تحيا فتح .. تحيا حماس .... ولكن من لها فلسطين!!؟؟
بقلم / يوسف العاصي الطويل
منذ ايام الطفولة انحفرت في مخيلتى صوره للوحه جدارية للقدس، كانت موضوعه في غرفه الضيوف ببيت خالى البسيط، وكانت اللوحه (جمل المحامل) لسليمان منصور الذى ابدع فيها مظهراً كهل فلسطين حافي القدمين ترك كل ما يملك من مال واولاد ومتاع الدنيا، ولكنه لم ينسى القدس رمز فلسطين، فاستل حبلاً وربطه على رأسه ليحتضن به زهرة المدائن، ولم ينسى ذلك الكهل ان يحطاط من احتمال ثقل الحمل وانقطاع الحبل، فوضع حبلا آخر على يديه القابضه بكل قوه بالمدينه المقدسه رمز فلسطين ورمز التشبت بالارض.
وحتى تكتمل رمزية اللوحه الجميلة والمعبرة والتى تدل على بسالة الشعب الفلسطيني في التصدي لقضية القدس المحموله فوق الرؤوس والاكتاف وملء العيون، اضاف احدهم عباره كتبت اسفل اللوحه تقول: فتحها عمر .. وحررها صلاح الدين .. فمن لها الآن ؟؟
سؤال كبير لقضية كبيره شغلت ولازالت تشغل بال كل عربى ومسلم ومسيحى، بل وتشغل العالم اجمع، انها قضية القدس .. قضية فلسطين .. قضية اللاجئين .. قضية الحرية والعداله .. قضية شعب مشرد يعاني الويلات من احتلال غاشم وظلم ذوى القربى الابعدون والاقربون.
نعم انه سؤال كبير ومصيرى، ولكنه للاسف لم يعد يشغل مناضلي الالفية الجديده في فتح وحماس، الذين بسبب انقاسامهم وتصرفاته اللامسئوله تم اسقاط فلسطين من اجندات العمل الوطنى الفلسطينى والعربي وحتى الدولى لان من زعموا انهم اصحاب القضية اسقطوها من ضمائرهم ومن دفاترهم واصبح كل همهم المحافظة على الكرسي وامتيازاته.
تذكرت هذه اللوحه الرائعه وانا اتأمل واقعنا الفلسطينى المزري الذى وصلنا اليه بفضل نضالات فتح وحماس، والتى اصبح مطلوب منا جميا ان نصطف مع احدى العصابتين، فاما معهم او ضدهم .. كما بوش وبن لادن اللذين قسموا العالمن الى فسطاطين .. معنا او ضدنا .. مع الاخيار ام مع الاشرار.
وكما ابدع بوش وبن لادن في تجييش المريدين والاتباع، بالتخويف والتخوين والتكفير، وصرف المعونات والكوبونات وقطعها، لم يقصر دعاة الفتنه ورؤساء العصابات في غزه ورام الله في اتباع نفس النهج والاسلوب، وكلاً له مريدوه واتباعه ووسائله القذرة في جلب الاتباع وردع المخالفين وحتى المحايدين.
فالكل يجب ان يغنى ويطبل اما لحماس او لفتح، فابن فتح او ارزقي فتح يقول:
أنا ابن فتح ما هتفت لغيرها و لجيشها المقدام صانع عودتي
فهي التي صنعت لشعبي ثورة و هي التي خطت طريق العزة
و ابن حماس او ارزقي حماس يقول
هذي حمـاسُ مـلاذُ كلِّ مـرابطٍ يحْمِي الحِـمَى وكـرامةٌ لا تُهْرَقُ
تحيـَا حمـاسُ وَمَنْ يَهيمُ بحبِّهَـا ويموتُ شـانِئُهَا الوضيعُ الأحْمَـقُ
نعم تحيا حماس وابطال حماس واشاوس حماس، هذه الحركة الربانية التى انتصرت على اقوى جيوش العالم وصمدت فى وجه الحصار والتجويع ومؤامرات ذوى القربى، ولا يهم حجم الكارثة التى حلت بالقضية والشعب. وتحيا فتح وازلام فتح ومناضليها الذين فجروا النضال الفلسطينى وحافظوا على استقلال القرار الفلسطينى فى الاردن ولبنان وسوريا وتونس، وقادونا الى معركة الاستسلام.
تحيا حماس التى اعادت للقضية بعدها الاسلامى الدينى بعد ان غيبها العلمانيون الكفره عن جذورها واصلها. تحيا فتح التى انتزعت القضية من ايدى الحكام العرب، عملاء امريكا واسرائيل. تحيا حماس.. تحيا فتح .. ولا يهم ان سقطت فلسطين.
هكذا يجب ان يهتف الجميع ويطبلوا ويزمروا لمن ضيعو القضية ونسوا فلسطين بل اسقطوها من اجنداتهم وبرامجهم ويريدوننا ان ننسى اناشيد واغاني تعلمناها منذ الصغر في حب فلسطين وقضيتها وتعاهدنا على فدائها بارواحنا وبكل ما نملك
فلسطين داري فلسطين ناري فلسطين ثاري وأرض الصمود
سأحيا فدائي وأمضي فدائي وأقضي فدائي إلى أن أعود
نعم انهم اسقطوا فلسطين من اجندتهم، ووضعوا مكانها فتح وحماس، وتقاسموا مع العدو الاسرائيلي الجزء المتبقي من فلسطين، فهنا في غزة اقطاعية حماس لاند وفي الضفه فتح لاند، ولم يكتفوا بذلك بل يصر هاذين الفصيلين المتصارعين بعلم او بغير علم على تدمير كافة المنجزات التي حققتها قضيتنا العادلة عبر عشرات السنين من التضحية والنضال. وهذا ادخل القضية في مأزق بالغ الخطوره انست الطرفين العدو الحقيقي .. بل والقضية برمتها وادى الى ارتهان الشعب والقضية لايدي هذين التنظيمين العبثيين (حماس وفتح) الذين اوصلوا الامور الى هذه الدرجه من انسداد الافق باصرارهم الغريب على خطف القضيه والتحدث باسمها وصلبها وشنقها في ساحات الوطن المحتل في غزه ورام الله .. والاهم من ذلك انهم يدعون شرعية تمثيل الشعب الفلسطيني.
فابو مازن وفياض اللذين في جعبتهم كافة الاختام كرئيس للسلطة وللدوله والوزاره..!! ولحركة فتح واللجنة التنفيذية والمركزية والمجلس الوطني والثوري .. ولديهم مفاتيح المال والاعمال .. ومفاتيح موسوعة جينس للمسخن والكوفية.. الخ .. يدعون انهم يمثلون الشعب الفلسطيني في كل بقعه وحاره..!!
و مشعل والزهار وهنيه الحراس الجدد للقضية والقابعين في عرين الاسد اللذين اجبروا الفئران اللحدية على الفرار من غزه .. واغلقوا ابوابها بالضبه والمفتاح على الداخل والخارج منها .. واعادوا لها الامن والامان بفضل تنفيذيتهم القابضه على العصا والزناد .. واعادوها الى برائتها الاولى لتتغزل بضوء القمر وبالساكنين في الانفاق والحفر. يدعون ايضاً بانهم يمثلون الشعب الفلسطيني وبشهادة المجلس التشريعي، والانتخابات البلدية.
اما البقيه الباقية من الشعب الفلسطيني في الداخل والخارج فليس من حقهم الا الانتظار لما ستجود عليهم قرائح عباس وهنيه، فهذا يأملنا بهونج كونج والاعمار .. والآخر يصبرنا بالزعتر والمرميه .. والجود من الموجود على رأى المثل الشعبي.
ان استمرار هذا الوضع منذ فتره طويله بدون التمكن من وضع حد له يعنى ان اللامسئولين فى كلا الطرفين لا يدركون مسئولياتهم امام شعبهم وقضيتهم واصبح محركهم الاساسي نظرتهم الحزبية الضيقة ومصالحهم الشخصية وارتباطاتهم الخارجية لا اكثر ولا اقل واصبح مصير الشعب الفلسطيني باكمله اسيراً لهذا الصراع العدمي. فالقضية تحتضر وعدونا الصهيوني يستغل كل لحظة للاجهاز عليها والمخاطر تتهدننا من كل جانب ومع ذلك لا يزال كلاً من عباس والزهار وغيرهم من اللامسئولين يطلون علينا بتصريحات عدمية غير مسئوله تثير الغثيان والاشمئزاز وكأن قضيتنا الاساسية اصبحت فيمن ينتصر فتح ام حماس عباس ام هنية.
فلا يهم ان يتمادى العدو الصهيوني في تكريس سيطرته على القدس ... ولا يهم استيلاءه على مزيد من الاراضي .. ولا يهم التنكيل بالشعب الفلسطيني وتجويعه ومحاصرته داخلياً وخارجياً .. ولا تهم فضيحتنا امام العالم اجمع وخسارة الدعم والتأييد والتعاطف العربي والدولي .. لا يهم كل ذلك وغيره ... المهم ان تسلم رأس الزعيم والتنظيم وليذهب الجميع الى الجحيم .. فجوقة الزعيم الحمساوي والفتحاوى جاهزه بخطابها الغوغائي النتن للظهور بمظهر الملاك الطاهر الذي يحرص على القضية والشعب لتحميل المسئولية للطرف الآخر وكفى الله المؤمنين شر القتال.
فهذا يقول وذالك يرد .. اسألوا عباس.. لا بل اسألوا هنيه ..اسألوا الحكومه الشرعية .. بل اسألو الحكومة منتهية الصلاحية. أسألوا مليشيات حماس .. لا بل اسألوا عصابات عباس الاجرامية... اسألوا حتى النهاية ولكن لا تسألونا نحن القابضون على الجمر وعلى رقابكم .. اسألوا ما تشاءون ولكن لا تسألونا ان نتنازل عن مواقفنا ومبادئنا وثوابتنا التي ناضلنا من اجلها ولا تطالبونا باعادة الامور الى ما كانت عليه .. ولا بالحوار والمصالحه.. فموتكم جوعاً وحصاركم وضياع القضية، والتفريط بالبقية .. اهون علينا من الجلوس والحوار والمصالحه والخضوع للشروط الامريكية او الايرانية.
موتوا جوعا وليفعل النتن يا هوه ما يريد فلن نتنازل ولن ننبطح .. موتوا قهرا وحسره فلا مجال للمساومات .. فنحن من يملك صولجان الحقيقة .. ومفاتيج الجنة والنار .. وكوبانات الذلة والعار .. وعليكم ان تدخلوا معنا النفق المظلم الذى بشر به ابو عمار .. نفق اوسلو الذي بدأ بغزه اريحا اولاً .. وسينتهى بفضل نضالاتنا وتضحياتنا بدون غزه ولا اريحا.
فلا مخرج لكم ولا مستقبل .. الا معنا وبنا رغم انوفكم فنحن من يملك الشرعية الثورية .. والشعبية .. والدينية .. وبشهادات ديمقراطية وربانية .. من الشعب واسرائيل.. وبمباركه من امريكا.. وحتى طالبان .. فنحن اول الرصاص .. ونهاية القضية .
وتستمر الجوقة العفنه في التنكيد على الشعب والامه ونشر غسيلها النتن، على اليا هو، لتصل الى العالم اجمع بوصلات متتالية من الردح المبتذل امعاناً في قهر وتحطيم هذا الشعب المرابط بادخاله في دوامه الصراع الحزبي العفن وما يولده من انقسام وصراع لا يبقى ولا يذر .. لتغرق القضية والشعب في سيل جارف من الاكاذيب والاضاليل المتبادله .. وبالطبع فإن هذه الجوقة اللعينه لن تسأل نفسها .. الى متى والى اين... مادامت الاغلبية الصامته صامته وتكتفى بالابتهال والدعاء والتمنيات ان يعود الوفاق بين الاخوة الاعداء وان يصلح الله الاحوال.
ولكن الوفاق لن يعود والاحوال لن تنصلح في ظل انسداد الافق لايه مصالحه او حوار بين فتح وحماس بسبب استمرار حالة الشد والتصعيد بين الجانبين، فيما تعمل اسرائيل على خنق غزه وتفتيت الضفه وضم القدس، فالانقسام الحاصل كما يرى عدد من الباحثين والكتاب الإسرائيليين هو نافذة فرص يتوجب على إسرائيل استغلالها حتى النهاية. يقول البرفسور درور زئيفي، أن التطورات الأخيرة اسفرت عن فرصة تاريخية، تمثلت بالفصل بين الضفة وغزة، وبالتالي يحظر على اسرائيل عدم استغلال هذه الفرصة. واضاف:” لو كنا علماء نخطط لتجربة في المختبر، لما استطعنا أن نخطط لتجربة أكثر نجاحا: فلدينا جماعتان (فلسطينيتان) متمايزتان بوضوح، ومنفصلتان جغرافيا بلا اتصال بينهما تقريبا “. ونصح زئيفي دائرة صنع القرار في تل ابيب بالشروع في مفاوضات مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، والفلسطينيين في ذروة تفرقهم.
انها حقيقه مؤلمه صرح بها طرف اسرائيلى ولكن الاكثر ايلاما هو ان الصراع بين فتح وحماس استمر كل هذا الوقت بالرغم من انه لا يدور على المبادئ والتوابث الفلسطينة، بل على سلطة منقوصه، تريدها فتح لمواصلة حكمها الفاسد الذي اراد الشعب الفلسطيني التحرر منه، وتريدها حماس لاقامة اماره اسلامية وتحقيق مصالح ذاتية، من غير التفكير في القيود المفروضه عليها، مما جلب عليها وعلى الشعب في غزة حصارا اقليميا ودوليا سيرغمها آجلا أم عاجلا الى القبول بشروط العملية السياسية.
وهنا نتساءل من يدفع ثمن تضحيات الشعب الكبيرة.. من يدفع ثمن سجن الشعب في غزة .. ومن يدفع ثمن تقطيع اوصال الضفه.. من يدفع ثمن الدم والأطراف التي بترت من هذا الفصيل او ذاك.. ومن يتحمل مسؤولية الاعتقالات وقطع الرواتب والفصل من العمل على الهوية. ومن المسؤول دفع أهل غزة والضفة الى هذا الموقف المعقد، ولماذا فرض عليهم ان يكونوا حقلا للتجارب وللتشفي.. أناس من فتح منتفعون من حالة الانقسام أذكوا روح التصادم وآخرون من حماس أشعلوا لهيبها فكانت الخسارة الفادحة على الشعب والقضية، وكان الدم الفلسطني والضياع ثمرة هذه المشاكل.
ان الخروج من هذا المأزق الذى وضعنا فيه ، بسبب الارتهان لحماس وفتح يتطلب منا ان نحيي فلسطين فينا جميعا، فلسطين القضية والشعب والحضاره، وهذا يجب ان يفيق الشعب الفلسطيني من سباته ويخرج من هذه الدائرة المغلقة القاتلة التى حولت غالبيته الى اسرى صراع لا معنى ولا علاقة له بالنضال والكفاح الفلسطيني هذا بالرغم من الشعارات الكبيره التى يرفعها كلا الطرفين ليدفع عن نفسه تهمة التسبب في تصفية القضية.
ان المطلوب ليس الجرى وراء سراب المصالحه والحوار بين فتح وحماس، لاننا نعتقد انه لا يوجد حل حقيقي للصراع الداخلي بين التنظيمين المتناحرين، و نميل الى الاعتقاد ان حماس وفتح هما اللذان يعيقان المصالحه، بسبب ما تثيرانه من قضايا تعجيزيه لتحقيق مصالح ذاتية، حولت الحوار الوطني الى مقايضة ثنائية قذره على كل ملليمتر من السلطة، ولن تنتهى هذه المقايضة ابدا.
فهؤلاء الذين لم توحدهم دماء الشهداء ورايه فلسطين لا خير فيهم يرتجى، والذين لم تتحرك ضمائرهم نتيجة الدمار والعذاب الذى عاناه الشعب بفعل انقسامهم وخلافهم، لا يمكن ان يتحملوا مسئولية وطن.
ان الحل الذى نراه يكمن في تفعيل الدور الشعبى ومؤسسات المجتمع المدنى والنخب والمثقفين من اجل تكوين جسم سياسي وطنى جديد يأخذ على عاتقه الاطاحه بهاذين التنظيمين الفاسدين التى انتهت صلاحيتهما، لصياغة مشروع وطنى جديد يتوسل كل السبل لتحقيق أهدافه ،المقاومة حيث تكون ممكنة، والمفاوضات عندما تتوفر شروطها.
ان اليوم الذى ستبدأ فيه أصوات الشرفاء تتصاعد وتعلو بضرورة توحيد الجبهة الداخلية والتفاهم على ترتيب البيت الفلسطيني، هو اليوم الذى يجب ان تعتذر فيه حماس وفتح للشعب وللأمة على ما اقترفتاه من توتير واقلاق واضطراب في صف الشعب والأمة، بل يجب ان يحاكم كل من ساهم في ترسيخ هذا الانقسام واساء للقضية والشعب وان يقصى كل القتلة سواء كان سلاحهم الرصاص او الكلمات الحاقدة القاتلة والمحرضة على الفرقة والقتل..
ان شعبنا الفلسطيني يتطلع الى بديل يمتلك مؤهلات اخلاقية وسياسية كفيلة بإخراجه من المأزق. ففي ظل غياب المشروع الوطني والانقسام على الذات والواقع، فأن حربنا الأولى يجب أن تكون على هذه الانشطارات والانقسامات حتى يعود لفلسطين معناها وجلالها، بعد ان تفنن ازلام النظام وابواقه هنا وهناك في كشفت المستور والعورات وتمزيق ذلك النسيج الوطنى الواحد الذى طالما تغنينا به. ولهذا لن تجدي سياسة توزيع القبلات والحوارات الفارغه بين رؤس الفتنه. ففلسطين التي فينا لا تشبه أياً من التشكيلات الزائفة القائمة الآن، أو حتى تلك التي يخطط لها مخاتيرالسلطة في رام الله وغزه. فلسطيننا التي نريدها لا نرضى لها أن تكون أقل من مستوى الحلم .. والحلم الفلسطينى الممنوع من الولاده لن يسقط لتحيا حماس وفتح، بل ستسقط حماس وفتح وستيحا فلسطين.
رفح فلسطين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق