبيات التى تنتظر حصتها من الميراث .
للاسف ان الانتماءات الحزبية الآن وبعد اوسلوا اصبحت انتماءات مصلحية لا علاقة لها بالوطن او القضية، وكل تفكير الناس الآن مرتبط بهذا الامر السؤال عن الراتب وموعد نزوله والعلاوات وغيرها من الامور، بل ان الشعب الفلسطينى فقد الاحساس بابسط معانى النضال والوطنية عندما ارتضى لنفسه او فرض عليه ان يعيش عاله على صدقات ومعونات الغير الذين يدفعون لملوك الطوائف لتكريس الانقسام والاجهاز على البقية الباقية من القضية، لان من لا يملك لقمة عيشه لا يستطيع ان يكون حرا في قراراته وسيظل يخضع لاجندات غيره.
ان الواقع الكارثي الذى تمر به القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى لا سابق له وكل ذلك بسبب امراء الحرب والفتنة في حماس وفتح الذين اوصلوا القضية الى نهايه مأساوية بسبب مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، وبالرغم من ذلك يصرون على انهم يمثلون الشعب الفلسطينى.
ان قضية ادعاء فتح وحماس بثميل الشعب الفلسطينى قضية تحتاج الى اعادة نظر وتدقيق، نعم ان الفصائل الفلسطينة كانت لديها الشرعية النضالية للادعاء بثميل الشعب الفلسطينى عندما كانت حركات مقاومه تضع القضية الفلسطينية وهموم الشعب الفلسطينى ضمن اولى اوليلتها وكان عطاء ابنائها للوطن مغموس بلون الدم واسواط السجانين، ولم يكن للراتب والمناصب والرتب اى اعتبار لدى مناضلي وشهداء هذه الفصائل ، اما الآن في زمن التجار وعبيد السلطة فلا احد له حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى الا من خلال مؤسسات ديمقراطية تعطى الشرعية لمن له الحق بتمثيل الشعب الفلسطينى.
ولو تأملنا واقعنا الحالى فانه لا يوجد فصيل او حركة يمكنها الادعاء بانها تمتلك هذه الشرعية لعدة اسباب :
ان الشعب الفلسطينى ليس فقط في غزه والضفة بل ان غالبيته في الشتات، ولم يتم اجراء انتخابات حقيقية لاختيار ممثلى الشعب الفلسطينى منذ فتره طويله ناهيك عن ان المجلس الوطنى الفلسطينى يتم اختيار اعضاءه بالتعيين وليس بالانتخابات، كما ان بعض الفصائل غير ممثله به، ويعقد فقط عند الطلب ولتمرير قرارات كارثية.
اما المجلس التشريعي الاخير والذى اعطى حماس الاغلبية فانه لا يمنح حماس او فتح حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى حتى في غزة والضفة .
فحركة فتح بالرغم من تاريخها النضالى وامكانياتها اللامحدوده فشلت في هذه الانتخابات بسبب فساد قادتها ونهبهم لاموال الشعب وتخليهم عن المشروع الوطنى، وفي ذلك اكبر اشاره لرفض الشعب لهم ولفسادهم وافسادهم الذى يصرون عليه ولا يخجلون منه ولحتى اللحظة لم تتمكن الحركة من تطهير نفسها من الفاسدين واللصوص الذين اختطفوها من ساحات النضال الى ساحات البزنس والخذلان، وها هي الحركة تعقد اجتماعها في فنادق عمان للتحضير للمؤتمر السادس الذى ربما يتم الدعوه لعقده في باريس للتفريح عن مناضلي فتح الاشاوس.
اما حركة حماس فليس من حقها بالرغم من حصولها على الاغلبية في الانتخابات الاخيرة الادعاء باحقيتها بتمثيل الشعب الفلسطينى، لان الشعب اختارها بطريقه ديمقراطية وبناء على برنامج التغيير والاصلاح، ولكن عندما لجأت الحركة الى استخدام القوة والسلاح (بغض النظر عن الاسباب) فهذا الامر لا يمت للديمقراطية بصلة والتى لازالت حماس تحتمى بها. ان الديمقراطية تعنى حكم الشعب والالتجاء له، واى خلاف او قضية وطنية يجب الاحتكام بها الى الشعب وليس الى القوة العسكرية. ان حماس بانقلاباها الدموى انقلبت على الديمقراطية ومارست عمل لا تقبله ادنى مراتب الديمقراطية وبالتالى ليس من حقها الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى.
كما اننا اذا كنا نريد ان نحتكم الى النظام الديمقراطى او حتى الاسلامى فان ولى الامر او الحاكم منوط به تحقيق مصالح الشعب واذا عجز عن ذلك لاى سبب من الاسبات وجب عزله، واعتقد ان حماس فشلت في كل شئ ولم تطبق حرف واحد من برنامجها الذى حازت على ثقة الشعب من خلاله بل تخلت عن المقاومه واوصلت الوضع فى غزه الى شبه كارثه، فيجب عليها ان تتقى الله في الشعب والقضية، وتعود الى المقاومه وتتخلى عن الكرسي.
ان ادعاء فتح وحماس وحتى غالبية الفصائل الفلسطينة تمثيل الشعب الفلسطينى اصبح شئ مشكوك فيه، لان غالبيتها مرتبط باجندات ليست فلسطينية، ولهذا وصل حالنا الى ما هو علية، واذا اردنا ان نخرج من المأزق فاعتقد ان الحل يتمثل في قيام جامعة الدول العربية بالدعوة لاجتماع اسثنائي للرؤساء العرب لفرض شخصية فلسطينة محترمه وقديره وغير حزبية لتسيير امور الشعب الفلسطينى والاعداد لانتخابات فلسطينية رئاسية وبرلمانية تشمل فلسطيني الداخل والخارج، وتكون ضمن الاوليات اعادة هيكلة اجهزة السلطة بالكامل على اسس وطنية ومهنية بحثه ومتابعة النضال من اجل الحصول على حقوق الشعب الفلسطينى، ويجب ان يتم منع الدعم المالى والمعنوى عن امراء الحرب في فتح وحماس وتعريتهم والعمل على محاسبتهم على جرائمهم بحق الشعب والقضية.
وربما يرفض البعض مثل هذا الاقتراح بدعوى انه سيلغى استقلالية القرار الفلسطينى وسيكون بدايه لتدخل الدول العربية في الشأن الفلسطينى، وهنا يجب ان نكون صريحين ونسأل انفسنا متى كان القرار الفلسطينى (اقصد قرار الفصائل) مستقلا؟ هل فصائلنا تمول نفسها بنفسها ام انها تعيش على صدقات وتنفذ اجندات مختلفه. اننى اعتقد ان مقوله استقلالية القرار الفلسطينى فتح الباب على مصراعية للمتسلقين والارزقية للاعتياش على حساب قضيتنا العادلة، وهنا يظل الشعب والقضية هم الغائب الاكبر عن المولد (اقصد الحوار)، وانشاء الله يتمكن هذا الشعب العظيم بقضيته العادلة من قلب الطاولة على تجار القضية وسماسرتها حتى لا يخرج من المولد بلا حمص ..!
بقلم / يوسف العاصي الطويل
عضو الاتحاد العام للكتاب والصحفيين الفلسطينيين
يحظى الحوار الفلسطينى الفلسطينى الذى ترعاه مصر بين الفصائل الفلسطينة وبالذات بين حركتى فتح وحماس باهتمام بالغ على كافة المستويات الدولية والعربية والفلسطينة ويعقد عليه الكثيرون الآمال في اعادة القضية الفلسطينية الى مسارها الصحيح بعد الانقسام الذي حدث نتيجة استيلاء حماس على السلطة ونتائجه الكارثية على الشعب الفلسطيني.
وقد دعت مصر كونها راعية الحوار كافة الفصائل الفلسطينة للحوار معها في القاهرة لوضع صيغه مقبولة من الجميع للحل الذي يكفل اعادة اللحمة لجناحي الوطن ويعيد الامور الى وضعها الطبيعى. وبالرغم من ايماني بان الحوار الفلسطينى مطلب مهم وضرورى في كل زمان ومكان لمواجهة التحديات التى تواجه القضية الفلسطينة، الا اننى اعتقد ان الحوار الدائر الان في القاهرة لا يمكن ان تنطبق عليه كلمة حوار او كونه فلسطينى، بالرغم ان مصر دعت اليه كافة الفصائل الفلسطينية. لان الغائب الاكبر عنه هو الشعب الفلسطينى وقضاياه العادله .
اما لماذا لا يمكن تسمية ما يجرى في القاهرة بالحوار فهو لان ما يتم هناك هو فرض ارادات وكسر عظم، لتمرير مخطط ثم رسمه بدقه لتوريط حماس للوصول الى احدى نتيجتين اما الانخراط في العملية السلمية واما الفشل التام، وتحميل حماس مسئولية فشل الحوار.
وقد سبق وان عبرت عن وجهة نظرى فيما حدث على الساحة الفلسطينية منذ دخول حماس الانتخابات واستيلائها على السلطه وهو انها وقعت نتيجه عدم وعيها بفخ نصب لها بدقه وادخلت نفسها في ورطه لا فكاك منها الا بالرضوخ لمطالب الطرف القوى وهو سلطة عباس التى تقف ورائها دول عربية معينه وامريكا واسرائيل، او مقابلة مصيرها المحتوم وهو الفشل التام نتيجه عدم امتلاكها مقومات البقاء.
فحماس تشارك في الحوار بعد اكثر من سنه من انقلابها واستيلائها على السلطله وهى تمر بأسوأ مرحلة في تاريخها في ظل الحصار المفروض عليها وعلى القطاع، حيث كانت هذه الفترة سيئة بكل معنى الكلمه على حماس نتيجة الضغوطات الداخلية والخارجية التى مورست عليها والتى دفعتها الى القيام باعمال كانت تعيبها على حركة فتح واصبح الشارع الفلسطينى يتنذر على ما كانت تحرمه حماس على فتح واحلته لنفسها (اعتقال وفساد ومحسوبية وتنكيل وقتل ..)
وربما تفاخر حماس ببعض الانجازات على الارض وهى انها استطاعت ضبط الامن في القطاع ولكن هذا الادعاء فيه مغالطة كبيره حيث ان ذلك ثم من خلال القيام باعمال لم تجرؤ سلطة فتح التفكير بها، كما ان حماس تتفاخر بانها ورغم الحصار استطاعت ان توفر للشعب في القطاع مستلزماته الحياتية وتمكنت من ادارة المؤسسات بالرغم من استنكاف موظفي السلطة عن العمل.
وربما يكون هذا صيح واعتقد ان الايجابية الوحيدة لهذه الامور هى ان حماس استطاعت توفير فرص عمل لعاطين عن العمل في ظل سلطة فتح، فاصبح اهالى غزه غالبيتهم موظفين اما في سلطة حماس او في سلطة عباس. واذا كان توظيف العاطلين وتعطليل العاملين جلب الاموال لاهالى غزه الا انه في نفس الوقت جلب الدمار حيث آلاف العاملين السابقين اصبحوا يفترشون الشوارع وتحول آلاف العاطلين والمهمشين سابقا الى سادة الميدان، وهذا بدوره ادى الى تكريس حاله من الانقسام الرهيب وحول الشعب الفلسطينى الى جماعات مصالح مرتبطه اما بحماس او بسلطة عباس .
وربما هذا يقودنا الى حقيقة تمثيل الفصائل الفلسطينة للشعب الفلسطينى حيث ان هذا الادعات في الوقت الحالى لا اساس لها من الصحة حيث ان الناس فرض عليها اما ان تكون حماس او فتح من خلال مساومتهم على لقمة العيش والذي لا يجد يستطيع ان يبحث في فصيل آخر يلمه، او ان يعمل في التهريب (ومن شابهه رئيسه فما ظلم) عبر الانفاق التى تغض عنها الطرف مصر واسرائيل لزياده ورطة حماس وزيادة نقمة الشعب عليها نتيجة للغلاء الفاحش الذى يشهده القطاع .
لقد ذهبت كلا من حماس وفتح وباقى الفصائل الفلسطينية الى القاهرة مدعيه انها تمثل الشعب الفلسطينى وقضيته العادلة، ويؤسفنى القول ان هذا ادعاء باطل ولا اساس له من الصحة بالرغم من قدرة هذه الفصائل على حشد الجموع عند الحاجه لاثباث قوتها على الارض والادعاء بان ذلك المهرجان او الاحتفال حضره مئات الالوف من مؤيديها، بل ان المتابع للشأن الفلسطين يحار في بعض الاوقات حول تحديد تعداد سكان غزه وانتمائاتهم نتيجه لادعائات بحشود مليونية من بعض الفصائل، ولكن ربما يكون هذا الواقع صحيحا في ظل الحصار والتجويع والتهميش والفساد الذى جعل الناس على استعداد لتغيير الوانها لمن يدفع او يوظف، اى ان الفصائل ارغمت الشعب ان يعطى انتمائه ليس لمن يرفع شعار حماية القضية بل لمن يدفع الراتب ويمنح الكابونه.
من هنا لا نستغرب ان القضايا الاساسية التى يدور حولها حوار القاهره هى قضايا تتعلق بتقاسم السلطة والمناصب وليس قضية القدس او اللاجئين او غيرها من القضايا الجوهرية . ان المتحاورون في القاهره وبعد ان استطاعوا تقسيم الشعب الفلسطينى الى جماعات مصالح او لوبيات مرتبطه بمن يدفع الراتب تشعر بالافلاس الوطنى ولا تجد سبيل لحماية نفسها الا من خلال الحصول على اكبر نصيب من الكعكه لارضاء جماعات المصالح تلك واللوبيات التى تنتظر حصتها من الميراث .
للاسف ان الانتماءات الحزبية الآن وبعد اوسلوا اصبحت انتماءات مصلحية لا علاقة لها بالوطن او القضية، وكل تفكير الناس الآن مرتبط بهذا الامر السؤال عن الراتب وموعد نزوله والعلاوات وغيرها من الامور، بل ان الشعب الفلسطينى فقد الاحساس بابسط معانى النضال والوطنية عندما ارتضى لنفسه او فرض عليه ان يعيش عاله على صدقات ومعونات الغير الذين يدفعون لملوك الطوائف لتكريس الانقسام والاجهاز على البقية الباقية من القضية، لان من لا يملك لقمة عيشه لا يستطيع ان يكون حرا في قراراته وسيظل يخضع لاجندات غيره.
ان الواقع الكارثي الذى تمر به القضية الفلسطينية والشعب الفلسطينى لا سابق له وكل ذلك بسبب امراء الحرب والفتنة في حماس وفتح الذين اوصلوا القضية الى نهايه مأساوية بسبب مصالحهم الشخصية والحزبية الضيقة، وبالرغم من ذلك يصرون على انهم يمثلون الشعب الفلسطينى.
ان قضية ادعاء فتح وحماس بثميل الشعب الفلسطينى قضية تحتاج الى اعادة نظر وتدقيق، نعم ان الفصائل الفلسطينة كانت لديها الشرعية النضالية للادعاء بثميل الشعب الفلسطينى عندما كانت حركات مقاومه تضع القضية الفلسطينية وهموم الشعب الفلسطينى ضمن اولى اوليلتها وكان عطاء ابنائها للوطن مغموس بلون الدم واسواط السجانين، ولم يكن للراتب والمناصب والرتب اى اعتبار لدى مناضلي وشهداء هذه الفصائل ، اما الآن في زمن التجار وعبيد السلطة فلا احد له حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى الا من خلال مؤسسات ديمقراطية تعطى الشرعية لمن له الحق بتمثيل الشعب الفلسطينى.
ولو تأملنا واقعنا الحالى فانه لا يوجد فصيل او حركة يمكنها الادعاء بانها تمتلك هذه الشرعية لعدة اسباب :
ان الشعب الفلسطينى ليس فقط في غزه والضفة بل ان غالبيته في الشتات، ولم يتم اجراء انتخابات حقيقية لاختيار ممثلى الشعب الفلسطينى منذ فتره طويله ناهيك عن ان المجلس الوطنى الفلسطينى يتم اختيار اعضاءه بالتعيين وليس بالانتخابات، كما ان بعض الفصائل غير ممثله به، ويعقد فقط عند الطلب ولتمرير قرارات كارثية.
اما المجلس التشريعي الاخير والذى اعطى حماس الاغلبية فانه لا يمنح حماس او فتح حق الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى حتى في غزة والضفة .
فحركة فتح بالرغم من تاريخها النضالى وامكانياتها اللامحدوده فشلت في هذه الانتخابات بسبب فساد قادتها ونهبهم لاموال الشعب وتخليهم عن المشروع الوطنى، وفي ذلك اكبر اشاره لرفض الشعب لهم ولفسادهم وافسادهم الذى يصرون عليه ولا يخجلون منه ولحتى اللحظة لم تتمكن الحركة من تطهير نفسها من الفاسدين واللصوص الذين اختطفوها من ساحات النضال الى ساحات البزنس والخذلان، وها هي الحركة تعقد اجتماعها في فنادق عمان للتحضير للمؤتمر السادس الذى ربما يتم الدعوه لعقده في باريس للتفريح عن مناضلي فتح الاشاوس.
اما حركة حماس فليس من حقها بالرغم من حصولها على الاغلبية في الانتخابات الاخيرة الادعاء باحقيتها بتمثيل الشعب الفلسطينى، لان الشعب اختارها بطريقه ديمقراطية وبناء على برنامج التغيير والاصلاح، ولكن عندما لجأت الحركة الى استخدام القوة والسلاح (بغض النظر عن الاسباب) فهذا الامر لا يمت للديمقراطية بصلة والتى لازالت حماس تحتمى بها. ان الديمقراطية تعنى حكم الشعب والالتجاء له، واى خلاف او قضية وطنية يجب الاحتكام بها الى الشعب وليس الى القوة العسكرية. ان حماس بانقلاباها الدموى انقلبت على الديمقراطية ومارست عمل لا تقبله ادنى مراتب الديمقراطية وبالتالى ليس من حقها الادعاء بتمثيل الشعب الفلسطينى.
كما اننا اذا كنا نريد ان نحتكم الى النظام الديمقراطى او حتى الاسلامى فان ولى الامر او الحاكم منوط به تحقيق مصالح الشعب واذا عجز عن ذلك لاى سبب من الاسبات وجب عزله، واعتقد ان حماس فشلت في كل شئ ولم تطبق حرف واحد من برنامجها الذى حازت على ثقة الشعب من خلاله بل تخلت عن المقاومه واوصلت الوضع فى غزه الى شبه كارثه، فيجب عليها ان تتقى الله في الشعب والقضية، وتعود الى المقاومه وتتخلى عن الكرسي.
ان ادعاء فتح وحماس وحتى غالبية الفصائل الفلسطينة تمثيل الشعب الفلسطينى اصبح شئ مشكوك فيه، لان غالبيتها مرتبط باجندات ليست فلسطينية، ولهذا وصل حالنا الى ما هو علية، واذا اردنا ان نخرج من المأزق فاعتقد ان الحل يتمثل في قيام جامعة الدول العربية بالدعوة لاجتماع اسثنائي للرؤساء العرب لفرض شخصية فلسطينة محترمه وقديره وغير حزبية لتسيير امور الشعب الفلسطينى والاعداد لانتخابات فلسطينية رئاسية وبرلمانية تشمل فلسطيني الداخل والخارج، وتكون ضمن الاوليات اعادة هيكلة اجهزة السلطة بالكامل على اسس وطنية ومهنية بحثه ومتابعة النضال من اجل الحصول على حقوق الشعب الفلسطينى، ويجب ان يتم منع الدعم المالى والمعنوى عن امراء الحرب في فتح وحماس وتعريتهم والعمل على محاسبتهم على جرائمهم بحق الشعب والقضية.
وربما يرفض البعض مثل هذا الاقتراح بدعوى انه سيلغى استقلالية القرار الفلسطينى وسيكون بدايه لتدخل الدول العربية في الشأن الفلسطينى، وهنا يجب ان نكون صريحين ونسأل انفسنا متى كان القرار الفلسطينى (اقصد قرار الفصائل) مستقلا؟ هل فصائلنا تمول نفسها بنفسها ام انها تعيش على صدقات وتنفذ اجندات مختلفه. اننى اعتقد ان مقوله استقلالية القرار الفلسطينى فتح الباب على مصراعية للمتسلقين والارزقية للاعتياش على حساب قضيتنا العادلة، وهنا يظل الشعب والقضية هم الغائب الاكبر عن المولد (اقصد الحوار)، وانشاء الله يتمكن هذا الشعب العظيم بقضيته العادلة من قلب الطاولة على تجار القضية وسماسرتها حتى لا يخرج من المولد بلا حمص ..!
الاشتراك في:
الرسائل (Atom)